الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيادة الكلفة بشراء السِّلعة، وبيعها، والخسارة فيها، والشَّريعة لا تحرم الضَّرر الأدنى وتبيح ما هو أعلى منه (1).
* * *
المطلب الثالث موقف العلماء المتأخرين والمعاصرين من بيع التَّورُّق
خاض العلماءُ المتأخِّرون والمعاصرون في حكم بيع التَّورُّق، وصدرت فتاوى في هذا الشأن من لجانٍ وأفراد، فقد أفتتِ اللجنةُ الدائمةُ للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية بأنه إذا كان المشتري لا يريد إلا الدَّراهم، فيشتري السِّلعة بمئة مؤجَّلة، ويبيعها في السُّوق بسبعين حالَّة، فهذا كما قال ابن عباس:"دراهم بدراهم، وبينهما حريرة"(2). وكرهه بعضُ أهل العلم، منهم عمر بن عبد العزيز، فينبغي تجنب تعاطيه احتياطًا، وبراءة للذِمَّة، وخروجًا من الخلاف.
وممَّن أفتى في هذه المسألة من أئمة الدعوة الشّيخُ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فقال: "وأما البيعُ إلى أجل ابتداء، فإن كان مقصود المشتري الانتفاع بالسِّلعة، أو التجارة فيها، جاز إذا كان على الوجه المباح، وأما إذا كان مقصوده الدَّراهم، فيشتريها بمئة مؤجَّلة، ويبيعها في السُّوق بسبعين حالَّة، فهذا مذمومٌ منهيٌّ عنه في أظهر قولي العلماء، وهذا يسمى: التَّورُّق"(3).
وقد ورد على اللجنة سؤالٌ عن التَّورُّق: بأن شخصًا يريد الزواج، وليس عنده ما يكفي، فذهب إلى آخر، فقال له الآخر: أبيعك سيارةً بسبعة عشر ألف
(1) إعلام الموقعين (3/ 170).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة. كتاب البيوع: من كره العِيْنَة (4/ 282) رقم (20157).
(3)
مجلة البحوث الإسلامية. العدد السابع ص (50).
ريال دينًا إلى سنة، وقيمتها نقدًا عشرة آلاف، فأجابت اللجنة بأنه "إذا كان الواقع كما ذكر من شراء شخص من آخر سيارة لأجل بثمن أكثر مما تُباع به نقدًا عاجلًا ليبيعها المشتري إلى من شاء سوى من باعها عليه ومَنْ في حكمه، فليس ربا، بل هو عقد بيع صحيح جائز"(1).
وقد قرر المجمعُ الفقهيُّ الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي الآتي:
". . . إن بيع التَّورُّق هذا جائز شرعًا، وبه قال جمهور العلماء. . ."(2).
وقد سُئِلَ الشّيخُ محمد بن إبراهيم عن شخص احتاج إلى نقود، وذهب إلى تاجر ليستدين منه، وباع عليه أكياس سكر وغيرها نسيئةً بثمن يزيد على ثمنها نقدًا، فيأخذ المُحتاجُ السكر، ويبيعه بالنقص عما اشتراه به من التاجر، ليقضي حاجته، فهل هذا التَّعامُلُ حرام أم حلال؟.
فأجاب رحمه الله: "هذه المسألة تُسَمَّى مسألة التَّورُّق، والمشهور من المذهب جوازها".
وجاء في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم: "إذا لم يكن للمشتري حاجةٌ إلى السِّلعة، بل حاجته في الذهب والورق فيشتري السِّلعة ليبيعها بالعين الذي احتاج إليها، فإن أعاد السِّلعة إلى البائع فهو الذي لا يشك في تحريمه، وإن باعها لغيره بيعًا تامًا، ولم تُعَدُّ إلى الأول بحالٍ، فقد اختلف السلف في كراهته، ويسمونه التَّورُّق. . . وإياس بن معاوية يرخص فيه. . . والمشهورُ الجواز، وهو الصواب"(3).
ويقول الشيخُ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "أما إذا كان المشتري اشترى السِّلعة
(1) مجلة البحوث الإسلامية العدد السابع (132).
(2)
انظر: قرارات المجمع الفقه الإسلامي: القرار الخامس في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ابتداء من يوم السبت 11/ 7/ 1419 هـ ص (320).
(3)
فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم (7/ 61).