الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا حاجة إلى ذكر احتمال الاقتضاء] على الانفراد.
فهذا ما حضرني أن أقول في وجه المغايرة، والجواب عن السؤال الذكور والله الموفق لأسد منه.
ثم اعلم: أن التعارض بين هذه الاحتمالات الخمسة، يقع من عشرة أوجه، وهذا لأن التعارض لا يحصل إلا بين الشيئين، إذ الشيء لا يعارض نفسه، وكل واحد من هذه الاحتمالات الخمسة إنما تعارض الأربعة الأخر منها، فتضرب الخمسة في الأربعة بتحصل عشرون وجها من التعارض، لكن العشرة مكررة فيجب حذفها عن درجة الاعتبار، فتبقى عشرة.
ونقرره بعبارة أخرى، وهي أنه قد يقع التعارض بين الاشتراك وبين الأربعة الباقية/ (70/ب) وبين النقل والثلاثة الباقية فتكون سبعة وبين الإضمار والوجهين الباقيين فتكون تسعة، وبين المجاز والتخصيص فيكون المجموع عشرة.
المسألة الأولى
[في التعارض بين الاشتراك والنقل]
إذا وقع التعارض بين الاشتراك وبين النقل، فالنقل أولى.
لأنه لا يخل بالفهم، إذ الحقيقة مفردة أبدا، أما قبل النقل فبالنسبة إلى المنقول إليه، بخلاف الاشتراك، فإنه يخل بالفهم لتردده بين مفهوماته، إذ
لا يجوز حمله "على" جميعها، إذ الكلام على هذا التقدير فكان الأول أولى، ولأن المنقول حديث العهد بالوضع، والمشترك قديم العهد بالوضع، وما تقادم عهده كان تطرق الغفلة والنسيان إليه أكثر مما ليس كذلك، فكان اختلال الفهم في المشترك أكتر، فيكون الأول أولى، ولأن المشترك من حيث أنه مألوف ومعهود مسؤوم عنه ولذلك، قيل:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
…
ثمانين حولا لا أبالك يسأم
والسآمة من موجبات الإعراض والهجران، فكان تطريق النسيان إليه أكثر، فكان اختلال الفهم منه أكثر.
لا يقال: الاشتراك أولى لوجهين:
أحدهما: أنه إن وحد معه القرينة، عرف المخاطب ما هو المراد به، وإن لم يوجد توقف في العمل به، وعلى التقديرين لا يخطئ في العمل، وأما في النقل فربما لا يعرفه المخاطب، فيحمله على المنقول عنه فيقع في الغلط.
وثانيهما: أن المخاطب قد يظن المنقول مشتركا لاستعماله في المعنيين، فتحصل مفاسد الاشتراك مع مفاسد النقل والجهل به.
لأنا نقول: النقل إذا وجد يجب اشتهاره، وحينئذ يزول ما ذكرتم من المفاسد. فإن قلت: هب أنه كذلك، لكن الاشتهار لا يحصل دفعة واحدة بل يحصل متدرجا، والمفاسد قائمة في حالة تدرجه، بخلاف الاشتراك، فإن المفاسد المذكورة غير حاصلة فيه في حالة من الأحوال فكان أولى.
سلمنا ذلك: لكنه معارض بوجوه أخر:
أحدها: أن المشترك أكثر فائدة من المنقول، لأنه "يمكن استعماله في معنيين آخرين بطريق التجوز لمشابهتهما المدلولية الحقيقتين بخلاف المنقول فإنه" لا يستفاد منه إلا مجاز واحد، إما بالنسبة إلى المنقول عنه، وأما
بالنسبة إلى المنقول إليه فكان المشترك أولى.
وثانيها: أن الاشتراك لا يقتضى النسخ، بخلاف النقل فإنه يقتضيه، وستعرف- إن شاء الله تعالى- أن الاشتراك أولى من النسخ، فوجب أن (71/أ) يكون أولى مما يستلزمه.
وثالثها: الاشتراك لا يتوقف إلا على وضع اللفظ لمعنيين، وأما النقل فيتوقف على الوضع الأول، وعلى نسخه وعلى وضع جديد واستعماله فيه، واتفاق أرباب اللسان عليه، والموقوف على أقل المقدمات يكون أولى من الموقوف على اكثرها.
ورابعها: أن الاشتراك ما أنكره أحد من المحققين، بخلاف النقل فإنه قد أنكره بعضهم.
وخامسها: أن المشترك أكثر وجودا منه، يدل عليه الاستقراء، فكان أولى، لأن كثرة وجوده، يدل على قلة مفسدته، ولأن إلحاق الفرد بالأعم والأغلب أولى من إلحاقه بالأخص الأقل، فكان ألحاقه بالمشترك أولى.
الجواب: لما تعارضت الدلائل كان الترجيح معنا، لأن مفاسد النقل وإن كانت أكثر من مفاسد الاشتراك على ما بينتم، لكنها خارجية غير مخلة بمقاصد الوضع، وهو تعريف ما في الضمير، أو وإن أخلت به، لكنها في زمن يسير