الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدا، فإذا سئل أحدهم عن سفيان وآخر معه، أو اختلف سفيان مع غيره في حديث، ذكر الإمام قاعدة عامة في تقديم سفيان على من سواه، قال أحمد:"كان الثوري أحفظ وأقل الناس غلطا"
(1)
.
وقال ابن معين: "ليس أحد يخالف سفيان الثوري إلا كان القول قول سفيان"
(2)
.
وقال أبو حاتم: "لا أقدم على سفيان في الحفظ أحدا من أشكاله"
(3)
.
وقال صالح بن محمد البغدادي: "ليس يقدمه عندي أحد في الدنيا"
(4)
.
ومن ذلك أيضا قول أحمد: "زائدة، وزهير، وسفيان- لا تكاد تجد مثلهم"
(5)
، وقوله:"علم الناس إنما هو عن شعبة، وسفيان، وزائدة، وزهير، هؤلاء أثبت الناس، وأعلم بالحديث من غيرهم"
(6)
.
الضرب الثاني: أن يقيد الناقد من يقارن الراوي بهم بشيء ما، كأن يقيدهم بأهل بلد الراوي، أو بمن رآهم الناقد
.
(1)
"تاريخ بغداد"9: 168.
(2)
"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 211، و"تاريخ بغداد"9: 168 - 169.
(3)
"علل ابن أبي حاتم"2: 372، ووقع في إحدى المخطوطتين اللتين نشر عليهما الكتاب:"على سمعان" بدل "على سفيان". وصوبه الناشر، والصواب ما في الأخرى، وهو ما في باقي مخطوطات الكتاب.
(4)
"تاريخ بغداد"9: 170.
(5)
"مسائل إسحاق"2: 208.
(6)
"مسائل إسحاق"2: 113، وانظر:"سؤالات أبي داود ص 309 و"العلل ومعرفة الرجال"2: 601، و"علل المروذي" ص 171، و"المعرفة والتاريخ"1: 167، و"تهذيب الكمال"9: 276.
فمن ذلك ما رواه أحمد قال: "يحيى، أو عبد الرحمن -ولم أسمعه منهما- قال: قال شعبة: ما رأيت أثبت من عمرو بن دينار، ولا الحكم، وقتادة"
(1)
.
وقال يحيى القطان: "ما رأيت شاميا أوثق من ثور بن يزيد"
(2)
.
وقال أحمد في حريز بن عثمان: "ليس بالشام أثبت من حَرِيز، إلا أن يكون بَحِير"
(3)
.
وكذا قال أبو حاتم: "لا أعلم بالشام أثبت منه"
(4)
.
وقال أحمد في يزيد بن عبد ربه الجُرْجُسي: "ما كان أثبته، ما كان فيهم مثله -يعني أهل حمص"
(5)
.
وأكثر هذا القسم أن تتم المقارنة بين راو وآخر مسمى، أو بين رواة بأعيانهم، فهذا قد امتلأت به كتب الجرح والتعديل.
وهناك أسباب كثيرة لاختيار الرواة الذين تجري المقارنة بينهم، ومن أهم هذه الأسباب:
1 -
القرابة، كالأب مع أبنائه، والإخوة فيما بينهم، وأبناء العم، والأصهار.
مثاله: قول أحمد -وقد سئل عن يعلي بن عبيد الطَّنَافِسي، وأخيه
(1)
"سؤالات أبي داود" ص 229، وانظر:"علل المروذي" ص 230.
(2)
"تهذيب الكمال"4: 422.
(3)
"سؤالات أبي داود" ص 261، و"الجرح والتعديل"3:289.
(4)
"الجرح والتعديل"3: 289.
(5)
"سؤالات أبي داود" ص 267، و"الأنساب"3: 242، و"تهذيب الكمال"32:184.
محمد-: "يعلى صحيح الحديث، وكان في بدنه صالحا، وكان محمد أخوه يخطئ ولا يرجع عن خطئه، وكان يظهر السنة، وكان عمر بن عبيد أخوهم شيخا يحدث عن أبي إسحاق، وعن سماك، وعن آدم بن علي، ولم ندرك بالكوفة أحدا يروي عنهم غيره، ولا أكبر منه، ومن المطلب بن زياد"
(1)
.
وقال أحمد أيضا: "كان محمد رجلا صدوقا، ويعلى أثبت منه"
(2)
.
وقال الدارمي: "وسألته -يعني ابن معين- عن يعلي ومحمد ابني عبيد الطَّنَافِسِيَّين، فقال: ثقتان، قلت: فعمر-أعني ابن عبيد-؟ فقال: ثقة، قلت: كأنه دونهما؟ فقال: نعم"
(3)
.
وسئل مرة أخرى عنهم فقال: "كانوا ثقات، وأثبتهم يعلى"
(4)
.
وسئل محمد بن عبد الله بن عمار عن ولد عبيد أيهم أثبت؟ فقال: "كلهم ثبت، وأحفظهم يعلى، وأبصرهم بالحديث محمد، وعمر شيخهم، وكان الأخ الرابع لا يحسن قليلا ولا كثيرا"
(5)
.
وقيل لأحمد: يزيد بن يزيد بن جابر هو أخو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر؟ فقال: "نعم، عبد الرحمن أقدم موتا، وأثبت منه -إن شاء الله-"
(6)
.
(1)
"مسائل إسحاق"2: 206.
(2)
"تهذيب التهذيب"9: 328، وانظر:"علل المروذي" ص 166.
(3)
"تاريخ الدارمي عن ابن معين" ص 156.
(4)
"تاريخ بغداد"2: 368.
(5)
"تاريخ بغداد"2: 368، و"تهذيب الكمال"26: 57، وقد اختصرت النص.
(6)
"مسائل إسحاق"2: 248.
وقال أبو داود: "قلت لأحمد: عبد ربه بن سعيد أحب إليك أو يحيى؟ قال: ما فيهما إلا ثقة، إلا أن يحيى أشهر"
(1)
، وسأله أبو داود أيضا مرة أخرى عن أخيهما سعد فقال:"ليس هو مثل هؤلاء -أعني أخويه: يحيى، وعبد ربه-، سعد ليس بمحكم الحديث"
(2)
.
وسئل أحمد عن عاصم بن علي بن عاصم فقال: "حديثه حديث مقارِب، حديث أهل الصدق، ما أقل الخطأ فيه، ولكن أبوه كان يهم في الشيء"
(3)
.
وقال أحمد: "إسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى - من أهل مكة، وهما ابنا عم، وكان أيوب بن موسى أنفع للناس، إلا أن إسماعيل أوثق منه وأثبت"
(4)
.
وقال أحمد أيضا: "ابن أخت عبد الرزاق كذاب، فأما ابن أخته الآخر المعلم لم يكن به بأس"
(5)
.
وقال ابن المديني: "سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي أثبت من أبيه"
(6)
.
وقال أيضا: "عبد الله بن إدريس فوق أبيه في
(1)
"سؤالات أبي داود" ص 211.
(2)
"سؤالات أبي داود" ص 216، وانظر:"علل المروذي" ص 82.
(3)
"سؤالات أبي داود" ص 322.
(4)
"علل المروذي" ص 172، وانظر:"العلل ومعرفة الرجال"2: 488، و"سؤالات أبي داود" ص 232.
(5)
"مسائل إسحاق"2: 239، وانظر:"العلل ومعرفة الرجال"1: 327، و"اللسان"1:169.
(6)
"تاريخ بغداد"9: 90.
الحديث"
(1)
.
وقال: "جماعة من الأولاد أثبت عندنا من آبائهم، منهم عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي"
(2)
.
وسئل أبو زرعة عن محمد بن سَلَمة بن كُهَيْل فقال: "هو عندي قريب من يحيى بن سَلَمة، إلا أن يحيى ضعيف جدا، ومحمد عندي ضعيف، إلا أن محمدا ما أقل من يروي عنه"
(3)
.
وسأله البَرْذَعي عن حُمَيْد بن قيس المكي فقال: "من الثقات، هو أخو عمر بن قيس المكي، ما أبعد ما بين الأخوين، انظر إلى حُمَيْد في أي درجة من العلو، وانظر إلى عمر في أي درجة من الوهاء"
(4)
.
وقال أبو حاتم: "إسحاق بن يحيى بن طلحة ضعيف الحديث، ليس بقوي، ولا يمكننا أن نعتبر بحديثه، وأخوه طلحة بن يحيى أقوى حديثا منه، ويتكلمون في حفظه، ويكتب حديثه"
(5)
.
2 -
الاشتراك في الاسم، أو الكنية، أو اللقب، أو في اسم الأب، أو في النسبة، كما في قول يحيى بن سعيد القطان:"أشعث بن عبد الملك (الحُمْراني) أحب إلينا من أشعث بن سَوَّار"
(6)
.
(1)
"تاريخ بغداد"9: 419.
(2)
"تاريخ بغداد"9: 90، 11:154.
(3)
"سؤالات البرذعي لأبي زرعة" ص 349.
(4)
"سؤالات البرذعي لأبي زرعة" ص 359.
(5)
"الجرح والتعديل"2: 237.
وانظر أمثلة أخرى في: "أحوال الرجال" ص 99، 103، و"الجرح والتعديل"3: 489، و"تاريخ بغداد"14:464.
(6)
"الجرح والتعديل"2: 276.
وبمعنى هذا قال أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وابن عدي، زاد أبو حاتم:"وهو أوثق من أشعث الحُدَّاني"
(1)
.
وقال البَرْقاني: "قلت للدارقطني: أشعث، عن الحسن؟ قال: هم ثلاثة يحدثون عن الحسن جميعًا، أحدهم الحُمْراني منسوب إلى حُمْران مولى عثمان، بصري، وهو أشعث بن عبد الملك، أبو هانئ، ثقة، وأشعث بن عبد الله الحُدَّاني، بصري أيضا، يروي عن الحسن، وأنس بن مالك، يعتبر به، وأشعث بن سَوَّار الكوفي، يعتبر به، وهو أضعفهم، روى عنه شعبة حديثا واحدا"
(2)
.
وقال عبد الله بن أحمد: "سئل أبي - وأنا أسمع - عن سَلَّام بن مسكين، وسَلَّام بن أبي مُطِيع، فقال: جميعا ثقة، إلا أن سَلَّام بن مسكين أكثر حديثا، وكان سَلَّام بن أبي مطيع صاحب سنة، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه"
(3)
.
وقال عبد الله أيضا: "سألت أبي عن صَدَقة الدمشقي فقال: هو صَدقَة السمين، ما كان من حديثه مرفوع فهو منكر، وما كان من حديثه مرسل عن مكحول فهو أسهل، وهو ضعيف جدا، وهو صَدقَة بن عبد الله السمين، وصَدقَة بن خالد ثقة ثبت
…
"
(4)
.
وكذا سئل ابن معين عن صَدَقة الدمشقي الذي يحدث عنه وكيع
(1)
"معرفة الرجال"1: 68، 113، و"الجرح والتعديل"2: 275، و"الكامل"1: 362، 365.
(2)
"سؤالات البرقاني للدارقطني" ص 17.
(3)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 42.
(4)
"العلل ومعرفة الرجال"1: 300، 2:20.
فقال: "هو السمين، وصَدَقة بن خالد أثبت منه"
(1)
.
وقال أبو داود: "سمعت أحمد بن حنبل سئل: عامر الأحول أحب إليك، أو عاصم الأحول؟ قال: عاصم الأحول، شيخ ثقة"
(2)
.
وقال ابن مُحْرِز: "سمعت يحيى وقيل له: كَثِير بن زيد مدني؟ قال: نعم، ضعيف، وكَثِير بن عبد الله بن مِلْحَة أيضا ضعيف، كلاهما، ولكن ذاك خير من هذا"
(3)
.
وقال البَرْذَعي: "قلت له (يعني أبا زرعة): "محمد بن الحجاج اللَّخمي؟ قال: يروي أحاديث موضوعة عن عبد الملك بن عمير، وغيره، قلت: فحمد بن الحجاج المصَفِّر؟ قال: وهذا أيضا يروي أباطيل عن شعبة، والداروردي، قلت: فهما قريبان من السواء؟ قال: لا، اللَّخمي كان في أيام هشيم، وهذا بعد، قلت: إنما أردت أنهما يتقاربان في رواية الأباطيل، قال: أما في هذا يتقاربان"
(4)
.
3 -
اشتهار الراويين أو الرواة بالأخذ عن شيخ، مثل أبي الزبير محمد بن مسلم المكي، وأبي سفيان طلحة بن نافع، اشتهرا بالرواية عن جابر بن عبد الله، فيجري النقاد مقارنة بينهما، فقد سئل أحمد عنهما فقال: "أبو الزبير كأنه في القلب أكبر، وأبو سفيان روى عنه أبو
(1)
"معرفة الرجال"1: 116.
(2)
"سؤالات أبي داود" ص 371.
(3)
"معرفة الرجال"1: 70.
(4)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 337.
وانظر أمثلة أخرى في: "العلل ومعرفة الرجال"1: 551، 2: 369، و"تاريخ الدارمي عن ابن معين" ص 76، و"سؤالات ابن الجنيد" ص 359، و"سؤالات الآجري لأبي داود"2: 219، و"الجرح والتعديل"9:167.
بشر وقوم آخرون"
(1)
، وفي رواية عنه قال:"أبو الزبير أحب إلي من أبي سفيان -يعني طلحة بن نافع-، وأبو الزبير ليس به بأس"
(2)
.
وكذا قال ابن معين إن أبا الزبير أحب إليه من أبي سفيان
(3)
.
وسُمَيّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن المخزومي، والقَعْقًاع بن حكيم، وسُهَيل بن أبي صالح، اشترك الثلاثة في الرواية عن أبي صالح السَمَّان صاحب أبي هريرة، وسئل القطان عن سُمَيّ، أو القَعْقَاع، أيهما أثبت؟ فقال:"قَعْقَاع أحب إلي"
(4)
.
وقال أبو داود: "قلت لأحمد: سُمَيّ أحب إليك أو القَعْقَاع؟ قال: سُمَيّ، قلت له: سُمَيّ! قال: بخ، ثقة، قلت: سُمَيّ أحب إليك أم سُهَيل؟ قال: سُمَيّ"
(5)
.
وعمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن عمرو بن علقمة، اشتهرا بالرواية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال أبو داود:"قلت لأحمد: عمر بن أبي سلمة؟ قال: صالح: قيل لأحمد: هو أحب إليك أو محمد بن عمرو؟ قال: هو أحب إلي، ويحيى -زعموا- كان يختار محمد بن عمرو عليه"
(6)
.
ومبارك بن فَضَالة، والربيع بن صُبَيْح، اشتهرا بالرواية عن الحسن
(1)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 51.
(2)
"الجرح والتعديل"8: 76.
(3)
"معرفة الرجال"1: 116.
(4)
"الجرح والتعديل"7: 136.
(5)
"سؤالات أبي داود" ص 202.
(6)
"سؤالات أبي داود" ص 206، وانظر:"العلل ومعرفة الرجال"1: 419، و"الجرح والتعديل"6:118.
البصري، وقد توارد النقاد على إجراء مقارنة بينهما، قال ابن المديني:"قلت ليحيى بن سعيد: ما أراك حدثت عن الربيع بن صُبَيْح شيئا؟ قال: لا، ومبارك بن فَضَالة أحب إلي منه"
(1)
.
وكذا قدم المبارك علي بن المديني
(2)
.
وسئل أحمد عنهما فقال: "ما أقربهما"
(3)
، وكذا قال ابن معين
(4)
، وسئل ابن معين مرة عن المبارك فقال:"ضعيف الحديث، مثل الربيع بن صُبَيْح في الضعف"
(5)
.
وبشر بن نُمَيْر، وجعفر بن الزبير البصريان، اشتهرا بالرواية عن القاسم أبي عبد الرحمن الشامي، قال ابن أبي حاتم:"سمعت أبي يقول: بشر بن نُمَيْر متروك الحديث، فقيل له: هو أحب إليك أو جعفر بن الزبير؟ قال: ما أقربهما"
(6)
، وقال أيضا:"بشر بن نُمَيْر، وجعفر بن الزبير، متقاربان في الإنكار، روايتهما عن القاسم أبي عبد الرحمن، وأحاديثهما عن القاسم منكرة، ويذكر عنهما صلاح"
(7)
.
وسئل أبو داود عنهما فقال: "بشر بن نُمَيْر أرفع، وجعفر بن الزبير رجل صالح عابد، وكان جعفر صاحب غزو"
(8)
.
(1)
"الجرح والتعديل"3: 464.
(2)
"تاريخ بغداد"13: 215.
(3)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 38.
(4)
"معرفة الرجال"1: 78، 113.
(5)
"تاريخ الدارمي عن ابن معين" ص 111.
(6)
"الجرح والتعديل"2: 368.
(7)
"تهذيب الكمال"4: 157.
(8)
"سؤالات الآجري لأبي داود"2: 178، وانظر: تعليق محققه في الحاشية رقم 6.
4 -
الاتحاد في الطبقة، والاشتراك في كثير من الشيوخ والتلاميذ، فيجري الأئمة مقارنة بين الرواة لهذا السبب، للحاجة الماسة إليه في الترجيح عند الاختلاف، والغالب في هذا السبب أن يصحبه اتحاد البلد، كما في قول سفيان الثوري:"أشعث (يعني ابن سَوَّار) أثبت من مُجَالِد"
(1)
.
وقال أحمد: "داود بن قيس ثقة، وهو فوق هشام بن سعد"
(2)
، وفي رواية:"أكبر من هشام بن سعد"
(3)
.
وكذا قدم داود: ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم
(4)
.
وقال أبو داود: "قلت لأحمد: أبو الملِيح أحب إليك، أو عبيد الله بن عمرو؟ قال: هو -يعني أبا المليح-، بينهما كثير"
(5)
.
وسئل عن إسماعيل بن أمية، وعبد الله بن عثمان بن خُثَيْم فقال:"إسماعيل أحب إلينا من ابن خُثَيْم"
(6)
.
وسئل عن حَرِيز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، فقال:"حَرِيز أحب إلي، وأعجب إلي من صفوان، وما بصفوان بأس"
(7)
، وفي رواية:"حَرِيز فوقه، حَرِيز ثقة ثقة"
(8)
.
(1)
"التاريخ الكبير"1: 430، و"التاريخ الصغير"2:48.
(2)
"سؤالات أبي داود" ص 207.
(3)
"الجرح والتعديل"3: 422، و"تهذيب الكمال"8:441.
(4)
"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 617، و"الجرح والتعديل"9:61.
(5)
"سؤالات أبي داود" ص 280.
(6)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 48.
(7)
"العلل ومعرفة الرجال"2: 38.
(8)
"الجرح والتعديل"3: 289.
وسئل يحيى بن معين عن محمد بن عجلان، ومحمد بن عمرو بن علقمة، فقال:"سبحان الله، ما يشك في هذا أحد -أو كما قال يحيى-، محمد بن عجلان أوثق من محمد بن عمرو، ولم يكونوا يكتبون حديث محمد بن عمرو حتى اشتهاها أصحاب الإسناد فكتبوها"
(1)
، وقال أيضا:"محمد بن عجلان أحب إلي من محمد بن عمرو، ومحمد بن عمرو أحب إلي من محمد بن إسحاق"
(2)
.
وقيل ليحيى بن معين أيضا: "أَبَان (يعني ابن يزيد) أحب إليك أم شيبان؟ قال: "أَبَان"، وقيل له: علي بن المبارك أحب إليك من أَبَان؟ قال: "لا"
(3)
.
في أشياء كثيرة جدا من هذا القبيل.
ومن غير الغالب اختلاف بلدان الرواة، مثاله أن أحمد سئل عن أبي الزبير المكي، وأبي نَضْرة العبدي البصري فقال:"أبو نَضْرة أحب إلي"
(4)
.
5 -
كشف حال الراوي وبيان درجته، إما لكونه غير معروف الدرجة للسائل والمستمع، فيكشف الناقد عن حاله بمقارنته بغيره، أو تكون درجته معروفة قوة أو ضعفا، ويشترك مع غيره فيها في الجملة، فيعمد الأئمة النقاد إلى المقارنة بين رواة بينهم اشتراك في الدرجة والمنزلة لبيان تماثلهم أو تفاوتهم في الدرجة نفسها، وقد يكون الناقد ابتدأ
(1)
"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 530.
(2)
"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 530، وانظر:"معرفة الرجال"1: 118.
(3)
"المعرفة والتاريخ"1: 112.
(4)
"علل المروذي" ص 68.
الكلام من عنده، أو ذكره جوابا لسؤال سائل، فقد كثر من التلاميذ سؤال الأئمة النقاد عن الرواة المتقاربين في الدرجة، للتمييز بينهم.
فمن ذلك قول يحيى القطان: "الحجاج بن أرطاة، ومحمد بن إسحاق، عندي سواء، وأشعث بن سَوَّار دونهما، ويحيى بن أبي أُنَيْسة أحب إلي من حجاج، وأشعث بن سَوَّار، ومحمد بن إسحاق"
(1)
.
وقال أحمد: "أشعث بن سَوَّار أمثل في الحديث من محمد بن سالم، ولكنه على ذاك ضعيف -يعني الأشعث-"
(2)
.
وكذا قال العجلي
(3)
.
وقال أبو حاتم في محمد بن سالم: "ضعيف الحديث، منكر الحديث، مثل عُبَيْدة الضَبِّي وأضعف، شبه المتروك"
(4)
.
وقال المروذي: "سألت أبا عبد الله (يعني أحمد) عن مَطَر الوراق فقال فيه قولا لينا، وقال: هو مثل ابن أبي ليلى"
(5)
.
وقال أحمد أيضا: "يحيى بن العلاء كذاب يضع الحديث، وبشر بن نُمَيْر أسوأ حالا منه"
(6)
.
وقال ابن مُحْرِز: "سمعت يحيى بن معين وسئل عن واصل بن السائب، فقال: ليس بشيء، فقيل له: أيما أحب إليك هو أم طلحة بن
(1)
"الضعفاء الكبير"1: 32، وانظر:"الجرح والتعديل"2: 271، و"الكامل"1:363.
(2)
"العلل ومعرفة الرجال"1: 415.
(3)
"تهذيب الكمال"3: 268.
(4)
"الجرح والتعديل"7: 272.
(5)
"علل المروذي" ص 67.
(6)
"تهذيب الكمال"4: 156.
عمرو؟ فقال: طلحة أيضا، ليس منهما أحد أحبه"
(1)
.
وقال ابن مُحْرِز أيضا: "سمعت يحيى وقيل له: زهير بن محمد كيف هو؟ قال: ليس به بأس، وقيل له: منصور بن سعد أكبر منه؟ قال: نعم"
(2)
.
وقال أيضا: "سمعت يحيى يقول: منصور بن سعد ثقة، حدث عنه ابن مهدي، قلت له: هو أحب إليك أو إبراهيم بن طَهْمان؟ قال: هو"
(3)
.
وقال ابن الجُنَيْد: "سألت يحيى عن إسماعيل بن رافع، فقال: ضعيف الحديث، فقلت: هو مثل إسحاق بن أبي فَرْوَة في الضعف؟ فقال: إسحاق ضعيف، وإسماعيل بن رافع ضعيف"
(4)
.
وقال أبو زرعة: "ليس على يعقوب الزهري قياس، يعقوب الزهري، وابن زَبَالة، والواقدي، وعمر بن أبي بكر الموصلي- يتقاربون في الضعف، وهم واهون"
(5)
.
وقال أبو حاتم في عبد الرحمن بن إسحاق المديني: "يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو قريب من ابن إسحاق صاحب المغازي، وهو حسن الحديث، وليس بثبت، ولا قوي، وهو أصلح من عبد الرحمن بن
(1)
"معرفة الرجال"1: 54، 114، لكن وقع في الموضع الثاني آخر النص بلفظ:"طلحة لا بأس به، ليس بينهما أحد أحبه"، وهو خطأ ظاهر، وانظر:"تهذيب التهذيب"5: 23.
(2)
"معرفة الرجال"1: 90.
(3)
"معرفة الرجال"1: 100، 114.
(4)
"سؤالات ابن الجنيد" ص 78.
(5)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 352.
إسحاق أبي شيبة"
(1)
.
وقال أيضا: "شَهْر بن حَوْشب أحب إلي من أبي هارون العبدي، ومن بشر بن حرب، وليس بدون أبي الزبير، لا يحتج بحديثه"
(2)
.
فهذه مجموعة من الأسباب لاختيار الرواة الذين تجري المفاضلة والموازنة بينهم، وقد يكون هناك غيرها، والمتأمل فيها يرى بينها تداخلا في بعض الرواة، وهو أمر غير مستغرب؛ إذ المقصود أن كل واحد منها قد ينفرد بدفع الناقد للمقارنة، وأما اجتماعها أو اجتماع بعضها فهو كثير جدا، ومنه في الأمثلة السابقة الأشاعثة الثلاثة، اشتركوا في الاسم، وفي الطبقة، وفي الشهرة بالرواية عن الحسن البصري.
ومن ذلك أيضا سفيان الثوري، وسفيان بن عُيَيْنة، اشتركا في الاسم، والبلد، وطبقتهما متقاربة، فقد اشتركا في كثير من الشيوخ والتلاميذ، ثم هما في درجة من العلو في الحفظ والتثبت متقاربة، فيجري النقاد مقارنة بينهما.
ويقرب منهما حال حماد بن سلمة وحماد بن زيد البصريين.
ومن ذلك أيضا: يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي البصريان، فهما قرينان، من طبقة واحدة، وفي درجة متقاربة جدا من الإتقان والضبط، واشتهرا جميعا بالنقد والكلام في الرجال، ثم هما من شيوخ الأئمة النقاد: أحمد، وابن معين، وابن المديني، وقد سئل
(1)
"الجرح والتعديل"5: 213.
(2)
"الجرح والتعديل"4: 383.
وانظر أمثلة أخرى في: "أحوال الرجال" ص 290، 293، و"صحيح مسلم"1: 27، و"الجرح والتعديل"4:28.