المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القسم الأول: ما وصلنا من أحكام أطلقها الأئمة على الرواة - الجرح والتعديل - اللاحم

[إبراهيم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌ ماذا يمكن أن يستفيده الباحث المتخصص من هذه السلسلة

- ‌الأول: فهم كلام الأئمة

- ‌الثاني: تفهم كلام الأئمة

- ‌الثالث: إتقان عرض التخريج والدراسة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: الحكم على الراوي

- ‌ مدخل:

- ‌المبحث الأول: وسائل الحكم على الراوي

- ‌أولا: التأمل في أفعال الراوي وتصرفاته، والنظر في سيرته

- ‌ثانيا: إلقاء الأسئلة على الراوي

- ‌ثالثًا: اختبار الراوي وامتحانه:

- ‌الأولى: تلقين الراوي

- ‌الثانية: المذاكرة:

- ‌رابعًا: النظر في أصول الرواة وكتبهم:

- ‌خامسًا: النظر في أحاديث الراوي ومروياته:

- ‌1 - اعتداله أو مجازفته في الرواية:

- ‌2 - مشاركته لغيره أو تفرده:

- ‌3 - ثباته أو اضطرابه فيما يرويه:

- ‌4 - موافقته أو مخالفته لغيره:

- ‌المبحث الثاني: اختلاف حال الراوي

- ‌الأولى: توثيق الراوي أو تضعيفه في شيخ معين، أو في شيوخ معينين:

- ‌الثانية: توثيق الراوي في روايته عن أهل بلد معين، وتضعيفه في روايته عن أهل بلد آخر:

- ‌الثالثة: توثيق الراوي أو تضعيفه في رواية أهل بلد معين عنه:

- ‌الرابعة: توثيق الراوي أو تضعيفه في صفة معينة في الرواية:

- ‌الخامسة: تقوية الراوي إذا حدث من كتابه، وتضعيفه إذا حدث من حفظه:

- ‌السادسة: تضعيف الراوي في آخر عمره، وتقويته قبل ذلك:

- ‌المبحث الثالث: مقارنة الراوي بغيره

- ‌القسم الأول: المقارنة المطلقة

- ‌الضرب الأول: أن تكون المقارنة فيه بين راو أو أكثر وبين من سواه بإطلاق

- ‌الضرب الثاني: أن يقيد الناقد من يقارن الراوي بهم بشيء ما، كأن يقيدهم بأهل بلد الراوي، أو بمن رآهم الناقد

- ‌القسم الثاني: المقارنة المقيدة بشيء معين كبلد، أو شيخ:

- ‌المبحث الرابع: عوائق الحكم على الراوي

- ‌أولاً: اشتباه الراوي بغيره على الناقد

- ‌ثانيًا: تعارض وسائل الحكم على الراوي

- ‌ثالثًا: نقد النقد

- ‌رابعًا: انعدام وسائل الحكم على الراوي أو ضعفها

- ‌الفصل الثاني: أحكام النقاد على الرواة ومراتبها

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول: الأحكام النظرية على الرواة

- ‌القسم الأول: ما وصلنا من أحكام أطلقها الأئمة على الرواة

- ‌القسم الثاني: حركات وإشارات تصدر من النقاد حين يرد ذكر بعض الرواة

- ‌المبحث الثاني: الأحكام العملية على الرواة

- ‌القسم الأول: الانتقاء العام للرواة

- ‌القسم الثاني: الانتقاء الخاص للرواة:

- ‌المبحث الثالث: مراتب أحكام النقاد على الرواة

- ‌الفصل الثالث: ضوابط النظر في أحكام النقاد على الرواة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: ثبوت النقل عمن نسب إليه

- ‌المبحث الثاني: سلامة النص

- ‌الصورة الأولى: حكاية معنى النص

- ‌الصورة الثانية: بتر النص

- ‌الصورة الثالثة: تحريف النص

- ‌المبحث الثالث: قائل النص

- ‌المبحث الرابع: دلالة النص

- ‌الفصل الرابع: تمييز رواة الإسناد

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول: كثرة وقوع الاشتباه بين الرواة

- ‌المبحث الثاني: أسباب وقع الخلط بين الرواة

- ‌المبحث الثالث: الوسائل المساعدة على تمييز الرواة

- ‌النوع الأول: الولادة والوفاة:

- ‌النوع الثاني: الشيوخ والتلاميذ:

- ‌النوع الثالث: كتب الأطراف:

- ‌النوع الرابع: طرق الحديث الأخرى:

- ‌القسم الأول: الطرق إلى المؤلفين

- ‌القسم الثاني: الطرق بعد المؤلفين

- ‌النوع الخامس: النظر في متن الحديث وإسناده:

- ‌النوع السادس: ضوابط في تمييز الرواة:

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌القسم الأول: ما وصلنا من أحكام أطلقها الأئمة على الرواة

‌المبحث الأول: الأحكام النظرية على الرواة

هذا النوع من الأحكام اشتهر في مصادر علوم الحديث باسم (ألفاظ الجرح والتعديل)، وأطلق عليها ذلك باعتبار الأغلب، وإلا فهي على قسمين:

‌القسم الأول: ما وصلنا من أحكام أطلقها الأئمة على الرواة

، وهذا أكثر الأقسام وجودا، فقد امتلأت به كتب الجرح والتعديل، فأطلق النقاد ما لا يحصى من أحكامهم على الرواة، وتداولوا في الغالب ألفاظا وأساليب محددة شاع استخدامها بينهم، مثل قولهم: فلان ثقة، أو ثبت، أو ليس به بأس، أو صدوق، أو ضعيف، أو منكر الحديث، أو ذاهب الحديث، أو متروك الحديث، أو واه، أو مجهول، أو لا أعرفه، وهكذا في التقييد، فيقولون: فلان ثقة إلا في روايته عن فلان فهو ضعيف، أو ليس بذاك، أو ليس بشيء، أو إذا حدث من كتابه فهو ثقة، وإذا حدث من حفظه فليس بشيء، ومثله في المقارنة بين الرواة كأن يقولوا: فلان مثل فلان، أو خير منه، أو دونه، ونحو هذه العبارات.

كما استخدم النقاد في هذا القسم ألفاظا وأساليب على سبيل الندرة والقلة، لأغراض مختلفة، فتارة للتفنن في العبارة، وتارة للتأكيد على القول، وتارة للترويح والطرافة.

فمن ذلك:

أ- الحلف على حال الراوي، كما في قول أحمد في عبد الله بن

ص: 224

زياد بن سَمْعان: "سمعت إبراهيم بن سعد يحلف أنه كذاب"

(1)

.

وقال الترمذي: "سألت محمدا عن الفَضْل بن عيسى الرَّقَاشي، فقال: هو ابن أخي يزيد الرَّقَاشي، كان سفيان بن عُيَيْنة يقول: كان أهلا - والله - ألا يحدث عنه"

(2)

.

وقال أبو داود: "قيل (يعني لأحمد): إسحاق الأزرق ثقة؟ قال: إي والله ثقة"

(3)

.

وقال أبو داود في عُتبة بن أبي حَكيم: "سألت يحيى بن معين فقال: والله الذي لا إله إلا هو إنه لمنكر الحديث"

(4)

.

وقال ابن مُحْرِز: "سمعت يحيى يقول: حدثني علي بن عَيَّاش، وكان -والله- لا بأس به، ثقة"

(5)

.

ب- المبالغة في التوثيق أو التضعيف، مثل قول أيوب السَّخْتِيَاني: لو أن فَضْلا الرَّقَاشي ولد أخرس كان خيرا له"

(6)

.

واشتهر عن شعبة أنه كان يحمل على أَبَان بن أبي عَيَّاش، وقد أقذع فيه القول، فمن ذلك قول فيه: "لأن أشرب من بَوْل حماري حتى

(1)

"سؤالات أبي داود" ص 363، و"العلل ومعرفة الرجال"1: 352، 2: 204، و"علل المروذي" ص 84، 95، و"الجرح والتعديل"5:61.

(2)

"العلل الكبير"2: 967.

(3)

"سؤالات أبي داود" ص 322.

(4)

"سؤالات الآجري لأبي داود"2: 218.

(5)

"معرفة الرجال" ص 110، 145، وانظر أيضا: ص 98، 104، 111، 145، 153، 166.

(6)

"التاريخ الكبير 7: 118، و"سؤالات الآجري لأبي داود"1: 417، و"الضعفاء الكبير"3: 442، و"الكامل"6: 2039.

ص: 225

أروى أحب إلي من أن أقول: حدثني أَبَان بن أبي عَيَّاش"

(1)

.

وقال أيضا: "لأن أزني سبعين مرة -وفي رواية: لأن أرتكب سبعين كبيرة- أحب إلي من أن أحدث عن أَبَان بن أبي عَيَّاش"

(2)

.

وقال أيضا: "لأن يزني الرجل خير له من أن يروي عن أَبَان بن أبي عَيَّاش"

(3)

.

وقال العقيلي: "حدثنا زكريا بن يحيى الحُلْواني قال: سمعت سلمة بن شَبِيب يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرَّقَاشي، قال سلمة: فذكرت ذاك لأحمد بن حنبل، قال: بلغنا أنه قال هذا في أَبَان، قال أبو يحيى: وكان أبو داود سليمان بن الأشعث صاحب "التاريخ"، صاحب أحمد بن حنبل معنا في مجلس سلمة، فقال لي أبو داود: وقاله فيهما جميعا"

(4)

.

وقال شعبة أيضا: "لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أحدث عن أبي هارون العبدي"

(5)

.

وقال مرة: "كنت لو قيل لي: تدخل الجنة، أو تلقى أبا هارون ثم تدخل الجنة؟ لقلت: بل ألقى أبا هارون، فلقيته فإذا هو لا شيء"

(6)

.

وقال ابن المبارك: "لو خيرت بين أن أدخل الجنة، وبين أن ألقى

(1)

"الضعفاء الكبير"1: 38، و"الكامل"1:372.

(2)

"الجرح والتعديل"1: 134، و"الكامل"1:372.

(3)

"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 480.

(4)

"الضعفاء الكبير"1: 38.

(5)

"الضعفاء الكبير"3: 312.

(6)

"المعرفة والتاريخ"2: 778.

ص: 226

عبد الله بن مُحَرَّر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة، فلما رأيته كانت بَعْرة أحب إلي منه"

(1)

.

وقال أبو أحمد الزبيري: "حدثت ابن عُيَيْنة عن مُعَلَّى الطحان في بعض حديث ابن أبي نَجِيح، فقال: ما أحوج هذا إلى أن يقتل"

(2)

.

وروى عنه أحمد قوله في معلى هذا: "إن كان المعلى يحدث عن ابن أبي نَجِيح الذي رأيناه- ما أحوجه أن تضرب عنقه"

(3)

.

وقال أحمد: "سعد بن إبراهيم أثبت من عمر بن أبي سلمة خمسين مرة"

(4)

.

وقد اشتهر يحيى بن معين باستخدام أسلوب المبالغة، وخاصة في التجريح، فقد كان شديد العبارة على بعض الرواة، فمن ذلك قوله في أبي مسعود عبد الأعلى بن أبي المسَاوِر الجرَّار:"كذاب، قد تخلى الله منه، لا يسأل عن مثل هذا، ليس بثقة"

(5)

.

وقال ابن مُحْرِز: "سمعت يحيى بن معين يقول -وذكر أبا سليمان الجُرْجاني- فقال: أبو جُرْجان، ينبغي أن نهدم حول داره أربعين دارا هكذا، وأربعين دارا هكذا، وأربعين دارا هكذا، وأربعين دارا هكذا، فقال أبو خَيْثَمة: يا أبا زكريا فتدخل دارك في هذا الهدم، قال: لا أبالي، يبدأ بداري أولا، حتى تطهر تلك البلاد منه"

(6)

.

(1)

"صحيح مسلم"1: 27.

(2)

"الجرح والتعديل"8: 336.

(3)

"العلل ومعرفة الرجال"1: 510.

(4)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 162.

(5)

"معرفة الرجال"1: 57.

(6)

"معرفة الرجال"1: 66، 163، وانظر: 1: 62 فقرة (102)، 65 فقرة (121، 123) 66 فقرة (125، 127) 78 فقرة (223)، و"تهذيب التهذيب"4: 273 - 275.

ص: 227

وقال عبد الله بن أحمد: "سألت يحيى قلت: شيخ الكوفة يقال له: زكريا الكسائي؟ فقال: رجل سوء يحدث بحديث سوء، قلت ليحيى: إنه قد قال لي: إنك قد كتبت عنه، فحوَّل يحيى وجهه إلى القبلة، وحلف بالله مجتهدا أنه لا يعرفه، ولا أتاه، ولا كتب عنه، إلا أن يكون رآه في طريق وهو لا يعرفه، ثم قال يحيى: يستأهل أن يُحفر له بئر ثم يُلقى فيه"

(1)

.

وقال محمد بن يحيى الذهلي في يحيى الحِمَّاني: : "اضربوا على حديثه بستة أقلام"

(2)

.

وقال الجوزجاني في بَكْر بن خُنَيْس الزاهد: "كان يروي كل منكر عن كل منكر"

(3)

.

وقال أبو زرعة في أحمد بن عبد الرحمن، ابن أخي عبد الله بن وهب، وقد حدث بأحاديث منكرة:"لا أرى ظهر بمصر منذ دهر أوضع للحديث وأجسر على الكذب من هذا"

(4)

.

ج- اختيار عبارة توافق اسم الراوي، أو تشبيه حديثه بوجهه، أو بصفة فيه.

مثل قول سفيان الثوري للمُعَافَى بن عِمْران: "أنت مُعَافَى

(1)

"العلل ومعرفة الرجال"3: 8، و"الضعفاء الكبير"2:86.

وانظر نصوصًا أخرى عن يحيى في: "معرفة الرجال"1: 51، 57، 62، 65، 66.

(2)

"تاريخ بغداد"14: 176، و"سير أعلام النبلاء"10:532.

(3)

"أحوال الرجال" ص 181.

(4)

"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 711.

ص: 228

كاسمك"

(1)

.

وقوله في ثور بن يزيد الشامي: "خذوا عنه، واتقوا قرنيه"، يشير إلى قدريته

(2)

.

وقال الشافعي، ويحيى بن معين، في حرام بن عثمان:"الرواية عن حرام حرام"

(3)

.

وقال الشافعي أيضا في محمد بن عبد الرحمن أبي جابر البَيَاضي: "بَيَّض الله عيني من يروي عنه"

(4)

.

وقال أيضا في مُجَالِد بن سعيد: "الحديث عن مُجَالِد يجالد الحديث"

(5)

.

وقال أبو طالب: "قلت لأحمد بن حنبل: ثابت البناني أثبت، أو قتادة؟ قال: ثابت ثبت في الحديث

"

(6)

.

وروى أحمد بن محمد بن حَرْب الجُرْجَاني، عن يحيى بن معين

(1)

"تاريخ بغداد"13: 228.

(2)

"أحوال الرجال" ص 324، "الجرح والتعديل"1: 73، 2: 468، و"الضعفاء الكبير"1: 180، وانظر:"تهذيب الكمال"4: 424، فقد قال هذا أيضا في ثور بن يزيد آخرون غير سفيان الثوري.

(3)

"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 485، و"المعرفة والتاريخ"3: 138، و"آداب الشافعي ومناقبه" ص 218، و"الجرح والتعديل"3: 282، و"الضعفاء الكبير"1: 321، و"المجروحين"1: 269، و"الكامل"2: 850، و"تاريخ بغداد"8:279.

(4)

"آداب الشافعي" ص 218، و"الجرح والتعديل"7: 325، و"كنى الدولابي"1:137.

(5)

"المجروحين"3: 10.

(6)

"الجرح والتعديل"2: 449، و"تهذيب الكمال"4: 346، وانظر:"الميزان"1: 363.

ص: 229

قوله: "رِشْدِينين ليسا برشيدين، رِشْدِين بن كريب، ، ورِشْدِين بن سعد"

(1)

.

وقال ابن الجُنَيْد: "قلت ليحيى: محمد بن فَضَاء كان يعبر الرؤيا؟ قال: نعم، كان يعبر الرؤيا، وحديثه مثل تعبيره، أي أنه ضعيف الحديث"

(2)

.

وذكر أبو داود حديثا منكرا للفَضْل بن عيسى الرَّقَاشي، ثم قال:"حديث يشبه وجه فَضْل الرَّقَاشي"

(3)

.

د- ضرب المثل والتشبيه لبيان حال الراوي، أو الكناية عن حاله، ومن أمثلة الأول: ما رواه حماد بن زيد قال: "ذكر أيوب رجلا يوما فقال: لم يكن بمستقيم اللسان، وذكر آخر فقال: هو يزيد في الرَّقْم"

(4)

.

وقال ابن الأثير: "كان يزيد في الرَّقْم أي: ما يكتب على الثياب من أثمانها، لتقع المرابحة عليه، أو يغتر به المشتري، ثم استعمله المحدثون فيمن يكذب ويزيد في حديثه"

(5)

.

وقال سعيد بن عبد العزيز في سعيد بن بَشِير: "كان حاطب ليل"

(6)

.

وروى عبيد الله بن عمر القَواريري قال: "سمعت حماد بن زيد

(1)

"الكامل"3: 1009، و"تهذيب الكمال"9:194.

(2)

"سؤالات ابن الجنيد" ص 327.

(3)

"سؤالات الآجري"1: 403.

(4)

"صحيح مسلم"1: 21.

(5)

"النهاية في غريب الحديث"2: 253.

(6)

"الضعفاء الكبير"2: 100.

ص: 230

يقول لرجل بعدما جلس مهدي بن هلال بأيام: ما هذه العين المالحة التي نبعت من قبلكم؟ قال: نعم يا إبا إسماعيل"

(1)

.

وقال مالك في عَطَّاف بن خالد: "ليس هو من جِمَال المَحَامِل"، وفي رواية:"ليس هو من إبل القِبَاب"

(2)

.

وكذا قال يحيى القطان في سَلْم بن قتيبة: "ليس من الجِمَال التي تحمل المَحَامِل"

(3)

.

ونحوه لابن معين في رِشْدِين بن سعد

(4)

.

وكان سفيان بن عُيَيْنة يسمى علي بن المديني: حية الوادي، إعجابا به، وهو من تلامذته، وكان إذا استفتي أو سئل عن شيء قال:"لو كان حية الوادي"

(5)

-يعني لو كان موجودا لأجاب-.

وسئل النَّضْر بن شُمَيْل عن حديث حُرَيْث بن السائب، فقال:"بين المطيع وبين المدبر العاصي"

(6)

.

وقال أبو حاتم في يحيى بن اليَمَان: "رأيت محمد بن عبد الله بن نُمَيْر يضعف يحيى بن يَمَان، ويقول: كأن حديثه خَيَال"

(7)

.

وقال علي بن المديني في خليفة بن خَيَاط المعروف بشَبَاب، وفي

(1)

"صحيح مسلم"1: 25.

(2)

"الضعفاء الكبير"3: 425، و"تهذيب سنن أبي داود"1: 363، و"تهذيب التهذيب"7: 222، وتصحفت العبارة الأخيرة فيه إلى:"ليس من أهل القباب".

(3)

"الضعفاء الكبير"2: 166.

(4)

"الضعفاء الكبير"2: 67.

(5)

"تاريخ بغداد"11: 459.

(6)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 70.

(7)

"الجرح والتعديل"9: 199.

ص: 231

عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة: "في دار عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، وشَبَاب بن خَيَّاط، شجر يحمل الحديث"

(1)

.

وقال أبو خَيْثَمة زهير بن حرب بعد أن كتب عن منصور بن سلمة الخُزاعي الحافظ: "كتبت اليوم عن كَبْش نَطَّاح"

(2)

.

وقال أبو بكر الأعين في سُوَيْد بن سعيد الأَنباري: "هو سِدَاد من عَيْش، هو شيخ"

(3)

.

واشتهر الجوزجاني بضرب الأمثال في بيانه لأحوال الرواة، فمن ذلك قوله في عبد الكريم بن أبي المُخَارِق:"غير ثقة، فرحم الله مالكا، غاص هناك -في المثل- فوقع على خَزَفَة مكسرة، أظنه اغتر بكسائه"

(4)

.

وقال في إسماعيل بن عَيَّاش: "ما أشبه حديثه بثياب سابور، يُرْقَم على الثوب المئة، ولعل شِرَاه دون عشرة"

(5)

.

وقال في حماد بن عمرو النَّصِيببي: "كان يكذب، لم يدع للحليم في نفسه منه هاجسا"

(6)

.

وذكر عمن حدثه عن بعض الأئمة قوله في عبد السلام أبي الصَّلْت الهروي: "هو أكذب من رَوْث حمار الدجال"

(7)

.

(1)

"الضعفاء الكبير"2: 22.

(2)

"تاريخ بغداد"13: 70.

(3)

"تهذيب الكمال"12: 252.

(4)

"أحوال الرجال" ص 161.

(5)

"أحوال الرجال" ص 297.

(6)

"أحوال الرجال" ص 305، وانظر أيضا: ص 180، 193.

(7)

"أحوال الرجال" ص 348.

ص: 232

وقال أبو حاتم في عدد من الرواة: "هو على يَدَيْ عَدْل"

(1)

، يشير إلى ضعفهم الشديد، وهذا مثل يضرب لمن يتيقن هلاكه، وللمثل قصة

(2)

.

وقال في عدد من الرواة: "يكتب عنه زَحْفا"، أو "لا يكتب عنه إلا زَحْفا"، أو "من شاء كتب عنه زَحْفا"

(3)

.

كما استخدموا التشبيه وضرب المثل في المقارنة بين الرواة، كما في قول يحيى بن اليَمَان:"كان سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث، وكان سفيان بن عُيَيْنة صاحب شرطته"

(4)

.

وأما الكناية عن حال الراوي فلها صور، منها أن يسأل عنه فيذكره بخصلة خير غير تثبته في الرواية، كما قال الشافعي:"إذا مدح الرجل بغير صناعته فقد وُهِص -يعني دُقَّ- عنقه"، قاله الشافعي تعقيبا على قوله في الربيع بن صُبَيْح:"كان رجلا غزاء"

(5)

.

ومن ذلك قول عبد الصمد بن عبد الوارث في مُجَّاعة بن الزبير:

(1)

"الجرح والتعديل"2: 550، 6: 103، 7:244.

(2)

انظر: "إصلاح المنطق" ص 43، و"أدب الكاتب" ص 52، و"تهذيب التهذيب"9: 142، و"فتح المغيث"2:129.

(3)

"الجرح والتعديل"3: 216، 321، 421، 6: 35، 37.

وانظر نصوصا أخرى في هذا السياق في: "العلل ومعرفة الرجال"1: 355، 2: 57، 355، 356، 3: 262، و"تاريخ الدرامي عن ابن معين" ص 220 - 221، و"صحيح مسلم"1: 27، و"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 533، و"المعرفة والتاريخ"2: 427، و"الجرح والتعديل"4: 267، و"تاريخ بغداد"7: 21، 9: 259، و"سير أعلام النبلاء"7:220.

(4)

"الكامل"1: 93.

(5)

"آداب الشافعي ومناقبه" ص 224.

ص: 233

"كان جارا لشعبة، نحو الحسن بن دينار، وكان شعبة يسأل عنه، وكان لا يجترئ عليه، لأنه كان من العرب، وكان شعبة يقول: هو كثير الصوم والصلاة"

(1)

.

أو يحيد عن الجواب، كما في قول وكيع وسئل عن عمر بن هارون البَلْخي:"بات عندنا ليلة"

(2)

.

أو يجيب بذكر صفة لا مدخل لها في التوثيق، قال عبد الرزاق:"كان سفيان الثوري إذا حدثنا عن شيخ، قلنا له: كيف هذا؟ قال: كان حسن الخِضَاب"

(3)

.

أو يسأل عنه فيجيب ببيان حال غيره، كما سئل أحمد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فقال:"عبد الله أخوه لا بأس به"

(4)

.

وقال الميموني في يحيى الحِمَّاني: "وذكر عنده -يعني عند أحمد بن حنبل- فقال: ليس بأبي غَسَّان بأس"

(5)

.

أو يذكره بصفة تشير إلى ما فيه من غير تصريح، كما في قول الشافعي في أبي عبد الله الجَدَلي:"كان جيد الضرب بالسيف"

(6)

، فسره أبو زرعة بأنه كان خرج مع المختار الثقفي

(7)

.

(1)

"أحوال الرجال" ص 201، و"الجرح والتعديل"8: 420، و"الضعفاء الكبير"4: 255، و"الكامل"6:2418.

(2)

"الجرح والتعديل"6: 141.

(3)

"الكامل"1: 93.

(4)

"المجروحين"2: 58.

"وانظر مثالين آخرين في: "علل المروذي" ص 226، و"المعرفة والتاريخ"2: 178.

(5)

"تهذيب الكمال"31: 422. وانظر مثالا آخر في "المعرفة والتاريخ"2: 178.

(6)

"آداب الشافعي ومناقبه" ص 223.

(7)

"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 486.

ص: 234

أو يدعو له، كما في قول أبي زرعة حين سأله البَرْذَعي عن عَنْبَسة بن عبد الرحمن:"نسأل الله أن يرحمه، اضرب على حديثه -فلم يقرأه-"

(1)

.

أو يدعو لنفسه، كما في قول أبي زرعة أيضا فيما نقله عنه ابن أبي حاتم، قال:"سئل أبو زرعة عن عمر بن عبد الله بن يعلى، فقال: ليس بقوي، فقلت: ما حاله؟ قال: أسأل الله السلامة"

(2)

.

أو يستعين بالله، كما كان وكيع إذا ذكر عنده قيس بن الربيع قال:"الله المستعان"

(3)

.

ومن الكناية كذلك أن يصغر الاسم أو الكنية، كما في قول أبي اليَمَان الحَكَم بن نافع في سعيد بن عبد الجبار الحمصي:"أبو عُثَيْم، صاحبنا، خرج إلى العراق في طلب الحديث"

(4)

، علق عليه المعلمي بأنه فعل ذلك استضعافا له، وكنيته أبو عثمان.

هـ- ذكر الراوي بشيء أخطأ فيه، أو اتهم به، حتى صار علما عليه، يعرف به.

ومن أمثلته: أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قيل له: حدثك أبوك، عن جدك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن سفينة نوح طافت بالبيت، وصلت خلف المقام ركعتين؟ قال: نعم"، فذكر رجل لمالك بن أنس حديثا منقطعا، فقال: "اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه،

(1)

"أسئلة البرذعي" ص 704.

(2)

"الجرح والتعديل"6: 118، وانظر نصا آخر لأبي زرعة أيضا في 4:26.

(3)

"العلل ومعرفة الرجال"3: 437، 457، و"علل المروذي" ص 130.

(4)

"الجرح والتعديل"4: 44.

ص: 235

عن نوح"

(1)

.

وقال عبد الله بن المبارك: "رأيت رَوْح بن غُطَيْف، صاحب (الدم قدر الدرهم)، وجلست إليه مجلسا، فجعلت أستحي من أصحابي أن يروني جالسا معه، كره حديثه"

(2)

.

وكان أحمد ينسب عمرو بن حَكَّام (الزَّنْجَبِيلي)، لكونه روى حديثا عن شعبة فيه ذكر الزنجبيل، وقد أنكروه عليه

(3)

.

وقال ابن مُحْرِز: "سمعت يحيى (يعني ابن معين) وسئل عن سُوَيْد بن سعيد الأنباري، فقال: مولى الجواسنة

، فقيل له: يا أبا زكريا ما معنى مولى الجواسنة؟ فقال: حدث بحديث الأعمش، عن إبراهيم، عن حذيفة:"لا يليكم بعد عمر إلا أَصْعَر أَبْتَر، مولى الجواسنة"، فقيل له: إنما هو "مولي الحق استه"، فقال: اسكت، حذيفة كان يسفه؟ "

(4)

.

وروى شَهْر بن حَوْشَب أحاديث عن بعض الصحابة يذكر فيها صحابي الحديث أنه كان آخذا بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الجوزجاني: "أحاديثه لا تشبه أحاديث الناس

، كأنه مولع بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي أن يغتر به وبروايته"

(5)

.

وقال في الحَكَم بن ظُهَيْر: "سقط بميله وأعاجيب حديثه، وهو

(1)

"الضعفاء الكبير"2: 331، و"المجروحين"2: 58، و"الكامل"4:1582.

(2)

"صحيح مسلم"1: 18.

(3)

"العلل ومعرفة الرجال"3: 101، وانظر:"لسان الميزان"4: 360.

(4)

"معرفة الرجال"1: 66.

(5)

"أحوال الرجال" ص 156.

ص: 236

صاحب (نجوم يوسف) "

(1)

.

وقال في عَبَّاد بن كَثِير الثقفي البصري: "لا ينبغي لحكيم أن يذكره في العلم، حسبك عنه بحديث (النهي) "

(2)

.

وقال في يعقوب بن الوليد المدني: "غير ثقة ولا مأمون، هو صاحب حديث سهل بن سعد في (الرُّطَب بالقِثَّاء) "

(3)

.

و- استخدام كلمات من غريب اللغة في وصف أحوال الرواة، ومن ذلك ما روى الأصمعي، عن قُّرَّة بن خالد قال:"كانوا يرون أن الكلبي يُزرِّف "، فسئل الأصمعي عن التزريف فقال:"الزيادة"

(4)

، وفسره أبو حاتم بقوله:"يعني يكذب"

(5)

.

ووصف شعبة ميمون بن عبد الله البصري بأنه كان فَسْلا

(6)

، وكذا قال شعبة في سيف بن وهب التيمي

(7)

، والفَسْل: الرديء

(8)

.

وروى عبد الرزاق، عن معمر، قوله في إسماعيل بن شَرْوَس الصنعاني:"كان يُثَبِّج الحديث"

(9)

.

(1)

"أحوال الرجال" ص 154.

(2)

"أحوال الرجال" ص 177.

(3)

"أحوال الرجال" ص 228، وانظر أيضا: ص 253، 342.

(4)

"أحوال الرجال" ص 68، و"الكامل"6: 2127، وانظر:"النهاية في غريب الحديث"2: 301.

(5)

"الجرح والتعديل"7: 271.

(6)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 304 - 305، 3: 112، و"الجرح والتعديل"1: 153، 8: 234، و"الضعفاء الكبير"4:185.

(7)

"العلل ومعرفة الرجال"3: 242.

(8)

"معجم مقاييس اللغة"4: 503، و"لسان العرب"11:519.

(9)

"التاريخ الكبير"1: 359، و"الضعفاء الكبير"1: 84، و"الكامل"1:314.

ص: 237

وكذا قال عبد الرحمن بن مهدي في سفيان الثوري: "لو رأى إنسان سفيان يحدث لقال: ليس هذا من أهل العلم، يقدم، ويؤخر، ويُثَبِّج، ولكن لو جَهَدْت جَهْدَك أن تزيله عن المعنى لم يفعل"

(1)

.

وقال أحمد في أبي عاصم النَّبِيل لما سئل عنه وعن رَوْح بن عُبَادة، قال:"كان روح يخرج الكتاب، وأبو عاصم يُثَبِّج الحديث"

(2)

.

ومن معاني الثبيج في اللغة: لا يأتي بالكلام على وجهه، وكذلك التفنن فيه

(3)

.

وقال وكيع: "ذكر شعبة أبا هارون العبدي فلقي منه جزا"، قال ابن أبي حاتم مفسرا ذلك:"يعني أنه ذكره بغير الجميل"

(4)

.

وربما أطلقوا كلمات يعسر فهم المراد منها، كما في قول أحمد في أبي سعيد مولى بني هاشم، قال عبد الله:"سمعت أبي يقول وذكر أبا سعيد مولى بني هاشم فأثنى عليه، وقال: كان متهارما جدا -يعني في الحديث-"

(5)

.

بل ربما استخدموا كلمات أعجمية، كما في قول حبيب بن أبي ثابت:"كنا نسمي أبا صالح باذام: دروغزن"

(6)

، و (دروغ) كلمة

(1)

"الجامع لأخلاق الراوي"2: 33.

(2)

" سؤالات أبي داود" ص 347.

(3)

"لسان العرب"2: 220، وحاشية "التاريخ الكبير"1:359.

(4)

"الجرح والتعديل"1: 149، وقد اختلفت النسخ في هذه الكلمة (جزا)، ويحتمل أن يكون الصواب:"حزا"، فمن معاني الحز في اللغة: القطع من الشيء في غير إبانة، ومن معانيه أيضا: الرجل الغليظ الكلام، انظر:"تاج العروس"4: 25، 26، فكأن المعنى أنه قال فيه قولا مؤثرا، أو أغلظ فيه القول.

(5)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 203.

(6)

"التاريخ الكبير"2: 144، و"التاريخ الصغير"1: 238، و"الضعفاء الكبير"1: 165، و"المجروحين"1: 185، و"الكامل"2: 501، وقد وقع تصحيف كثير في هذه الكلمة في المصادر، انظر أيضا:"أحوال الرجال" ص 88.

ص: 238

فارسية، معناها: الكذب

(1)

.

وقال وكيع: "ذهبت إلى أبي بكر بن عَيَّاش، ومعي أحمد ابني، فانتخبت عليه أحاديث، فلما حدثنا بها وقمنا قال أبو بكر بن عَيَّاش لإنسان: تدري من انتخب هذه الأحاديث؟ انتخبها رجل إرْدَخل"

(2)

.

والإردخل بالفارسية: الرجل الضخم، قال ابن الأثير:"يريد أنه في العلم والمعرفة بالحديث ضخم كبير"

(3)

.

ز- عبارات متفرقة في وصف الرواة يقل استعمالها، إما مطلقًا، كما في قول حسن بن عيسى:"سمعت عبد الله بن المبارك وسألته عن عبد السلام بن حرب، فقال: قد عرفته، وكان إذا قال: قد عرفته فقد أهلكه"

(4)

.

وقول أحمد حين سئل عن يحيى بن سعيد الأموي: "ليس له حركة في الحديث"

(5)

.

أو يقل استعمالها في عموم النقاد، وإن كان أحدهم يكثر منها، فقد كان يحيى بن معين يكثر من وصف الراوي في توثيقه بأنه مسلم، كما في قوله في محمد بن مسلم أبي سعيد المؤدب:"ثقة، مسلم"

(6)

.

(1)

حاشية "أحوال الرجال" ص 88.

(2)

"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 630.

(3)

"النهاية"1: 37، وانظر:"لسان العرب"11: 13، و"تاج العروس"7: 205، 227، وحاشية "تاريخ الدوري عن ابن معين"3: 469 لأحمد نور سيف.

(4)

"العلل ومعرفة الرجال"3: 485.

(5)

"علل المروذي" ص 128، و"تاريخ بغداد"14:133.

(6)

"معرفة الرجال"1: 94.

ص: 239