الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - مشاركته لغيره أو تفرده:
أولى الأئمة في حكمهم على الراوي تفرده بالرواية عناية خاصة، فإذا كان الراوي قد وافقه غيره فيما يرويه دل ذلك على صدقه وتثبته، وإذا تفرد عن غيره فيما يرويه أو في بعض ذلك أوجد في نفوسهم ريبة أن يكون غير صادق، أو غير ضابط، مع مراعاة أمور أخرى في الراوي، وزمنه، وشيخه الذي يروي عنه.
وهذه أمور تحتها تفاصيل، يأتي الحديث عنها -إن شاء الله تعالى- في (مقارنة المرويات) في مبحث (تفرد الراوي بالحديث)، والمقصود هنا بيان أن تفرد الراوي ببعض ما يرويه له أثر كبير في الحكم عليه، كما قال شعبة لما سئل: من الذي يترك حديثه؟ قال: "إذا حدث عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون
…
طرح حديثه"
(1)
، وفي رواية عنه: "إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر ترك حديثه
…
"
(2)
.
وقال أحمد في هشام بن حسان موضحا أثر المتابعة على درجة
(1)
"الكفاية" ص 142، 145.
(2)
"الجرح والتعديل"2: 32، و"الكفاية" ص 154.
الراوي: "عندي لا بأس به، وما تكاد تنكر عليه شيئا إلا وجدت غيره قد رواه، إما أيوب، وإما عوف"
(1)
.
وقال أحمد أيضا: "في حديث ابن وهب، عن ابن جريج شيء"، نقل هذا أبو عوانة الإسفرائيني، ثم قال:"صدق، لأنه يأتي عنه بأشياء لا يأتي بها غيره"
(2)
.
ويتردد كثيرا في كلام الأئمة على الرواة هذه العبارات وما يشبهها: "روى أحاديث لا يتابع عليها"، "لا يتابع فيما يرويه، "لا يتابع في كثير من حديثه"، "يغرب عن الثقات"، "يغرب في حديثه"، "أحاديثه غرائب وأفراد" "أحاديثه مناكير"، "له ما ينكر"، "منكر الحديث".
ومن نصوصهم في ذلك قول الثوري في عبد الرحمن بن زياد الأفريقي: "جاءنا عبد الرحمن بستة أحاديث يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم أسمع أحدا من أهل العلم يرفعها
…
"، ذكر هذا أبو العرب القيرواني ثم قال: "فلهذه الغرائب ضعف ابن معين حديثه"
(3)
، وقيل لأحمد: "يروى عن الإفريقي؟ قال: لا، هو منكر الحديث
…
"
(4)
، وقال ابن عدي:"عامة حديثه وما يرويه لا يتابع عليه"
(5)
.
وقال أحمد: "النعمان بن سعد الذي يحدث عن علي مقارب الحديث، لا بأس به، ولكن الشأن في عبد الرحمن بن إسحاق، له أحاديث مناكير"
(6)
.
(1)
"تهذيب الكمال"03: 190.
(2)
"تهذيب التهذيب"6: 63، وانظر:"الكامل"4: 1518، و"الميزان"2:522.
(3)
"تهذيب التهذيب"6: 176.
(4)
"علل المروذي" ص 120.
(5)
"الكامل"4: 1591.
(6)
"سؤالات أبي داود" ص 287، وانظر:"العلل ومعرفة الرجال"2: 353.
وعبد الرحمن هذا هو أبو شيبة الواسطي، وهناك عبد الرحمن بن إسحاق المدني، أحسن حالا بكثير من الواسطي، وقد تكلم فيه أحمد أيضا لتفرده بأحاديث، قال المرْوَذي:"قلت لأبي عبد الله: فعبد الرحمن بن إسحاق كيف هو؟ قال: أما ما كتبنا من حديثه فصحيح، فقد حدث عن الزهري بأحاديث -كأنه أراد: تفرد بها-، ثم ذكر حديث محمد بن جبير في الحلف، حلف المطيبين، فأنكره أبو عبد الله، وقال: ما رواه غيره"
(1)
.
وقال أبو طالب: "سألت أحمد عن عبد الرحمن بن إسحاق المديني فقال: روى عن أبي الزناد أحاديث منكرة، وكان يحيى لا يعجبه، قلت: كيف هو؟ قال: صالح الحديث"
(2)
.
وقال أبو داود: "قلت لأحمد: لأي شيء تُرِك حديث يحيى بن عبيد الله؟ قال: أحاديثه مناكير، وأبوه لا يعرف"
(3)
.
وقال أحمد أيضا في حَنْظلة السَّدُوسي: "له أشياء مناكير، روى حديثين كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، منكرين، عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر"، والآخر: "أمرنا إذا التقينا أن يصافح أحدنا صاحبه
…
"، كلاهما منكران"
(4)
.
(1)
"علل المروذي" ص 64، وانظر:"مسند أحمد"1: 190، 193.
(2)
"الجرح والتعديل"5: 212.
(3)
"سؤالات أبي داود" ص 361، وانظر:"العلل ومعرفة الرجال"2: 489، 3: 54، و"تهذيب التهذيب"11:253.
(4)
"علل المروذي" ص 236، وانظر:"مسائل صالح" ص 323، و"سنن الترمذي" حديث 2728، و"الجرح والتعديل"3: 241، و"الضعفاء الكبير"1: 289، و"الكامل"2:828.
وقال ابن معين: "محمد بن الحجاج المخزومي كان يحدث عن شعبة بأحاديث منكرة، أنا رأيت كتابه، وكتبت عنه ما كان في كتابه، وليس هو بشيء"
(1)
.
وسئل أبو زرعة عن سعيد بن داود الزبيري، فقال:"ضعيف الحديث، حدث عن مالك، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، بحديث باطل، ويحدث بأحاديث مناكير عن مالك"
(2)
.
وسئل أيضا عن جعفر بن أبي جعفر الأشجعي فقال: "واهي الحديث، يحدث عن أبيه، عن ابن عمر، أحاديث ليست لها أصول"
(3)
.
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبا زرعة عن محمد بن مصعب القَرْقَساني فقال: صدوق في الحديث، ولكنه حدث بأحاديث منكرة، قلت: فليس هذا مما يضعفه؟ قال: نظن أنه غلط فيها، وسألت أبي عنه فقال: ضعيف الحديث، قلت له: إن أبا زرعة قال كذا -وحكيت له كلامه- فقال: ليس هو عندي كذا، ضعف لما حدث بهذه المناكير"
(4)
.
وسئل أبو حاتم عن محمد بن معاوية النيسابوري فقال: "روى أحاديث لم يتابع عليها، أحاديث منكرة، فتغير حاله عند أهل الحديث"
(5)
.
(1)
"معرفة الرجال"1: 61.
(2)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 342، و"تاريخ بغداد"9:81.
(3)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 367.
(4)
"الجرح والتعديل"8: 103.
(5)
"الجرح والتعديل"8: 104.
وساق العقيلي لأشعث بن سعيد السَمَّان حديثين ثم قال: "وله غير حديث من هذا النحو، لا يتابع على شيء منها"
(1)
.
وقال ابن عدي في أحمد بن عبد الله المعروف باللَّجْلَاج: "حدث بأحاديث مناكير لأبي حنيفة، وهذه الأحاديث لم يحدث بها إلا أحمد بن عبد الله هذا، وهي بواطيل، ولا يعرف أحمد بن عبد الله هذا إلا بهذه الأحاديث"
(2)
.
وقال ابن عدي أيضا في أحمد بن حفص السَّعْدي وساق أحاديث يرويها أحمد بأسانيده إلى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:"تردد إلى العراق مرارا كثيرة، وكتب فأكثر، حدث بأحاديث منكرة لم يتابع عليها، وهذه الأحاديث لهشام بن عروة مناكير كلها بهذا الإسناد، ما أعلم حدث بها غير أحمد بن حفص هذا، وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب، وهو ممن يشبه عليه فيغلط، فيحدث به من حفظه"
(3)
.
(1)
"الضغفاء الكبير"1: 31.
(2)
"الكامل"1: 197، وانظر:"تاريخ بغداد"4: 216.
(3)
"الكامل"1: 202.
وانظر نصوصا أخرى بهذا المعنى في: "سؤالات أبي داود" ص 247، 264، 287 - 288، ص 361، و"العلل ومعرفة الرجال"2: 11، 24، 31، 45، 3: 115، 116، و"علل المروذي" ص 64، 97، 103، 104، 125 - 126، 130، و"مسائل إسحاق"2: 212، 233، 238، 243، و"أحوال الرجال" ص 254، 269، 287، 290، و"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" 331، 334، 354، 367، 372، 373 - 376، 380، 482 - 483، و"المعرفة والتاريخ"3: 52، و"الضعفاء الكبير"1: 17، 44، 49، 54، 55، 71، 73، 77، و"الكامل"