الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها يقول النّمر بن تولب:
وفتاتهم عنز غداة تبيّنت
…
من بعد مرأى فى الفضاء ومسمع
قالت أرى رجلا يقلّب نعله
…
تقليب ذى وصل له ومشسّع
ورأت مقدّمة الخميس ودونها
…
ركض الجياد إلى الصّباح يتّبع
ذكر حروب قيس فى الجاهلية يوم منعج لغنىّ على عبس
يوم منعج «1» . هو يوم الرّدهة «2» وفيه قتل شأس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسىّ؛ قتله رياح بن الأشلّ «3» الغنوىّ. وذلك أنّ شأسا أقبل من عند النعمان بن المنذر وقد أجزل حباءه. وكان من حبائه قطيفة حمراء ذات هدب «4» وطيب؛ فورد منعجا- وهو ماء لغنىّ- فأناخ راحلته إلى جانب الرّدهة وعليها خباء لرياح بن الأشلّ، وجعل يغتسل وامرأة رياح تنظر إليه، وهو كالثّور الأبيض، فانتزعه رياح بسهم فقتله، وضمّ متاعه ونحر ناقته وأكلها وغيّب أثره. وفقد شأس بن زهير، حتى وجدوا القطيفة الحمراء بسوق عكاظ قد باعتها امرأة رياح، فعلموا أنّ رياحا صاحب ثأرهم، فغزت بنو عبس غنيّا قبل أن يطلبوا قودا أو ديّة، مع الحصين بن زهير ابن جذيمة والحصين بن أسيد بن جذيمة. فلمّا بلغ ذلك غنيّا قالوا لرياح: انج، لعلّنا
نصالح القوم على شىء [أو نرضيهم بدية «1» ] . فخرج رياح رديفا «2» لرجل من بنى كلاب، وهما يظنّان أنهما قد خالفا وجهة القوم؛ فمرّ صرد «3» على رءوسهما فصرصر، فما راعهما إلّا خيل بنى عبس، فقال الكلابىّ لرياح: انحدر من خلفى والتمس نفقا فى الأرض فإنى شاغل القوم عنك، فانحدر رياح من عجز الجمل حتى أتى ضفّة «4» فاحتفر تحتها مثل مكان الأرنب وولج فيه، ومضى صاحبه، فسألوه فقال: هذه غنىّ جامعة، وقد استمكنتم منهم، فصدّقوه وخلّوا سبيله، فلمّا ولّى رأوا مركب الرجل خلفه فقالوا: من الذى كان خلفك؟ فقال: لا كذب! رياح بن الأشلّ، وهو فى أولئك الصّعدات «5» . فقال الحصينان لمن معهما: قد مكّننا الله من ثأرنا ولا نريد أن يشركنا فيه أحد، فوقفوا عنهما، ومضيا فجعلا يريغان رياحا بين الصّعدات، فقال لهما: هذا غزالكما الذى تريغانه، فابتدراه فرمى أحدهما بسهم فأقصده «6» ، فطعنه الآخر فأخطأه، ومرّت به الفرس، فاستدبره رياح بسهم فقتله ثم أتى قومه. ففى ذلك يقول الكميت بن زيد الأسدىّ، وكانت له أمّان من غنىّ:
أنا ابن غنىّ والداى كلاهما
…
لأمّين منهم فى الفروع وفى الأصل
هم استودعوا زهرا نسيب «1» بن سالم
…
وهم عدلوا بين الحصينين بالنّبل
وهم قتلوا شأّس الملوك ورغّموا
…
أباه زهيرا بالمذلّة والثّكل
يوم النّفراوات «2» لبنى عامر على بنى عبس
فيه قتل زهير بن جذيمة بن رواحة العبسىّ. وكانت هوازن تؤدّى إليه إتاوة، فأتته عجوز رهيش «3» من بنى نصر بن معاوية بسمن فى نحى «4» ، وشكت سنين تتابعت على الناس، فذاقه فلم يرض طعمه، فدعّها «5» بقوس فى يده عطل «6» فى صدرها، فاستلقت على قفاها منكشفة «7» ، فتألّى «8» خالد بن جعفر وقال: والله لأجعلنّ ذراعى فى عنقه حتى يقتل أو أقتل. وكان زهير مقداما فتفرّد من قومه ببنيه وبنى أخويه أسيد وزنباع يريغ «9» الغيث فى عشراوات «10» له وشول؛ فأتاه الحارث [بن عمرو «11» ]
ابن الشّريد، وكانت تماضربنة [عمرو بن] الشّريد تحت زهير، فلمّا عرف الحارث مكانه أنذر عليه بنى عامر بن صعصعة رهط خالد بن جعفر، فركب منهم ستّة فوارس فيهم خالد بن جعفر وصخر بن الشّريد وحندج بن البكّاء ومعاوية بن عبادة ابن عقيل فارس الهرّار. ويقال لمعاوية: الأخيل، وهو جدّ ليلى الأخيليّة. فقال أسيد لزهير: أعلمتنى راعية غنمى أنها رأت على رأس الثنيّة أشباحا ولا أحسبها إلّا خيل بنى عامر، فألحق بنا بقومنا. فقال له زهير:«كلّ أزبّ «1» نفور» وكان أشعر القفا، فذهبت مثلا، فتحمّل أسيد بمن معه وبقى زهير وابناه ورقاء والحارث. وصبّحتهم الفوارس فارمدّت «2» بزهير فرسه القعساء ولحقه خالد ومعاوية الأخيل، فطعن معاوية القعساء فقلبت زهيرا، وخرّ خالد فرفع المغفر عن رأس زهير وقال: يالعامر اقتلونا جميعا! وأقبل معاوية فضرب زهيرا على مفرق رأسه ضربة بلغت الدّماغ، وأقبل ورقاء بن زهير فضرب خالدا وعليه درعان فلم تغن شيئا، وأجهض «3» ابنا زهير القوم عن زهير واحتملاه وقد أثخنته الضربة فمنعوه الماء فقال: اسقونى وإن كانت نفسى فيه، فسقوه فمات بعد ثالثة من الأيام، فقال فى ذلك ورقاء بن زهير:
رأيت زهيرا تحت كلكل خالد
…
فأقبلت أسعى كالعجول «4» أبادر
فشلّت يمينى يوم أضرب خالدا
…
ويمنعه منّى الحديد المظاهر