الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ الْخُصُومَة
(خ م)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ ، الْأَلَدُّ الْخَصِمُ (1) "(2)
(1)(الْأَلَدّ الْخَصِم): هُوَ الدَّائِمُ فِي الْخُصُومَة، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: الشَّدِيد الْخُصُومَة ، فَإِنَّ الْخَصِمَ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَة ، فَيَحْتَمِلُ الشِّدَّةَ ، وَيَحْتَمِلُ الْكَثْرَةَ ، وَوَجَدْتُ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ بْن حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {قَوْمًا لُدًّا} قَالَ: جَدَلًا بِالْبَاطِلِ.
وَمِنْ طَرِيق سُلَيْمَان التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: " الْجَدِل: الْخَصِم " ،
وَمِنْ طَرِيق مُجَاهِد قَالَ: " لَا يَسْتَقِيمُونَ " ، وَهَذَا نَحْو قَوْله " عُوجًا ".
وَأَسْنَدَ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل اِبْن أَبِي خَالِد عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله {وَتُنْذِر بِهِ قَوْمًا لُدًّا} قَالَ: " عُوجًا عَنْ الْحَقّ ".
وَقَدْ أَسْنَدَ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ: " اللَّدّ: الْخَصِم " ، وَكَأَنَّهُ تَفْسِير بِاللَّازِمِ ، لِأَنَّ مَنْ اِعْوَجَّ عَنْ الْحَقِّ ، كَانَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ.
وَعَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب قَالَ: " الْأَلَدّ: الْكَذَّاب " ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ مَنْ يُكْثِرُ الْمُخَاصَمَةَ ، يَقَعُ فِي الْكَذِبِ كَثِيرًا.
وَتَفْسِير " الْأَلَدّ بِالْأَعْوَجِ " عَلَى مَا وَقَعَ عِنْد الْكُشْمِيهَنِيِّ ، يُحْمَلُ عَلَى اِنْحِرَافِهِ عَنْ الْحَقّ ، وَتَفْسِير " الْأَلَدّ بِالشَّدِيدِ الْخُصُومَة " ، لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُخِذَ عَلَيْهِ جَانِبٌ مِنْ الْحُجَّةِ ، أَخَذَ فِي آخَرَ.
أَوْ لِأَعْمَالِهِ لَدِيدِيَّة، وَهُمَا جَانِبًا فَمِهِ فِي الْمُخَاصَمَة. فتح الباري (20/ 223)
(2)
(خ) 2325 ، (م) 5 - (2668) ، (ت) 2976 ، (س) 5423 ، (حم) 24322
(خ م)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أَرْبَعٌ (1) مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا) (2)(وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (3)) (4)(وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ (5) حَتَّى يَدَعَهَا (6) إِذَا حَدَّث كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (7)) (8) وفي رواية:(وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ (9)) (10)(وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ (11) ") (12)
(1) أَيْ: خِصَالٌ أَرْبَعٌ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(2)
(خ) 34
(3)
قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا الْحَدِيث عَدَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاء مُشْكِلًا ، مِنْ حَيْثُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَالُ قَدْ تُوجَدُ فِي الْمُسْلِمِ الْمُجْمَعُ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِكُفْرِهِ.
وَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَالٌ، بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيح ، وَالَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ: أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ خِصَالُ نِفَاق، وَصَاحِبُهَا شَبِيهٌ بِالْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ ، وَمُتَخَلِّقٌ بِأَخْلَاقِهِمْ.
قُلْت: وَمُحَصَّلُ هَذَا الْجَوَابِ: الْحَمْلُ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْمَجَاز، أَيْ: صَاحِبُ هَذِهِ الْخِصَالِ كَالْمُنَافِقِ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّفَاقِ نِفَاقُ الْكُفْر.
وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَاب عَنْهُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالنِّفَاقِ: نِفَاقُ الْعَمَلِ ، وَيُؤَيِّدهُ وَصْفُهُ بِالْخَالِصِ ، بِقَوْلِهِ:" كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ".
وَقِيلَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَالُ ، وَتَهَاوَنَ بِهَا ، وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ ، كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا. وَالله أَعْلَم. (فتح - ح33)
(4)
(م) 59 ، (حم) 9147
(5)
النِّفَاق لُغَة: مُخَالَفَةُ الْبَاطِنِ لِلظَّاهِرِ، فَإِنْ كَانَ فِي اِعْتِقَادِ الْإِيمَانِ ، فَهُوَ نِفَاقُ الْكُفْر، وَإِلَّا فَهُوَ نِفَاقُ الْعَمَلِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفِعْلُ وَالتَّرْكُ ، وَتَتَفَاوَت مَرَاتِبه. (فتح - ج1ص133)
(6)
أَيْ: يَتْرُكَهَا. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(7)
أَيْ: نَقَضَ الْعَهْدَ ، وَتَرَكَ الْوَفَاءَ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ.
(8)
(خ) 34 ، (م) 58
(9)
الْمُرَاد بِالْوَعْدِ فِي الْحَدِيث: الْوَعْد بِالْخَيْرِ، وَأَمَّا الشَّرّ فَيُسْتَحَبّ إِخْلَافه ، وَقَدْ يَجِب ، مَا لَمْ يَتَرَتَّب عَلَى تَرْك إِنْفَاذه مَفْسَدَة. (فتح - ح34)
وقال صاحب عون المعبود (ج10ص207): وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالْعَهْدِ ، فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا صَرِيحًا ، وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْإِمَام الْبُخَارِيّ رحمه الله أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا ، بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ صَحِيحه: بَابُ مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدْ، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُونِ الْبَابِ بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيث ، أَوَّلُهَا حَدِيثُ أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب فِي قِصَّة هِرَقْل ، أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا ، " وَهُوَ أَنَّ هِرَقْل قَالَ لَهُ: سَأَلْتُك مَاذَا يَأمُركُمْ ، فَزَعَمْت أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْق وَالْعَفَاف وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ .. الْحَدِيث " ، وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْدَ وَالْعَهْدَ مُتَّحِدَانِ لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال، فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعِهِ هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ: حَصَلَ فِي مَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ خَمْسُ خِصَالٍ ، لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِب فِي الْحَدِيث ، وَالْخِيَانَة فِي الْأَمَانَة ، وَزَادَ الْأَوَّلُ: الْخُلْفُ فِي الْوَعْد ، وَالثَّانِي: الْغَدْرُ فِي الْمُعَاهَدَةِ ، وَالْفُجُورُ فِي الْخُصُومَة.
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ الْوَعْدَ أَعَمُّ مِنْ الْعَهْدِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الْعَهْدَ هُوَ الْوَعْدُ الْمُوَثَّقُ ، فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْدُ وُجِدَ الْوَعْد، مِنْ غَيْر عَكْسٍ ، لِجَوَازِ أَنْ يُوجَدَ الْوَعْدُ مِنْ غَيْرِ تَوْثِيق. أ. هـ
قَالَ الْحَافِظ: أَصْلُ الدِّيَانَةِ مُنْحَصِرٌ فِي ثَلَاثٍ: الْقَوْلُ، وَالْفِعْلُ، وَالنِّيَّةُ ، فَنَبَّهَ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِالْكَذِبِ، وَعَلَى فَسَادِ الْفِعْلِ بِالْخِيَانَةِ، وَعَلَى فَسَادِ النِّيَّةِ بِالْخُلْفِ؛ لِأَنَّ خُلْفَ الْوَعْدِ لَا يَقْدَحُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مُقَارِنًا لِلْوَعْدِ ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَازِمًا ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ ، أَوْ بَدَا لَهُ رَأيٌ ، فَهَذَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ صُورَةُ النِّفَاقِ، قَالَهُ الْغَزَالِيّ فِي الْإِحْيَاء. (فتح - ح34)
(10)
(خ) 33 ، (م) 59
(11)
أَيْ: مَالَ عَنْ الْحَقِّ ، وَقَالَ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ.
وَقَالَ الْقَارِي: أَيْ: شَتَمَ ، وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ. تحفة الأحوذي (6/ 430)
(12)
(خ) 34 ، (م) 58