الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر
الردوم التي ردمت بمكة
والردوم بمكة ثلاثة ردوم
(1)
:
أحدها: الردم الأعلى الذي عمله عمر بن الخطاب-رضي الله عنه حين جاء سيل أم نهشل-الذي ذكرناه. ردمه بالصخر وسوّاه، فلم يعله سيل، وهو من حدّ دار أبان بن عثمان إلى دار ببّة
(2)
.ويقال لهذا الموضع:
ردم (أبي
(3)
عبد الله).
(1)
هي أكثر من ذلك على ما سيذكره في المبحث.
(2)
دار ببّة هي الدار الرابعة من سلسلة الدور الست المقطورة التي كان يملكها معاوية-رضي الله عنه وسوف يأتي على ذكرها الفاكهي في فصل الرباع. ونستطيع تحديد موقع هذه الدار الآن، بالقرب من مسجد الفاتحة، وهو المسجد الصغير الواقع في أعلى المدعى، على يمينك وأنت نازل إلى الحرم في السوق المسقوف المزدحم.
وأما دار أبان بن عثمان فقد صرّح الفاكهي والأزرقي أن موقعها بالقرب من مسجد الراية، ومسجد الراية هذا معروف الآن، وهو المسجد المقابل لفم شعب عامر، في الجودرية، على ما أفاده طاهر الكردي في تعليقه على تاريخ القطبي ص:22،وصرّح به الأستاذ البلادي في معالم مكة التاريخية ص:272.
وعليه فردم عمر-رضي الله عنه-يمتدّ طولا من قرب هذا المسجد إلى مقابل مسجد الفاتحة. ولا يزال يلاحظ الهابط إلى الحرم، أو الصاعد منه ارتفاعا واضحا ما بين هذين المسجدين، وعمل هذا الردم عمله في تغيير مجرى السيل من جانبه الأيمن إلى الجانب الأيسر، وبذلك حمى جميع الدور الواقعة أسفله من أخطار السيول التي جاءت بعده. وأنظر الأزرقي-الفهارس-.
(3)
كذا في الأصل، ولعلّها خطأ، صوابها (آل عبد الله)،وهم آل عبد الله بن خالد بن أسيد، أنظر الأزرقي 242/ 2، حيث كانت لهم دور تقع بالقرب من رأس هذا الردم. وباسمهم ردم آخر سيذكره الفاكهي بعد قليل يقع عند الخرمانية، كانت بجنبه مقبرتهم التي دفن فيها عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-وهذا الردم-ردم عمر-هو الردم الأعلى إطلاقا، الأسفل بالنسبة لآل عبد الله، أما الردم الأعلى بالنسبة لهم فهو ردم الخرمانية-والله أعلم-.
1868 -
حدّثنا محمد بن أبي عمر، قال: ثنا يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، قال: حدّثني مجاهد، قال: كنا مع عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-في جنازة، فلما بلغنا الردم، إلتفت عبد الله، فإذا النساء مع الجنازة، فقال: أرجعوهن فإنها ما علمت فتنة للحيّ وأذى للميت.
ومنها: ردم عند خط [الحزامية]
(1)
عند دار حرابة.
ومنها: ردم
(2)
بني جمح، وهو الذي يقال له: ردم بني قراد.
فهذه الردوم التي ردمت بمكة. ويقال: إنّ عبد الملك بن مروان لما بلغه سيل الجحاف بعث بمال عظيم، وكتب إلى عامله عبد الله بن سفيان المخزومي، ويقال: بل كان عامله الحارث بن خالد، فعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادي للناس من المال الذي بعث به، وعمل ردوما على أفواه السكك، حصّن بها دور الناس من السيول إذا جاءت، وبعث مهندسا في ذلك عمل ضفائر المسجد الحرام، وضفائر الدور في جنبتي الوادي، ومنها ما هو قائم إلى اليوم.
1868 - إسناده حسن.
رواه ابن أبي شيبة 284/ 3 من طريق: ليث بن أبي سليم عن مجاهد.
(1)
في الأصل (الخرمانية) وهو تصحيف، ودار حرابة سوف يذكرها الفاكهي، وهي بفوهة خط الحزامية. وخط الحزامية هذا يقع في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم، بالقرب من باب الوداع -سابقا-منسوبة إلى (حكيم بن حزام) وسوف يذكر ذلك الفاكهي في الرباع وهذا الردم لا أثر له اليوم لأنه قد دخل في توسعات الحرم.
(2)
يقع هذا الردم في الجهة الشمالية الغربية من الحرم في موضع رباعهم، ورباعهم تنحصر بين باب بني سهم-باب العمرة حاليا-وباب ابراهيم، متجهة إلى أسفل. وهذا ما يستفاد من كلام الأزرقي والفاكهي. وهذه المنطقة منطقة مرتفعة، لا يعلوها السيل، فهي عنه بمعزل، فعمل هذا الردم إذن كان لشيء آخر، ولعلّه دفن قتلاهم الذين قتلوا في تلك الواقعة التي ذكرها الفاكهي، والأزرقي، وغيرهما، ولا أثر لهذا الردم في الوقت الحاضر، فكأنه دخل في توسّعات الحرم-والعلم عند الله-.
وكان من تلك الردوم:
الردم الذي يقال له: ردم بني جمح، وليس لهم، ولكنه لبني قراد /الفهريّين، فغلب عليه ردم بني جمح لقربه من ربعهم، وفي ذلك يقول الشاعر:
سأملك عبرة وأفيض أخرى
…
إذا جاوزت ربع بني قراد
(1)
ومنها: ردم الحزامية في أول خط الحزامية، [وكان]
(2)
الصخر ينقل لذلك على العجل.
وحفر أرباض دور الناس فبناها وأحكمها من المال الذي بعث به، فزعم بعض أهل مكة أن الإبل والثيران كانت تجرّ تلك العجل، حتى لربّما أنه أنفق في المسكن الصغير لبعض الناس مثل ثمنه مرارا.
ومن تلك الضفائر ما هو قائم إلى اليوم بحاله من دار أبان بن عثمان إلى عند ردم عمر-رضي الله عنه-هلم جرّا إلى دار ابن الحوار. فتلك الضفائر التي في أصول تلك الدور كلها مما أمر به عبد الملك، ومن ردم بني جمح منحدرا إلى الشق الأيسر إلى أسفل مكة وأشياء بين ذلك على حالها.
وأما ضفائر دار رويس
(3)
التي بأسفل مكة ببطح نحر الوادي، فقد اختلف المكيون في ضفائرها، فقال بعضهم: هي من عمل الوليد
(4)
بن عبد الملك، وقال بعضهم: لا بل من عمل معاوية-رضي الله عنه.وهو أصح القولين عندهم أن تكون من عمل معاوية-رضي الله عنه
(5)
.
(1)
البيت عند الأزرقي 169/ 2،وياقوت 40/ 3،وكلاهما قال (إذا جاوزت ردم بني قراد) ولم ينسباه.
(2)
في الأصل (وكانت).
(3)
عند الأزرقي (دار أويس).
(4)
عند الأزرقي (من عمل عبد الملك) وهو أصح.
(5)
قارن بالأزرقي 169/ 2 - 170، وأنظر شفاء الغرام 261/ 2 - 262.