الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث موقفُ العلماء من الحِيَل
أولًا: موقفُ الحنفية من الحِيَل:
اشتهر عن الحنفية أنَّهم يقولُون بجوازِ الحِيَل التي هي مَحَلُّ النِّزاع، يقول السرخسي:"إن الحِيَل في الأحكامِ المخرجةِ عن الآثام جائزةٌ عند جمهور العلماء رحمهم الله"(1).
ويقولُ الخَصَّافُ نقلًا عن محمد بن الحسن: "وإنَّما الحِيَل شيءٌّ يتخلَّص به الرجلُ من المآثم والحرام، يخرجُ به إلى الحلال، فما كان من هذا أو نحوه فلا بأس"(2).
والحقيقةُ أنَّ ما قاله الحنفيةُ من جَواز هذه الحِيَل، إنَّما يقصدون الحِيَل الجائزةَ والخارجةَ عن محلِّ النِّزاع، وإلا كيف يتصوَّر أن أئمةَ الحنفية يقولُونَ بجوازِ ذلك، ولعلَّ نسبة القول بتجويز هذه الحِيَل إلى الحنفية جاء بناءً على الأسباب التالية (3):
1 -
أنَّ بعضَ النَّاسِ قد ادَّعى أن لأبي حنيفة كتابًا في الحِيَل كان يفتي فيه للناس بالتَّحلل من الأحكام الشرعية، والقيود الفقهية، ولكن هذا الكتابَ لم يُعْثَرْ عليه حتى يدرس ويعرف ما فيه من تلك الحِيَل، أهي خروجٌ على الدِّين، أم هي توسعةٌ من ضيق بعضِ القيود المذهبية، وتخريج الأحكام في الدَّائرة الشَّرعية، بحيث يكونُ الدينُ يُسْرًا لا عُسْرَ فيه. يقول ابن القيم: "والمقصودُ أن
(1) المبسوط للسرخسي (30/ 209).
(2)
كتاب الخصاف في الحِيَل (4).
(3)
انظر: إلى هذه الأسباب بالتفصيل في كتاب (أبو حنيفة. حياته وعصره. آراؤه وفقهه) لمحمد أبي زهرة. (364، 379).