الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه"
(1)
.
4 - موافقته أو مخالفته لغيره:
مما يستدل به الأئمة كثيرا على حال الراوي موافقته أو مخالفته لمن شاركوه في الرواية عن شيوخه، فإن كان الراوي يوافق أقرانه فيما يرويه دل ذلك على ضبطه وصدقه، وإن كان يخالفهم، فما يقفونه يرفعه، وما يرسلونه يصله، وما هو في روايتهم عن صحابي يجعله عن صحابي آخر، وما يروونه مختصرا يرويه مطولا، ونحو ذلك من المخالفات- دل ذلك على كذبه، أو على سوء حفظه وضعفه، بحسب ما يحتف به من قرائن.
ومن هذا الباب ما ذكره ابن إسحاق قال: "قال الأعرج -أو أبو صالح-: ليس أحد يحدث عن أبي هريرة إلا عرفناه: صادق هو أو كاذب"
(2)
.
ويكثر من الأئمة التعبير عن نتيجة المقارنة بألفاظ صريحة، كأن يقولوا:"ما أقل الخطأ في حديثه"، أو "لا يكاد يخطئ"، أو "يخطئ في حديثه" أو "يخطئ كثيرًا"، أو "خطؤه كثير"، أو "يخالف في حديثه"، ونحو ذلك.
وإذا لاحظنا كثرة الرواة من جهة، وكثرة شيوخ الراوي وأقرانه في أحيان كثيرة من جهة أخرى- أمكننا بسهولة أن ندرك مدى الجهد العظيم الذي قام به أئمة النقد في هذا السبيل.
(1)
"المجروحين"1: 32، وانظر:"الجرح والتعديل"1: 315.
(2)
"معرفة الرجال"2: 183.
فمن نصوصهم في ذلك قول عبد الله بن أحمد: "سألت أبي عن عاصم بن علي، فقال: قد عرض علي حديثه، فرأيت حديثا صحيحا"
(1)
، وقال فيه أحمد أيضا:"حديثه حديث مقارب، حديث أهل الصدق، ما أقل الخطأ فيه"
(2)
.
وقال المروذي: "سألته عن عُقَيْل، فقال: صالح الحديث، روايته مثل رواية أصحابه، لا بأس به"
(3)
.
وقال أبو داود: "قلت لأحمد: عامر الأحول؟ قال: شيخ قد احتمله الناس، وليس حديثه بذاك، روى حديث عطاء، عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا، وإنما يرويه عطاء، عن عثمان"
(4)
.
وقال أبو طالب: "سمعت أبا عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- يقول: كان الحجاج (يعني ابن أرطاة) من الحفاظ، قلت: فلم هو عند الناس ليس بذلك؟ قال: لأن في حديثه زيادة على حديث الناس، ليس يكاد له حديث إلا فيه زيادة"
(5)
.
وسئل مرة عن الحجاج ما شأنه؟ فقال: "شأنه أنه يزيد في الأحاديث"
(6)
.
(1)
"العلل ومعرفة الرجال"1: 524.
(2)
"سؤالات أبي داود" ص 322، وانظر:"تهذيب الكمال"13: 511.
(3)
"علل المروذي" ص 204.
(4)
"مسائل أبي داود" ص 406، وانظر:"مصنف ابن أبي شيبة"1: 15، و"مسند أحمد"1: 66، 72، 2: 348، و"التاريخ الكبير" 6: 456، و"سؤالات الآجري لأبي داود"1: 411، و"سنن ابن ماجه" حديث 435، و"شرح معاني الآثار"1: 36، و"الضعفاء الكبير"3:310.
(5)
"الجرح والتعديل"3: 156.
(6)
"علل المروذي" ص 245.
وقال أحمد في محمد بن عمرو بن علقمة: "قد روى عنه يحيى، وربما رفع أحاديث يوقفها غيره، وهذا من قِبَله"
(1)
.
وقال يحيى بن معين: "قال لي إسماعيل بن عُلَيَّة يوما: كيف حديثي؟ قلت: أنت مستقيم الحديث، فقال لي: وكيف علمتم ذاك؟ قلت له: عارضنا بها أحاديث الناس، فرأيناها مستقيمة، فقال: الحمد لله، فلم يزل يقول: الحمد لله ويحمد ربه حتى دخل دار بشر بن معروف -أو قال: دار أبي البَخْتَري- وأنا معه"
(2)
.
وقال يحيى أيضا: "ربما عارضت أحاديث يحيى بن يَمَان بأحاديث الناس، فما خالف ضربت عليه، وقد أتيت بحديثه وكيعا، فقال وكيع: ليس هذا سفيان الذي سمعنا نحن منه، أنكرها جدا"
(3)
.
وقال ابن المديني وهو يقارن بين أصحاب ابن سيرين: "
…
وما قال يزيد بن إبراهيم التستري: سمعت محمد بن سيرين- أثبت عندي من خالد الحذاء، ألفاظ عاصم الأحول، وخالد الحذاء، في محمد واحدة، لا تشبه ألفاظهما ألفاظ أصحابهم"
(4)
.
وسئل أبو زرعة عن عمر بن سعيد الشامي أو المديني، فقال:"ضعيف الحديث، يروي عن الزهري أحاديث مقلوبة"
(5)
، وقال فيه ابن عدي: "أحاديثه عن الزهري ليست مستقيمة،
…
وفي بعض رواياته
(1)
"علل المروذي" ص 62.
(2)
"معرفة الرجال"2: 39.
(3)
"تاريخ بغداد"14: 122.
(4)
"المعرفة والتاريخ"2: 59 - 60.
(5)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 354.
يخالف الثقات"
(1)
.
وذكر أبو زرعة حديثا لعبد الله بن نافع يرويه عن أبيه نافع مولى ابن عمر، خالف فيه أصحاب أبيه، ثم قال أبو زرعة:"وبمثل هذا يستدل على الرجل إذا روى مثل هذا، وأسنده رجل واحد -يعني أن عبد الله بن نافع في رفعه هذا الحديث يستدل به على سوء حفظه وضعفه-"
(2)
.
وقال الدارقطني في إبراهيم بن أبي عَبْلة: "الطرقات إليه ليست بصفو، وهو بنفسه ثقة، لا يخالف الثقات إذا روى عنه ثقة"
(3)
.
(1)
"الكامل"5: 1417.
(2)
"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 693 - 694.
(3)
"تهذيب الكمال"2: 143.
وانظر نصوصا أخرى بهذا المعنى في: "علل المروذي" ص 131، 141 - 142، و"العلل ومعرفة الرجال"3: 300 فقرة 5334، 3: 301 فقرة 5337، و"أحوال الرجال" ص 295، و"أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص 391 - 393، 422، 452 - 454، 537 - 538.