الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه لحم مشوىّ من الصيد، وقدح فيه ماء. قال: فهل غير هذا من حب أو زبيب! قالت: يا عمّاه، ما هذا طعام بلدنا، ولكنّه يجلب إلينا، فانزل بنا وتناول طعامنا. قال: إنّى صائم، ولكن علىّ ذرق «1» الطير فاغسليه. وحوّل قدمه عن الفرس، ووضعه على المقام؛ فغسلته «2» ، فقال: إذا جاء زوجك فسلّمى عليه وقولى له: الزم عتبة بابك فقد رضيتها لك. وانصرف.
فلما رجع إسماعيل من الصيد أخبرته الخبر فقال: لقد كنت كريمة علىّ وقد صرت الآن أكرم بإكرامك أبى خليل الله إبراهيم.
ثم اشتاق إبراهيم إلى ولده ثالثا، وذلك بعد ثلاث وعشرين يوما، فجاء إليه ولقيه، وأمره الله أن يبنى البيت، فبناه؛ وأتاه جبريل فعلّمه مناسك الحجّ.
وقد تقدّم ذكر ذلك مبيّنا فى الباب الثانى من القسم الخامس من الفنّ الأوّل وهو فى السفر الأوّل من كتابنا هذا، فلا حاجة لنا فى إعادته.
قال: ورجع إبراهيم إلى البيت المقدّس، وأوحى الله إليه أن يرسل لوطا نبيا إلى سذوم؛ فأرسله.
وكان من أمره ما نذكره فى أخباره فى الباب الّذى يلى هذا الباب- إن شاء الله تعالى-.
ذكر خبر بشارة إبراهيم بإسحاق- عليهما السلام
-
قال: وبعث الله الملائكة إلى إبراهيم حين أرسلهم بالعذاب على قوم لوط وأمرهم أن يبشّروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب؛ فأتوه على صورة البشر وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ودريائيل.
قال: فأتوه مفاجأة على خيولهم، ودخلوا عليه منزله ففزع منهم، حتى قالوا:
سَلاماً
. فسكن خوفه، وقال: سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ
ورحّب بهم وأجلسهم وقام إلى زوجته سارّة وأمرها بخدمتهم؛ فقالت: عهدى بك وأنت أغير الناس.
قال: هو كما تقولين، وإنّما هؤلاء أضياف أخيار. ثم قام إلى عجل سمين فذبحه وشواه، وقرّبه إليهم، ووقفت سارّة لخدمتهم، فجعل إبراهيم يأكل ولا ينظر إليهم وهو يظنّ أنهم يأكلون؛ فرأت سارّة أنّهم لا يأكلون؛ فنبهّته على ذلك، فقال:
أَلا تَأْكُلُونَ
؟ وداخله الخوف من ذلك، ثم قال: لو علمت أنّكم لا تأكلون ما قطعت العجل عن البقرة.
فمد جبريل يده نحو العجل، وقال: قم بإذن الله. فاشتدّ خوف إبراهيم وقال:
إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ* قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ
إلى قوله إِلَّا الضَّالُّونَ.
قال: وكانت سارّة واقفة هناك، فقالت:«أوّه» فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
قال الله تعالى: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ
أى حاضت فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ* قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ* قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
ولم تعلم أنّهم ملائكة؛ فقال لها جبريل: يا سارّة، كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
. قال إبراهيم: فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ* لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ
ثم عاد جبريل إلى صورته، فعرفه إبراهيم، وعرّفه أنهم يقصدون قوم لوط بالعذاب؛ فاغتم إبراهيم شفقة على لوط وأهله، ثم قال: امضوا حيث تؤمرون.
وكان من أمر قوم لوط ما نذكره.