الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال الله تعالى: قد غفرت لهم بكلمتك، ولكن بعد ما سميّتهم فاسقين ودعوت عليهم، لأحرّمنّ عليهم دخول الأرض المقدّسة غير عبدىّ يوشع وكالب ولأتيهنّهم فى هذه البرّيّة أربعين سنة، ولتلقينّ جيفهم فى هذه القفار؛ وأمّا بنوهم الّذين لم يعملوا الخير والشرّ فإنهم يدخلون الأرض المقدّسة، فذلك قوله تعالى:
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ
في ستّة فراسخ، يسيرون كلّ يوم جادّين، حتى إذا سئموا وأمسوا، فإذا هم فى الموضع الّذى ارتحلوا منه وكانوا ستّمائة ألف مقاتل، مات النقباء العشرة الّذين أفشوا الخبر بغتة، وكلّ من دخل التيه ممّن جاوز عشرين سنة مات فى التّيه غير يوشع وكالب، ولم يدخل أريحا أحد ممن قال: إنّا لن ندخلها أبدا.
فلما هلكوا وانقضت أربعون سنة، ونشأت النواشئ من ذراريّهم، ساروا إلى حرب الجبّارين، فذلك قوله تعالى: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ.
والله المعين.
ذكر مسير موسى- عليه السلام وبنى إسرائيل لحرب الجبّارين ودخولهم القرية
قال الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ.
اختلف المفسّرون فى القرية:
قال ابن عبّاس: هى أريحا، وهى قرية الجبّارين، وكان فيها بقيّة من عاد يقال لهم: العمالقة.
وقيل: هى بلقاء.
وقال ابن كيسان: هى الشأم.
وقال الضحّاك: الرملة والأردنّ وفلسطين وتدمر.
وقال مجاهد: بيت المقدس.
وقال مقاتل: إيلياء. وقوله: رغدا، أى موسّعا عليكم.
والباب: باب من أبواب القرية، وكان لها سبعة أبواب.
وقال مجاهد: هو باب فى بيت المقدس يعرف إلى اليوم بباب حطّة.
وقيل: هو باب القبّة الّتى كان موسى يصلّى إليها.
وعن مجاهد أيضا: أنه باب فى الجبل الّذى كلّم الله تعالى عليه موسى كالفرضة.
وقوله: سجّدا، أى منحنين متواضعين.
وقال وهب: قيل لهم: ادخلوا الباب فإذا دخلتموه فاسجدوا شكرا لله عز وجل، وذلك أنّ موسى- عليه السلام لما انقضت مدّة التيّه سار بالأبناء إلى القرية ودخلها، ودخل المؤمنون سجّدا كما أمرهم الله تعالى. وقوله: وَقُولُوا حِطَّةٌ
، قال قتادة: حطّت عنّا خطايانا، أمروا بالاستغفار.
قال ابن عبّاس: يعنى لا إله إلا الله، لأنها تحطّ الذنوب.
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ.
قال مجاهد: طؤطئ لهم الباب ليخفضوا رءوسهم، فلم يخفضوا ولم يركعوا ولم يسجدوا، ودخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا قولا غير الذى قيل لهم، وذلك أنهم أمروا أن يقولوا: حطّة؛ فقالوا: (هطا سمعاثا)، يعنون حنطة سمراء استخفافا بأمر الله تعالى؛ قال الله تعالى: فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ
، وذلك أنّ الله تعالى أرسل عليهم ظلمة وطاعونا، فهلك منهم فى ساعة واحدة سبعون ألفا.