الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
في بقية الحروف العاطفة
[الفاء]
فمنها "الفاء": وهي التعقيب بحسب ما يمكن.
والدليل عليه إجماع أهل اللغة.
واستدل عليه أيضا بأنها لو لم تكن للتعقيب، لما وجب دخلوها على الجزاء، إذا لم تكن جملة فعلية، لأنها حينئذ لم تكن ملائمة للدخول على الجزاء، إذ الجزاء يجب أن يوجد عقيب الشرط، وهي غير مفيدة لهذا المعنى فلا تكون ملائمة، وإذا لم تكن ملائمة لم يجب دخولها عليه كسائر الحروف، بل كان يجب أن لا يجوز دخولها عليه، كما لا يجوز دخول سائر الحروف الغير المفيدة للتعقيب، فإنه لا يجوز أن يقال:"من زارني وله درهم"، أو "ثم له درهم" أو "حتى له درهم" لكن دخولها واجب فهي للتعقيب.
لا يقال: لا نسلم أن دخولها واجب، وسنده قول الشاعر:
من يفعل الحسنات الله يشكرها لأنا نجيب عنه من وجهين:
أحدهما: أنه شاذ معدول عن القياس لا تنخرم به القاعدة.
وثانيهما: أن بعضهم أنكره وزعم أن الرواية الصحيحة:
من يفعل الخير فالرحمن يشكره ..
وإذا ثبت أن الفاء للتعقيب فحيث ورد ولم تفده، كما في قوله تعالى:{وكم من قرية أهلكناهم فجاءها بأسنا} والبأس لا يتأخر عن الإهلاك، وفي قوله تعالى:{لا تفتروا على الله كذبا فسيتحكم بعذاب} ، والإسحات قد يتأخر عن القرية، وقوله تعالى:{وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} والرهن قد لا يحصل عقيب المداينة، وفي قوله امرئ القيس:
بسقط/ (65/أ) اللوى بين الدخول فحومل.
يجب حمله على التجوز جمعا بين النقل والاستعمال.
[ثم]
ومنها: "ثم" وهي للتراخي، بالنقل والاستعمال.
أما النقل فظاهر، وأما الاستعمال كما في قوله تعالى:{ثم انشأناه خلقا آخر} ، وقوله تعالى:{ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم إنهم ألفوا آباءهم ضالين} ، {ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم} وغيرها من الآيات.
وحيث ورد للتراخي كما في قوله تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب} ، وقوله تعالى:{وإني لغفار لمن تاب وآمن ومن عمل صالحا ثم اهتدى} و {ثم كان من الذين آمنوا} ، {ثم الله شهيد}
يجب حمله على التجوز، إما بمعنى التراخي في الحكم، أو بمعنى "الواو" لما سبق.
[حتى]
ومنها: "حتى": وهى بمعنى "ثم".
إلا أنه يشترط في المعطوف بها أن يكون جزءا من المعطوف عليه، لأن العطف بها يقتضى أن يكون ما بعدها غاية لما قبلها ومخالف له في القوة والضعف، وذلك إنما يحصل إذا كان المعطوف داخلا في المعطوف عليه مثاله في القوة:"مات الناس حتى الأنبياء"، وفي الضعف "قدم الحجاج حتى المشاة".
[أو وأما وأم]
ومنها: "أو"
و"أما" و "أم".
وهذه الثلاثة مشتركة في أنها تقتضى إثبات الحكم فيهما لأحد المذكورين وتفترق فيما عداه.
"فأو"، و "أما" يفارقان "أم" في أنهما يدخلان في الأمر، والخبر، والاستفهام.
و"أم"، لا يدخل إلا في الاستفهام: تقول في الأمر: "إفعل هذا أو هذا" ومثله "بأما" فيهما، وتقول في الخبر:"جاء زيد أو عمر" وكذا "بأما فيهما، في الاستفهام، "أخوك زيد أو عمرو"؟ وكذا "بأما" فيهما.
ثم إنهما في الأمر يقتضيان التخيير تارة، كقولك:"خذ هذا أو ذاك"، و "خذ إما هذا وإما هذا".
والإباحة أخرى، كقولك:"جالس الحسن أو ابن سيرين، وإذا وقعتا في الاستفهام فالفرق بينهما وبين "أم" أن السائل فيهما غير عالم بثبوت الحكم في أحدهما فهو طالب له بهما، وأما السائل "بأو" فهو عالم بثبوت الحكم في أحدهما على سبيل الإيهام، وإنما يسأل عن التعيين، وكذلك كان الجواب المطابق في الأول: "بنعم"، أو "لا"، وفي الثاني: بالتعيين هذا كله في "أم" المتصلة.
وأما: "أم" المنقطعة فهي بمعنى "بل والهمزة" وستعرفها.
وأما الفرق بينهما فهو "إن" أما [ا] لملازمة للمعطوف وللمعطوف عليه إذا عطف بهما، وتدخل الواو عليه بخلاف "أو" فإنه
لا يلزمها أما ولا، أو في المعطوف عليه إذا عطف بها، وإن كان يجوز دخول "أما" عليه فهما يفترقان في اللزوم ويشتركان في الجواز.
[لا، بل، لكن]
ومنها: "لا" و "بل" و "لكن".
وهذه الثلاثة / (65/ب) تشترك في أن حكم أحدهما مخالف لحكم الآخر.
والفرق بين "بل ولكن" أن "بل" للإضراب عن الأول: موجبا كان الكلام أو نفيا، و "لكن" للاستدراك بعد النفي خاصة.