الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر
خطبة أبي حمزة الشاري
(1)
،
المختار بن عوف بمكة
1909 -
/ حدّثني ابن أبي يقظة المديني، قال: ثنا أبو بكر عبد الرحمن بن شيبة، قال: أخبرني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه.
واسماعيل بن محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد، عن ثمال بن طليب الحروري.
وجرير بن ميمون الدّيلي، عن عبد الله ومحمد ابني كثير بن مسافع.
ومحمد بن مسلمة المخزومي، عن ابن عياض الكعبي.
ويحيى بن محمد بن عبد الله، عن عبد الجبار بن عبد الرحمن المصبحي.
وأزهر بن سعيد بن نافع، عن يزيد بن خالد الضمري.
1909 - لم أقف على تراجم هؤلاء المذكورين في هذا الأثر، ولم يتأكد لي أن المذكورين في هذا السند بواو العطف هم شيوخ للفاكهي، أو شيوخ لابن أبي يقظة، وأدخلتهم في شيوخ الفاكهي على الظن-والله أعلم-.
وخطبته هذه مذكورة بطولها مع تغيير في بعض ألفاظها في البيان والتبيين 122/ 2 - 125 والأغاني 240/ 23 - 244،وعيون الأخبار 249/ 2 - 250،والعقد الفريد 199 - 200.
(1)
الشاري، نسبه إلى (الشراة) وهم الخوارج. الأنساب 13/ 8.
وأبو حمزة هذا: أزدي مشهور ب (الخارجي).خرج سنة (129) مظهرا الخلاف على مروان ابن محمد، ودخل مكة في موسم الحج بغير قتال، وفي سنة (130) دخل المدينة فهرب منها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك إلى الشام، ثم سار أبو حمزة وأصحابه إلى مروان، فلقيتهم خيل مروان بوادي القرى، فأوقعوا بهم، فرجعوا منهزمين إلى المدينة، فلقيهم أهل المدينة فقتلوهم، وقتل أبو حمزة في جماعة من أصحابه. تاريخ الطبري 95/ 9.والفاسي في العقد 153/ 7.
وعمر بن أبي بكر بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن المؤمّل.
ومحمد بن حسن وغيرهم.
حدّثني كل واحد منهم بطائفة من هذا الحديث، فاجتمع حديثهم فيما سمعت من أمر الحروراء، الذين خرجوا في زمن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، قالوا: وأقبل أبو حمزة من عرفة حتى صعد المنبر-يعني: بمكة- وعليه ثوبان قطرّيان
(1)
،وهو متنكب قوسا عربية، فحمد الله-تعالى-وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال: أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يتقدم ولا يتأخر إلا بأمر الله-عز وجل -ووحيه، أنزل عليه كتابا بيّن له ما يأتي وما يذر، فلم يكن في شك من دينه، ولا على شبهة من أمره، حتى قبضه الله-تعالى-إليه، فصلى الله عليه وسلّم، وقد علم المسلمون معالم دينهم، وولّى أبا بكر الصدّيق-رضي الله عنه-صلاتهم، فعمل أبو بكر-رضي الله عنه-بالكتاب والسنّة، وقتل أهل الردة، ثم مضى [لسبيله]
(2)
-يرحمه الله-،وولي عمر بن الخطاب-رضي الله عنه الأمر بعده، فسار عمر-رضي الله عنه-سيرة صاحبه، جبى الفيء وقسمه بين أهله، وفرض الأعطية، وجمع الناس في قيام شهر رمضان، وغزا العدوّ في بلادهم، وضرب في الخمر ثمانين، ثم مضى عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-لسبيله-يرحمه الله-وغفر له. ثم ولي عثمان بن عفان-رضي الله عنه-الأمر على الناس من بعده، فسار ست سنين بسيرة صاحبيه، وسار في الست الآخرة بما أحبط سنيّه الأوائل، ثم قام من بعده علي بن أبي طالب رضي الله عنه-فلم يبلغ من الحق قصدا، ولم يرفع له منارا، ثم مضى
(1)
نوع من البرود، حمراء اللون، جيدة، فيها بعض الخشونة. لسان العرب 106/ 5.
(2)
في الأصل (سبيله).
لسبيله، وهو في ذلك يلعنهما-لعن الله أبا حمزة-ثم قام من بعد علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه-لعين رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن لعينه، فاتخذ عباد الله خولا
(1)
ومال الله دولا، ودين الله دغلا
(2)
،ثم مضى إلى سبيله، فألعنوه لعنه الله أيها [الناس]
(3)
.قال: فلعنه جنده والناس الذين معه حتى ارتفع الصوت. ثم ولي يزيد بن معاوية-يزيد الخمور ويزيد القرود-فالعنوا يزيد، لعن الله يزيد وأبا يزيد. ثم ولي عمر ابن عبد العزيز، فلم يذكره. وحمده وحمد عمله، ثم استقرئ خلفاء بني أمية خليفة خليفة يقع بهم ويسبّهم، قال: ثم ولي يزيد بن عبد الملك الفاسق في بطنه، المأبون في دبره، الذي لم يؤنس منه رشد، وقد قال الله-عز وجل -في كتابه في أموال اليتامى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ}
(4)
في نفس واحدة يطلب منها الرشد والمال لها، فكيف بمن يلي أمر هذه الأمة/،أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ فهذا أعظم، يأكل الحرام ويشرب الحرام، ويلبس الحلّة قد قوّمت عليه بألف دينار، قد ضربت فيها الأبشار، وتهتكت فيها الأستار، وأجلس حبّابة عن يمينه، وسلاّمة
(5)
عن شماله تغنيانه ويشرب الخمر، حتى إذا أخذ الشراب كل مأخذ قال: ألا أطير؟ بلى، يطير إلى النار. وأما بنو أبيه-يعني بني أمية-ففرقة منهم بطشهم بطش جبرية، يأخذون بالظنّة ويقتلون على الغضب، ويحكمون بالشفاعة،
(1)
الخول: العبيد والاماء. لسان العرب 224/ 11.
(2)
الدغل: الفساد. اللسان 244/ 11.
(3)
سقطت من الأصل.
(4)
النساء (6).
(5)
حبابة: جارية من مولدات المدينة، كانت مغنيّة ضاربة بالعود، اشتراها يزيد بأربعة آلاف دينار، وكان اسمها العالية، فسمّاها يزيد حبابة. الأغاني 122/ 15.
وسلاّمة، هي: سلاّمة القس، تقدّم الكلام عنها برقم (1601).
ويأخذون الفريضة من غير موضعها، ويضعونها في غير أهلها، وقد سمّى الله تبارك وتعالى-أهلها، فجعلهم ثمانية أصناف، فقال-تبارك وتعالى {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ، وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
(1)
.فأقبل صنف تاسع ليس منها، فلم يرض أن يكون كأحدها حتى أخذها كلها، فقلت له: إنّ ليس لك فيها حقّا، أفلا ترضى أن تكون فيها كمن له فيها حقّ؟ فأبى الا أخذها كلها. فأقبلنا عليكم، فقلنا: أعينونا عليهم، وقلتم: سلطان ولا نقوى عليه. فعذرناكم بذلك، ثم استدرتم إليه، فأعنتموه على أخذها، فلا أنتم إذ غلبكم تركتم عونه،-فأنتم تعلمون ظلمه- حتى صرتم له أعوانا على أخذها والظلم فيهم، تلكم الفرقة الحاكمة بغير ما أنزل الله-عز وجل -وقد شهد لكم يا أهل مكة في حكمه أصابتكم في زمن هشام بن عبد الملك، فكتب إليهم بكتاب أرضاكم فيه، وأسخط الله-عز وجل -عليه، فقال: قد تركت لكم صدقاتكم في عامكم هذا، فزاد فقيركم الذي جعل الله-عز وجل -له ذلك فقرا، وزاد غنيّكم غنى، فقلتم: جزاه الله خيرا، فلا جزاه الله خيرا، ولا أثابكم خيرا. أمّا هذه الشيع فشيع تظاهرت بكتاب الله-عز وجل -وأعظمت الفرية على الله-تعالى- لم يفارقوا الناس ببصر ناقد في الدين، ولا علم نافع في القرآن، ينقمون [المعصية]
(2)
على أهلها، ويعملون إذا ولّوا بها، ينصرون الفتنة ولا يخرجون منها، جفاة عن الدين، أتباع كهان، يؤمّلون الدولة في بعث الموتى، ويوقنون ببعث إلى الدنيا قبل يوم القيامة، قلّدوا دينهم من لا ينظر إليهم
(1)
التوبة (60).
(2)
في الأصل (الغضبة) وصوبتها من البيان والتبيين.
{قاتَلَهُمُ اللهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ}
(1)
.يا أهل الحجاز، قد بلغني [أنكم]
(2)
تعيّرونني بأصحابي، وتزعمون أنهم شباب، ويحكم وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابا؟ شباب والله يكتهلون في شبابهم، غائبة عن الشرّ أعينهم، ثقيلة عن الباطل أرجلهم، أنضاء
(3)
عبادة، وقد نظر الله-عز وجل -إليهم في جوف الليل، محنيّة أصلابهم على أجزاء القرآن، إذا مر أحدهم بالآية فيها ذكر الجنة دعا شوقا إليها، وإذا مر بالآية فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه، موصول كلالهم بكلالهم، كلال الليل بكلال النهار، قد أكلت الأرض ركبهم وأيديهم وجباههم، فاستقلّوا ذلك في جنب الله-عز وجل -حتى إذا رأوا السهام قد فوّقت
(4)
،والرماح قد أشرعت، والسيوف قد انتضيت، وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت/استخفوا رعد الكتيبة في ذات الله-تعالى-فمضى الشباب منهم قدما، حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه، وتخضبت بالدماء محاسن وجهه، وأسرعت إليه سباع الأرض، وانحطت عليه طير السماء، فكم من عين في منقار طير طالما بكى صاحبها في جوف الليل في سجوده لله-تعالى-وكم من كف زالت عن معصمها طالما اعتمد عليها صاحبها في ركوع وسجود لله-تعالى-.
ثم قال أبو حمزة: هاه، هاه، وانتحب، ووضع كمّه على وجهه، وبكى، وبكى الناس لبكائه، وقال للناس: لشتان [بين]
(5)
من يدعوكم
(1)
التوبة (30).
(2)
سقطت من الأصل.
(3)
الأنضاء: جمع نضو، وهو في الأصل: البعير المهزول من السفر، يريد أن العبادة هزلتهم فأنحفتهم.
(4)
فوّقت: جعلت لها الأفواق. والفوق: موضع الوتر من السهم. اللسان 319/ 10.
(5)
سقطت من الأصل.