الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الخامس فى قصّة لوط- عليه السلام وقلب المدائن
هو لوط بن هاران بن تارح، وتارح هو آزر أبو إبراهيم- عليه السلام وكان لوط قد شخص مع عمّه إبراهيم- عليهما السلام من المدائن إلى أرض الشأم، مؤمنا به، مهاجرا معه، ومع إبراهيم تارح وسارّة بنت ماحور؛ فلمّا انتهوا إلى حرّان هلك تارح بها وهو باق على كفره؛ وسار إبراهيم ولوط وسارّة إلى الشأم؛ ثم مضوا إلى مصر وبها فرعون من الفراعنة يقال له: سنان بن علوان ابن عبيد بن عوج بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام؛ ورجعوا إلى أرض الشأم فنزل إبراهيم فلسطين، وأنزل لوطا الأردن، فكان هناك إلى أن بعثه الله نبيا.
قال: وأوحى الله- عز وجل إلى إبراهيم أن يرسل لوطا نبيّا إلى (سذوم)، وكانت خمس مدائن؛ وهى:(صامورا)«1» (وصابورا)(وسذوم)(ودومة)«2» (وعامورا) ، وهى المؤتفكات، وكان أعظمها (سذوم) وعلى كلّ مدينة سور عظيم مبنىّ بالحجارة والرّصاص، وعليهم ملك يقال له:(سذوم) من بيت نمروذ بن كنعان، وكان أهل هذه المدائن قد خصّوا بحذف الحصا والحبق «3» في المجالس وعبادة الأصنام، وكانوا حسان الوجوه، فأصابهم قحط، فأتاهم إبليس فقال:
إنما أصابكم القحط لأنّكم منعتم الناس من دوركم ولم تمنعوهم من بساتينكم. فقالوا:
كيف السبيل إلى المنع؟ قال: اجعلوا السنّة بينكم إذا دخل بلدكم غريب سلبتموه ونكحتموه فى دبره، فإذا فعلتم ذلك لم تقحطوا.
فخرجوا إلى ظاهر البلد فتصوّر لهم إبليس فى صورة غلام أمرد، فنكحوه وسلبوه، فطاب لهم ذلك حتى صار فيهم عادة مع الغرباء، وتعدّوا إلى أهل البلد، وفشا بينهم؛ فأرسل الله إليهم لوطا، فبدأ بمدينة (سذوم) وبها الملك، فلما بلغ وسط السوق قال: يا قوم اتقوا الله وأطيعون وارجعوا عن هذه المعاصى التى لم تسبقوا إليها، وانتهوا عن عبادة الأصنام، فإنّى رسول الله إليكم.
فكان جوابهم أن قالوا: ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
وبلغ الخبر الملك، فقال:«ائتونى به» فلمّا وقف بين يديه سأله:
من أين أقبل؟ ومن أرسله؟ ولماذا جاء؟ فأخبره أن الله أرسله. فوق فى قلبه الخوف والرعب، وقال: إنما أنا رجل من القوم، فآدعهم فإن أجابوك فأنا منهم.
فدعاهم فقالوا: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ
. فقال لهم: إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ* رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ.
فلبث فيهم عشرين سنة يدعوهم إلى الله وهم لا يجيبونه.
ثمّ توفيت امرأته، فتزوّج بامرأة من قومه كانت قد آمنت به، فأقام معها أعواما وهو يدعوهم حتى صار له فيهم أربعون سنة وهو يدعوهم بما أخبر الله به ويقول: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ
الايات، وهم لا يزدادون إلا كفرا وإصرارا وتماديا على أفعالهم الذميمة، فضجّت الأرض منهم.