الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية عشرة
[في صوم المريض والمسافر والحائض]
قد عرفت مما سبق في حد الواجب، أن عدم جواز الترك جزء ماهية الوجوب، فيما يجوز تركه، يستحيل أن يكون واجبا لاستحالة أن يبقى الكل بدون الجزء.
وخالف فيه كثير من الفقهاء، إذ زعموا أن الصوم واجب على المريض والحائض والمسافر، مع أنه يجوز لهم تركه.
ومنهم: من فصل بين ما يكون العذر من الله تعالى، وبين ما يكون من العبد، كالسفر فنفى الوجوب في الأول، دون الثاني.
واحتجوا على ذلك بوجوه:-
أحدها: قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} ، والحائض والمريض، والمسافر قد شهدوا الشهر فيجب عليهم الصوم.
وثاينها: أنه ينوي فيما يأتي بعد زوال العذر قضاء رمضان، وأنه يدل على أنه كان واجبا، لأن القضاء يعتمد على الوجوب كما سبق.
وثالثها: أن القضاء لا يزيد على الأصل ولا ينقص عنه، وذلك يدل على/ (92/أ) أنه بدل عنه.
أجاب الأولون بوجهين:
أحدهما: وهو الوجه الإجمالي: أن ما ذكرتم استدلال في مقابلة الضرورة إذ من المعلوم بالضرورة أن الكل لا يبقى بدون الجزء فلا يكون مسموعاً
اللهم إلا أن نفسر الواجب بغير ما تقدم، فحينئذ يكون النزاع في تفسير الواجب.
وثانيهما: وهو الوجه التفصيلي: أما عن الأول: فلأن غاية ما يلزم منه على تقدير عدم الوجوب على هؤلاء، أما التخصيص أو التجوز، وهما غير ممتنعين عند قيام الدلالة عليهما.
وعن الثاني: ما سبق من [أن] القضاء لا يعتمد على الوجوب، بل يعتمد على سبب الوجوب.
وعن الثالث: أنا نساعدكم أن ما يأتي [به] هؤلاء بدل عما سبق، لكن ذلك لا يدل على الوجوب لجواز أن يكون بدلا عما وجد سبب وجوبه ولم يجب.
واعلم أن الفقهاء يمنعون أن يكون جواز الترك مطلقا ينافي جزء ماهية الوجوب، وهذا لأن عدم الشيء قد يكون لعدم المقتضي لوجوده، وقد يكون لوجود المانع من وجوده مع قيام المقتضي له.
إذا ثبت هذا:
فنقول: انتفاء عدم جواز الترك فيما نحن فيه إنما هو لوجود المانع، وهو غير مناف لعدم جواز الترك الذي هو بحسب دلالة المقتضي له الذي هو جزء ماهية الوجوب لإمكان اجتماعهما، فإن يصح أن يقال: عدم جواز الترك ثابت هنا نظرا إلى المقتضي وهو غير ثابت نظرا إلى المانع فلا يكون جواز الترك مطلقا منافيا لجزء ماهية الوجوب.
"الفصل الثاني"
في المحظور وما يتعلق به من المسائل