الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة
[في اشتمال العربية والقرآن على كلمة غير عربية]
هل في اللغة العربية، وكلام الله تعالى كلمة غير عربية، سواء كانت معربة أم لا؟
فنقول: أما أن اللغة العربية مشتملة عليها فلا نعرف في ذلك خلافا، وإنما الخلاف في أن القرآن، هل هو مشتمل عليها أم لا؟
فأثبته ابن عباس، وعكرمة، ومن تابعهما. ونفاه الباقون.
قيل. الشافعي منهم، ثم اعلم أن الخلاف يجب أن يكون في غير الأعلام كأسماء الأجناس مثل "اللجام" و "المشكاة"، أما في الأعلام مثل "إبراهيم" و "إسماعيل" فلا يتجه الخلاف فيه، وكيف يتجه وقد اتفق النحويون على أن إبراهيم وإسماعيل وأمثالها غير منصرف لعلة العلمية والعجمة، ولو كان من قبيل توافق اللغتين لكان منصرفا، نظرا إلى الوضع العربي.
احتج المثبتون: بان القرآن مشتمل على "السجيل" و "الإستبرق" وعلى "المشكاة"، وعلى "القسطاس" والأوليان فارسيان، والمشكاة حبشية.
وقيل: هندية، والقسطاس رومي. ولأنه لو لم يجز أن يكون القرآن مشتملا على غير العربي، فإنما لا يجوز لأنه غير مفهم لهم، وهو غير منكر من القول، فإن الحروف في أوائل السور غير مفهمة، وكذلك "الزقوم"
و "الأب"، ولذلك قال بعض فصحاء العرب حين سمع قوله تعالى:{لآكلون من شجر من زقوم} ما نعرف الزقوم، إلا الزبد والعسل. وقال عمر رضي الله عنه: لما تلا قوله تعالى: {وفاكهة وأبا} أما الفاكهة فمعلومة، فما / (50/ب)؟.
وكذلك المتشابهات، فإنها لا تفهم إذ الأصح الوقف على قوله تعالى:{وما يعلم تأويله إلا الله} .
وأيضاً: إن الله تعالى أنزل القرآن على لسان العرب والمعرب من جملة كلامهم، ولذلك اعتورت عليه أحكام كلامهم من دخول الألف واللام والتنوين والجمع والتثنية وغير ذلك من الأحكام، فجاز أن يكون فيه المعرب كغيره.
أجاب المنكرون:
عن الأول: بأنا لا نسلم أن تلك الكلمات ليست بعربية، ووجودها في غير اللغة العربية لا يدل على أنها ليست بعربية، فإن توافق اللغتين غير ممتنع كما في التنور، والصابون، وغيرهما من الألفاظ.
وعن الثاني: بمنع أن يكون في القرآن غير المفهم، أما أوائل السور فقد مر الجواب عنها.
وأما "الزقوم" و "الأب" فلا يلزم من كونهما غير معلومين لواحد، أو اثنين أن لا يكونا عربيين، ولا نسلم أن المتشابهات غير معلومة، ولا نسلم أن الأصح الوقف على قوله تعالى:{وما يعلم تأويله إلا الله} بل على (الراسخين) غاية ما يلزم على هذا التقدير التخصيصي،
وهو أهون من التكلم بما لا يفهم.
واحتج المنكرون: بقوله تعالى: {بلسان عربي مبين} ، وقوله:{قرآنا عربيا} وهو اسم لجملة الكتاب على ما تقدم بيانه. وقوله: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} ، وقوله:{أأعجمي وعربي} استفهام عن كونه متنوعا بمعنى الإنكار، وهو إنما يستقيم إذ لم يكن في نفسه متنوعا، ولو كان فيه شيء من غير العربية لكان متنوعا، وحينئذ لم يكن الإنكار مستقيما.
أجاب: المثبتون عن الآيتين الأولتين بما سبق في الحقيقة الشرعية.
وعن الثالث: لا نسلم أنه استفهام إنكار عن التنويع بل معناه إن شاء الله تعالى- الكلام أعجمي ومخاطب عربي، فهو إنكار هذا المعنى لا عن التنويع.
سلمنا ذلك: لكنه إنكار مطلق التنويع أو تنويع مخصوص، وهو الذي لا يفهم منه شيء. والأول ممنوع. والثاني مسلم، ونحن لا نقول به، ولا يلزم منه نفي مطلق التنويع، إذ لا يلزم من نفي الخاص نفي العام.