الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي هند، عن عكرمة-مولى ابن عباس-عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: مرّ أبو جهل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فقال: ألم أنهك يا محمد؟ لتنتهين أو لأفعلنّ بك. قال: فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم وأغلظ له، قال: بم تهدّدني يا محمد؟ فما [في]
(1)
هذا الوادي-يعني وادي مكة-أكثر ناديا منّي. قال: فأنزل الله-عز وجل: {فَلْيَدْعُ نادِيَهُ، سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ}
(2)
.وقال ابن عباس-رضي الله عنهما:لو نادى لأخذته ملائكة العذاب مكانه.
ذكر
سيول وادي مكة في الإسلام
فأما السيول التي كانت في الإسلام:
فمنها السيل الذي يقال له: سيل أمّ نهشل. كان في إمارة عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أقبل من أعلى مكة، حتى دخل المسجد الحرام،
(1)
سقطت من الأصل.
(2)
سورة العلق (18،17).
وكان طريقه بين الدارين
(1)
،فذهب ذلك السيل بأم نهشل بنت عبيدة
(2)
ابن سعيد بن العاص بن أمية، حتى استخرجت منه بأسفل مكة، فسمّي:
سيل أم نهشل، واقتلع مقام ابراهيم-عليه الصلاة والسلام-حتى قدم عمر ابن الخطاب-رضي الله عنه-مكة، فبنى الرّدم وسوّاه. وقد ذكرنا ذلك في ذكر المقام.
والردم من عند دار آل جحش بن رئاب التي يقال لها: دار أبان بن عثمان، إلى دار ببّة، بني بالضفائر والصخر، فلم يعله سيل إلى يومنا هذا، وقد جاءت سيول عظيمة
(3)
.
وكان سيل الجحاف في خلافة عبد الملك بن مروان سنة ثمانين. وفيها ولد ابن جريج، ومات في سنة خمسين ومائة.
1863 -
حدّثنا محمّد بن يوسف الجمحي، قال: ثنا هلال بن يونس، قال: دخلت مكة سنة خمسين ومائة، فلقيني زمعة بن صالح، وأنا عند
1863 - هلال بن يونس، لم أقف عليه. وزمعة بن صالح، هو: الجندي اليماني، نزيل مكة: ضعيف.
(1)
هما دار أبي سفيان، ودار حنظلة بن أبي سفيان، وسيأتي وصف الفاكهي لهما، عند حديثه عن رباع بني عبد شمس. وموضع دار أبي سفيان في جهة المدّعى مما يلي باب السلام عند المسعى، أدخلت في ساحات الحرم.
وكان هذا السيل في السنة السابعة عشرة. أنظر إتحاف الورى 7/ 2.
(2)
كذا في الأصل (بنت عبيدة) وهكذا أيضا في فتوح البلدان وإتحاف الورى، وعند الأزرقي والفاسي (عبيد) وهو خطأ، صوابه ما عند الفاكهي. وعبيدة هذا قتله الزبير بن العوّام في معركة بدر كافرا. نسب قريش لمصعب ص:174.
(3)
الأزرقي 167/ 2 - 168،والبلاذري في فتوح البلدان ص:271،وشفاء الغرام 260/ 2 - 261، وإتحاف الورى 7/ 2 - 8،والعقد الثمين 205/ 1.
الصفا، فقال: يا أبا محمد، أما بلغك ما حدث أمس؟ قلت: لا. قال:
دفنّا ابن جريج أمس.
صبّح الحاج ذلك السيل فذهب بمتاعهم وجحفهم جحفا، وإنما سمي سيل الجحاف، أنه جاء السيل وهم بالأبطح، فجحفهم وأهلكهم وهم غارّون قد نزلوا في الوادي واضطربوا الأبنية، ولم يكن من المطر إلا شيء يسير، إنّما كان رشاشا، ودخل المسجد الحرام وأحاط بالكعبة، وهدم الدور الشوارع على الوادي، ومات في الهدم خلق كثير، وفرّ الناس منه في الجبال والشعاب، وخرج العواتق من الخدور، فقال عبد الله بن أبي عمّار في ذلك:
لم تر عيني مثل يوم الإثنين
…
أكثر محزونا وأبكى للعين
إذ خرج المخبّيات يسعين
…
سواندا في الجبلين يرقين
(1)
وكان السيل يوم الإثنين. وتروى هذه الأبيات لأبي السنابل
(2)
.
1864 -
فحدّثنا الزبير بن بكّار، قال: حدّثني محمد بن مسلمة المخزومي، عن مالك بن أنس، عن سليمان بن بلال، قال: نظر ابن أبي عتيق إلى
1864 - إسناده صحيح.
ومحمد بن مسلمة المخزومي، أبو هشام المدني، قال أبو حاتم: ثقة، كان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك، وكان من أفقههم. الجرح 71/ 8.وابن أبي عتيق، هو: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق، تقدّم غير مرّة، وكان صاحب دعابة وظرف. أنظر أخبار ظرفه في العقد الفريد 18/ 7.
(1)
الأزرقي 168/ 2،والبلاذري في فتوح البلدان ص:72،وابن جرير في التاريخ 2/ 8 لكنه لم يذكر الشعر، والفاسي في شفاء الغرام 261/ 2،وإتحاف الورى 108/ 2 - 109 وقد وقع عند الأزرقي والفاسي وابن فهد اسم الشاعر (عبد الله بن أبي عمارة) وهو خطأ، صوابه ما ذكره الفاكهي. وقوله (سواندا):جمع ساندة، وهي المصعدة في الجبل. النهاية 480/ 2.
(2)
هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عامر بن كريز. أنظر نسب قريش لمصعب ص:149،والمحبّر ص:441.
أعرابي في سيل الجحاف/وهو يذهب به تارة ويطفو به أخرى، ويقول:
مرته الصّبا ولقحته الجبائب
(1)
…
فقال له ابن أبي عتيق:
كن من شئت فأشهد أنك كريم.
وقال خالد بن أبي عثمان البصري
(2)
:
كنت تلك السنة بمكة، فرأيت رجلا يذهب به السيل، وهو يقول:
لبيّك الّلهم لبّيك، إن كنت ابتليت لطالما عافيت. ورأيت امرأة ومعها صبيّ والسيل يذهب بها-قد رفعته-تنادي: من يأخذ هذا الصبيّ مني؟ حتى علاها الماء وعلا الصبي.
ومنها: سيل أبي شاكر، في ولاية هشام بن عبد الملك في سنة عشرين ومائة
(3)
.
وفي هذه السنة مات عبد الله بن كثير الداري.
1865 -
حدّثنا محمد بن أبي عمر، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثنا قاسم الرحال سنة عشرين ومائة، ونحن في جنازة عبد الله بن كثير الداري.
1865 - إسناده صحيح.
قاسم الرحّال، هو: ابن يزيد. تابعي ثقة، يروى عن أنس. الجرح 123/ 7، والأنساب 88/ 6.-
(1)
مرته، أي: استخرجته، واستدرّته. من مرا، يمري مريا، إذا مسح ضرع الناقة لتدرّ لبنها. كأنه يريد أن ريح الصبا قد استخرجت هذا المطر من السحاب. لسان العرب 276/ 15 - 277.
ولقحته: بثلاث فتحات: حملت به. (والجبائب) كذا في الأصل، ويغلب على ظني أنها مصحفة من (السحائب).
(2)
تقدّمت ترجمته في الأثر (341) وكان قاضيا بالبصرة، وأصله من مكة.
(3)
أنظر فتوح البلدان للبلاذري ص:73،وشفاء الغرام 264/ 2،والعقد الثمين 206/ 1.
حج بالناس تلك السنة أبو شاكر
(1)
،فقال ابن أذينة
(2)
الليثي يذكر أبا شاكر واسمه: مسلمة بن هشام بن عبد الملك:
أتينا نمتّ بأرحامنا
…
وجئنا بإذن أبي شاكر
بإذن الذي سار معروفه
…
بنجد وغار مع الغائر
إلى خير خندف في ملكه
…
لباد من النّاس أو حاضر
فأسمي هذا السيل سيل أبي شاكر.
ومنها السيل الليبري
(3)
في خلافة المهدي سنة ستين ومائة. وحج بالناس المهدي عامئذ، وكان السيل ليومين بقيا من المحرّم.
وكان سيل في زمن حمّاد البربري عظيم، أخذ الناس منه بمكة شبه الخبل، فسمّي: المخبّل
(4)
.وأصاب الناس في عقبه مرض في أجسادهم وألسنتهم، ودخل المسجد الحرام حتى عزق أمير المؤمنين هارون وادي مكة عامئذ، ولم يعزق وادي مكة إلى سنة سبع وثلاثين ومائتين، فعزقته أم
(1)
ذكر ابن جرير أن الذي حج في هذه السنة محمد بن هشام وقيل: سليمان بن هشام بن عبد الملك، وقيل: يزيد بن هشام بن عبد الملك. تاريخ الأمم والملوك 259/ 8،وإتحاف الورى 153/ 2.
(2)
هو: عروة بن أذينة، تقدّم التعريف به برقم (646)،وأبياته في الأغاني 325/ 18 - 326 وقد رواها من طريق الزبير بن بكار في خبر طويل.
(3)
كذا، وذكره الفاسي في العقد 206/ 1،والشفاء 264/ 2،وأفاد أن الفاكهي تفرّد بذكر هذا السيل، وأنظر إتحاف الورى 203/ 2.
(4)
كان هذا في سنة (184). أنظر الأزرقي 170/ 2،والبلاذري في الفتوح ص:73،والفاسي في العقد 205/ 1،والشفاء 262/ 2.
والخبل: فساد يصيب الأعضاء، حتى لا يدري كيف يمشي. اللسان 197/ 11.
المتوكل، وكان المتولي لذلك محمد بن داود، وعبد الرحمن بن يزيد
(1)
.
وجاء سيل آخر في سنة اثنتين ومائتين في خلافة المأمون، وعلى مكة يومئذ يزيد بن محمد بن حنظلة، خليفة لمحمد بن هارون الجلودي. فدخل المسجد الحرام، وأحاط بالكعبة حتى رفع المقام من مكانه لمّا خيف عليه
(2)
.
1866 -
حدّثني أبي إسحق بن العباس-رحمه الله-أنّ ذلك السيل كان عظيما ملأ الوادي، وعلاه قيد رمح، وكان يقال له: سيل ابن حنظلة. وفي هذه السنة قتل يزيد بن محمد بن حنظلة في أول يوم من شعبان، ودخل ابراهيم ابن موسى مكة مقبله من اليمن.
وجاء سيل آخر في سنة ثمان ومائتين، وعلى مكة [عبيد الله]
(3)
بن الحسن، في شوّال والناس غافلون.
واجتمع سيل سدرة
(4)
،وما أقبل من نواحي منى، فاقتحم المسجد
1866 - لم أقف على ترجمة أبيه اسحاق بن العباس. وأخبار ابراهيم بن موسى في العقد الثمين 264/ 3.ونقل هذا الخبر الفاسي في العقد 466/ 7 عن الفاكهي.
(1)
الأزرقي 171/ 2،وإتحاف الورى 303/ 2.
(2)
الأزرقي 170/ 2،والعقد الثمين 467/ 7،205/ 1،والشفاء 262/ 2،وإتحاف الورى 279/ 2.
وابن حنظلة هذا من بني مخزوم، مترجم في العقد الثمين 465/ 7،وما بعدها، وحول اسم الجلودي هذا خلاف ذكره الفاسي يطول التحقيق فيه، أنظر الأزرقي 170/ 2،226/ 1،وجمهرة ابن حزم ص:143،وإتحاف الورى، والشفاء 183/ 2.
(3)
في الأصل (عبد الله) وهو: عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب. ترجمته في العقد الثمين 305/ 5.
(4)
هي: سدرة خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وهذا الموضع سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، ويعرف موضعه اليوم ب (العدل)،وقد سماها البلاذري في فتوح البلدان ص (73):سدرة عتّاب بن أسيد بن أبي العيص. وبسدرة خالد أشهر وإن كان عتّاب وخالد من فخذ واحد. وأنظر ترجمة خالد هذا في نسب قريش ص:189،وتاريخ ابن جرير 182/ 7،والعقد الفريد 105/ 1، 93/ 4.
حتى رفع المقام، وذهب بناس كثير، ووافى العمّار تلك السنة من أهل خراسان.
وسيل مكة يأتي من موضع يدعى: السدرة، سدرة خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، على أميال من مكة على طريق الذاهب إلى العراق، وهو مثل عند أهل مكة في العظم، يقول الرجل للرجل إذا دعا عليه أو سبّه: ذهب بك سيل سدرة.
قال
(1)
:فكتب/مبارك الطبري-وهو على بريد مكة-إلى أمير المؤمنين المأمون في ذلك، فلما رأى الناس ما في المسجد من الطين والتراب، اجتمع خلق كثير فكانوا يعملون بأيديهم ويستأجرون من أموالهم، حتى كان النساء العواتق وغيرهن يخرجن بالليل-فيما ذكروا-فينقلن التراب إلتماس الأجر، حتى رفع من المسجد ونقل منه. فلما بلغ ذلك المأمون بعث بمال عظيم، وأمر أن يعمّر المسجد الحرام ويبطح، ويعزق وادي مكة، فعزق الوادي، وعمّر المسجد، وبطح. وذلك كله على يدي مبارك الطبري.
ويقال لشعاب مكة أيضا: وادي مكة. ويقال له: أعلى الوادي.
1867 -
حدّثني محمد بن اسماعيل، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا
1867 - إسناده حسن.
محمد بن اسماعيل، هو: الصائغ المكي.
رواه أحمد 414/ 3،وأبو داود 467/ 4،والترمذي 179/ 10 والنسائي في الكبرى، وفي اليوم والليلة (تحفة الأشراف 327/ 8) كلّهم من طريق: ابن جريج به. وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلاّ من حديث ابن جريج. وفي المسند أن ذلك يوم الفتح.
(1)
لم يصرّح باسم القائل هنا، والكلام هذا عند الأزرقي 170/ 2 - 171. وأنظر شفاء الغرام 262/ 2 - 263 وإتحاف الورى 382/ 2 - 383.ومبارك الطبري لم أعرف عنه أكثر من ذكر الفاكهي له.
ابن جريج، قال: أخبرني [عمرو]
(1)
بن أبي سفيان، أن [عمرو]
(2)
بن عبد الله بن صفوان [أخبره]
(3)
:أنّ كلدة بن [الحنبل]
(4)
أخبره أنّ صفوان ابن أمية-رضي الله عنه-بعثه في الفتح بلباء وجداية وضغابيس
(5)
،والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي، فدخلت عليه، ولم أسلم، ولم أستأذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ارجع فقل: السلام عليكم» -وذلك بعد ما أسلم صفوان-.قال [عمرو]
(6)
:وأخبرني هذا الخبر أمية بن صفوان، ولم يقل أخبرني ابن كلدة.
وجاء سيل في زمن عيسى بن محمد المخزومي، في سنة ثلاث وخمسين ومائتين، فدخل المسجد الحرام، وأحاط بالكعبة وبلغ قريبا من الركن الأسود، ورمى بالدور بأسفل مكة، وذهب بأمتعة الناس وخرّب منازلهم، وملأ المسجد غثاء السيل وترابه، حتى جرّ ما في المسجد من التراب بالعجل، وتولى ذلك من عمارته عيسى بن محمد، وهو يومئذ والي مكة
(7)
.
(1)
في الأصل (عمر) وهو: عمرو بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي.
(2)
في الأصل (عمر) أيضا، وهو: عمرو بن عبد الله بن صفوان، بن أمية الجمحي.
(3)
سقطت من الأصل، وأثبتها من السنن والمسند.
(4)
في الأصل (الحسل) وهو: كلدة بن الحنبل، ويقال: ابن عبد الله بن الحنبل الجمحي المكي، وهو صحابي، له هذا الحديث، وهو: أخو صفوان بن أمية لامه. الاصابة 288/ 3 والتقريب 136/ 2.
(5)
اللبأ-بكسر اللام-أول اللبن في النتاج. اللسان 150/ 1.
والجداية-بفتح الجيم أو كسرها-ولد الظبية إذا بلغ ستة أشهر أو سبعة. النهاية 248/ 1. والضغابيس: صغار القثاء، واحده ضغبوس. النهاية 89/ 3.
(6)
في الأصل (صفوان) وهو خطأ، بل هو: عمرو بن عبد الله بن صفوان حفيده. ولعمرو في هذا الحديث شيخان، أولهما: كلدة، وهو عم أبيه، والثاني: أمية بن صفوان وهو عمّه، فحدّث به مرة عن هذا ومرّة عن هذا.
(7)
الفاسي في شفاء الغرام 264/ 2 نقلا عن الفاكهي. وإتحاف الورى 331/ 2،ودرر الفوائد المنظمة ص:230.