الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمن والطمأنينة إلى السّلم. فبينما هم كذلك إذ طلع ملك الصين وهو راكب وعليه التاج، فلمّا تراءى الجمعان نظر الإسكندر إلى ملك الصين فظنّ أنه حضر للحرب، فصاح به: أغدرت؟ فترجّل ملك الصين وقال: لا والله، قال: فادن منّى فدنا منه، فقال له الإسكندر: ما هذا الجيش الكثير؟ فقال: إنّى أردت أن أريك أنّى لم أطعك من قلّة وضعف، ولكنّى رأيت العالم العلوىّ مقبلا عليك ممكنّا لك ممن هو أقوى منك وأكثر عددا، ومن حارب العالم العلوىّ غلب، فأردت طاعته بطاعتك، والتذلّل له بالتذلّل لك، فقال الإسكندر له: ليس مئلك من يسام الذّل، ولا من يؤدّى الجزية، فما رأيت بينى وبين الملوك من يستحقّ التفضيل والوصف بالعقل غيرك، وقد أعفيتك من جميع ما أردته منك وأنا منصرف عنك. فقال ملك الصين: ولست تخسر [إذا «1» ] ثم انصرف عنه الإسكندر. فبعث إليه ملك الصين بضعف «2» ما قرّر معه وانصرف عن الصين.
كلام الحكماء عند وفاة الإسكندر
قال: لمّا توفّى الإسكندر جعل فى تابوت من الذهب، واجتمع الحكماء فتقدّم الأوّل «3» فقال: قد كان الإسكندر يخبأ الذهب، وقد أصبح الآن يخبؤه الذهب. وتقدّم الثانى «4» اليه والناس يبكون ويجزعون فقال: حركّنا بسكونه. وتقدّم
الثالث «1» اليه فقال: قد كان يعظنا فى حياته، وهو اليوم أوعظ منه أمس. وتقدّم اليه الرابع فقال: قد جاب الأرضين وسلكها، ثم حصل منها فى أربعة قوائم.
ووقف عليه الخامس «2» فقال: انظروا إلى حلم النائم كيف انقضى، وإلى ظلّ الغمام كيف انجلى. ووقف عليه السادس فقال: قد أمات هذا الميّت كثيرا من الناس لئلّا يموت، وقد مات الآن. ووقف عليه السابع «3» فقال: مالك لا تقلّ عضوا من أعضائك، وقد كنت تستقلّ بملك العباد. وقال الثامن «4» : مالك لا ترغب بنفسك عن المكان الضيّق، وقد كنت ترغب بها عن رحّب البلاد. وقال التاسع: كان لا يقدر عنده على الكلام، واليوم لا يقدر عنده على الصّمت. وقال العاشر:
قد كان غالبا فصار مغلوبا، وآكلا فصار مأكولا. وقال الحادى عشر «5» : ما كان أقبح إفراطك فى التجبّر أمس مع شدّة خضوعك اليوم!. وقالت بنت دارا:
ما كنت أحسب أنّ غالب أبى يغلب. وقال رئيس الطبّاخين: قد نضّدت النضائد، وألقيت الوسائد، ونصبت الموائد، ولست أرى عميد القوم.
قال: ولما مات الإسكندر عرض الملك على ابنه من بعده فأباه واختار العبادة والنّسك.
فملك بعد الإسكندر على اليونانيين بطليموس، وهذه التسمية لكلّ من ملك اليونان ككسرى للأكاسرة من الفرس، وقيصر للروم، وخاقان للترك، وطرخان للخزر، والنجاشىّ للحبشة.
قال: وكان بطليموس هذا شابّا مدبّرا حكيما عالما. وكان ملكه أربعين سنة، وقيل عشرين سنة، وقيل إنه أوّل من اقتنى البزاة وضرّاها ولعب بها.
ثم ملك بعده بطليموس الثانى، وهو الذى يقال له: محبّ الأخ، واسمه هيقلوس، وكان ملكه ستّا وعشرين سنة.
ثم ملك بعده بطليموس محبّ الأب، وكانت مدّة ملكه سبع عشرة سنة.
ثم ملك بعده بطليموس، وهو صاحب علم الفلك والنجوم وكتاب المجسطى.
فكان ملكه أربعا وعشرين سنة.
ثم ملك بعده بطليموس محبّ الأمّ. فكان ملكه خمسا وثلاثين سنة.
ثم ملك بعده بطليموس الصائغ. فكان ملكه سبعا وعشرين سنة.
ثم ملك بعده بطليموس الإسكندرانىّ. فكان ملكه اثنتى عشرة سنة.
ثم ملك بعده بطليموس الحديدىّ. فكانت مدّة ملكه ثمانين سنة.
ثم ملك بعده بطليموس الجوّال. فكان ملكه أيضا ثمانين سنة، وقيل أقلّ من ذلك.
ثم ملك بعده بطليموس الحرب. فكانت مدّة ملكه ثلاثين سنة.
ثم ملكت بعده ابنته قلوبطرة، وكانت حكيمة متفلسفة معظّمة للحكماء، ولها كتب مصنّفة فى الطبّ والزينة وغير ذلك، مترجمة باسمها ومنسوبة إليها، وكان زوجها بطليموس ويسمّى أنطونيوس مشاركا لها فى ملك مقدونية وهى مصر.
فلمّا أراد الله تعالى ذهاب ملك اليونانيين أيّد عليهم ملك رومية وهو أغسطس، فسار إليها، وكان له مع الملكة قلوبطرة وزوجها حروب كثيرة، فقتل زوج قلوبطرة، فأراد ملك الروم أن يتروّجها لعلمه بحكمتها وليتعلّم منها، فراسلها فعلمت مراده منها، فطلبت حيّة تكون بالحجاز ومصر والشام، وهى نوع من الحيّات تراعى الإنسان حتى إذا نظرت الى عضو من أعضائه قفزت أذرعا نحوه فلم تخطئ ذلك العضو بعينه