الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إن]
ومنها: "إن". وهي كـ "ما" في نفي الحال، وفي دخولها على الجملتين الاسمية والفعلية، قال الله تعالى:{إن الحكم إلا لله} ، وقال تعالى:{إن يتبعون إلا الظن} .
المسألة الخامسة
[إنما]
كلمة إنما: للحصر. والدليل عليه النقل، والاستعمال، والمعنى.
أما النقل: فقد حكى الشيخ أبو علي الفارسي عن النحاة "أنها للحصر".
وأما الاستعمال فقوله تعالى: {إنما الله إله واحد} .
وقال الفرزدق:
أنا الرائد الحامي الذمار وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي وقال الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى
…
وإنا العزة للكاثر
ولو لم يجعل كلمة "إنما" للحصر، لما حصل مقصود الشاعر في الأول: من المدح التام لنفسه ولأمثاله، لأن مالا اختصاص له لا يمدح به. ولا في الثاني: من نفي العزة عن نفسه.
وأما المعنى فلأن كلمة "أن" للإثبات و "ما" للنفي، والأصل عدم التغيير عند التركيب.
فأما أن يقال: إنهما عند التركيب يقتضيان إثبات غير المذكور ونفي/ (68/أ) المذكور أو عكسه، والأول باطل وفاقا.
وهذا لأن منهم: من يقول: إنها للحصر.
ومنهم: من لم يقل به بل قال: إنه لم يفد سوى إثبات الحكم في المذكور، ولا تعرض له لغير المذكور قول: لم يقل به أحد، وإذا بطل هذا تعين الثاني وهو المطلوب.
ولقائل أن يقول: هذا إنما يستقيم لو كانت "ما" الداخلة على "أن" هي "ما" النافية، وهو ممنوع، بل هي "ما" الكافة، ولم لا يجوز أن تكون مغايرة "لما" النافية؟. ثم الذي يدل على أنها مغايرة لها تقسيمهم إياها إلى الكافة، والنافية، وغيرهما من أنواعها، فلو كانت الكافة هي النافية، لزم أن يكون الشيء قسيما لنفسه، وهو محال.
فإن قلت: لو كانت مفيدة للحصر مرادفة "لما" و "إلا" إذ هما يفيدانه- أيضا- ولو كان كذلك لوجب قيام كل واحد منهما مقام الآخر لما تقدم، من وجوب قيام كل واحد من المترادفين مقام الآخر، لكنه ليس كذلك، إذ يصح أن يقال: ما أحد إلا ويقول ذاك.
ولو قلت: مكانه "إنما أحد ويقول ذاك لم يصح" ولو صح لم يوجد ذلك المعنى.
وكذلك يصح أن يقال: إنما هذا درهم لا دينار.
ولو قلت: [ما] إلا هذا درهم لا دينار لم يصح.
قلت: لا نسلم لو كانت مفيدة للحصر لكانت مرادفة "لما" و "إلا".
قوله: "لأنهما يفيدان إنه أيضا".
قلنا: مسلم لكن لاشتراك اللفظين في الدلالة على أمر واحد، لا يوجب ترادفها على أن المثال الثاني إنما لا يصح لكون الحرف فيه دخل على الحرف، لا لأنه لا يقوم مقامه ألا ترى أنك لو قلت:"ما هذا إلا درهم لا دينار" صح.
احتج المخالف: بأنه لم يفد الحصر في قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} لأن الإجماع منعقد على أن من لم يكن كذلك يكن مؤمنا أيضا. ولا في قوله تعالى: {إنما كان قول
المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله} الآية. إذ ليس قولهم منحصرا في ذلك، ولا في قوله تعالى:{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} الآية، لأن الله تعالى حرم ماعدا المذكور في الآية "حرم" أشياء أخر، والاشتراك والمجاز خلاف الأصل، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بين صور الاستعمال كلها، وهو ثبوت الحكم في المذكور فقط مع قطع النظر عن دلالته على الحكم عما عداه نفيا وإثباتا.
الجواب عنه: "هو" أنا نمنع أن واحدة منها لا تفيد الحصر، وسنده لا يخفى على الفطن اللبيب.
لكن الاستدلال لا يعارض النقل الصريح.
ولئن سلم ذلك: فالترجيح معنا، لأنا لو جعلناها للحصر أمكن استعماله في ثبوت الحكم في المذكور فقط على وجه التجوز لكونه لازما له، ولو جعلناها حقيقة فيما ذكرتم لم يمكن استعماله في الحصر على وجه التجوز لكونه غير لازم له، ولئن أمكن لكان الأول أولى لما تقدم.