الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر ابن حجر أن الآجُرِّي روي عن أبي داود قوله في عباس بن الوليد الدمشقي: "كتبت عنه، وكان عالمًا بالرجال والأخبار".
كذا وقع في النسخة، والنص عند المِزِّي -أصل كتاب ابن حجر- فيه زيادة:"ولا أحدث عنه"، وهو كذلك في "سؤالات الآجُرِّي ".
وروى أحمد من طريق عبد الرحمن إسحاق المدني، عن الزهري، عن محمد بن جُبَيْر بن مُطْعِم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف في قصة حلف المُطَيِّبِين
(1)
، فصحح الحديث أحمد شاكر، وذكر أقوال من وثق عبد الرحمن بن إسحاق من "تهذيب التهذيب"، ومما ذكره قول أحمد:"أما ما كتبنا من حديثه فصحيح"
(2)
.
وهو كذلك في "تهذيب التهذيب"
(3)
، ذكره ابن حجر عن المروذي، عن أحمد، والنص في "علل المروذي" ليس فيه كلمة "فصحيح"، ثم له تتمة تنقض على أحمد شاكر استدلاله بكلمة أحمد، قال المروذي:"قلت لأبي عبد الله: فعبد الرحمن بن إسحاق كيف هو؟ قال: أما ما كتبنا من حديثه، فقد حدث عن الزهري بأحاديث -كأنه أراد: تفرد بها-، ثم ذكر حديث محمد بن جبير في الحلف -حلف المُطَيِّبِين-، فأنكره أبو عبد الله، وقال: ما رواه غيره"
(4)
.
الصورة الثالثة: تحريف النص
، فنصوص الجرح والتعديل لا تختلف عن غيرها من النصوص المنقولة من جهة تعرضها للتصحيف
(1)
"مسند أحمد"1: 190، 193.
(2)
"مسند أحمد" تحقيق شاكر 3: 121.
(3)
"تهذيب التهذيب"6: 137.
(4)
"علل المروذي" ص 64.
والتحريف، مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى بعد النص عن مراد قائله.
ويقع التحريف في النسخ المخطوطة، كما يقع بكثرة في المطبوع، ومن أهم أسبابه أن يكون الناقد قد استخدم لفظا غير متداول، أو استخدم أسلوبا قليل الاستعمال.
من ذلك قول أبي عثمان البَرْذَعي: "شهدت أبا حاتم يقول لأبي زرعة: كان يحيى بن معين يقول: يوسف السَّمْتي زنديق، وعائذ بن حبيب زنديق، فقال له أبو زرعة: أما عائذ بن حبيب فصدوق في الحديث، وأما يوسف السَّمْتي فذاهب الحديث، كان يحيى يقول: كذاب، قال أبو عثمان: فرأيت هذه الحكاية التي حكاها أبو حاتم عندي، عن بعض شيوخنا، عن يحيى: كان عائذ بن حبيب (زيدي)، وهو بهذا أشبه، والله أعلم"
(1)
.
وهو كما قال البَرْذَعي، تحرف النص على أبي حاتم، فقد نقل الدوري عن ابن معين توثيقه، وقوله فيه: "قد سمعت من عائذ بن حبيب، وكان يقال: إنه زيدي
…
"
(2)
، ونقل إسحاق بن منصور، عن ابن معين قوله فيه:"صويلح"
(3)
.
وكذا سمع منه أحمد، وأثنى عليه خيرا
(4)
.
وقال ابن الجُنَيْد: "سألت يحيى قلت: يزيد بن هارون كتب عن الجُرَيْري؟ قال: نعم، قال يحيى: وكان كَهْمَس بن الحسن يقول: إن
(1)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 384، و"تهذيب الكمال"14:90.
(2)
"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 290.
(3)
"الجرح والتعديل"7: 17.
(4)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 361، 3:456.
الجُرَيْري اختلط بعد ذلك بكثير"
(1)
.
كذا وقع في النسخة، والمعروف أن كَهْمَس بن الحسن يحدد اختلاط الجُرَيْري قبل سماع يزيد بن هارون منه بمدة طويلة، فلعل الصواب:"قبل ذلك بكثير"
(2)
.
وذكر الترمذي أنه سمع البخاري يذكر عن محمد بن عُقْبَة قال: "قال وكيع: زياد بن عبد الله -مع شرفه- يكذب في الحديث"
(3)
، ساقه الترمذي في معرض نقده لزياد بن عبد الله البكائي.
كذا ذكره الترمذي، وقد تحرف عليه النص، أو سقط منه كلمة، وصوابه:"هو أشرف من أن يكذب"
(4)
.
وقال الجوزجاني في أبي قتادة الحَرَّاني: "غير مَقْنَع، لأنه بَرَك فلم ينبعث"
(5)
، كذا وقع في النسخة:"برك"، وقد قال الجوزجاني في يحيى بن عبد الحميد:"ساقط مُتَلَوِّن، تُرِك حديثه فلا ينبعث"
(6)
، وعلق عليه المحقق بقوله:"وقوله: "ترك حديثه" وقع في الأصل بالتاء المفتوحة (كذا)، ولعل الصواب: "برك" بالباء، ليتناسب مع قوله: "فلا ينبعث"، والله أعلم".
(1)
"سؤالات ابن الجنيد لابن معين" ص 259.
(2)
تقدم الكلام في اختلاط الجريري في المبحث الثاني من الفصل الأول، وانظر:"تاريخ ابن الهيثم عن ابن معين" ص 103.
(3)
"سنن الترمذي"3: 404.
(4)
"التاريخ الكبير"3: 360، و"الضعفاء الكبير"2: 80، و"الكامل"3: 1049، و"تهذيب التهذيب"3:377.
(5)
"أحوال الرجال" ص 308.
(6)
"أحوال الرجال" ص 136، وانظر:"تاريخ بغداد"14: 176، "تهذيب الكمال"31: 428، و"سير أعلام النبلاء"10:532.
وما ذكره المحقق محتمل، لكن الأرجح منه أن يكون في المكانين من الترك، لا من البروك، لأنه جعله في يحيى بن عبد الحميد للحديث لا للرجل، وهكذا نقل الأئمة عن الجوزجاني في أبي قتادة أنه متروك الحديث
(1)
.
وروى ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن أحمد، قال: سمعت أبي يقول: "إسحاق بن نَجِيْح الملطي من أكذب الناس، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي حنيفة"
(2)
.
كذا في النسخة، والنص على الصواب هكذا:"إسحاق بن نَجِيْح المَلَطي هو من أكذب الناس، يحدث عن البَتِّي، عن ابن سيرين، برأي أبي حنيفة"
(3)
.
فتصحفت كلمة (البَتِّي) إلى (النبي)، وأضيف إليها الصلاة والتسليم، وعليه فلا يكون لذكر ابن سيرين معنى، فحذف، والبَتِّي هو عثمان بن مسلم البصري.
وكذا تحرفت العبارة في المطبوع من كتاب العقيلي، وابن عدي، بما أفسد معناها
(4)
.
وروى ابن أبي حاتم أيضا عن عبد الله بن أحمد قوله: "سألت أبي عن عامر الأحول فقال: ليس حديثه بشيء"
(5)
.
(1)
"تهذيب الكمال"16: 262، و"تهذيب التهذيب"6: 67، و"الميزان"2:518.
(2)
"الجرح والتعديل"2: 235.
(3)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 30، و"تاريخ بغداد"6: 323، و"تهذيب الكمال"2: 485، لكن وقع في الثاني: " .... يحدث عن البتي، وعن ابن سيرين
…
".
(4)
"الضعفاء الكبير"1: 105، و"الكامل" 1:324.
(5)
"الجرح والتعديل"6: 326، و"تهذيب الكمال" 14:66.
والنص عن عبد الله بن أحمد هكذا: "سألته عن عامر الأحول فقال: في حديثه شيء"
(1)
.
وهذا هو اللائق بحال عامر الأحوال في أقول أحمد الأخري، وأقوال غيره
(2)
.
وروى أحمد، عن عبد الرزاق قال:"قلت لمعمر: مالك لم تكثر عن ابن شَرْوَس؟ قال: كان يُثَبِّج الحديث"
(3)
، وكذا نقل البخاري معلقا عن عبد الرزاق قال: قال معمر: "كان يُثَبِّج الحديث"
(4)
.
وذكر ابن عدي هذا بإسناده إلى البخاري فجاءت العبارة عنده بلفظ: "كان يضع الحديث"
(5)
.
ومن أجل رواية ابن عدي هذه وضع برهان الدين الحلبي هذا الراوي -إسماعيل بن شَرْوَس- في كتابه "الكشف الحثيث"
(6)
.
وكذا توارد عدد من الباحثين على تفسير التثبيج بالوضع، اعتمادا على رواية ابن عدي، وليس الأمر كذلك، فقد قامت دلائل عديدة على
(1)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 45.
(2)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 183، و"سؤالات الآجري لأبي داود"1: 411، و"الجرح والتعديل"6: 326، و"تهذيب التهذيب"5:77.
(3)
"المعرفة والتاريخ"3: 30، و"الكامل"1: 314، و"الميزان"1: 234، وجاءت العبارة فيه: "مالك لم تكتب عن ابن شروس؟
…
"، والصواب ما في المصدرين الأولين، فقد روى عنه معمر، انظر: "العلل ومعرفة الرجال"3: 175، و"الجرح والتعديل"2: 177.
(4)
"التاريخ الكبير"1: 359، و"الضعفاء الكبير"1: 84، و"الميزان"1: 234، وهو في المصدر الثاني بلفظ:"يثبج في الحديث".
(5)
"الكامل"1: 314، و"الميزان"1:234.
(6)
"الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث" ص 100.
أن رواية ابن عدي هذه وقع فيها تحريف، ثم إن التثبيج في اللغة ليس بمعنى الوضع والكذب، بل معناه -كما تقدم- أنه لا يأتي بالحديث على وجهه
(1)
، فكأن مراد معمر أنه لا يضبط الإسناد والمتن، ومعمر قد روى عن ابن شَرْوَس، لكن لم يكثر عنه للسبب الذي أشار إليه، وقد ذكره ابن حبان، وابن شاهين في "الثقات"، ووصفه الأخير بأنه ثقة
(2)
.
ونقل عبد الغني المقدسي في كتابه "الكمال" عن أبي حاتم قوله في بَشِير بن نَهِيْك: "تركه يحيى القطان"، فتعقبه المِزِّي فقال:"وهم فاحش نشأ عن تصحيف، إنما قال أبو حاتم: روى عنه النَّضْر بن أنس، وأبو مِجْلَز، وبركة، ويحيى بن سعيد"
(3)
.
ونقل المِزّي عن أبي زرعة الرازي قوله في عمر بن عطاء بن وَرَاز: "ثقة لَيِّن"
(4)
.
والنص عند ابن أبي حاتم هكذا: "مكي لَيِّن"
(5)
، وهذا هو اللائق بحاله، عند أبي زرعة وغيره، فقد قال فيه أبو زرعة في رواية أخرى:"ضعيف الحديث"
(6)
.
وما ذكره المِزِّي الظاهر أنه في بعض نسخ "الجرح والتعديل"، فقد ذكر محققه أن النص في نسخة هكذا:"مكي، ثقة، لَيِّن"، فكأنها ملفقة من نسختين.
(1)
انظر: ما تقدم في المبحث الأول من الفصل الثاني.
(2)
"ثقات ابن حبان"6: 31، و"تاريخ أسماء الثقات" ص 51.
(3)
"تهذيب الكمال"4: 182، و"الجرح والتعديل"2:379.
(4)
"تهذيب الكمال"21: 464.
(5)
"الجرح والتعديل"6: 126.
(6)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 417، و"تهذيب التهذيب"7:484.
وذكر الذهبي عن أبي داود قوله في علي بن هاشم بن البَرِيد: "ثبت يتشيع"
(1)
.
والنص هكذا وقع فيه اختصار وتحريف، وصوابه بتمامه:"أهل بيت تشيع، وليس ثَمَّ كذب"
(2)
، ووراء ذلك أن النص ليس لأبي داود، وقد نسبه أبو داود في مكان آخر إلى صاحبه، قال الآجُرِّي:"سألت أبا داود عن علي بن هاشم بن البَرِيْد، فقال: سئل عنه عيسى بن يونس، فقال: أهل بيت تشيع، وليس ثَمَّ كذب، قلت لأبي داود: من ذكره؟ فقال: حدثنا الحسن بن علي الحُلْواني، عن الحُدَّاني"
(3)
.
ونقل ابن حجر عن المروذي قوله: "سألت أحمد، عن المبارك، وأبي هلال، فقال: متقاربان، ليس هما بذاك، فقد كتب علي أني لا أخرج عن مبارك شيئا"
(4)
.
كذا في النسخة، وآخر النص وقع فيه تحريف وسقط، وصوابه "
…
وقد كنت لا أخرج عن مبارك شيئا، ثم بعد"
(5)
.
وذكر أحد الباحثين أن الأزدي قال في أحمد بن شَبِيْب الحَبَطي: "متروك الحديث، غير مرضي".
والصواب أنه قال فيه: "منكر الحديث، غير
(1)
"الميزان"3: 160.
(2)
"سؤالات الآجري لأبي داود"1: 158.
(3)
"سؤالات الآجري" لأبي داود"1: 236، و"تاريخ بغداد"12: 117، والحداني هو محمد بن داود، انظر: "الجرح والتعديل"7: 250، و"تهذيب الكمال"23: 66.
(4)
"تهذيب التهذيب"10: 31.
(5)
"علل المروذي" ص 72.
مرضي"
(1)
.
وذكر أحد الباحثين أن يعقوب بن سفيان قال في شَهْر بن حَوْشَب: "شَهْر وانٍ" نقل هذا عن "تهذيب التهذيب"، والنص فيه ليس هكذا، فالباحث لم يحكم قراءته، ولفظه:"شَهْر وإن قال فيه ابن عون: نزكوه- فهو ثقة"
(2)
، وبين المعنيين فرق كبير، والباحث قد ذكر النص في مكان آخر فقرأه على الصواب.
ويلتحق بتحريف النصوص ما يتعرض له النص من نقص أو زيادة بسبب سهو الناسخ، أو رداءة النسخة المخطوطة أو المطبوعة.
مثال ذلك قول عثمان الدارمي وهو يسأل يحيى بن معين عن أصحاب الثوري: "قلت: فالأشجعي؟ فقال: صالح"
(3)
.
وقد ذكرته المصادر عن الدارمي هكذا: "صالح، ثقة"
(4)
.
ونقل ابن أبي حاتم عن والده قوله في أحمد بن شَبِيْب: "ثقة"
(5)
، وذكر ابن حجر أنه قال فيه:"صدوق"
(6)
، كذا في النسخة، والنص عند المِزِّي بهما جميعا:"ثقة، صدوق"
(7)
.
وروى ابن أبي حاتم، عن عباس الدُّوري، عن ابن معين قوله في عمر بن حبيب البصري:"ضعيف، كان يكذب"
(8)
.
(1)
"ميزان الاعتدال"1: 103، و"تهذيب التهذيب"1: 36، "وهدي الساري" ص 386.
(2)
"تهذيب التهذيب"4: 471، وهو في "المعرفة والتاريخ"2:426.
(3)
"تاريخ الدارمي عن ابن معين" ص 61.
(4)
"الجرح والتعديل"5: 324، و"تاريخ بغداد"11: 312، و"تهذيب الكمال"19: 110، و"شرح علل الترمذي"2:723.
(5)
"الجرح والتعديل"2: 55.
(6)
"تهذيب التهذيب"1: 36.
(7)
"تهذيب الكمال"1: 327.
(8)
"الجرح والتعديل"6: 105.
والنص في "تاريخ الدُّوري" ليس فيه: "كان يكذب"
(1)
، وهو كذلك في مصادر عديدة من طرق متضافرة عن الدُّوري
(2)
، وهو اللائق بحال عمر
(3)
.
وذكر ابن حجر في ترجمة أبي بَلْج يحيى بن أبي سُلَيْم الواسطي، عن الجوزجاني والأزدي قولهما فيه:"كان ثقة"
(4)
.
كذا وقع في النسخة، وهي كثيرة السقط والتحريف، والصواب:"كان غير ثقة"
(5)
.
والحاصل أن الباحث مطالب بالتدقيق في النصوص، والحرص الشديد على التأكد من سلامتها من التحريف والسقط، فتعرض النصوص لذلك أمر شائع كثير.
الرابعة، والخامسة: يتعرض النص لجمعه، أو تفريقه، والمراد بهاتين الصورتين أن يكون الناقد تكلم على راو في مكان، ثم تكلم عليه في مكان آخر، فيجمع المؤلف بينهما، مع احتمال أن يكون لهذا مناسبة ولهذا مناسبة، أو يكون الناقد قد تكلم على راويين مقارنا بينهما، فيأتي بعض المؤلفين الناقلين لكلامه فيفرقون كلامه على هذا الراوي في ترجمته،
(1)
"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 426.
(2)
"الضعفاء الكبير"3: 153، و"الكامل"5: 1695، و"تاريخ بغداد"11:199.
(3)
"تهذيب التهذيب"4: 431.
(4)
"تهذيب التهذيب"12: 47.
(5)
"أحوال الرجال" ص 198، و"الكامل"7: 2685، و"ميزان الاعتدال"4: 384، و"ديوان الضعفاء" ص 337.
وعلى الراوي الآخر في ترجمته، والعكس كذلك، قد يبدو النص على صورة مقارنة بين راويين، وبالمتابعة يتبين أنه تكلم في كل واحد منهما على حدة، وقد يكون قارن بينهما، لكن بعض ما نسب إليه في المقارنة قد ذكره مفردا، وهذه مسائل دقيقة تجنبت شرحها خشية الإطالة، وقد لاح لي أن ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" يفعل بعض ما تقدم فيما ينقله عن كتب السؤالات والعلل، والله أعلم.