الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنو تميم وأسر معبد بن زرارة، أسره عامر والطّفيل ابنا مالك بن جعفر بن كلاب، فوفد لقيط بن زرارة عليهما فى فدائه فقال لهما: لكما عندى مائتا بعير، فقالا:
أبا نهشل، أنت سيّد الناس، وأخوك معبد سيّد مضر فلا تقبل فيه إلا دية ملك، فأبى أن يزيدهم وقال: إنّ أبانا أوصانا ألا نزيد أحدا فى ديتنا على مائتى بعير، وقال:
لا توكلوا العرب أنفسكم ولا تزيدوا بفدائكم على فداء رجل منكم، ورحل لقيط عن القوم.
قال: فمنعوا معبدا الماء وضاروه حتى مات هزالا. وقيل: بل أبى معبد أن يطعم شيئا أو يشرب حتى مات هزالا. ففى ذلك يقول عامر بن الطفيل:
قضينا الجون عن عبس وكانت
…
منيّة معبد فينا هزالا
وقال جرير:
وليلة وادى رحرحان رفعتم «1»
…
فرارا ولم تلووا رفيق النّعائم
تركتم أبا القعقاع فى الغلّ معبدا
…
وأىّ أخ لم تسلموا للأداهم
وقال أيضا:
وبرحرحان غداة كبّل معبد
…
نكحت فتاتكم بغير مهور
يوم شعب جبلة لعامر وعبس على ذبيان وتميم
قال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: يوم جبلة «2» أعظم أيام العرب «3» ، وذلك أنه لمّا انقضت وقعة رحرحان جمع لقيط بن زرارة لبنى عامر وألّب عليهم. وبين يوم
رحرحان ويوم جبلة سنة. ويوم جبلة قبل الإسلام بأربعين سنة «1» ، وهو عام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت بنو عبس يومئذ فى بنى عامر حلفاء لهم، فاستعدى لقيط بنى ذبيان لعداوتهم لبنى عبس من أجل حرب داحس، فأجابته غطفان كلّها غير بنى بدر، وتجّمعت لهم تميم كلّها غير بنى سعد، وخرجت معه بنو أسد لحلف كان بينهم وبين غطفان، ثم أتى لقيط الجون «2» الكندىّ وهو ملك هجر «3» [وكان يحيّى من بها من العرب «4» ] فقال له: هل لك فى قوم عادين قد ملأوا الأرض نعما «5» وشاء، فأرسل معى ابنيك فما أصبنا من مال وسبى فلهما، وما أصبنا من دم فلى، فأجابه الجون الى ذلك وجعل له موعدا رأس الحول، ثم أتى لقيط النعمان ابن المنذر فاستنجده وأطمعه فى الغنائم، وكان لقيط وجيها عند الملوك، فلمّا كان على قرن الحول من يوم رحرحان أقبلت الجيوش الى لقيط، وأقبل سنان بن أبى حارثة المرّىّ فى غطفان وجاءت بنو أسد، وأرسل الجون ابنيه معاوية وعمرا، وأرسل النعمان أخاه لأمّه حسّان بن وبرة الكلبىّ. فلمّا توافوا خرجوا إلى بنى عامر وقد أنذروا بهم وتأهّبوا لهم، فقال الأحوص بن جعفر، وهو يومئذ رحى هوازن لقيس بن زهير: ما ترى؟ فإنك تزعم أنه لم يعرض لك أمران إلّا وجدت فى أحدهما المخرج! فقال قيس بن زهير: الرأى أن نرحل بالعيال والأموال حتى
تدخل شعب جبلة فتقاتل القوم [دونها «1» ] من وجه واحد، فإنهم داخلون عليك الشّعب، وإنّ لقيطا رجل فيه طيش فسيقتحم عليك الجبل، فأرى أن تأمر بالإبل فلا ترعى ولا تسقى وتعقل، ثم تجعل الذرارى وراء ظهورنا وتأمر بالرجّالة فتأخذ بأذناب الإبل، فإذا دخلوا علينا الشّعب حلّت الرجّالة عقل الإبل ثم لزمت أذنابها فإنها تنحدر عليهم وتحنّ الى مراعيها ووردها، ولا يردّ وجوهها شىء، ويخرج الفرسان فى أثر الرجّالة الذين خلف الإبل فإنها تحطّم ما لقيت وتقبل عليهم الخيل وقد حطّموا من عل. فقال الأحوص: نعم ما رأيت وأخذ برأيه، وكان مع بنى عامر يومئذ بنو عبس، وغنىّ فى بنى كلاب، وباهلة فى بنى صعب، والأبناء أبناء صعصعة. وكان رهط المعقّر البارقّى يومئذ فى بنى نمير بن عامر، وكانت قبائل بجيلة كلّها فيهم غير قيس.
قال أبو عبيدة: وأقبل لقيط والملوك ومن معهم فوجدوا بنى عامر قد دخلوا شعب جبلة فنزلوا على فمه، فقال لهم رجل من بنى أسد: خذوا عليهم فم الشّعب حتى يعطشوا ويجوعوا، فأتوا حتى دخلوا عليهم الشّعب، وكانوا قد عقلوا الإبل [وعطّشوها «2» ] ثلاثة أخماس، وذلك اثنتا عشرة ليلة لم تطعم شيئا، فلمّا دنوا حلّوا عقلها فأقبلت تهوى، فظنّ القوم عند ذلك أنّ الشّعب قد هدّ عليهم، والرجّالة فى آثارها آخذين بأذنابها فدقّت كلّما لقيت، فانهزموا لا يلوون على أحد، وقتل لقيط وأسر حاجب بن زرارة، أسره ذو الرّقيبة، وأسر سنان بن أبى حارثة المرّىّ أسره عروة الرحّال، فجزّ ناصيته وأطلقه، وأسر عمرو بن أبى عمرو بن عدس، أسره قيس بن المنتفق، فجزّ ناصيته وخلّاه طمعا فى المكافأة فلم يفعل، وقتل معاوية بن