الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد:
قبل سرد هذه الضوابط وشرحها لابد من التنبيه على أربعة أمور:
1 -
تعلق هذه الضوابط بجميع مباحث الجرح والتعديل، وعليه فلا مناص من الإحالة إلى مواضع كثيرة مما مضى البحث فيه في هذا الباب، تجنبا للتكرار والإطالة.
2 -
حاجة الباحث إلى تطبيق هذه الضوابط هي في عموم دراسته لنقد السنة، فلا يلزم أن يحتاج إليها كلها في كل راو ينظر فيه، ثم بعضها قد يمر بالباحث وقت طويل وتراجم كثيرة دون أن يحتاج إليه، ولكن لا بديل عن ذكرها وشرحها، إذ قد تكون عاملا مؤثرا في تصحيح حديث أو تضعيفه، يضاف إلى ذلك غرض آخر أقصده وهو تنبيه الباحث إلى ضرورة التدقيق في المعلومات التي يقف عليها، ولا سيما ما يحتاج منها إلى الموازنة والمقارنة.
3 -
ومن غير الخفي أننا إذا قلنا بضرورة إدراك هذه الضوابط وتطبيقها تطبيقا جيدا- فإن هذا الأمر يتأكد جدا حين يقع اختلاف في الراوي الواحد، سواء كان هذا من إمام واحد اختلف النقل عنه، أو من أئمة متعددين، وسواء كان هذا في حال الراوي مطلقا، أو في حاله مقيدا بشيء معين، كبعض الشيوخ، أو بعض البلدان، أو في وقت دون وقت، ونحو ذلك، أو في حاله مقارنا بغيره من الرواة، فكل هذا وغيره قد وقع فيه اختلاف، وتطبيق هذه الضوابط يبين إن كان الاختلاف حقيقيا، أو لفظيا، كما يساعد على الترجيح في حال كونه حقيقيا.
4 -
توجد كثير من ضوابط النظر في أحكام النقاد في كلام النقاد أنفسهم، فقد احتاجوا إليها حين ينظر الناقد منهم في نقد من سبقه للرواة.
كما اعتنى من جاء بعدهم بهذه الضوابط تحريرا وتطبيقا، ومن السابقين إلى ذلك أبو حفص بن شاهين في جزء له في الرواة المختلف فيهم
(1)
، ثم أبو الوليد الباجي في مقدمة كتابه "التعديل والتجريح"
(2)
.
وقد كان للذهبي في عامة كتبه، ثم لابن حجر، عناية فائقة بهذا الجانب، فحررا كثيرا من هذه الضوابط، وطبقاها عند نظرهما في الراوي وأقوال الأئمة فيه
(3)
.
وفي وقتنا الحاضر تصدى شيخنا وزميلنا فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف رحمه الله، فوضع كتابا لطيفا بعنوان:"ضوابط الجرح والتعديل"، أجاد فيه وأفاد.
وقد رأيت -في هذه العجالة- أن ألمّ شعث هذه الضوابط مما وقفت عليه، مع العناية بما قاله النقاد الأوائل، وبدا لي أن أضعها في ضوابط عامة، أفرع من كل واحد منها ما يتصل به، فقد خطر في بالي أن كل منقول في باب نقد الرواة يلزم النظر فيه من جهة ثبوته عمن
(1)
طبع جزء من مختصره في آخر كتاب "تاريخ جرجان" للسهمي ص 644 - 657 بتحقيق عبد الرحمن المعلمي، وفيه نقص، وليس فيه ما يدل على اسم المختصر، ثم حقق هذا المختصر تاما حماد الأنصاري، وابنه عبد الباري.
(2)
"التعديل والتجريح"1: 283 - 288.
(3)
خصص الباحث قاسم علي سعد رسالته للماجستير لدراسة منهج الذهبي في كتابه "ميزان الاعتدال"، قدمها إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كما خصص الباحث محمد الثاني بن عمر موسى رسالته للماجستير لدراسة ضوابط الجرح والتعديل عند الحافظ الذهبي من خلال كتابه "سير أعلام النبلاء"، قدمها للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والثانية مطبوعة.
نسب إليه، وسلامته من التغيير، وقائله، ودلالته، فهذه أربع جهات للنظر في المنقول عن النقاد، وسأفرد كل جهة بمبحث خاص.