المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الأولىفي حد الواجب - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٢

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالث عشر"في المجاز

- ‌المسألة الأولىفي بيانه ومعناه بحسب اللغة

- ‌المسألة الثانيةفي حده بحسب الاصطلاح

- ‌المسألة الثالثةفي أن لفظ المجاز بالنسبة إلى هذا المفهوم الاصطلاحي حقيقة عرفية ومجاز لغوي

- ‌المسألة الرابعة[في وقوع المجاز في اللغة العربية]

- ‌المسألة الخامسة[في أقوال العلماء في وقوع المجاز في كلام الله تعالى]

- ‌المسألة السادسة[في اشتمال العربية والقرآن على كلمة غير عربية]

- ‌المسألة السابعةفي تقسيم المجاز

- ‌المسألة الثامنةفي بيان جهات التجوز في المفرد

- ‌المسألة التاسعةفي أن استعمال اللفظ في كل واحد من صور المجاز، هل يفتقر إلى كونه مستعملا فيه من جهتهم أو لا يفتقر إلى ذلك

- ‌المسألة العاشرةفي السبب الموجب للتكلم بالمجاز

- ‌المسألة الحادية عشرةفي أن الغالب في الاستعمال الحقيقة أو المجاز

- ‌المسألة الثانية عشرةفي أن المجاز المفرد خلاف الأصل

- ‌المسألة الثالثة عشرة[حمل اللفظ على المعنى اللغوي إن لم يكن له معنى سواه]

- ‌المسألة الرابعة عشرةفي كيفية حمل اللفظ على معناه المجازي

- ‌الفصل الرابع عشرفي المباحث المشتركة بين الحقيقة والمجاز

- ‌المسألة الأولىفي الفرق بين الحقيقة والمجاز

- ‌المسألة الثانيةفي بيان أن اللفظ الدال على معنى قد لا يكون حقيقة ولا مجازا لغويا

- ‌المسألة الثالثةفي أن اللفظ الواحد قد يكون حقيقة أو مجازا

- ‌الفصل الخامس عشرفي الحروف

- ‌المسألة الأولىفي الحروف العاطفة

- ‌المسألة الثانيةفي بقية الحروف العاطفة

- ‌المسألة الثالثةفي الحروف الجارة

- ‌المسألة الرابعةفي الحروف النافية

- ‌المسألة الخامسة

- ‌الفصل السادس عشرفي التعارض الحاصل بين أحوال اللفظ

- ‌المسألة الأولى[في التعارض بين الاشتراك والنقل]

- ‌المسألة الثانية[في التعارض بين الاشتراك والإضمار]

- ‌المسألة الثالثة[في التعارض بين الاشتراك والمجاز]

- ‌المسألة الرابعة[في التعارض بين الاشتراك والتخصيص]

- ‌المسألة الخامسة[في التعارض بين النقل والإضمار]

- ‌المسألة السادسة[في التعارض بين النقل والمجاز]

- ‌المسألة السابعة[في التعارض بين النقل والتخصيص]

- ‌المسألة الثامنة[في التعارض بين الإضمار والمجاز]

- ‌المسألة التاسعة[في التعارض بين الإضمار والتخصيص]

- ‌المسألة العاشرة[في التعارض بين المجاز والتخصيص]

- ‌النوع الثانيالكلام في تقسيم الأحكام الشرعية وما يتعلق بها من المسائل

- ‌الفصل الأول"في الوجوب

- ‌المسألة الأولىفي حد الواجب

- ‌المسألة الثانيةفي أسماء الواجب

- ‌المسألة الثالثة[في حكم الواجب الذي لم يترجح فعله على تركه]

- ‌المسألة الرابعة[في الواجب المخير]

- ‌المسألة الخامسة[في أن وجوب الأشياء قد يكون على الترتيب أو على البدل]

- ‌المسألة السادسةفي وجوب الموسع

- ‌المسألة السابعةفي الفرض على الكفاية

- ‌المسألة الثامنة[فيما لا يتم الواجب إلا به]

- ‌المسألة التاسعة[في أقسام ما لا يتم الواجب إلا به]

- ‌المسألة العاشرة[في الواجب الذي لا يتقدر بقدر معين]

- ‌المسألة الحادية عشرة[في حكم الباقي بعد نسخ الوجوب]

- ‌المسألة الثانية عشرة[في صوم المريض والمسافر والحائض]

- ‌الفصل الثاني"في المحظور وما يتعلق به من المسائل

- ‌المسالة الأولىفي حقيقته لغة وشرعا

- ‌المسالة الثانية[في الجمع بين الطاعة والمعصية في الشيء الواحد]

- ‌المسألة الثالثةفي أن الواحد بالشخص، هل يجوز أن يكون واجبا ومحرما معا باعتبارين مختلفين أم لا

- ‌المسألة الرابعة[في أنه لا يجوز أن يكون الشيء الواحد باعتبار واحد واجبا ومكروها]

- ‌المسألة الخامسة[في المحرم المخير]

- ‌الفصل الثالث"في المباح وما يتعلق به من المسائل

- ‌المسألة الأولىفي معناه

- ‌المسألة الثانية[في المباح هل هو من الشرع أو لا]

- ‌المسألة الثالثةفي أن المباح هل هو من التكليف أم لا

- ‌المسألة الرابعةفي أن المباح هل هو حسن أم لا

- ‌المسألة الخامسةفي أن المباح هل هو مأمور به أم ل

- ‌المسألة السادسة

- ‌الفصل الرابع"في المندوب وما يتعلق به من المسائل

- ‌المسألة الأولىفي معناه لغة وشرعا

- ‌المسألة الثانيةفي أن المندوب هل هو مأمور به أم لا

- ‌المسألة الثالثة[في حسن المندوب]

- ‌المسألة الرابعةفي أن المندوب هل هو من التكليف أم لا

- ‌المسألة الخامسة[أقوال العلماء في متى يلزم المندوب]

- ‌الفصل الخامسفي المكروه وما يتعلق به من المسائل

- ‌المسألة الأولىفي معناه

- ‌المسألة الثانيةفي أن المكروه الذي هو ضد المندوب، هل هو منهي عنه أم [لا]

- ‌المسألة الثالثةفي المكروه، هل هو من التكليف أم لا

- ‌المسألة الرابعةفي أن المكروه، هل هو قبيح أم لا

الفصل: ‌المسألة الأولىفي حد الواجب

"‌

‌الفصل الأول"

في الوجوب

وفيه مسائل:

‌المسألة الأولى

في حد الواجب

قد عرفت من التقسيم السابق ماهية الوجوب وحقيقته، لأنك عرفت منه كمال المشترك بينه وبين غيره من الأحكام وهو الجنس، وكمال المميز وهو الفصل، والماهية لا تتركب إلا عنهما، وعند ذلك يسهل عليك تحديد الواجب، لكن مع ذلك نذكر ما قيل فيه من الحدود ليعرف الصحيح منها والفاسد، ووجه الفساد في الفاسد.

فالأول: هو ما قيل: الواجب ما يعاقب تاركه.

واعترض عليه بوجهين:

أحدهما: بأنه غير مانع، لأنه يتناول "المندوب" و "المباح"، إذ يعاقب تاركه/ (76/أ) إذا فعل ما يوجبه، فحينئذ يدخل فيه ما ليس

ص: 509

منه، ولو زيد فيه: على تركه. اندفع هذا. لا يقال: لا حاجة إلى هذه الزيادة، لأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية، فيفيدنا ذلك أنه إنما يعاقب على تركه لا على شيء آخر.

لأنا نقول: هب أن الأمر كما ذكرتم، لكن ذلك مستفاد بطريق القياس لا من اللفظ، وإنما اللفظ يومئ إلى علية الوصف لا إلى ثبوت الحكم، وبتقدير أن يكون كذلك لكن ذلك بطريق الالتزام. ويحترز في التعريفات: عن دلالة الالتزام.

الثاني: أنه يقتضي ألا يكون الفعل واجبا عندما لا يتحقق العقاب على تركه لوجوب انعكاس الحد، لكنه باطل إجماعا.

أما عندنا فلجواز العفو وسقوطه بالتوبة.

وأما عند المعتزلة فلسقوطه بالتوبة الخاصة.

فقيل: فرارا عن هذا الإشكال هو: ما يتوعد بالعقاب على تركه.

"لأنه وإن لم يتحقق العقاب على تركه" لسقوطه، إما بالعفو، أو

ص: 510

بالتوبة، لكنه قد توعد عليه.

وهو باطل أيضا، لأن التوعد بالعقاب يستدعي تحققه، وإلا لزم الخلف في خبره تعالى وهو محال، وحينئذ يلزم أن لا يجوز العفو من الله تعالى.

لا يقال: لا نزاع في ورود التوعد بالعقاب على الفعل والترك في القرآن والأحاديث، مثل قوله تعالى:{ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} مع أنكم تجوزون العفو فيه، فما يكون جوابكم ثمة فهو جوابنا هنا.

ص: 511

لأنا نقول: يجوز أن يذكر الألفاظ العامة والمطلقة في الإخبارات والإنشاءات، ويراد منها المخصوص والمقيد، وإن لم يذكر معها ما يخصها ويقيدها بل بعدها، ولا يجوز مثله في التعريفات.

نعم لو زيد في الأول: وقيل هو: ما يعاقب تاركه على تركه إن لم يوجد العفو والتوبة وسائر المكفرات.

اندفع الاعتراضان المذكوران، لأن هذه الحيثية باقية، وإن لم يوجد العقاب للعفو أو للتوبة، لكنه تطويل من غير فائدة أو غيره أوجز منه.

وأسد مما قيل: فرارا عن هذا الإشكال، هو: ما يخاف العقاب على تركه.

وهو غير مانع، لأن الذي يشك في وجوبه يخاف على تركه، مع أنه غير واجب، وحينئذ يدخل فيه ما ليس منه.

وقيل هو: "ما يستحق تاركه العقاب على تركه".

ص: 512

وهو باطل أيضا، إذ الاستحقاق يستدعي مستحقا عليه، وليس هو الله تعالى على ما ثبت في علم الكلام، أنه لا يستحق "عليه"/ (76/ب) شيء ولا أحد من المخلوقين بالإجماع.

نعم لو أريد بالاستحقاق، أنه لو عوقب على ذلك لحسن ذلك، بالنسبة إلى مقاصد الشرع، فهذا سائغ لكنه خلاف ظاهر اللفظ.

وقال القاضي أبو بكر: وارتضاه جمهور الأصحاب، الواجب: ما يذم تاركه شرعا على بعض الوجوه.

ص: 513

أما الذم: فهو قول، أو فعل، أو ترك قول، أو ترك فعل، ينبئ عن اتضاع حال الغير، وتارك الوجب وإن عفا عنه فالذم والتوبيخ من الشارع غير منفك عنه، إذ أقله أن يسميه عاصبا وهو اسم ذم وفاقا، ولأنا نعلم منه أنه لم يكرمه مثل إكرام الآتي به، وإن عفا عنه إذ سلب عنه منصب العدالة، وهي شرط قبول الشهادة، ولا شك أن عدم قبول الشهادة، وما يجري مجراها ذم منه.

وبهذا يعرف اندفاع ما اعترض به على هذا، وهو أنه لابد وأن يكون لهذا الذم فاعل، لكن ذلك غير معقول، إذ لا يجوز أن يكون فاعله هو الشرع، لأنه ليس حيا ناطقا، ولا أهله لاستحالة الدور، ولا الشارع، لأنه لم ينص على لوم كل تارك للواجب، ولا على ترك كل صنف من أصناف الواجبات.

وقولنا: شرعا. يحترز به عما يذم تاركه عقلا، أما على مذهبنا: فعلى الإطلاق، وأما على رأي المعتزلة لو قالوا به: فعبن ما يذم تاركه عقلا، لا بالنسبة إلى أنه مطلوب الشرع، بل إما لفوات مصلحة، أو جلب مضرة دنياوية.

ص: 514

وقولنا: "على بعض الوجوه" إنما ذكرناه. ليدخل فيه "الواجب الموسع" و "المخير" و "الفرض على الكفاية". لأنه وإن كان لا يذم تارك الصلاة في أول الوقت مع اتصافها بالوجوب فيه، لكن لو تركها في جميع الوقت، أو في أوله ولم يعزم على فعله فيما بعده لا يستحق الذم، على رأي من يجعل العزم بدلا عنه.

وكذا القول في "الواجب المخير"، فإنه لو ترك كل الخصال استحق الذم، وإن كان لا يستحق ذلك على ترك بعضها إذا فعل البعض الآخر.

وكذا القول في الفرض الكفاية، فإنه لو تركه البعض، وقام به البعض لا يذم تاركه، أما لو تركه الجميع حرجوا جميعا.

لا يقال: الحد غير مانع فإن السنة تدخل فيه، لأن تارك السنة قد يذم ألا ترى أنه لو اتفق أهل بلدة على ترك الأذان- مثلا- لقوتلوا.

ص: 515