الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى قريش فجاءوه من الجبال وغنموا ما شاءوا، فعظمت قريش فى أعين العرب وسمّوهم آل الله، وازداد عبد المطّلب وأصحابه شرفا. وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومهم بخمس وخمسين ليلة. وكان ذلك بعد عشرين سنة من ملك أنو شروان.
وملك اليمن بعد أبرهة ابنه يكسوم.
ثم ملك بعده مسروق بن أبرهة، وهو الذى زال ملكه على يد سيف بن ذى يزن على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر خبر سيف بن ذى يزن وعود الملك إلى حمير
وذلك أنّ حمير لمّا رأت ملك الحبشة قد دام عليهم وتوارثوه فيهم، اجتمع ساداتهم إلى سيف بن ذى يزن- وهو من أولاد ذى نواس الذى غلب الحبشة على اليمن فى أيام ملكه- وبذلوا له أن يجمعوا له نفقة تقيمه ليسير إلى بعض الملوك فيستنجده ففعل ذلك، وسار حتى وافى القسطنطينية إلى قيصر ملك الروم، فاستنجده فقال له قيصر: إنّ الجيش على دينى، وما كنت لأعينك عليهم، وأمر له بعشرة ألف درهم، فأبى أن يقبلها وقال: إذا لم تنصرنى فلا حاجة لى إلى مالك.
وانصرف إلى كسرى واستنجده، فقال له كسرى: بعدت بلادك عن بلادنا مع قلّة خيرها، إنما فيها الشاء والبعير وما لا حاجة لى فيه. فقال له سيف: لا تزهدنّ أيها الملك فى بلادى فإنها فرضة العرب، وأرض التبابعة الذين ملكوا أقطار أقاليم الأرض، ودان لهم أهل الشرق والغرب. قال كسرى: ما كنت لأغرّر بجندى
فيما لا ينفعنى وأمر له بعشرة آلاف درهم. فلمّا انتهى إلى باب القصر نثرها فى الناس حتى أتى عليها، فبلغ ذلك كسرى فغضب وقال له: ما الذى حملك على استخفافك بصلتى حتى نثرتها فى الناس؟ قال: ما أصنع بالمال وتراب أرضى ذهب وفضّة! ثم خنقته العبرة، فرقّ له كسرى ووعده بالانتصار له، فأشار عليه بعض وزرائه فقال: إنّ فى سجونك بشرا كثيرا ممن استوجب القتل، فمر بإطلاقهم، وقوّهم بالمال والكراع «1» والسّلاح، ووجهّهم مع هذا العربىّ، فإن ظفروا كان ذلك زيادة فى ملكك، وإن قتلوا كان ذلك جزاء عن جرائمهم. فأعجب كسرى هذا الرأى وعمل به وقدّم عليهم وهرز بن كامخان، وكان من فرسان العجم وأهل البيوتات، وقد أناف على المائة من السنين، وكانت عدّتهم ثلاثة آلاف وستمائة رجل، فركبوا البحر فى سبع سفن، وأرسل سيف إلى اليمن ومخاليفها، فأتوه من أقاصى اليمن وأدانيها حتى صاروا فى عشرين ألفا، وتجهّز إليهم مسروق، فلمّا التقيا قال وهرز لسيف:
أرنى ملكهم، فأراه إيّاه؛ وهو على فيل وعلى رأسه التاج وفيه ياقوتة حمراء مدلّاة على جبينه، فلبث ساعة ثم تحوّل إلى فرس ثم تحوّل إلى بغلة، فقال وهرز: ذلّ الأسود وباد ملكه، وأنا أرميه فتأمّل الرّمية، فإن رأيت أصحابه تصدّعوا عنه وحاصوا «2» يمينا وشمالا فاعلم أنّى قتلته، وإن لم يتحرّكوا من منازلهم فلم أصنع شيئا؛ ورماه، ففلق السهم الياقوتة نصفين وخرج من مؤخّر رأس مسروق، واضطربت الحبشة وماجوا، وحمل عليهم وهرز ومن معه والعرب فولّوا منهزمين، ودخلوا صنعاء وقتلوا كلّ أسود يوجد فى اليمن. وكتب وهرز إلى كسرى بالفتح، فكتب