الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سؤال إبراهيم- عليه السلام فى إحياء الموتى
قال الله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
قال: فأخذ ديكا أبيض وغرابا أسود وحمامة خضراء وطاوسا، وقطع رءوسها، وخلط الدم بالدم والريش بالريش؛ ثم جزّأها أجزاء متساوية، وجعل على كلّ جبل منهنّ جزءا، وجعل رءوسها بين أصابعه؛ ثم دعاها، فانضمّ كلّ جزء إلى بعضه، وخرجت الرءوس من بين أصابع إبراهيم، فصار كل رأس إلى بدنه.
قال: والتفت إبراهيم إلى نمروذ وقال: كيف ترى قدرة إلهى؟ قال: ليس هذا ببديع من سحرك. وأمر به فقيّد وغلّت يده، وأدخل المضيق تحت الأرض وفيه الحيّات والعقارب فلم يضرّه ذلك.
وجاءه جبريل فبشّره عن الله بالنصر، وألبسه حلّة خضراء، وفرش له فرشا من السندس، وأتاه بطعام فأكل وقال له: اصبر كما صبر الأنبياء من قبلك.
ذكر آية لإبراهيم- عليه السلام
-
قال: وكان إبراهيم يسلّى أهل السجن، ويذكّرهم بالجنّة والنار؛ فقام إليه رجل وقال: يا إبراهيم، أنا من ملوك العرب، وأنا ابن ملكهم، وكنّا أربع إخوة فغضب الملك علينا فحبسنى هاهنا، وحبس الآخر بالمشرق، والآخر بالمغرب والرابع باليمن، فهل يقدر ربّك أن يجمع بيننا؟ قال: نعم. ودعا إبراهيم ربّه، فإذا بالأخوين وقد انقضّا من المشرق والمغرب. فبلغ ذلك نمروذ، فأحضرهم وقال:
من جمع بينكم؟ قالوا: إلهنا بدعاء إبراهيم. فأحضر إبراهيم وقال: ائتنا بالأخ الرابع من اليمن. فقال: إنّه قد مات ودفن. فقال نمروذ: ادع ربّك حتّى يأتينا بقبره.
فدعا إبراهيم، فأمر الله الملك الموكّل بالأرض أن يخترق بالقبر إلى إبراهيم؛ فخرج القبر من تحت الأرض إلى دار نمروذ، فقال إبراهيم للثلاثة: هذا قبر أخيكم. فقالوا: أيّها الملك، إن كان حقّا ما يقول فليدع ربّه ليحييه وينظر إليه ويكلّمه.
فصلّى إبراهيم ركعتين، وسأل الله أن يحييه؛ فانشق القبر، وخرج الرجل منه وهو يشتعل نارا ويقول: هذا جزاء من عبد الأصنام ورغب عن دين الله.
فقام بهرام الخازن ونزع ما كان عليه من لباس نمروذ، وآمن بالله وبإبراهيم.
فقال له نمروذ: لقد عمل سحره فيك. وأمر بهم نمروذ فشدّت أيديهم وأرجلهم ووضعت عليهم أساطين، فلم يؤلمهم ثقلها؛ فبهت نمروذ ثم قال: عودوا لطاعتى فأنا الذى خففت عنكم ثقل هذه. فقال خازنه: قم حتى نضع عليك واحدة منها وخفّفها عن نفسك.
فغضب نمروذ وأحرقهم بالنار حتى صاروا رمادا؛ فردّ الله عليهم أرواحهم فقاموا على أرجلهم يقرّون بعظمة الله؛ فعجب الناس، ولم يدر نمروذ ما يفعل؛ فأمر بهم فألقوا فى الحبس بين حيّات وعقارب، فبقوا فيه أربعين يوما، ولم يطعموا شيئا؛ فجاءت أمّ إبراهيم إلى نمروذ وسألته فى إطلاقه، فأمر بإخراجه هو ومن آمن به، وفى ظنّه أنّهم قد ماتوا؛ فأخرجهم فإذا هم فى أحسن صورة؛ فعجب
وقال: يا إبراهيم، من أطعمك وسقاك؟ قال: ربّى أطعمنى وسقانى، فآمن به يا نمروذ، فقد رأيت آياته وعظمته.
فغضب نمروذ ثم أقبل على تارح وقال له: قد كنت أتخوّف من ابنك، لأنّى كنت أظنّ له شوكة من الجنود، والآن فليس عنده إلّا السحر، وقد وهبته لك.
فأخذه أبوه وأخرجه من دار نمروذ، وقال له: يا بنىّ، امش حتى أدخلك على هذه الأصنام لعلّك تميل إليها. فقال إبراهيم: سوءة لك أيّها الشيخ. ثم قال:
أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ؟
ثم قال: يا قوم قولوا: لا إله إلّا الله وإنّى إبراهيم رسول الله تفلحوا. فكذّبوه، فقال له أبوه: يا بنىّ ما تخشى سطوة الملك.
فقال: يا أبت إنّ الله يعصمنى من مكايده.
قال: ثم ابتلاهم الله- عز وجل بالقحط، وقلّت عندهم الأقوات؛ وكان بظاهر المدينة كثيب من الرمل، فتعبّد إبراهيم فيه، ودعا ربّه أن يحوّله طعاما. فحوّله الله، فكان المؤمنون ينالون منه ما يريدون، والكفّار يسجدون لنمروذ ويأخذون منه القوت.
وكان قد جمع الأقوات فى سراديب عنده، فأطعمهم حتى نفد أكثرها ولم يبق إلّا قوت أهله وعشيرته؛ فشرع الناس يؤمنون ويزيدون فى كل يوم؛ فشقّ ذلك على نمروذ، وطلب إبراهيم وقال له: اخرج من بلدى فقد أفسدت قومى بسحرك. فقال إبراهيم: لم أخرج وأنا أحقّ منك؟ وخرج من عنده فأحضر نمروذ تارح وقال له: إن ابنك قد آذانى فى أهل مملكتى، ولولا منزلتك عندى لبطشت به. فقال: إنّنى قد هجرته، ولست راضيا بصنعه، فافعل به ما بدا لك.