المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة: الشبه التي تمسك بها من أجاز التورق المصرفي ومناقشتها: - التورق المصرفي

[رياض بن راشد آل رشود]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌ خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأوَّلُ تعريفُ التَّورُّقِ الفرديِّ لغةً، واصطلاحًا

- ‌المطلب الأول: تعريفُ التَّوَرُّق لُغَةً

- ‌المطلب الثاني: تعريفُ التَّوَرُّقِ اصطلاحًا

- ‌الْمَسْأَلَةُ الأولى: التَّحقيقُ في استعمالِ مصطلحِ التَّوَرُّقِ عند الفقهاء:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثّانيةُ: تَعريفُ التَّوَرُّقِ اصطلاحًا

- ‌المبحث الثّاني تَعْرِيفُ التَّورُّقِ المصْرِفيّ لغةً، واصطلاحًا

- ‌المطلب الأوَّلُ تَعْرِيفُ (المصْرف) في اللغةِ والاصْطِلاحِ

- ‌المطلب الثّاني تَعْريفُ التَّوَرُّقِ المصْرفيّ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الأُولى: اختِلافُ مسَمّياتِ (التَّوَرُّقِ المصرفيّ)

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَعْريفُ التَّوَرُّقِ المصْرفيّ اصْطلاحًا:

- ‌ التَّعْريفُ الأوَّلُ: تَعريفُ د: سامي السُّوَيلم

- ‌ التَّعْريفُ الثّاني: تَعْريفُ د. عبدِ اللهِ السّعيديّ

- ‌المبحث الثالث حاجةُ الحياة الاقتصادية للسُّيولة النقدية

- ‌الفصل الأول التَّوَرُّقُ الفرديُّ (الفقهى)

- ‌المبحث الأوَّل مبدأ الحِيَل في الشَّريعةِ الإسلامية

- ‌المطلب الأول معنى الحيلة لغةً، واصطلاحًا

- ‌المطلب الثاني تحريرُ محلِّ النزاع

- ‌المطلب الثالث موقفُ العلماء من الحِيَل

- ‌أولًا: موقفُ الحنفية من الحِيَل:

- ‌ثانيًا: موقف المالكية من الحِيَل:

- ‌ثالثًا: موقف الشافعية من الحِيَل:

- ‌رابعًا: موقف الحنابلة من الحِيَل:

- ‌المطلب الرابع الأدلة والترجيح

- ‌الْمَسْأَلَةُ الأولى: الأدلَّة:

- ‌ أدلَّة القائلين بجواز الحِيَل:

- ‌ أدلةُ القائلين بمنع الحِيَل:

- ‌المسألة الثانية: الترجيح:

- ‌المبحث الثاني علاقة التَّوَرُّق بالعِينَة

- ‌المطلب الأول حكم العِيْنَة

- ‌المَسْأَلَةُ الأولى: تعريف العِينَة لغةً، واصطلاحًا

- ‌بعضُ صُور العِيْنَة

- ‌المَسْأَلَة الثانية: تحرير محل النزاع:

- ‌المسألة الثالثة: موقفُ العلماء من بيع العِينَة:

- ‌أولًا: موقف الحنفية من بيع العِيْنَة:

- ‌ثانيًا: موقف المالكية من بيع العِيْنَة:

- ‌ثالثًا: موقفُ الشَّافعية من بيع العِيْنَة:

- ‌رابعًا: موقفُ الحنابلة من بيع العِيْنَة:

- ‌خامسًا: موقفُ الظَّاهرية من بيع العِيْنَة:

- ‌المسألة الرابعة: الأدلة، والترجيح:

- ‌المطلب الثاني دخولُ التَّوَرُّق في العِيْنَة

- ‌المسألة الأولى: شمولُ العِينَة لمعنى التَّوَرُّق:

- ‌المسألة الثانية: أوجه التشابه بين التَّوَرُّق والعِينَة:

- ‌المسألة الثالثة: الفرقُ بين التَّوَرُّق والعِيْنَة:

- ‌المبحث الثالث صُوَرُ التَّوَرُّق الفردي

- ‌ الصُّورة الأولى:

- ‌ الصُّورة الثانية:

- ‌ الصُّورة الثالثة:

- ‌ الصُّورة الرابعة:

- ‌ الصُّورة الخامسة:

- ‌المبحث الرابع حكم التَّورُّق الفردي

- ‌المطلب الأول تحرير محل النزاع

- ‌المطلب الثاني موقفُ الفقهاء المتقدمين من بيع التَّورُّق

- ‌أولًا: موقف الحنفية من بيع التَّورُّق:

- ‌ثانيًا: موقف المالكلية من بيع التَّورُّق:

- ‌ثالثًا: موقف الشافعية من بيع التَّورُّق:

- ‌رابعًا: موقف الحنابلة من بيع التَّورُّق:

- ‌المطلب الثالث موقف العلماء المتأخرين والمعاصرين من بيع التَّورُّق

- ‌المطلب الرابع الأدلة، والترجيح

- ‌المسألة الأولى: الأدلة:

- ‌المسألة الثانية: الترجيح:

- ‌المبحث الخامس شروط التَّورُّق الفردي

- ‌الفصل الثانى تصوير التَّورُّق المصرفى

- ‌المبحث الأول صورة التَّورُّق المصرفي، والأطراف المشتركة فيه

- ‌المطلب الأول صورة التَّورُّق المصرفي

- ‌المسألة الأولى: الصورة العامة لعملية التَّورُّق

- ‌المسألة الثانية: ميزة التَّورُّق المصرفي:

- ‌المسألة الثالثة: ماهية السِّلع المستخدمة في عمليات التَّورُّق المصرفية:

- ‌المطلب الثاني الأطراف المشتركة في التَّورُّق المصرفي

- ‌المسألة الأولى: الأطراف المشتركة التي تقتضيها عمليات التَّورُّق المصرفية:

- ‌المبحث الثاني الفروق بين التَّورُّق المصرفي والتَّورُّق الفردي

- ‌المبحث الثالث الفروق بين التَّورُّق المصرفي والرِّبا

- ‌المبحث الرابع الآليات العملية للتَّورُّق المصرفي، ومدى انضباطها

- ‌المبحث الخامس التَّورُّق المصرفي وعلاقته بصيغ التَّمويل الأخرى

- ‌الفصل الثالث تطبيقات على التَّورُّق واستخدامه في العمل المصرفي

- ‌المبحث الأول التَّورُّق المصرفي في مرابحات السِّلع الدولية مع المؤسَّسات المالية

- ‌المطلب الأول تصوير المعاملة وبيان إجراءاتها

- ‌المطلب الثاني التكييف الفقهي لهذه المعاملة

- ‌المبحث الثاني التَّورُّق لتمكين العملاء من سداد مديونياتهم لدى المصارف التقليدية، والانتقال إلى التَّعامُل مع المصارف الإسلامية

- ‌المطلب الأول تصوير المعاملة وبيان إجراءاتها

- ‌المطلب الثاني التكييف الفقهي لهذه المعاملة

- ‌التكييف الفقهي للصورة الأولى:

- ‌التكييف الفقهي للصورة الثانية:

- ‌المبحث الثالث استخدام التَّورُّق المصرفي في التَّمويل الشخصي

- ‌المطلب الأول التَّورُّق عن طريق البطاقات الائتمانية

- ‌المسألة الأولى: تصوير عملية التَّورُّق في بطاقة تيسير الأهلي:

- ‌المسألة الثانية: تصوير عملية التَّورُّق في بطاقة الخير للبنك الأمريكي:

- ‌المسألة الثالثة: أوجه الشَّبه والاختلاف بين بطاقتي التيسير والخير:

- ‌المسألة الرابعة: التكييف الفقهي للتَّورُّق في بطاقتي التيسير والخير:

- ‌المطلب الثاني التَّورُّق باستخدام الأسهم

- ‌المسألة الأولى: تصوير التَّورُّق بالأسهم:

- ‌الفرع الأول: تصوير عملية التَّورُّق باستخدام الأسهم:

- ‌الفرع الثاني: تصوير التَّمويل باستخدام الأسهم:

- ‌المسألة الثانية: التكييف الفقهي للتورق بالأسهم

- ‌الفرع الأول: التكييف الفقهي للتورق باستخدام الأسهم:

- ‌الفرع الثاني: التكييف الفقهي للتمويل باستخدام الأسهم (برنامج وطني):

- ‌المبحث الرابع حكم برامج التَّورُّق المصرفي في البنوك المعاصرة

- ‌المطلب الأول موقف الفقهاء من التَّورُّق المصرفي

- ‌أولًا: موقف الحنفية من التَّورُّق المصرفي:

- ‌ثانيًا: موقف المالكية من التَّورُّق المصرفي:

- ‌ثالثًا: موقف الشافعية من التَّورُّق المصرفي:

- ‌رابعًا: موقف الحنابلة من التَّورُّق المصرفي:

- ‌خامسًا: موقف الظاهرية من التَّورُّق المصرفي:

- ‌المطلب الثاني موقف العلماء المعاصرين والمختصين الاقتصاديين من التَّورُّق المصرفي

- ‌أولًا: آراء المانعين من التَّورُّق المصرفي:

- ‌ثانيًا: آراء المجيزين للتَّورُّق المصرفي:

- ‌المطلب الثالث الأدلة والإشكالات والمناقشات

- ‌المسألة الأولى: الأمور الدالة على تحريم التَّورُّق المصرفي:

- ‌المسألة الثانية: الإشكالات المتعلقة بإجراءات عملية التَّورُّق المصرفي:

- ‌المسألة الثالثة: الشبه التي تمسَّك بها من أجاز التَّورُّق المصرفي ومناقشتها:

- ‌المطلب الرابع قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بشأن موضوع التَّورُّق المصرفي

- ‌المبحث الخامس التَّورُّق المصرفي ومستقبل البنوك الإسلامية

- ‌المطلب الأول مفهوم البنك الإسلامي وخصائصه

- ‌المطلب الثاني أثر عمليات التَّورُّق المصرفي على مستقبل البنوك الإسلامية

- ‌المطلب الثالث البديل للتمويل النَّقديّ

- ‌الخاتمة

- ‌أولًا: أهم نتائج البحث:

- ‌ثانيًا: أهم التوصيات:

- ‌الفهارس العلمية

- ‌ترجمة الأعلام الواردة أسماؤهم في البحث مرتبة حسب حروف المعجم

- ‌فهرس‌‌ المراجع والمصادر مرتبة حسب حروف المعجم

- ‌ ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ح

- ‌ث

- ‌ج

- ‌رُّ

- ‌س

- ‌دِّ

- ‌(ذ)

- ‌ ش

- ‌ ع

- ‌ ص

- ‌ف

- ‌ط

- ‌ل

- ‌ م

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ه

- ‌ن

الفصل: ‌المسألة الثالثة: الشبه التي تمسك بها من أجاز التورق المصرفي ومناقشتها:

بتحريم هذه العملية، فقد أوضح بعضُ الباحثين أن هناك إشكالًا متعلقًا بما في العقد بين البنك والعميل من تعسف، ومن ذلك:

أ- اشتراط البنك على العميل إسقاط خيار الردّ بالعيب، كما جاء في بعض المنشورات التعريفية:"ليس للبنك علاقةٌ بعد توقيع هذا العقد بالسِّلعة"(1).

والحقيقة أن العميل لا يشاهد السِّلعة أصلًا، فكيف سيكون له الخيار؟! بمعنى: أن خيار الرد بالعيب إنما يستفيدُ منه الشخص الذي يرى السِّلعة، ويكتشف العيب، والعميل في عملية التَّورُّق المصرفي لا يرى السِّلعة أصلًا، بل قد لا يعرف ماهيتها، فكيف سيكون له خيار الرد بالعيب وهو لم يرَ السِّلعة أصلًا؟! فلا أسلم للباحث ثبوت خيار الرد بالعيب للعميل، ولكن قد يقال: كون البنك يخلي مسؤوليته بالكامل بعد توقيع العقد فيه نوع من التعسف، لإسقاط حقّ العميل في خيار المجلس.

ب- ومن التعسف الذي يوجد في العملية "اشتراط تحميل العميل رسومًا إدارية، تتراوح من (700 - 2000) ريال تختلف باختلاف البنك والمعاملة، زعموا أنها مقابل ما يتكبده البنك من أعباء إدارية في سبيل البيع على العميل"(2).

‌المسألة الثالثة: الشبه التي تمسَّك بها من أجاز التَّورُّق المصرفي ومناقشتها:

الشُّبهة الأولى: أن التَّورُّقَ المصرفي بديلٌ شرعي عن عقد القَرْض الربوي، وبذلك يكون أهونَ من الوقوع في الرِّبا، فالدخولُ في عملية التَّورُّق المصرفي

(1) التَّورُّق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر. عبد الله السعيدي (37).

(2)

المرجع السابق (38).

ص: 214

يؤدي إلى خَفْض القروض الربوية "حيث انحسرت نسبة نشاطها بمقارنها بنسبة استخدام التَّورُّق إلى (30 %) واستحوذ التَّورُّق على (70%) وبزيادة مستمرة"(1).

وبمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي:

إذا كنا سنتحدث بمنطق هذه الشُّبهة، فإن العِيْنَة ستكون أهونَ من الوقوع في الرِّبا، ونكاح المتعة أهون من الوقوع في الزنى، وارتكاب الحِيَل أهونُ من الوقوع في المحرم مباشرة، وكون التَّورُّق المصرفي يؤدي إلى خفض القروض الربوية لا يعني جوازه؛ لأنَّ التَّورُّق المصرفي يأخذ حكم الرِّبا بل يكون أشد، إذ فيه تكلفةٌ ليست في الرِّبا، فإن الرِّبا يُعَدُّ من أسهل وأيسر الطرق لتحصيل النَّقْد، والمعنى الذي لأجله حرم الرِّبا موجودٌ في التَّورُّق المصرفي مع زيادة الكلفة، والمشقة، والتلاعب، والتحايل في التَّورُّق، وخفض القروض الربوية مطلب شرعي يجب على كل المسؤولين العمل، لتحقيق ذلك في ظل القواعد والضَّوابط الشرعية، أما أن نسعى لخفضها بحيلٍ محرَّمة كالتَّورُّق المصرفي فغير مشروع، ثمَّ إن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا كان بالضَّوابط الشرعية، فإنه يؤدي إلى خفض القروض الربوية، فلماذا نلجأ إلى عملية كاد العلماء يجمعون على تحريمها، ونترك ما هو مشروع؟!

الشُّبهة الثانية: أن الرِّبا لا يتحقّقُ إلا باجتماع شخصين دافع للربا، وآخذ له، فإذا اعتبرنا أن المُتَوَرِّق هو دافع الرِّبا، فمن هو الآخذُ في التَّورُّق المصرفي؟

ويمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي:

أن آخذ الرِّبا في عملية التَّورُّق المصرفي هو آليةُ المصرف التي تروّج للتورق المصرفي، وتجعل منه صيغة تمويلية (2).

(1) حكم التَّورُّق كما تجريه المصارف الإسلامية في الوقت الحاضر. عبد الله المنيع (22).

(2)

انظر: البنوك الإسلامية: غايتها واقعها والصعوبات التي تواجهها. أحمد علي عبد الله (29).

ص: 215

الشُّبهة الثالثة: أن التَّورُّق المصرفي يجوزُ بناءً على رأي الشافعي في العِيْنَة والحِيَل، فالشافعي يرى جواز العِيْنَة والحِيَل، فيكون التَّورُّق المصرفي جائزًا.

ويمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي: أن الشافعيَّ أجاز العِيْنَة بضوابط لا توجد في التَّورُّق المصرفي، فالتَّورُّق المصرفي لا يدخلُ في العِيْنَة التي أجازها الشافعي، وقد سبق بَسْطُ هذا الأمر في موقف الشافعية من التَّورُّق المصرفي.

الشُّبهة الرابعة: أن التَّورُّق المصرفي صيغة استثمارية يستفيدُ منها الأشخاص، والمؤسَّسات المالية.

ويمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي: القول بأن التَّورُّق المصرفي صيغة استثمارية يخالف الواقع؛ "لأنَّ القصدَ منه هو الحصول على سيولة، والعمليةُ في ذاتها ليست استثمارًا، والقَولُ بأن المُتَوَرِّق سوف يستخدم النقود في مشروع استثماري بعيد عن الواقع، ولا يستقيم مع المنهج العلمي، فسلسلة العُقُود والاتفاقيات بين المؤسَسات التي تقومُ بهذه العمليات ليست عقودَ استثمار بصيغة شرعية، ولكنها موجهة جميعًا لغرض واحد، هو توفير النقود للمتورق (1).

الشُّبهة الخامسة: أن التَّورُّق المصرفي لا يدخل في العِيْنَة المحرمة؛ لأنَّ العلاقة في بيع العِيْنَة هي علاقة ثنائية، بمعنى: أن العِيْنَة تكونُ بين طرفين فقط، وأما الأطرافُ المشتركة في عملية التَّورُّق المصرفي قد تصل إلى أربعة أطراف كما سبق ذكره، فلا تدخل هذه العمليةُ في بيع العِيْنَة المحرم.

ويمكن الجوابُ عن هذه الشُّبهة بالآتي: لا نسلّم بأن العِيْنَة تكون بين طرفين فقط، فقد ذكرت في صور العِيْنَة أنها قد تكونُ بين ثلاثة أطراف، وهي التي تُسَمَّى بـ (العِيْنَة الثلاثية) لأنها حصلت بين ثلاثة أطراف، وجيء بالثالث

(1) تعليق على بحوث التَّورُّق. حسين حامد حسان (10).

ص: 216

حيلة على العِيْنَة التي هي حيلة على الرِّبا، يقول ابن عابدين:"أن يُدخلا بينهما ثالثًا فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهمًا، ويسلمه إليه، ثمَّ يبيع المستقرض من الثالث بعشرة، ويسلمه إليه، ثمَّ يبيعه الثالث من صاحبه، وهو المقرض بعشرة، ويسلمه إليه، ويأخذ منه العشرة، ويدفعها للمستقرض، فيحصل للمستقرض عشرة، ولصاحب الثوب عليه اثنا عشرة درهمًا"(1).

وكون التَّورُّق المصرفي يحصلُ بين أكثر من طرفين، فإن تلك الأطراف الزائدة على اثنين إنما جيء بهم كحيلةٍ حتى تكون صورة العملية صحيحة شرعًا، بدليل أن السِّلعة في العملية لا تبرحُ مكانها، بل تكون في المخازن، وتجري

عليها العشرات من العمليات، تمامًا كالسِّلعة في بيع العِيْنَة لا تبرح، مكانها ويجري عليها العديد من العُقُود.

وبذلك نعرفُ أن وجودَ الطرف الثالث في بيع العِيْنَة لا يُخْرِجُ المعاملة عن كونها عينة محرمة، فكذلك الأمرُ بالنسبة إلى التَّورُّق المصرفي، فتعدد الأطراف إلى أكثر من اثنين لا يُخْرِجُ العمليةَ عن كونها عينة محرمة، ولذلك يمكنُ أن

نقول: إن التَّورُّق المصرفي عينة ثلاثية محرمة.

الشُّبهة السادسة: أن عملية التَّورُّق المصرفي مستوفية الشروط والأركان، وقد وجد فيها القبض، "فإن التطبيقات المصرفية للتورق تأخذ بالرأي القائل بالقبض الحكمي، أي: انتقال الضمان بمجرد العقد إذا تعينت السِّلعة محل

البيع" (2).

ويمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي: لا نسلّم بأن عملية التَّورُّق المصرفي مستوفية الشروط والأركان، بدليل وجود الإشكالات السابق ذكرها في

(1) حاشية ابن عابدين (5/ 373).

(2)

التَّورُّق كما تجريه المصارف. محمَّد العلي القريّ (21).

ص: 217