الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
التَّعْريفُ الأوَّلُ: تَعريفُ د: سامي السُّوَيلم
، حَيثُ عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ "قيامُ المصْرفِ، أوِ المؤَسَّسَةِ الماليَّةِ بِتَرْتيبِ عَمَلِيَّة التَّوَرُّقِ للعَميلِ، بِحيثُ يَبيعُ المصْرفُ سِلْعَةً -وَهي غالِبًا مَعْدِنٌ منَ المعادِنِ المتوفِّرةِ في الأسْواقِ الدُّوَليَّةِ- على العَميلِ بِثَمن آجل، ثمَّ يُوَكِّلُ العَميلُ المصرفَ بِبَيعِ السلعةِ نَقدًا لِطَرَفٍ آخَرَ، ويُسَلِّمُ المصْرفُ الثَّمَنَ النَّقْدِيَّ لِلعميلِ"، وقال أيْضًا:"المقْصودُ بِالتَّوَرُّقِ المنَظَّمِ هو قِيامُ البائِعِ (المصرف) بِتَرْتِيبِ عَمَلِيَةِ التَّوَرُّقِ لِلمُشْتري، بحيثُ يَبيعُ سِلعةً على الْمُتَوَرِّقِ بِثَمَن آجل، ثمَّ يَنوبُ البائعُ عنِ المشتري بِبيعِ السِّلعةِ نَقْدًا لِطَرَفٍ آخَرَ، ويُسَلِّمُ الثَّمنَ النَّقْديَّ لِلمُتَورِّقِ"(1).
•
التَّعْريفُ الثّاني: تَعْريفُ د. عبدِ اللهِ السّعيديّ
، حيثُ عَرَّفَهُ بأنه "تَحْصيلُ النَّقْدِ بِشراءِ سِلْعَةٍ من البنكِ، وتَوكيله في بَيعِها، وقَيْد ثمنِها في حِساب المشتري"(2).
وَقَدْ بَنَى تَعْرِيفَهُ هذا على أنَّ التَوَرُّقَ المصْرفيَّ يُشابِهُ التَوَرُّقَ المعْلومَ عندَ الفُقهاءِ، ويَفْترقُ عنهُ مِن جِهَةِ ما هو عَلَيهِ مِن تَنْظيمٍ صارَ وَصْفًا لازِمًا له، ومؤثِّرًا فيهِ، يَقولُ الدّكتور:"ولِذا سَيأخُذُ -أي: تَعريفُه السابِقُ- مِن تَعريفِ التَّوَرُّقِ بطَرفٍ بقدرِ ما يتَّفِقانِ فيهِ، وسَيَفْتَرِقُ عَنْهُ بِقَدرِ ما يَفْتَرقانِ فيهِ"(3).
• المقارنةُ بين التَّعريفين:
بعد النَّظَر والتَّأمل في التعريفين أرى أنَّ التعريفَ الأول يعطي تصوُّرًا عن المعاملة أفضل وأشمل من التصور الذي يعطيه التعريفُ الثَّاني، وذلك لسببين:
(1) التكافؤ الاقتصادي بين الربا والتَّوَرُّق، سامي السويلم (18).
(2)
التَوَرُّق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر، عبد الله السعيدي (13).
(3)
المرجع السابق (13).
- السبب الأول: أنَّ التعريفَ الثَّاني لم يذكرْ قيدَ الأجل، بمعنى أن العميلَ حينما يشتري السِّلعة من البنك فإنَّه يشتريها بثمني آجل، والدكتور عبد الله السَّعيدي اقتصر في تعريفه بقوله:"تحصيل النقد بشراء سِلْعة من البنك. . ." ولم ينصَّ على كون الشراءِ يكونُ بالأجل، ولا يخفى أن العنصرَ الأساسيَّ والأهمَّ في عَمَلِيَّةِ التَّوَرُّقِ -سواء كانت مصرفية أم فردية- هو الأجل، وإلا لم تنشأ هذه المعاملةُ أصلًا، بينما نجدُ أن التعريفَ الأوَّلَ قد نصَّ على أن العميلَ يشتري السِّلعةَ من المصرف بثمنٍ آجل، وبهذا القيدِ يتَضحُ المحورُ الأساسيُّ، الذي تقومُ عليها هذه المعاملة.
- السبب الثاني: أنَّ التعريفَ الأوَّلَ قد أثبتَ الطَّرفَ الثالثَ في عَمَلِيَّة التَّوَرُّقِ المصرفي، بمعنى: أنَّ العميلَ بعد شرائه السَّلعة من المصرف بثمن آجل يقوم بتوكيل المصرف ببيعها لطرف آخر، أي: لطرفٍ ثالث، وهذا الطَرفُ تفتقرُ إليه عَمَلِيَةُ التَّوَرُّقِ، فرديةً كانت أم مصرفية، وإلا كانتِ المعاملةُ عينةً محرَّمة، فالدكتور سامي السويلم قد أثبتَ في تعريفه الطَّرَفَ الثَّالثَ، بقوله:". . ثم يُوكِّل العميلُ المصرفَ ببيع السِّلعة نقدًا لطرفٍ آخر. . ." بينما نجدُ تعريف الدكتور
عبد الله السعيدي لم يتطرَّقْ للطرف الثالث، وإنما اكتفى بقوله:"تحصيلُ النَّقد بشراءِ سلعةٍ من البنك، وتوكيله في بيعها" وهذا غير مانع لدخول العينة المحرمة؛ لأنَّ البنكَ لما كان وكيلًا في بيع السِّلعة، فقد يتبادرُ إلى أذهانِ البعضِ
أنه يجوزُ للبنك بيعُها لنفسه، وهذا لا يجوزُ؛ لأنَ البنك إذا باعها لنفسه فإنَّ المعاملة تؤولُ إلى العِيْنَة المحرَّمة.
مِمَّا سبق يتَّضحُ أن التعريف الأول يعطي تصورًا عن المعاملة أكثر من التعريف الثاني لما ذُكِرَ سابقًا، إضافةً إلى أن التعريفَ الأوَّلَ قد ألمح إلى ماهية السِّلع المتداولةِ عند إِجْراء عمليات التَّوَرُّقِ، ولم يذكر ذلك في التَّعريف الثَّاني.
وأما المنشوراتُ التعريفيةُ التي تصدرها البنوكُ كإعلانات لبرامجِ التَّوَرُّقِ المطروحةِ لديهم، فهي خاليةٌ من التعريفات، وليس فيها إلا بيانُ صورةِ البرنامج وتوصيفه، وبالمثال يتَّضحُ المقال:
البنكُ السعوديُّ الهولنديُّ طَرَحَ برنامجًا للتَّورُّق، وسماه (تورُّق اليسر) وقد وضع البنكُ منشوراتٍ تعريفيةً توضِّحُ الآليةَ التي يسيرُ عليها البرنامجُ، وبيان الصُّورة والوصف فقط، دون التَّطرُّق إلى التعريف، فقد جاء في منشوراتهم التَّعريفية "تورُّق اليسر هو برنامجُ تمويلٍ مبنيٌّ على صفة التَّوَرُّقِ المباحة. . . وبهذا البرنامجُ يمكنُ للعميل شراءُ كميةٍ محدَّدةٍ من أي سِلْعة مقبولةٍ شرعًا، مملوكة عند البيع للبنك السُّعودي الهولندي على أساس المرابحة، ثم بَعْدَ أن يتملَّكها العميلُ
يمكنُ له بيعها إلى طرفٍ ثالثٍ للحصول على ثمنها النَّقْدي" (1) وبيانهم هذا هو بمثابةِ الوَصْف والتصويرِ وليس تعريفًا، وهكذا كلُّ البنوك التي تنشرُ المنشوراتِ التعريفيةَ لإيضاح برامج التَّوَرُّقِ.
(1) انظر المنشورة التعريفية التي تحمل عنوان (تورق اليسر) والتي تصدرها جميع فروع البنك السعودي الهولندي.