الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه قصّته. وفدى نفسه بما جمعه من المال؛ فعظم عند الملك وأقّره على عمله؛ فقرّر فرعون عند ذلك على جنائز الملوك ألف درهم، وعلى جنائز الوزراء سبعمائة والقوّاد خمسمائة، ثم إلى المائة، إلى الخمسين، إلى عشرة، إلى ثلاثة؛ فاجتمع الناس إلى الملك وحرّفوا رأيه عن هذه الحالة وقبّحوها عليه؛ فصرفه الملك عنها وأبطلها؛ وحمل إليه فرعون أموالا جمّة، وقال له: أيها الملك، إنّ جدّى كان على حرس أبيك، فاجعل ذلك إلىّ. فولّاه الحرس وأمره أن يشدّد فيه، ويقتل كلّ من لقيه بالليل كائنا من كان؛ وجعل الملك معه عدّة من الرجال والأعوان؛ فخرج فرعون واتخذ لنفسه قبّة فى وسط البلد، وكان يوجّه أعوانه، فمن أتوه به فى الليل أمر بقتله؛ فتقدّم عند الملك بذلك، لأنه أخاف أعداء الملك، وأمن الملك جانبهم بسببه، وخافه الناس، وجعل لنفسه حاجبا، ونفذت كلمته.
ذكر خبر قتل الملك واستيلاء فرعون على ملكه وما كان من أمره
قال: واتفق مرض بعض وزراء الملك- وكان الملك يأنس إليه ويقتدى برأيه- فأحبّ أن يزوره بالليل؛ فخرج منفردا وليس معه أحد من خدمه؛ فأخذه أعوان فرعون وأتوه به وهو يقول: ويلكم، أنا الملك سنجاب، وهم يظنون أنه يخدعهم بذلك، حتى أتوا به إلى فرعون، فأمر بقتله، فقتل؛ وبادر فرعون بمن معه- وكان فيهم كثرة- ودخل القصر، وكان لا يمنع منه؛ فاستوى على سرير الملك ووضع التاج على رأسه، وفتح الخزائن، وأحضر الوزراء وفرّق فيهم الأموال فرضوا به، وصاروا أولياء له.
قال: وأتاه إبليس وسجد بين يديه، وسمّاه إلها وربّا؛ ثم سجد له هامان- وكان غلاما لسنجاب- وسجد الوزراء والملوك والأعوان وغيرهم؛ وبعث
إلى أسباط بنى إسرائيل، فدعاهم إلى الطاعة والسجود له؛ فسجدوا وقصدوا بالسجود الله تعالى.
ثم أقبل فرعون بعد ذلك على إبليس وقال: أيّها الشيخ، إنّك كنت مباركا وأنت أوّل من سجد لى، ثم جرى القوم بعدك على سنّتك، فمن أنت؟ قال: أنا رجل من أهل مصر أشير على الملوك بمصالحهم. ثم قال لفرعون: اتخذ لقومك أصناما واحملهم على عبادتها، واتخذ لك صنما انفرد به أنت، واجعله إلها وربّا. فوافقه فرعون على ذلك، واتخذ له ثورا من ذهب يعبده، وأمر الناس بعبادة الأصنام؛ فعبدوها؛ فكان فرعون يعبد الثور، والقبط يعبدون الأصنام، وبنو إسرائيل يعبدون الله؛ فبلغه ذلك، فأحضر عبّادهم وقال: قد بلغنى أنكم مطيعون لى فى الظاهر، مخالفون لى فى الباطن، فاسجدوا لى. فأبوا ذلك، وكان فيهم جماعة من أولاد يوسف ويهوذا، فقتلهم، ثم قتل خلقا كثيرا، وتبعه الباقون وأسرّوا الإيمان؛ ثم إنّ فرعون استعبد الناس ووضع عليهم الخراج الكثير، وشقّ عليهم فى الأعمال.
هذا ما حكاه الكسائىّ- رحمه الله فى خبر فرعون وابتداء أمره وسبب ملكه.
وحكى أبو إسحاق الثعلبىّ- رحمه الله فى كتابه المترجم (بيواقيت البيان فى قصص القرآن) : أن فرعون موسى هو أبو العباس الوليد بن مصعب بن الريّان ابن أراشة بن ثروان بن عمرو بن فاران بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام، وكنّاه بهذه الكنية.
قال: وملك بعد أخيه قابوس بن مصعب؛ وذلك أنه لما مات الريان بن الوليد فرعون يوسف- عليه السلام وذكر أنّه قد آمن بيوسف ومات قبل وفاة يوسف- عليه السلام ملك بعده قابوس بن مصعب صاحب يوسف