المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأولى: تلقين الراوي - الجرح والتعديل - اللاحم

[إبراهيم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌ ماذا يمكن أن يستفيده الباحث المتخصص من هذه السلسلة

- ‌الأول: فهم كلام الأئمة

- ‌الثاني: تفهم كلام الأئمة

- ‌الثالث: إتقان عرض التخريج والدراسة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: الحكم على الراوي

- ‌ مدخل:

- ‌المبحث الأول: وسائل الحكم على الراوي

- ‌أولا: التأمل في أفعال الراوي وتصرفاته، والنظر في سيرته

- ‌ثانيا: إلقاء الأسئلة على الراوي

- ‌ثالثًا: اختبار الراوي وامتحانه:

- ‌الأولى: تلقين الراوي

- ‌الثانية: المذاكرة:

- ‌رابعًا: النظر في أصول الرواة وكتبهم:

- ‌خامسًا: النظر في أحاديث الراوي ومروياته:

- ‌1 - اعتداله أو مجازفته في الرواية:

- ‌2 - مشاركته لغيره أو تفرده:

- ‌3 - ثباته أو اضطرابه فيما يرويه:

- ‌4 - موافقته أو مخالفته لغيره:

- ‌المبحث الثاني: اختلاف حال الراوي

- ‌الأولى: توثيق الراوي أو تضعيفه في شيخ معين، أو في شيوخ معينين:

- ‌الثانية: توثيق الراوي في روايته عن أهل بلد معين، وتضعيفه في روايته عن أهل بلد آخر:

- ‌الثالثة: توثيق الراوي أو تضعيفه في رواية أهل بلد معين عنه:

- ‌الرابعة: توثيق الراوي أو تضعيفه في صفة معينة في الرواية:

- ‌الخامسة: تقوية الراوي إذا حدث من كتابه، وتضعيفه إذا حدث من حفظه:

- ‌السادسة: تضعيف الراوي في آخر عمره، وتقويته قبل ذلك:

- ‌المبحث الثالث: مقارنة الراوي بغيره

- ‌القسم الأول: المقارنة المطلقة

- ‌الضرب الأول: أن تكون المقارنة فيه بين راو أو أكثر وبين من سواه بإطلاق

- ‌الضرب الثاني: أن يقيد الناقد من يقارن الراوي بهم بشيء ما، كأن يقيدهم بأهل بلد الراوي، أو بمن رآهم الناقد

- ‌القسم الثاني: المقارنة المقيدة بشيء معين كبلد، أو شيخ:

- ‌المبحث الرابع: عوائق الحكم على الراوي

- ‌أولاً: اشتباه الراوي بغيره على الناقد

- ‌ثانيًا: تعارض وسائل الحكم على الراوي

- ‌ثالثًا: نقد النقد

- ‌رابعًا: انعدام وسائل الحكم على الراوي أو ضعفها

- ‌الفصل الثاني: أحكام النقاد على الرواة ومراتبها

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول: الأحكام النظرية على الرواة

- ‌القسم الأول: ما وصلنا من أحكام أطلقها الأئمة على الرواة

- ‌القسم الثاني: حركات وإشارات تصدر من النقاد حين يرد ذكر بعض الرواة

- ‌المبحث الثاني: الأحكام العملية على الرواة

- ‌القسم الأول: الانتقاء العام للرواة

- ‌القسم الثاني: الانتقاء الخاص للرواة:

- ‌المبحث الثالث: مراتب أحكام النقاد على الرواة

- ‌الفصل الثالث: ضوابط النظر في أحكام النقاد على الرواة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: ثبوت النقل عمن نسب إليه

- ‌المبحث الثاني: سلامة النص

- ‌الصورة الأولى: حكاية معنى النص

- ‌الصورة الثانية: بتر النص

- ‌الصورة الثالثة: تحريف النص

- ‌المبحث الثالث: قائل النص

- ‌المبحث الرابع: دلالة النص

- ‌الفصل الرابع: تمييز رواة الإسناد

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول: كثرة وقوع الاشتباه بين الرواة

- ‌المبحث الثاني: أسباب وقع الخلط بين الرواة

- ‌المبحث الثالث: الوسائل المساعدة على تمييز الرواة

- ‌النوع الأول: الولادة والوفاة:

- ‌النوع الثاني: الشيوخ والتلاميذ:

- ‌النوع الثالث: كتب الأطراف:

- ‌النوع الرابع: طرق الحديث الأخرى:

- ‌القسم الأول: الطرق إلى المؤلفين

- ‌القسم الثاني: الطرق بعد المؤلفين

- ‌النوع الخامس: النظر في متن الحديث وإسناده:

- ‌النوع السادس: ضوابط في تمييز الرواة:

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌الأولى: تلقين الراوي

بالكذب-: "سمعته يقول: حدثنا حماد، عن إبراهيم، فقلت له: أنت سمعته من حماد؟ قال: استغفر الله، حدثنا حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم"

(1)

.

وقال ابن عدي: "سمعت أبا عبد الله النَّهاوَنْدي بحران في مجلس أبي عَرُوبة يقول: قلت لغلام خليل: هذه الأحاديث الرقائق التي تحدث بها؟ قال: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة"

(2)

.

‌ثالثًا: اختبار الراوي وامتحانه:

من الطرق المهمة لمعرفة عدالة الراوي وضبطه، ودرجة ذلك، أن يختبر مباشرة في مروياته، فتنكشف حاله، ويصفه الناقد بما يراه مناسبا، وهناك وسيلتان مشهورتان لاختبار الرواة:

‌الأولى: تلقين الراوي

، فتدفع إليه أحاديث ليست من حديثه أصلا، أو هي من حديثه لكن تم التصرف فيها بالقلب، فجعل إسناد هذا الحديث لمتن آخر، ومتنه لإسناد آخر، أو بالزيادة كأن يكون حديثا مرسلا فيزاد فيه ذكر الصحابي، أو موقوفا فيرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو يزاد في متنه ما ليس منه، وقد يتصرف فيها بالنقص.

فإن قرأها الراوي كما دفعت إليه، أو أقر بها إن قرأت عليه، حكم عليه بأنه يقبل التلقين، واعتبر ذلك خللا في حفظه وضبطه، ومع بعض

(1)

"الكامل"7: 2683.

(2)

"الكامل"1: 198.

وانظر نصوصًا أخرى بهذا المعنى في: "أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 737، و"المجروحين"1: 70، 71 - 73، و"الجامع لأخلاق الراوي"2: 170 - 171، و"تهذيب التهذيب"5:23.

ص: 53

القرائن قد يتهم بالكذب والوضع، وإن تيقظ وتنبه لذلك عُرف أنه ضابط لحديثه متثبت في روايته.

قال ابن حجر في كلامه على قلب الأحاديث: "كان شعبة يفعله كثيرا، لقصد اختبار حفظ الراوي، فإن أطاعه على القلب عرف أنه غير حافظ، وإن خالفه عرف أنه ضابط"

(1)

.

وقال يحيى القطان موضحا أهمية قبول التلقين وعدمه في الحكم على الراوي: "إذا كان الشيخ يثبت على شيء واحد خطأ كان أو صوابا فلا بأس به، وإذا كان الشيخ كل شيء يقال له يقول فليس بشيء"

(2)

.

وفي رواية عنه قال: "إذا كان الشيخ إذا لقنته قَبِل فذاك بلاء، وإذا ثبت على شيء واحد فذاك ليس به بأس"

(3)

.

وقال الحُمَيْدي: "من لقن فقبل التلقين يرد حديثه الذي لقن فيه، وأخذ عنه ما أتقن حفظه، إذا علم أن ذلك التلقين حادثٌ في حفظه، لا يعرف به قديما، فأما من عرف به قديما في جميع حديثه فلا يقبل حديثه، ولا يؤمن أن يكون ما حفظ مما لقن"

(4)

.

ومعرفة درجة الراوي عن طريق تلقينه شاق جدا على الرواة، فالراوي مظنة الوقوع في الخطأ إذا لقن، وإن كان حافظا ضابطا، كما قال حماد بن زيد:"لقنت سلمة بن علقمة حديثا فحدثنيه، ثم رجع عنه، وقال: إذا سرك أن يكذب صاحبك فلقنه"

(5)

.

(1)

"النكت على كتاب ابن الصلاح"2: 866.

(2)

"الكامل"1: 110.

(3)

"الكفاية" ص 149.

(4)

"الجرح والتعديل"2: 34، و"الكفاية" ص 149.

(5)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 434، و"الكامل"1: 46، و"الكفاية" ص 146، 149.

ص: 54

وقال قتادة: "إذا سرك أن يكذب صاحبك فلقنه"

(1)

، ويروى هذا عن جماعة آخرين

(2)

.

ولهذا السبب توقف في جوازه بعض الأئمة، وفعله آخرون لغرض صحيح وهو قصد امتحان الرواة

(3)

، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ لقن جماعة كثيرون من الرواة شيوخهم ثم رووا عنهم ما لقنوهم، وهذا بلا شك غير جائز، لكنه قد وقع، ولم يفت على الأئمة النقاد، فاستفادوا منه في معرفة درجة الراوي في عدالته وضبطه.

والخلاصة أن الحكم على الرواة بهذه الوسيلة شائع جدا، جاز الامتحان فيه جماعة منهم، فعرفوا بالضبط والتثبت.

فمن ذلك صنيع حماد بن سلمة مع ثابت البناني، قال حماد:"كنت أظن أن ثابتا لا يحفظ الأسانيد، كنت أقول له لحديث ابن أبي ليلى: كيف حديث أنس في كذا وكذا؟ فيقول: لا، إنما حدثناه ابن أبي ليلى، وأقول له: كيف حديث فلان في كذا؟ فيقول: لا، إنما حدثناه فلان"

(4)

، وفي رواية عنه قال: "يقول الناس: القصاص لا يحفظون، فكنت أقلب على ثابت البناني حديثه -يعني أجرِّب حفظه-، فكنت أقول لحديث فلان: كيف حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى؟ فيقول: لا، حدثناه فلان، وأقول لحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى: كيف حديث فلان؟ فيقول: لا، حدثنا عبد الرحمن بن أبي

(1)

"مسند ابن الجعد"(1069 - 1070)، و"معرفة الرجال"2: 218، و"الكامل"1: 45، و"الكفاية" ص 217.

(2)

"مسند ابن الجعد"(1071)، و"الكامل"1:45.

(3)

"فتح المغيث"1: 322.

(4)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 527.

ص: 55

ليلى"

(1)

.

وروى مجاهد بن موسى قال: "دخلنا على عبد الرحمن بن مهدي في بيته، فدفع إليه -يعني حارثا النقال -رقعة فيها حديث مقلوب، فجعل يحدثه حتى كاد أن يفرغ، ثم فطن، فنقده، فرمى به وقال: كادت والله تمضي، كادت والله تمضي"

(2)

.

وروى الخطيب بإسناده إلى أحمد بن أبي الطيب قال: "سمعت يزيد بن هارون، وقيل له: إن هارون المستملي يريد أن يدخل عليك -يعني في حديثك-، فَتَحَفَّظ، فبينا هو كذلك إذ دخل هارون، فسمع يزيد نغمته، فقال: يا هارون بلغني أنك تريد أن تدخل عليَّ في حديثي، فاجهد جهدك، لا أرعى الله عليك إن أرعيت، أحفظ ثلاثة وعشرين ألف حديث ولا بغي، لا أقامني الله إن كنت لا أقوم بحديثي"

(3)

.

وقال أحمد بن منصور الرمادي: "خرجت مع أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، إلى عبد الرزاق خادما لهما، فلما عدنا إلى الكوفة قال يحيى بن معين لأحمد بن حنبل: أريد أختبر أبا نُعَيْم، فقال له أحمد بن حنبل: لا ترد، الرجل ثقة، فقال يحيى بن معين: لابد لي، فأخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نُعَيْم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه، ثم جاءا إلى أبي نُعَيْم فدقا عليه

(1)

"الجرح والتعديل"2: 449، وانظر:"سؤالات أبي داود" ص 342، و"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 68، و"المعرفة والتاريخ"2: 90، 99، 166، 201، و"الكامل"2: 527، و"الجامع لأخلاق الراوي"1: 136، و"تهذيب الكمال"4:347.

(2)

"الجامع لأخلاق الراوي"1: 136.

(3)

"تاريخ بغداد"14: 340.

ص: 56

الباب فخرج، فجلس على دكان طين حذاء بابه

، فأخرج يحيى بن معين الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نُعَيْم ساكت، ثم قرأ الحادي عشر، فقال أبو نُعَيْم: ليس من حديثي فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نُعَيْم ساكت، فقرأ الحديث، فقال أبو نُعَيْم: ليس من حديثي فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نُعَيْم، وانقلبت عيناه، ثم أقبل على يحيى بن معين فقال له: أما هذا -وذراع أحمد في يده -فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا -يريدني- فأقلُّ من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، ثم أخرج رجله فرفس يحيى بن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره، فقال أحمد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك: إنه ثبت؟ قال: والله لرفسته أحب إلي من سفري"، وفي رواية أن يحيى بن معين قام وقبله وقال: "جزاك الله خيرًا، مثلك من يحدث، إنما أردت أن أجرِّبك"

(1)

.

وفي المقابل سقط في الامتحان جماعة آخرون من الرواة، على تفاوت بينهم، فتكلم فيهم الأئمة النقاد.

فمن الأخبار في ذلك قول حماد بن سلمة: "قلبت أحاديث على ثابت البُنَاني فلم تنقلب، وقلبت على أَبَان بن أبي عَيَّاش

(1)

"تاريخ بغداد"12: 353، و"المجروحين"1: 33، و"الجامع لأخلاق الراوي"1: 136، و"مناقب أحمد" ص 109.

وانظر في حكايات أخرى بهذا المعنى: "أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 574، 580، و"الكامل"1: 46، و"المحدث الفاصل" ص 398، و"تاريخ بغداد"2: 20، 12: 273، 276، و"سير أعلام النبلاء"6: 321، 15: 237، و"فتح المغيث"1: 320 - 324.

ص: 57

فانقلبت"

(1)

.

وقال شعبة في أَبَان بن أبي عَيَّاش: "كتبت حديث أنس، عن الحسن، وحديث الحسن، عن أنس، فدفعتها إليه فقرأها علي"

(2)

.

وقال أبو عَوَانة: "كنت لا أسمع حديثا بالبصرة عن الحسن إلا جئت به إلى أَبَان بن أبي عَيَّاش، فحدثني به عن الحسن، حتى جمعت منه مصحفا"

(3)

، وفي رواية عنه قال:"لما مات الحسن اشتهيت كلامه فجمعته من أصحاب الحسن، فأتيت أَبَان بن أبي عَيَّاش فقرأه عليَّ، فما أستحل أن أروي عنه شيئا"

(4)

، وفي رواية عنه قال:"أتيت أَبَان بن أبي عَيَّاش بكتاب فيه حديث من حديثه، وفي أسفل الكتاب حديث رجل من أهل واسط، فقرأه عليَّ أجمع"

(5)

.

وقال شعبة: "كانوا يقولون لسِمَاك: عكرمة، عن ابن عباس؟ فيقول: نعم، وكنت لا أفعل ذلك به"

(6)

.

وكذا قال شَرِيْك: "كانوا يلقنون سِمَاك أحاديثه عن عكرمة، يلقنونه: عن ابن عباس، فيقول: عن ابن عباس"

(7)

.

(1)

"الجامع لأخلاق الراوي"1: 136.

(2)

"الضعفاء الكبير"1: 40، و"الجامع لأخلاق الراوي"1:136.

(3)

"الكامل"1: 373.

(4)

"التاريخ الكبير"1: 454.

(5)

"الجرح والتعديل"2: 295، وانظر:"العلل ومعرفة الرجال"2: 537، و"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 5، و"معرفة الرجال"1: 64، و"سنن الترمذي"5: 742، و"الضعفاء الكبير"1:40.

(6)

"العلل ومعرفة الرجال"1: 395، وانظر:"المعرفة والتاريخ"3: 209، و"الكامل"3: 1299، و"سير أعلام النبلاء"5:247.

(7)

"مسائل أبي داود" ص 440، وانظر أيضًا في تلقين سماك بن حرب:"تهذيب التهذيب"6: 234.

ص: 58

وقال شعبة: "لو شئت لحدثني أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري بكل شيء أرى أهل واسط يصنعونه لفعل -أو لفعلت-"

(1)

.

وقال يحيى بن سعيد القطان: "دخلت على موسى بن دينار المكي أنا وحفص بن غياث، فجعلت لا أريده على شيء إلا تلقنه"

(2)

.

وقال سفيان بن عُيَيْنة في عبد الله بن محمد بن عَقِيل: "كان في حفظه شيء، فكرهت أن ألقنه"

(3)

.

ومن أقوى أسباب تضعيف عبد الله بن لهيعة قبوله للتلقين، وأخباره في ذلك مشهورة، فكان يقرأ كل ما دفع إليه، ويقر بكل ما قرئ عليه، سواء كان من حديثه أو لم يكن، واعتذر عن ذلك بما يؤكد قبوله للتلقين، فقال لما عاتبه يحيى بن حسان في جزء ليس من حديثه وقد حدث به:"ما أصنع بهم؟ يجيئون بكتاب فيقولون: هذا من حديثك؟ فأحدثهم به"

(4)

.

وقال عبد الله بن أحمد: "سألت أبي عن أبي أيوب التمار -يحدث عن ثابت البناني، ويونس-فقال: ليس بشيء، خَرَّقْنا حديثه، كان يلقن

(1)

"علل المروذي" ص 176، و"المعرفة والتاريخ"2: 778، و"الجرح والتعديل"1: 149، 6: 363، و"الضعفاء الكبير"3: 313، و"الكامل"5:1733.

(2)

"الجرح والتعديل"8: 142، وانظر في تمام القصة:"الضعفاء الكبير"4: 157، و"المجروحين"1: 69، و"المدخل في أصول الحديث" ص 109.

(3)

"الجرح والتعديل"5: 154، و"تهذيب الكمال"16: 81، لكن وقع في الأول:"أن ألقيه"، وفي الثاني:"أن ألقه"، وكلاهما تصحيف.

(4)

"المجروحين"1: 69، وينظر في قبول ابن لهيعة للتلقين:"سؤالات أبي داود" ص 246، و"الجرح والتعديل"5: 146، و"الضعفاء الكبير"3: 295، و"المجروحين"2: 13، و"تهذيب التهذيب"5: 375، 378.

ص: 59

الأحاديث"

(1)

.

وقال أبو حاتم: "سمعت دحيما، وقيل له: سُوَيْد بن عبد العزيز ممن إذا دفع إليه من غير حديثه قرأه على ما في الكتاب؟ قال: نعم"

(2)

.

وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبا زرعة عن محمد بن معاوية نزيل مكة فقال: كان شيخا صالحا، إلا أنه كلما لقن تلقن، وكلما قيل إن هذا من حديثك حدث به، يجيئه الرجل فيقول: هذا من حديث مُعَلَّى الرازي وكنت أنت معه، فيحدث به على التوهم، وترك أبو زرعة الرواية عنه، ولم يقرأ علينا حديثه"

(3)

.

وقال أبو حاتم في عبد الحميد بن إبراهيم أبي التَّقِي: "كان شيخا ضريرا لا يحفظ، وكنا نكتب من الذي كان عند إسحاق بن زِبْرِيْق لابن سالم، فنحمله إليه، ونلقنه، فكان لا يحفظ الإسناد، ويحفظ بعض المتن، فيحدثنا، وإنما حملنا على الكتابة عنه شهوة الحديث

"

(4)

.

(1)

"العلل ومعرفة الرجال"3: 301، و"الكامل"7:2683.

(2)

"الجرح والتعديل"4: 238.

(3)

"الجرح والتعديل"8: 104.

(4)

"الجرح والتعديل"6: 8.

وانظر نصوصًا أخرى في قبول التلقين في: "مسند الحميدي" حديث 724، و"مسائل إسحاق"2: 233، و"علل المروذي" ص 175، 180، و"التاريخ الصغير"2: 373، و"ثقات العجلي"2: 265، و"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 413 - 414، 462، و"الجرح والتعديل"1: 338، 2: 550، 3: 445، 5: 61، 6: 172، 7: 98، 219، و"الضعفاء الكبير"1: 160، 2: 254، 328، و"المجروحين"1: 77 - 78، 155، 2: 129، 237، 3: 100، و"الكامل"1: 46، 203، 4: 1445، و"الكفاية" ص 149 - 152، و"تاريخ بغداد"9: 229، و"تهذيب الكمال"35: 272، و"تهذيب التهذيب"7: 247، و"لسان الميزان"5: 217، و"فتح المغيث"2:103.

ص: 60

وموضوع التلقين وأثره في الرواة بحاجة إلى دراسة مستقلة، فإن التلقين بالقراءة على الراوي من غير حديثه، فيقر به، أو بأن يدفع إليه من غير حديثه فيقرأه- من التلقين الجلي، وهو أشهر صور التلقين وأكثرها شيوعا، وهناك صور من التلقين خفية، مثل أن يُلَقَّن حديثه هو، أو يحدث من كتاب غيره، أو ينظر في كتاب غيره وهو يحدث، أو ينسخ من كتاب الغير ما سمعه هو من شيخه، أو يستفهم جليسه عن شيء من متن الحديث أو إسناده لم يسمعه جيدا من شيخه وهو يحدث، أو يعتمد على إملاء بعض تلامذة الشيخ، أو يروي حديثًا على وجه خطأ فيصححه له أحد ممن سمعه، أو يذكِّره غيره بحديث كان يحفظه، والضرير إذا كتب له ثم لقن ما كتب ليحفظه، ونحو ذلك، فالراوي متى حدث في هذه الصور ولم يبين فهو نوع من التلقين؛ إذ الأصل في الراوي أن يعتمد على مسموعه ومحفوظه فقط، ولا علاقة له بغيره، فغيره قد تكون روايته مخالفة لروايته هو، وقد يكون فيها مخطئا، إما عن تعمد، أو عن غير تعمد، وبعض الأئمة يتسامحون في بعض هذه الصور، ومنهم من يتشدد، حتى إن بعضهم إذا اختلف ما يحفظه عما في كتابه هو بين ذلك، فيقول: في حفظي كذا، وفي كتابي كذا

(1)

.

(1)

ينظر في هذه الصور ونحوها: "سؤالات أبي داود" ص 228، و"العلل ومعرفة الرجال"1: 335 فقرة (608)، 3: 92 فقرة (4329)، و"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 657، 658، و"معرفة الرجال"1: 101 فقرة (445)، و"صحيح البخاري" حديث (2661)، و"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 417، 698، 741 - 742، و"المعرفة والتاريخ"2: 169، و"الجرح والتعديل"2: 27، 34، و"الضعفاء الكبير"4: 132، و"الكامل"1: 92، و"تاريخ بغداد"5: 410، 8: 403، 11: 19، 40، و"الكفاية" ص 148، 216 - 237، 253 - 259، و"طبقات الحنابلة"1: 348، و"مقدمة ابن الصلاح" ص 326 - 330، 342، 356، و"مجموع فتاوى ابن تيمية"25: 252، و"سير أعلام النبلاء"13: 565، و"شرح علل الترمذي"2: 812، و"هدي الساري" ص 356، و"تهذيب التهذيب"3:295.

ص: 61