الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة
في أن المباح هل هو مأمور به أم ل
ا
فمن قال: أن الأمر حقيقة في رفع الحرج عن الفعل، أو في الإباحة، فلا شك أن المباح مأمور به عنده.
وأما من قال: أنه حقيقة في الوجوب، أو في الندب، أو في القدر المشترك بينهما، أو هو أمر مشترك بينهما، فالمباح عندهم ليس بمأمور به.
المسألة السادسة
(97/ب)
أنكر الكعبي وأتباعه المباح: وخالف فيه عصا المسلمين، إذ الأمة
مجمعة على أن أحكام الشرع منقسمة إلى الأحكام الخمسة المذكورة في التقسيم السابق، وكيف لا؟. والمباح أكثرها وأظهرها، إذ حكموا بالإباحة بالاستصحاب دون الأحكام الأربعة الباقية، فكل ما هو طريق إلى إثبات الأحكام الأربعة طريق إليه من غير عكس.
وقبل الخوض في تحرير دلالة الخصم، لابد من تلخيص محل النزاع ليقع الكلام على مجرى واحد.
واعلم أن إنكاره المباح يحتمل وجهين:-
أحدهما: وهو الذي أشعر به ظاهر ما نقل عنه، وهو أنه ليس فعل من أفعال المكلفين بمباح أصلا، سواء كان ذلك باعتبار الفعل أو غيره.
وهذا ظاهر الفساد غني عن الإفساد.
وثانيهما: وهو الذي أشعر به دليله، وهو أن كل فعل يوصف بأنه مباح باعتبار ذاته، فإنه واجب باعتبار أنه يترك به الحرام.
واستدل عليه بأنه ترك الحرام واجب، ولا يمكن تركه إلا بالتلبس بضد من أضداده، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالتلبس بضد من أضداده واجب، غير أن ذلك الضد غير متعين للوجوب قبل التلبس به، لكنه يصير متعينا لذلك بعد التلبس به، كما في الواجب المخير، ثم إذا فارق المكلف ذلك الضد، وتلبس بضد آخر، تعين ذلك للوجوب أيضا، لأن الانتهاء عن المحرم واجب دائما، فالتلبس بضد من أضداده واجب دائما، فبأي ضد تلبس به تعين ذلك الوجوب.
ولا يخفى عليك أن هذا الدليل يقتضي أن يكون الواجب واجبا باعتبارين:
أحدهما: باعتبار الذات.
وثانيهما: باعتبار الحرام.
وأن يكون كل واحد من المندوب والمكروه واجبا، بل يقتضي أن يكون
الحرام واجبا أيضا، إذ يترك به حراما آخر، وقد يلتزمه الرجل، ويعتذر عنه بأنه لا يعد في الحكم على الشيء الواحد بحكمين مختلفين باعتبارين، كما في الصلاة في الدار المغصوبة، وعند هذا ظهر أنه لا معنى لإنكاره المباح، بل الفعل باق على الإباحة، نظرا إلى ذاته، وإنما يصير واجبا باعتبار أمر عارض، هذا بالنسبة إلى مباح واحد، إذا فرض تلبس المكلف به دون ما عداه من المباحات فإنها باقية على الإباحة، هذا إذا فرض تلبس المكلف به، أما إذا تلبس بالواجب أو بالمندوب فعند هذا تبقى جميع المباحات على الإباحة ولم يصر شيء منه واجبا / (98/أ) نظرا إلى الأمر العارض أيضا.
"الفصل الرابع"
في المندوب وما يتعلق به من المسائل