الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله في إسماعيل بن عُلَيَّة: "ثقة، مأمون، صدوق، مسلم، ورع، تقي"
(1)
.
وكان الجوزجاني يكثر في قوله في الراوي مجرحا له: "غير مَقْنَع"، أو "لا يُقْنَع بحديثه"
(2)
.
ويكثر البخاري من عبارة: "سكتوا عنه"
(3)
.
وهذه ألفاظ توجد عند غيرهم أيضا.
القسم الثاني: حركات وإشارات تصدر من النقاد حين يرد ذكر بعض الرواة
، كتحميض الوجه، أو تحريك الرأس، أو الإشارة باليد، وقد يصاحب ذلك أن يقول فيه قولا.
فمن ذلك: ما رواه أبو نُعَيْم الفضل بن دُكَيْن، قال:"سمعت الحسن بن ثابت جاء فقال لسفيان بن سعيد (هو الثوري) -أخبره بحديث- فقال: من ذكره؟ فقال: قيس، قال: فقال: سفيان، قيس الأسدي أبو محمد؟ فقال سفيان: نعم، نعم -ويلوي رأسه عند ذكره-"
(4)
.
وقال علي بن المديني: "سألت يحيى بن سعيد، عن ميمون أبي عبد الله الذي روى عنه عوف، فحَمَّض وجهه، وقال: زعم شعبة أنه كان فَسْلا"
(5)
.
(1)
"معرفة الرجال"1: 104، وانظر أيضا: 1: 86، 111.
(2)
"أحوال الرجال" ص 117، 146، 174، 175، 250، 275، 279، 292، 306، 308، 341، 355.
(3)
"انظر كتاب: "قول البخاري: سكتوا عنه" لمسفر الدميني.
(4)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 293.
(5)
"الجرح والتعديل"8: 234، و"الضعفاء الكبير"4: 185، و"الكامل"6:2408.
وسأله علي أيضا عن سيف بن وهب التيمي، فحمَّض وجهه وقال:"كان هالكا من الهالكين"
(1)
.
وقال عمرو بن علي الفلَّاس: "كان يحيى بن سعيد إذا ذكر عنده أبو بكر بن عَيَّاش كَلَح وجهه وأعرض"
(2)
.
وقال عبد الله بن أحمد: "سألته (يعني أباه) عن مُجَالِد، فقال: كذا وكذا -وحرك يده-، ولكنه يزيد في الإسناد"
(3)
.
وقال أيضا: "سألته عن فَرْقَد السَّبَخي، فحرك يده -كأنه لم يرضه-"
(4)
.
وقال أيضا: "سألت أبي عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثَرْوان، فقال: هو كذا وكذا -وحرك يده-، وهو يخالف في أحاديث"
(5)
.
وقال المروذي: "وقال (يعني أحمد) في مسلم بن خالد الزَّنْجي، فحرك يده وليَّنه"
(6)
.
وقال أيضا: "قيل له: محمد بن إسحاق، وابن أخي الزهري، في حديث الزهري؟ فقال: ما أدري، -وحرك يده، كأنه ضعفهما-"
(7)
.
وقال عبد الله بن علي بن المديني في إسحاق بن نَجِيْح الملَطي: "سألت أبي عنه، فقال بيده هكذا -أي ليس بشيء، وضعفه-"
(8)
.
(1)
"الجرح والتعديل"4: 275، و"الكامل"3:1273.
(2)
"الضعفاء الكبير"2: 188، و"الكامل"(التراجم الساقطة من الكامل) ص 124.
(3)
"العلل ومعرفة الرجال"1: 414.
(4)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 297.
(5)
"الضعفاء الكبير"2: 327، و"ميزان الاعتدال"2:553.
(6)
"علل المروذي" ص 46.
(7)
"علل المروذي" ص 171.
(8)
"تاريخ بغداد"6: 323.
وقال البَرْذَعي: "وسئل (يعني أبا زرعة) عن حديث الصُّدَائي في (الأذان)، فقال: الإفريقي -وحرك رأسه-"
(1)
.
وقال أيضا: "ذكرت أصحاب مالك، فذكرت عبد الله بن نافع الصائغ، فَكَلَح وجهه"
(2)
.
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبا زرعة عن سعيد بن سِنَان أبي مهدي، فأومأ بيده أنه ضعيف"
(3)
.
وقال أيضا في الحسين بن زيد بن علي: "قلت لأبي: ما تقول فيه؟ فحرك يده وقلبها -يعني تعرف وتنكر-"
(4)
.
ولا شك أن هذه الأساليب المتنوعة من الأئمة النقاد في وصف الرواة قد أسهمت في إخراج علم الجرح والتعديل عما يكتنفه من جمود، وما قد يصيب الباحث فيه والمطالع لكتبه من ملل، فأضفت هذه الأساليب على هذا العلم روح التشويق والدعابة.
كما أنها برهنت على قدرة هؤلاء الأئمة النقاد على استخدام الأساليب البلاغية في التعبير عن آرائهم.
(1)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 516، والإفريقي هو عبد الرحمن بن زياد، راوي حديث الصدائي في الأذان.
(2)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 732.
(3)
"الجرح والتعديل"4: 28.
(4)
"الجرح والتعديل"3: 53.
وانظر نصوصا أخرى بهذا المعنى في: "علل المروذي" ص 85، 144، 168، و"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 360، 362، 368، 425، 450، 473، 484، 515، 567، 568، 576، 730، 733، 758، 759، و"الجرح والتعديل"1: 150، 4: 26، 267، 5: 226، 6: 139، 7: 115، و"الضعفاء الكبير"1: 91، و"الكامل"5: 1699، و"تاريخ بغداد"9:229.
غير أن هذا كله لا يمنع من التنبيه على ضرورة أخذ الحيطة والحذر في التعامل مع هذه الأساليب النادرة، ذلك أنها وإن كان كثير من عباراتها وألفاظها المراد منه ظاهر، وضبطه ليس بالعسير، إلا أن بعضها لا يخلو من إشكالات تحتاج إلى إعمال ذهن، ودِرْبة ومِرَان في التعامل معها، ولعل هذا أحد الأغراض التي من أجلها استخدم الأئمة هذه الأساليب أو بعضها، فقد يكون من أغراضهم شحذ الهمم وامتحان الأذهان في الوصول إلى المقصود، وسيأتي التنبيه على شيء من هذا في الفصل الثالث (ضوابط النظر في أحكام النقاد) -إن شاء الله تعالى-.