الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جميع الأفراد وهو غير صادر منه. فهو باطل، لأن المصدر يصدق على القليل والكثير ولا دلالة له إلا على نفس الماهية، وما كان كذلك لا يكون متناولا لجميع الأفراد، بل له صلاحية التناول، وصلاحية التناول غير التناول، ثم ليلعم أن الغلبة لو ثبتت للمجاز، فإنما تثبت لمجموع المجازين أعني الإفرادي والتركيبي.
وأما بالنسبة إلى الإفرادي وحده فلا.
وأما بالنسبة إلى التركيبي وحده ففيه نظر. على رأي من لم يثبت فاعلا وخالقا غير الله تعالى.
المسألة الثانية عشرة
في أن المجاز المفرد خلاف الأصل
إما بمعنى خلاف الغالب، أو بمنى أنه على خلاف الدليل، ويدل عليه وجوه:-
أحدها: أن اللفظ إذا تجرد عن القرينة، فإن وجب حمله على حقيقته فهو المطلوب، لأن الدليل حينئذ يكون دالا عليه، والحمل على المجاز حينئذ يكون مخالفة لذلك الدليل فيكون خلاف الأصل، إذ الأصل في الدليل الأعمال لا الإهمال، وإن وجب حمله على مجازه فهو باطل أيضا، لأنه يلزم وجود المشروط بدون الشرط، لأن شرط حمل اللفظ على مجازه أن يكون معه قرينة صارفة عن الحقيقة وفاقا، ولأنه إذا لم يجز حمل المشترك على أحد مفهوميه إلا بقرينة تساويهما، فلأن لا يجوز حمله على المجاز مع أنه فرع الحقيقة كان أولى، وإن وجب حمله عليهما فهو باطل أيضا لما بينا أنه لا يجوز حمل اللفظ على مفهومين مختلفين، ولأنه يلزم أن يكون اللفظ حقيقة فيهما، لأنه لا معنى لكون اللفظ حقيقة في شيء إلا أنه يجب حمل اللفظ عليه عن تجرده عن القرينة.
وإما أن لا يحمل على شيء منهما فهو أيضا باطل.
أما أولا: فبالاتفاق.
وأما ثانيا: فلأن اللفظ حينئذ يكون من المهملات لا من المستعملات.
وثانيها: أنا قد ذكرنا أن الألفاظ وضعت معرفات لما في الضمائر، فكان الواضع قال: إذا سمعتم مني أني تكلمت بهذه اللفظة، فاعلموا: أني أردت به المعنى الفلاني، فمن تكلم بكلامه وجب أن يعني ذلك المعنى، وإلا كان متكلما بكلام آخر، وحينئذ يجب حمله عليه / (57/ب).
وثالثها: استدل الكل بالاستعمال على الحقيقة، فلولا أنه تقرر عندهم أن
الأصل في الكلام هو الحقيقة، وإلا لما صح ذلك، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:"ما كنت أعرف معنى الفاطر حتى اختصم إلي شخصان في بئر فقال أحدهما: فطرها أبي أي اخترعها".
وقال الأصمعي أنه قال: ما كنت أعرف معنى "الدهاق" حتى سمعت جاري بدوية تقول: "اسقني دهاقا" أي ملآن.