الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ سُوءُ الظَّنّ
وَقَالَ تَعَالَى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3)
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ ، إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (4)
(1)[الأعراف/19 - 22]
(2)
[الفتح: 6]
(3)
[فصلت: 23]
(4)
[الحجرات/12]
(5)
[النور: 11، 12]
(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ (1) "(2)
(1) قَالَ أَبُو عِيسَى: قَالَ سفيان الثوري: الظَّنُّ ظَنَّانِ ، فَظَنٌّ إِثْمٌ ، وَظَنٌّ لَيْسَ بِإِثْمٍ ، فَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي هُوَ إِثْمٌ ، فَالَّذِي يَظُنُّ ظَنًّا وَيَتَكَلَّمُ بِهِ ، وَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي لَيْسَ بِإِثْمٍ ، فَالَّذِي يَظُنُّ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِه. أ. هـ
قلت: قول سفيان يصدِّقُه قولُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الظن أنه أكذب الحديث، فهذا فيه دليل على أن الظنَّ الذي فيه إثمٌ هو الظنُّ الذي يُعْرَبُ عنه بالحديث والفعل ، وليس مجرد الوساوس التي تخطر على قلب الإنسان ولا يكاد يسلم منها أحد. ع
(2)
(خ) 4849 ، (م) 28 - (2563) ، (د) 4917 ، (حم) 7333
(م حم)، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ:(قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟، قُلْنَا: بَلَى، قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي، " انْقَلَبَ (1) فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ (2) رُوَيْدًا ") (3) (قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ) (4)(فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ (5) إِزَارِي (6) ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، " حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ (7) فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ " ، فَانْحَرَفْتُ، " فَأَسْرَعَ " ، فَأَسْرَعْتُ " فَهَرْوَلَ " فَهَرْوَلْتُ، " فَأَحْضَرَ " فَأَحْضَرْتُ (8) فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ اضْطَجَعْتُ ، " فَدَخَلَ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً (9)؟ " فَقُلْتُ: لَا شَيْءَ، قَالَ: " لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي .. فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: " فَأَنْتِ السَّوَادُ (10) الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ " ، قُلْتُ: نَعَمْ) (11) (قَالَ: " يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ " ، فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟) (12) (قَالَ: " أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ (13) اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ " ، فَقُلْتُ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، نَعَمْ ، " فَلَهَدَنِي (14) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي) (15)(ثُمَّ قَالَ: أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ ، قَالَ: " نَعَمْ " ، قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ ، قَالَ: " نَعَمْ " ، قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَلَكِنَّ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ ")(16)
(1) أَيْ: رَجَعَ مِنْ صَلَاة الْعِشَاء. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 377)
(2)
أَيْ: أَغْلَقَهُ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فِي خُفْيَة لِئَلَّا يُوقِظهَا وَيَخْرُجَ عَنْهَا، فَرُبَّمَا لَحِقَهَا وَحْشَةٌ فِي اِنْفِرَادِهَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل. شرح النووي (ج 3 / ص 401)
(3)
(م) 974 ، (س) 3963
(4)
(م) 2815
(5)
التقنُّع: تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره.
(6)
الإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن.
(7)
الْبَقِيع: مَقْبَرَة الْمُسْلِمِينَ بالمدينة.
(8)
الْإِحْضَار: الْعَدْوُ.
(9)
(حَشْيَا) أَيْ مُرْتَفِعَة النَّفْس مُتَوَاتِرَته كَمَا يَحْصُل لِلْمُسْرِعِ فِي الْمَشْي. شرح سنن النسائي - (ج 3 / ص 278)
وَقَوْله: (رَابِيَة) أَيْ: مُرْتَفِعَة الْبَطْن. شرح النووي (ج 3 / ص 401)
(10)
أَيْ: الشَّخْص.
(11)
(م) 974 ، (س) 3963
(12)
(م) 2815
(13)
الْحَيْف بِمَعْنَى الْجَوْر ، أَيْ: بِأَنْ يَدْخُلَ الرَّسُولُ فِي نَوْبَتِك عَلَى غَيْرِك ، وَذِكْرُ اللهِ لِتَعْظِيمِ الرَّسُولِ ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَ بِدُونِ إِذْنٍ مِنْ الله تَعَالَى ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ ، إِذْ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ جَوْرًا إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبًا. شرح سنن النسائي (ج 3 / ص 278)
(14)
اللَّهْد: الدَّفْعُ الشَّدِيدُ فِي الصَّدْر ، وَهَذَا كَانَ تَأدِيبًا لَهَا مِنْ سُوءِ الظَّنِّ. شرح سنن النسائي (ج 3 / ص 278)
(15)
(م) 974 ، (س) 3963
(16)
(م) 2815 ، (س) 3960
(د)، عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ (1) "(2)
(1) أَيْ: إِنَّ الْأَمِير إِذَا اِتَّهَمَهُمْ وَجَاهَرَهُمْ بِسُوءِ الظَّنّ فِيهِمْ ، أَدَّاهُمْ ذَلِكَ إِلَى اِرْتِكَاب مَا ظُنَّ بِهِمْ فَفَسَدُوا.
قَالَ الْمَنَاوِيُّ: وَمَقْصُود الْحَدِيث حَثُّ الْإِمَام عَلَى التَّغَافُل وَعَدَمِ تَتَبُّع الْعَوْرَات. عون المعبود - (ج 10 / ص 415)
(2)
(د) 4889 ، (حم) 23866 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 1049 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2343
(خد)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا يَزَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَتَظَنَّى (1) حَتَّى يَصِيرَ أَعْظَمَ مِنَ السَّارِقِ. (2)
(1) أي: يتظنن ، قال في القاموس:(التظني): إعمال الظن ، وأصله التظنن.
(2)
(خد) 1289 ، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: 979
(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي)(1)(مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا)(2) وفي رواية: (مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا)(3)(مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ")(4)
الشرح (5)
(1)(خ) 4968
(2)
(خ) 2391 ، (جة) 2044
(3)
(خ) 4968 ، (م) 127
(4)
(م) 127 ، (خ) 6287
(5)
احْتَجَّ مَنْ قَالَ: " إِذَا طَلَّقَ في نَفْسه طَلُقَتْ "، بِأَنَّ مَنْ اِعْتَقَدَ الْكُفْر بِقَلْبِهِ كَفَرَ ، وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى الْمَعْصِيَة أَثِمَ، وَكَذَلِكَ مَنْ رَاءَى بِعَمَلِهِ وَأُعْجِبَ، وَكَذَا مَنْ قَذَفَ مُسْلِمًا بِقَلْبِهِ، وَكُلّ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَال الْقَلْب دُون اللِّسَان.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَفْو عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْأُمَّة، وَالْمُصِرُّ عَلَى الْكُفْرِ لَيْسَ مِنْهُمْ، وَبِأَنَّ الْمُصِرَّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ الْآثِمِ مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَمَلُ الْمَعْصِيَة ، لَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْ مَعْصِيَةً قَطُّ، وَأَمَّا الرِّيَاءُ وَالْعُجْبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، فَكُلُّهُ مُتَعَلِّق بِالْأَعْمَالِ. فتح الباري (ج 15 / ص 100)