المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القسم الثاني: الطرق بعد المؤلفين - الجرح والتعديل - اللاحم

[إبراهيم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌ ماذا يمكن أن يستفيده الباحث المتخصص من هذه السلسلة

- ‌الأول: فهم كلام الأئمة

- ‌الثاني: تفهم كلام الأئمة

- ‌الثالث: إتقان عرض التخريج والدراسة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: الحكم على الراوي

- ‌ مدخل:

- ‌المبحث الأول: وسائل الحكم على الراوي

- ‌أولا: التأمل في أفعال الراوي وتصرفاته، والنظر في سيرته

- ‌ثانيا: إلقاء الأسئلة على الراوي

- ‌ثالثًا: اختبار الراوي وامتحانه:

- ‌الأولى: تلقين الراوي

- ‌الثانية: المذاكرة:

- ‌رابعًا: النظر في أصول الرواة وكتبهم:

- ‌خامسًا: النظر في أحاديث الراوي ومروياته:

- ‌1 - اعتداله أو مجازفته في الرواية:

- ‌2 - مشاركته لغيره أو تفرده:

- ‌3 - ثباته أو اضطرابه فيما يرويه:

- ‌4 - موافقته أو مخالفته لغيره:

- ‌المبحث الثاني: اختلاف حال الراوي

- ‌الأولى: توثيق الراوي أو تضعيفه في شيخ معين، أو في شيوخ معينين:

- ‌الثانية: توثيق الراوي في روايته عن أهل بلد معين، وتضعيفه في روايته عن أهل بلد آخر:

- ‌الثالثة: توثيق الراوي أو تضعيفه في رواية أهل بلد معين عنه:

- ‌الرابعة: توثيق الراوي أو تضعيفه في صفة معينة في الرواية:

- ‌الخامسة: تقوية الراوي إذا حدث من كتابه، وتضعيفه إذا حدث من حفظه:

- ‌السادسة: تضعيف الراوي في آخر عمره، وتقويته قبل ذلك:

- ‌المبحث الثالث: مقارنة الراوي بغيره

- ‌القسم الأول: المقارنة المطلقة

- ‌الضرب الأول: أن تكون المقارنة فيه بين راو أو أكثر وبين من سواه بإطلاق

- ‌الضرب الثاني: أن يقيد الناقد من يقارن الراوي بهم بشيء ما، كأن يقيدهم بأهل بلد الراوي، أو بمن رآهم الناقد

- ‌القسم الثاني: المقارنة المقيدة بشيء معين كبلد، أو شيخ:

- ‌المبحث الرابع: عوائق الحكم على الراوي

- ‌أولاً: اشتباه الراوي بغيره على الناقد

- ‌ثانيًا: تعارض وسائل الحكم على الراوي

- ‌ثالثًا: نقد النقد

- ‌رابعًا: انعدام وسائل الحكم على الراوي أو ضعفها

- ‌الفصل الثاني: أحكام النقاد على الرواة ومراتبها

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول: الأحكام النظرية على الرواة

- ‌القسم الأول: ما وصلنا من أحكام أطلقها الأئمة على الرواة

- ‌القسم الثاني: حركات وإشارات تصدر من النقاد حين يرد ذكر بعض الرواة

- ‌المبحث الثاني: الأحكام العملية على الرواة

- ‌القسم الأول: الانتقاء العام للرواة

- ‌القسم الثاني: الانتقاء الخاص للرواة:

- ‌المبحث الثالث: مراتب أحكام النقاد على الرواة

- ‌الفصل الثالث: ضوابط النظر في أحكام النقاد على الرواة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: ثبوت النقل عمن نسب إليه

- ‌المبحث الثاني: سلامة النص

- ‌الصورة الأولى: حكاية معنى النص

- ‌الصورة الثانية: بتر النص

- ‌الصورة الثالثة: تحريف النص

- ‌المبحث الثالث: قائل النص

- ‌المبحث الرابع: دلالة النص

- ‌الفصل الرابع: تمييز رواة الإسناد

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول: كثرة وقوع الاشتباه بين الرواة

- ‌المبحث الثاني: أسباب وقع الخلط بين الرواة

- ‌المبحث الثالث: الوسائل المساعدة على تمييز الرواة

- ‌النوع الأول: الولادة والوفاة:

- ‌النوع الثاني: الشيوخ والتلاميذ:

- ‌النوع الثالث: كتب الأطراف:

- ‌النوع الرابع: طرق الحديث الأخرى:

- ‌القسم الأول: الطرق إلى المؤلفين

- ‌القسم الثاني: الطرق بعد المؤلفين

- ‌النوع الخامس: النظر في متن الحديث وإسناده:

- ‌النوع السادس: ضوابط في تمييز الرواة:

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌القسم الثاني: الطرق بعد المؤلفين

عروة، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غَيِّروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود"، ففي بعض روايات "السنن" عن النسائي: أخبرنا حميد بن مَخْلَد بن الحسين، وفي بعضها: أخبرنا حميد بن مَخْلَد بن زَنْجُوْيَه، وفي بعضها: أخبرنا حميد بن مَخْلَد

(1)

.

ويمكن ملاحظة اختلاف الروايات عن المؤلف في تفسير المهملين في الفصل الذي عقده ابن حجر لتفسير المهملين من شيوخ البخاري، وقد أشرت إليه آنفا.

واختلاف الروايات والنسخ عن المؤلف أمر مشهور.

‌القسم الثاني: الطرق بعد المؤلفين

، وأعني بها متابعات رواة الإسناد، إما عند المؤلف صاحب الإسناد الأصل، أو في كتب أخرى، فمن جاء مهملا في رواية قد يأتي مفسرا في رواية أخرى.

وتعد الاستفادة في تمييز الراوي المشتبه به من جمع الطرق أشهر وسيلة لتمييز الرواة، والاعتماد عليها في الغالب حين يشتد الاشتباه، بل إن بعض وسائل دفع الاشتباه -ككتب الأطراف- إنما تمر في الأغلب عبر هذه الوسيلة، وسيأتي -بعون الله تعالى- باب مستقل لجمع الطرق والنظر فيها، لكنني هنا أستعجل ما يتعلق بالمقام، فأنبه على أمرين:

الأمر الأول: يقوي تفسير الراوي المشتبه به إذا جاء ذلك في متابعة للراوي عن الراوي عنه، أو في متابعة لمن دونه في الإسناد، ويضعف هذا التفسير إذا كانت المتابعة للراوي عن المشتبه به.

مثال ذلك قول أحمد: "قلت لوكيع: يا أبا سفيان، في حديث

(1)

"سنن النسائي" حديث 589، و"تهذيب الكمال"7: 391 وحاشيته.

ص: 508

سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد:(فابعثوا حكما من أهله) - مَنْ أبو هاشم؟ فسكت"، قال أحمد: "وهو إسماعيل بن كثير -يعني المكي-"

(1)

.

وتعيين أحمد لأبي هاشم وأنه إسماعيل بن كثير المكي، وليس أبا هاشم الرُّمَّاني يحيى بن دينار، من شيوخ سفيان، ومن تلاميذ مجاهد، استدل عليه أحمد برواية يحيى بن سعيد القطان هذا الأثر بعينه عن سفيان، وفي روايته: عن إسماعيل أبي هاشم

(2)

.

وذكر ابن عساكر في "الأطراف" ما رواه النسائي، عن علي بن حُجْر، عن إسماعيل، عن حُمَيْد، عن أنس قال:"كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصف أذنيه"

(3)

- في ترجمة (إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس)، فتعقبه المِزِّي، وذكره في ترجمة (إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُلَيَّة، عن حُمَيْد، عن أنس)، واعتمد المِزِّي على أنه جاء منسوبا (إسماعيل بن إبراهيم) في رواية الترمذي، عن علي بن حجر

(4)

.

ومثل ذلك حديث النسائي، عن علي بن حُجْر، عن إسماعيل، عن حُمَيْد، عن أنس: "كان لأهل الجاهلية يومان من كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة

" الحديث

(5)

، فقد فسر ابن عساكر إسماعيل بابن عُلَيَّة، فتعقبه المِزِّي بأنه إسماعيل بن جعفر،

(1)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 303.

(2)

"العلل ومعرفة الرجال"3: 509.

(3)

"سنن النسائي" حديث 5249.

(4)

"الشمائل المحمدية" حديث 23، و"تحفة الأشراف"1:173.

(5)

"سنن النسائي" حديث 1555.

ص: 509

هكذا جاء مفسرا في رواية ابن خزيمة لهذا الحديث عن علي بن حُجْر

(1)

.

فمتابعة الترمذي للنسائي في الحديث الأول، ومتابعة ابن خزيمة للنسائي في الحديث الثاني- متابعتان للراوي الذي هو النسائي، عن شيخه علي بن حجر، الذي هو الراوي عن الراوي المشتبه به وهو إسماعيل، فالترمذي وابن خزيمة كلاهما روى حديثه عن شيخ النسائي علي بن حُجْر، وسميا شيخ علي بن حُجْر مفسرا، فيترجح جدا أن شيخ علي بن حُجْر في الحديث الأول على ما سمي في رواية الترمذي، وفي الحديث الثاني على ما سمي في رواية ابن خزيمة، ويبعد أن يقال: لعل علي بن حُجْر روى الحديثين كليهما عن الشيخين: إسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن إبراهيم، فهذا احتمال عقلي، والمدار على ترجيح وجود ذلك من جهة الرواية، وهو بعيد.

ومن الأمثلة أيضا ما رواه محمد بن يحيى الذهلي، عن الحجاج، عن حماد، عن حماد، عن رِبْعي، عن حذيفة، وقد تقدم ذكره في المبحث الأول من هذا الفصل، وأن بعض الباحثين فسر حمادا الأول بحماد بن زيد، والراوي عنه فسره بحماد بن أسامة أبي أسامة، والصواب أن الأول حماد بن أبي سليمان، والراوي عنه حماد بن سلمة، والذي أدرك رِبْعي بن حِرَاش ويروي عنه إنما هو حماد بن أبي سليمان، ولم يدركه حماد بن زيد.

وأيضا فلو كان الأول حماد بن زيد لم يحتج فيه الحجاج بن منهال إلى واسطة، فإنه قد سمع منه، ولا يقال: لم لا يكون إذن هو شيخ

(1)

"تحفة الأشراف"1: 174 (حاشية).

ص: 510

الحجاج بن منهال في هذا الإسناد؟ لا يقال هذا لأن حماد بن زيد لا يروي عن حماد بن أبي سليمان، والمعروف بالرواية عنه إنما هو حماد بن سلمة، فهو أسن من حماد بن زيد، وقد سمع منه الحجاج بن منهال

(1)

.

والأهم من ذلك -وهو الشاهد هنا- أن ابن عبد البر أخرج هذا الحديث بهذا الإسناد مفسرا، من طريق إسماعيل بن إسحاق، حدثنا حجاج، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا حماد بن أبي سليمان، عن رِبْعي بن حِرَاش، عن حذيفة

(2)

.

ومن الأمثلة على وقوع المتابعة للراوي عن المشتبه به رواية محمد بن جحادة، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعًا: "في الجنة مئة درجة

" الحديث -وقد تقدم ذكرها في هذا المبحث-، فإن المِزِّي وابن حجر ذكراه في ترجمة (عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة)، إلا أن ابن حجر في كتابين آخرين له رجح أنه عطاء بن يسار، واستدل على ذلك بأن هلال بن علي قد رواه عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة.

فاستدلال ابن حجر وترجيحه صحيح لا غبار عليه، ولكن ليس هو في قوة أن تأتي رواية عن محمد بن جحادة -وهو الراوي عن المشتبه به- فيها نسبة عطاء، وأنه ابن يسار، أو متابعة لمن دون محمد بن جحادة في الإسناد كذلك، إذ يحتمل في استدلال ابن حجر أن يكون شيخ محمد بن جحادة: عطاء بن أبي رباح، وشيخ هلال بن علي: عطاء بن يسار.

(1)

"تهذيب الكمال"5: 457، 7: 240، 254.

(2)

"التمهيد"14: 158.

ص: 511

ومثله ما تقدم أيضا في المبحث الذي قبل هذا، وهو ما أخرجه البيهقي من طريق الحسين بن محمد بن زياد القَبَّاني النيسابوري، عن عبد الله بن سعيد، عن معاذ بن هشام، عن أبيه

، وفسر أحد الباحثين عبد الله بن سعيد بأنه أبو سعيد الأشج، فهو يروي عن معاذ بن هشام، ولكن تبين أن الإسناد فيه تصحيف، وأن الصواب: عبيد الله -بالتصغير- ابن سعيد، وهو أبو قدامة اليَشْكُري السَّرَخْسي نزيل نيسابوري، فقد أخرجه أبو أحمد الحاكم عن أحمد بن محمد الماسَرْجِسي، عن أبي قُدَامة عبيد الله بن سعيد اليَشْكري، عن معاذ بن هشام به

(1)

.

فهذا الدليل غير تام، إذ يحتمل أن يكون شيخ الحسين بن محمد القَبَّاني عبد الله بن سعيد أبا سعيد الأشج، وشيخ الماسَرْجَسي أبا قدامة عبيد الله بن سعيد، ولكن تأيد وقوع التصحيف، وأن شيخهما واحد بقرينة أخرى، وهي أن الحسين بن محمد القَبَّاني إنما يروي عن عبيد الله بن سعيد أبي قدامة اليكشري، وهو من أهل بلده، ولم تذكر له رواية عن الآخر

(2)

.

الأمر الثاني: رغم أهمية الاعتماد على الطرق الأخرى في تمييز رواة الإسناد إلا أن الباحث ملزم بتدقيق النظر حين يعتمد على هذه الوسيلة، إذ يتطرق إليها الضعف من جهتين:

الجهة الأولى: تعارض الطرق في تفسير الراوي المهمل،

(1)

"شعار أصحاب الحديث" ص 59، وتصحف فيه أيضا (عبيد الله بن سعيد) إلى (عبد الله بن سعيد).

(2)

"تهيب الكمال"19: 51.

ص: 512

وحينئذ فلابد من التأني في الجزم بتفسير معين، والبحث عن مزيد مرجحات وقرائن.

مثال ذلك أن النسائي روى عن علي بن حُجْر، عن إسماعيل، عن حُمَيْد، عن أنس: "قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخي النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع

" الحديث

(1)

، حوله المزِّي من ترجمة (إسماعيل بن عُلَيَّة، عن حُمَيْد، عن أنس) إلى ترجمة (إسماعيل بن جعفر، عن حُمَيْد، عن أنس)، وضمه إلى ما رواه البخاري، عن قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، عن حُمَيْد، عن أنس

(2)

.

واستدلال المزِّي برواية قتيبة استدلال صحيح، لكنه معارض برواية الترمذي لهذا الحديث بعينه، عن أحمد بن منيع، عن إسماعيل بن إبراهيم -وهو ابن عُلَيَّة-، عن حُمَيْد، عن أنس، وكذا أخرج النسائي آخره عن إسحاق بن راهويه، عن إسماعيل بن عُلَيَّة، وذكرهما المزِّي في ترجمة (إسماعيل بن عُلَيّة، عن حُمَيْد)

(3)

، وحينئذ فيحتمل أن يكون شيخ علي بن حُجْر إسماعيل بن جعفر، كما يحتمل أن يكون إسماعيل بن عُلَيِّة، ولعل المزِّي نظر إلى المتن، فإن القدر الذي ذكره النسائي من رواية علي بن حُجْر، عن إسماعيل، أقرب إلى لفظ إسماعيل بن جعفر.

الجهة الثانية: التفسير المخطئ للراوي من قبل أحد رواة الإسناد، ومعنى ذلك أنه قد يكون مع الباحث راو غير مفسر، مشتبه

(1)

"سنن النسائي الكبرى" حديث 8322.

(2)

"صحيح البخاري" حديث 2293، 3781، و"تحفة الأشراف"1:174.

(3)

"سنن الترمذي" حديث 1933، و"سنن النسائي الكبرى" حديث 6595، و"تحفة الأشراف"1: 173، 174.

ص: 513

بغيره، فيقف على إسناد آخر للحديث وفيه تفسير ذلك الراوي بما يتميز به عن غيره، لكن هذا التفسير بعد التأمل يتبين أنه مخطئ.

وهذا الكلام قد يبدو غريبا على بعض الناس، إذ يمكن أن يفهم منه طرح الثقة بالطرق الأخرى في تفسير الراوي، وليس هذا هو المقصود قطعا، فجمع الطرق أهم وسيلة لتمييز الراوي إذا اشتبه بغيره، ولكن لابد من لفت الانتباه إلى أخطاء رواة الإسناد في التفسير، مما يلزم معه ضرورة الاستقصاء في جمع الطرق حين يشتد الاشتباه، واستخدام وسائل متعددة للتمييز، ويتأكد هذا إذا جاء التفسير مفصولا عن الاسم، بأن يأتي في الإسناد: حدثنا فلان -هو ابن فلان-، أو: يعني ابن فلان.

ويمكن أن تقرب المسألة إلى ذهن القارئ إذا أدرك أن رواة الإسناد -ابتداء من الراوي عن المشتبه به، مرورا بمؤلف الكتاب، ثم الإسناد إلى المؤلف- هم من جملة نقاد السنة في كثير من الأحيان، فكما يجتهد الدارس للإسناد في تفسير راو، وقد يخطئ في ذلك، كما تقدم شرحه في المبحث الأول، وربما أقحم اجتهاده في أثناء الإسناد، فيسوق الإسناد مفسرا من أحد مصادر التخريج، مع أن التفسير ليس في المصدر- يجتهد أحد الرواة فيفسر راويا ممن فوقه، وقد يخطئ في ذلك أيضا، وربما أمكن تحديد من قام بتفسير الراوي، وربما لم يمكن ذلك.

ونظرا لأهمية هذه القضية، وقلة من يراعيها من الباحثين- سأذكر أمثلة من وقوع التفسير المخطئ للراوي من قبل أحد رواة الإسناد.

والطريف في الأمر أن الخطأ ربما وقع من الراوي عن الراوي

ص: 514

المشتبه به، فيسمع الراوي من شيخ، ثم يروي عن آخر يظنه هو شيخه، ومن أمثلة ذلك أن زهير بن معاوية يروي عن واصل بن حيان أحاديث عدة، فذكر أحمد، وابن معين، في رواية عنه، وأبو حاتم أن زهيرا إنما سمع من صالح بن حيان، فاشتبه عليه بواصل بن حيان، ونص ابن معين على أنه لم يره أصلا، وذكر أبو حاتم أنه لم يدركه، وقال ابن معين في رواية إنه سمع منهما جميعا، فجعلهما واحدا

(1)

.

وواصل بن حيان ثقة، وصالح بن حيان ضعيف

(2)

.

وروى أبو أسامة حماد بن أسامة أحاديث عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فذكر جماعة من الأئمة أنه غلط فيه، وإنما سمع عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وكذلك حسين الجعفي يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حديثين، فذهب جمهور الأئمة إلى أنه إنما سمعهما من ابن تميم، وجعل البخاري ذلك حكما عاما فيما رواه الكوفيون عن ابن جابر من المناكير، فقال:"أهل الكوفة يروون عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أحاديث مناكير، وإنما أرادوا -عندي- عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وهو منكر الحديث، وهو بأحاديثه أشبه منه بأحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر".

وسبب هذا الغلط أن المشهور عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو من كبار العلماء الثقات في الشام، فقدم عبد الرحمن بن يزيد بن تميم

(1)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 232، و"سؤالات أبي داود" ص 163، و"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 263، و"سؤالات الآجري لأبي داود"1: 308، و"شرح علل الترمذي"2: 819، و"تهذيب التهذيب"4:386.

(2)

"تهذيب التهذيب"11: 103، 4:386.

ص: 515

الكوفة، مع يزيد بن يزيد بن جابر أخو عبد الرحمن، فسمعوا منه، وقال لهم: أنا عبد الرحمن بن يزيد، فظنوه ابن جابر، ويقال: إن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قدم الكوفة بعد ذلك بزمن

(1)

.

وقد قرأت بحثا لأحد الإخوة صحح فيه حديثا يرويه أبو أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بناه على ثقة الرواة، واتصال الإسناد، فأخبرته بكلام الأئمة حول رواية أبي أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فعاد وضعف الحديث.

وروى يحيى بن سُلَيم أبو بَلْج الواسطي، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، أحاديث استنكرها الإمام أحمد، وذكر أنه لا يعلم أن عمرو بن ميمون يروي عن ابن عباس، وقال عبد الغني الأزدي إن أبا بَلْج أخطأ في اسم عمرو بن ميمون هذا، وليس هو بعمرو بن ميمون المشهور، إنما هو ميمون أبو عبد الله مولى عبد الرحمن بن سَمُرَة، وهو ضعيف، قال ابن رجب:"وليس هذا ببعيد"

(2)

.

وروى صدقة بن يزيد -وهو ضعيف-، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا:"قال الله تعالى: إن عبدا صححته، ووسعت عليه، لم يزرني في كل خمسة أعوام لمحروم"، وقد استنكره الأئمة بهذا الإسناد، وإنما يعرف من حديث العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال ابن عدي: "لعل صدقة هذا سمع بذكر

(1)

"العلل الكبير"2: 974، و"سؤالات الآجري لأبي داود"1: 442، و"المعرفة والتاريخ"2: 801 - 802، و"الجرح والتعديل"5: 300، و"المجروحين"2: 55، و"شرح علل الترمذي"2: 817، و"تهذيب التهذيب"6: 295 - 298.

(2)

"شرح علل الترمذي"2: 821.

ص: 516

العلاء، فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وكان هذا الطريق أسهل عليه، وإنما هو: العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد"

(1)

.

ويحتمل أن يكون من هذا الباب رواية بَشِير بن سليمان أبي إسماعيل، عن سَيَّار، عن طارق بن شهاب، عن ابن مسعود مرفوعا: "من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته

" الحديث، هكذا رواه جماعة عن بَشَير، لم ينسبوا سَيَّارا، ورواه آخرون عنه، عن سَيَّار أبي الحكم، ورواه آخرون عنه، عن سَيَّار أبي حمزة، وقد خطَّأ الأئمة من قال: عن سَيَّار أبي الحكم، والصواب: عن سَيَّار أبي حمزة، لكن من الأئمة من أشار إلى أن الخطأ من بَشِير، كان يخطئ في شيخه، ظنه سَيَّارا أبا الحكم العنزي البصري أو الواسطي، إنما شيخه سَيَّار أبو حمزة الكوفي، روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأشار بعض الأئمة إلى أن الخطأ ممن دون بَشِير

(2)

.

وأما وقوع الخطأ في التفسير من أحد الرواة ممن دون الراوي عن المشتبه به فله أمثلة كثيرة، من ذلك أن ابن أبي شيبة روى عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن عبد الكريم، عمن سمع ابن عمر قال:"يستتاب المرتد ثلاثًا"

(3)

، ورواه أحمد، عن وكيع قال: حدثنا سفيان، عن

(1)

"التاريخ الكبير"4: 295، و"الضعفاء الكبير"2: 206، و"الكامل"4:1396.

(2)

"سنن أبي داود" حديث 1645، و"سنن الترمذي" حديث 2327، و"مسند أحمد"1: 407، 422، و"العلل ومعرفة الرجال"1: 329، 2: 10، و"ثقات ابن حبان"6: 421، و"علل الدارقطني"5: 115 (ومصادر تخريجه)، و"تهذيب التهذيب"4: 292، 293.

(3)

"مصنف ابن أبي شيبة"10: 138، و"سنن البيهقي"8:207.

ص: 517

عبد الكريم الجزري، عن رجل، عن ابن عمر، وعلق أحمد على تفسير وكيع لعبد الكريم بأنه الجزري بقوله:"ابن مهدي قال: قال سفيان -في حديث المرتد- قال: هو أبو أمية، حدثني به سفيان، قال أحمد: ونسخناه من كتاب الأشجعي: عن سفيان، عن عبد الكريم البصري -قال أحمد: هو أبو أمية- مثل هذا الحديث"

(1)

.

فقد فسر وكيع شيخ شيخه بأنه عبد الكريم الجزري، وهو ثقة ثبت، وإنما هو عبد الكريم أبو أمية البصري المعروف بابن أبي المُخَارِق، وهو متروك الحديث.

وروى يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو نُعَيْم، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن: "أنه دخل على عمر فوجده يصلي الظهر

" الحديث، ثم قال يعقوب: "وبلغني أن أبا نعيم كان يقول: عبد الرحمن بن عوف، فقيل له: إنما هو عبد الرحمن بن عَبْد القاري، فاقتصر على عبد الرحمن، ولم ينسبه"

(2)

.

وروى يعقوب أيضا عن أبي نُعيْم، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة، أن عبد الله بن أبي بكر حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: - فذكر الحديث -، ثم قال يعقوب:"رواه بعض من لا يوثق بروايته فقال: أن عبد الله بن أبي بكر الصديق حدثه، وإنما هو عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم"

(3)

.

وروى شعبة بن الحجاج، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن

(1)

"العلل ومعرفة الرجال"2: 223، 224 - 225.

(2)

"المعرفة والتاريخ"2: 118.

(3)

"المعرفة والتاريخ"2: 117.

ص: 518

زُرَارة، عن محمد بن عمرو بن حسن بن علي بن أبي طالب، عن جابر مرفوعا في قصة:"ليس من البر الصيام في السفر"، ورواه يحيى بن أبي كثير واختلف عنه، فقيل عنه: عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل، عن جابر، وقيل عنه: عن محمد بن عبد الرحمن، حدثني من سمع جابرا، وقيل عنه: عن محمد بن عبد الرحمن، حدثني جابر، وقيل عنه: عن محمد بن عبد الرحمن، حدثني جابر، وقيل عنه: عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر.

وعلى رواية من قال عن يحيى بن أبي كثير: عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان اعتمد ابن حبان، فأخرج الحديث في "صحيحه" وفيه زيادة:"فعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها"، وحسن إسناد الحديث هذا بهذه الزيادة ابن القطان، وتابعهما بعض الباحثين، فعندهم أن هذا طريق آخر إلى جابر متصل.

والصواب أن يحيى بن أبي كثير إنما يروي الحديث عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وهو شيخ شعبة في الإسناد السابق، ولم يسمع من جابر، ويحيى بن أبي كثير، تارة يبهم الواسطة بين محمد هذا وبين جابر، وتارة يحذفها، وأما من نسبه عن يحيى فقال: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، فهو وهم، سببه أن الذي يروي عن جابر وسمع منه هو محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، فلما أسقط يحيى الواسطة بين محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وبين جابر، ظن بعض رواة الإسناد أنه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان فنسبه كذلك، وكذا من قال عن يحيى: عن محمد بن عبد الرحمن، حدثني جابر، هو وهم أيضا

(1)

.

(1)

"سنن النسائي الصغرى" حديث 2257 - 2260، و"سنن النسائي الكبرى" حديث 2566 - 2569، و"علل ابن أبي حاتم"1: 247، و"صحيح ابن حبان" حديث 355، و"بيان الوهم والإيهام"2: 576 - 581، و"فتح الباري"4:185.

ص: 519

وذكر الرامَهُرْمُزي أن أبا خليفة الفضل بن الحُبَاب- روى عن مُسَدَّد، عن عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن إياد، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن أسماء بنت يزيد، حديثا في (الغيبة) - فغلط فيه، وظن أنه عبيد الله بن إياد بن لَقِيط، وإنما هو عبيد الله بن أبي زياد القَدَّاح المكي

(1)

.

وقد رواه كذلك عن عبيد الله بن أبي زياد القَدَّاح: عبد الله بن المبارك، ومحمد بن بكر البُرْسَاني

(2)

.

ولعبيد الله بن أبي زياد القَدَّاح، عن شَهْر بن حَوْشَب أحاديث غير هذا، من رواية عيسى بن يونس وغيره عنه

(3)

.

وروى أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف" -وعنه ابن ماجه- عن حفص بن غياث، عن أشعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص قال:"كان آخر ما عهد إليّ النبي صلى الله عليه وسلم أن لا أتخذ مؤذنا يأخذ على الأذان أجرا"، وسقط من "المصنف" جملة (عن أشعث) من الإسناد

(4)

.

وقد رواه ابن حزم، من طريق ابن وَضَّاح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن حفص بن غياث، عن أشعث -هو ابن عبد الملك الحُمْراني-، عن الحسن به

(5)

.

(1)

"المحدث الفاصل" ص 349.

(2)

"مسند أحمد"6: 461.

(3)

"سنن أبي داود" حديث 1496، و"سنن الترمذي" حديث 3472، و"سنن ابن ماجه" حديث 3855، و"مسند أحمد"6: 460، 461.

(4)

"مصنف ابن أبي شيبة"1: 228، و"سنن ابن ماجه" حديث 714.

(5)

"المحلى"3: 193.

ص: 520

وظاهر جدا أن تفسير الأشعث ليس في أصل الرواية، وإنما هو من ابن وَضَّاح، أو من دونه، وهو وهم فيما يظهر، فأشعث ليس ابن عبد الملك، وإنما هو أشعث بن سَوَّار، كما جزم به المزِّي

(1)

.

وأشعث بن سَوَّار، وأشعث بن عبد الملك، وإن كانا يرويان عن الحسن، ويروي عنهما حفص بن غياث- إلا أن حفص بن غياث مكثر من الرواية عن أشعث بن سَوَّار، ثم إن الحديث معروف بأشعث بن سَوَّار، فقد رواه عنه أبو زبيد عبثر بن القاسم، والفضيل بن عياض

(2)

، وهما إنما يرويان عن أشعث بن سَوَّار

(3)

.

وذكر ابن ناصر الدين الدمشقي أن النسائي أخرج عن إبراهيم بن يعقوب، عن عبد الله بن محمد النُفَيْلي، عن زهير بن محمد، عن محمد بن جحادة

حديثا

(4)

.

والموجود عند النسائي عن (زهير) غير منسوب

(5)

، وكأن ابن ناصر الدين لما رآه كذلك ظنه زهير بن محمد الخراساني، وإنما هو زهير بن معاوية الجُعْفي الكوفي

(6)

.

وروى الدارقطني والحاكم من طريق الخطيب بن ناصح، عن عبد العزيز الداروردي، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر

(1)

"تهذيب الكمال"3: 265، 7: 6، ومواضع أخرى.

(2)

"سنن الترمذي" حديث 209، و"مسند الحميدي" حديث 906.

(3)

"تهذيب الكمال"3: 265، 266، 278، و"تنقيح التحقيق"1:718.

(4)

"تنوير الفكرة بحديث بهز بن حكيم في حسن العشرة" ص 30.

(5)

"سنن النسائي الكبرى" حديث 9180.

(6)

"معجم الصحابة" لابن قانع 3: 71، و"المعجم الكبير"19: 426، حديث 1037، و"تهذيب الكمال"9:422.

ص: 521

مرفوعًا: "نهى عن بيع الكالئ بالكالئ"، وصححه الحاكم، ثم روياه أيضا من طريق حمزة بن عبد الواحد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر

(1)

.

وقد تكلم البيهقي علي هذين الطريقين بكلام في غاية الإحكام، لولا خشية الإطالة لنقلته ملخصا، بين فيه أن تسمية موسى وأنه ابن عقبة وهم، وأن أصل الرواية في هذين الطريقين:(عن موسى) غير منسوب، وقد جاءت طرق أخرى عن الداروردي وغيره نُسب فيها موسى وأنه ابن عُبَيْدة الرَّبَذي، والحديث مشهور به، مرة يرويه عن نافع، ومرة عن عبد الله بن دينار

(2)

.

وقد يكون سبب الخطأ في التفسير تصحيف وقع في النص.

فقد أخرج الطبراني من طريق أبي نُعَيْم، عن سفيان الثوري، عن نَهْشَل بن مُجَمِّع الضَّبِّي، عن أبي غالب، وأبي قَزَعَة سُوَيْد بن حُجَير، عن ابن عمر حديثا في التوديع، كذا جاء فيه:(وأبي قَزَعَة سُوَيْد بن حجير)، وهو تفسير من أحد الرواة المتأخرين بعد أبي نعيم -فيما يظهر- نشأ عن تصحيف، والصواب:(عن أبي غالب، وقَزَعة)، هكذا جاء من روايات متضافرة عن سفيان الثوري، وجاء عنه من طرق أخرى بذكر أحدهما، وكذا رواه محمد بن فضيل، عن نَهْشَل، عن قَزْعة، وكذا رواه أبو سِنَان ضِرار بن صُرَد، عن قزَعَة

(3)

، وقَزَعَة هو ابن يحيى،

(1)

"سنن الدارقطني"3: 71 - 72، و"المستدرك"2:57.

(2)

"سنن البيهقي"5: 290، وانظر:"شرح معاني الآثار"4: 21، و"شرح مشكل الآثار"، و"الكامل"6: 2353، و"التلخيص الحبير"3:29.

(3)

"سنن النسائي الكبرى" حديث 10350 - 10355، و"مسند أحمد"2: 87، و"منتخب مسند عبد بن حميد" ح 855، و"مكارم الأخلاق" للخرائطي حديث 860 - 861.

ص: 522

ويقال: ابن الأسود، أبو الغادية البصري، وأبو قَزَعة سُوَيْد بن حُجَيْر لم يذكروا له رواية عن ابن عمر

(1)

.

وروى ابن أبي حاتم، عن محمد بن عوف قال: قال يحيى بن معين: حدثنا الحجاج بن محمد الأعور، عن أبي عُبَيْدة -يعني عبد الواحد بن واصل- قال: "كان عنده ابن سمعان، ومحمد بن إسحاق، فقال ابن سمعان: حدثني مجاهد

"

(2)

.

فقوله: يعني عبد الواحد بن واصل، تفسير مبني -فيما يظهر- على تصحيف وقع في الكنية، وصوابها: عن أبي عبيد الله، وهو أبو عبيد الله صاحب المهدي، كذا في سائر المراجع

(3)

.

وقضية خطأ الراوي في تفسير راو ممن فوقه في الإسناد أمر مشهور جدا عند النقاد، وهو يندرج تحت عموم أخطاء الرواة على من فوقهم، مثل تغيير صيغة تحديث، أو زيادة راو، وغير ذلك، وكان بعض الأئمة يوصي بالستر على الواهم، ومعناه إغفال موضع الخطأ إن أمكن، فيحذف النسبة -مثلا- إن كانت خطأ، كما في قول البَرْذَعي: "قال النُّفَيْلي: سترت على زهير أحاديث مما وهم فيها، ورأيته يومي إلى هذا غير مرة، أن الفَهِم يجب عليه إذا وَهَم شيخ جليل في شيء أن يستر

(1)

"تهذيب الكمال"12: 245.

(2)

"الجرح والتعديل"5: 60.

(3)

"العلل ومعرفة الرجال"1: 352، و"تاريخ الدوري عن ابن معين"2: 308، و"الضعفاء الكبير"2: 255، و"الكامل"4: 1444، 1445، و"تاريخ بغداد"9: 455، و"تهذيب الكمال"14:530.

وانظر أمثلة أخرى في: "إتحاف المهرة"11: 719 - 720 حديث (14930)، و"تهذيب التهذيب"4:39.

ص: 523