الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل هذا بين أن التفسير من فروض الكفايات، ومن أجل العلوم الشرعية قاطبة؛ لأن موضوعه كتاب الله سبحانه وتعالى بعد جيل الصحابة جاء التابعون، فاعتمدوا على المصادر السابقة: القرآن، أقوال الرسول، أقوال الصحابة، وتلا ذلك التابعون وتابعو التابعين شرحًا لكتاب الله وبيانًا لما فيه.
حتى جاءت العصور التي بدأ فيها يظهر التباس في الفهم، أو سوء وحقد من أعداء الإسلام، فأدخلوا في كتبنا وفي تفاسير القرآن ما ليس منه، بل إن بعض المفسرين القدامى كالثعلبي في كتابه (الكشف والبيان في تفسير القرآن) وهناك أيضًا الإمام الواحدي في تفسيره (الوسيط) وهناك أيضًا تفسير لابن جرير الطبري.
هذه الكتب القديمة لم تخلُ من بعض الإسرائيليات والأقوال الضعيفة مما بدأ الدخيل يسري إلى كتب التفسير التي هي شرحٌ لكتاب الله سبحانه وتعالى.
تعريف الدخيل والأصيل
تعريف الدخيل:
الدخيل في اللغة: هو الوافدُ الذي تسلل من الخارج، وليس له أصل في المحيط الذي تسلل إليه، وتُستعمل هذه الكلمة في: الأشخاص، والألفاظ، والكلمات، والمعاني، وما أشبه ذلك.
لو رجعنا إلى كتب اللغة سنرى صاحب (القاموس) و (لسان العرب) وصاحب كتاب (الأساس) العلامة الزمخشري و (المصباح المنير) و (المفردات) للراغب الأصفهاني، كل أولئك حدثونا عن معنى الكلمة "الدخيل": الدخل ما داخلك من فساد في عقل أو جسم، وقد دخل كفرح، ودخل كعني دخلًا ودخلًا، وهذا المعنى يفيد الغدر والمكر والدهاء والخديعة والعيب، سواء كان في الحسب أو في الشجر أو في الناس أو في القوم الذين ينتسبون إلى من ليسوا منهم.
وقالوا: داء دخيل، ودخل أمره؛ أي: فسَدَ داخله، فلان دخيل في القوم؛ أي: ليس منهم، هو من غيرهم، وإذًا كلمة الدخيل كلمة إذا أدخلت في كلام العرب تطلق على الكلمة التي تندس في كلام العرب، وليست من كلام العرب.
يتحصل من ذلك أن الدخيل يدور حول معنى: العيب، الفساد الداخلي، سواء من الغرابة أو من المكر أو من الخديعة أو الريبة أو عفن الجوف ونحو ذلك، وإذا قلنا كلمة دخيل فعيل، أهي بمعنى فاعل أو مفعول؟
إذا أطلق على العيب نفسه كانت كلمة دخيل بمعنى داخل، بمعنى فاعل، وإن أطلق على الشيء المعيب نفسه كانت بمعنى مدخول أي: هو مفعول، وهذا مبالغة، فالدخيل في التفسير: العيب والفساد، عيب وفساد اجتهد صاحبه أن يدس حقيقته، ويخفيها في ثنايا الأصيل في التفسير للقرآن الكريم.
لعل هذا يوضح الآن أن الدخيل في اللغة هو الوافدُ الذي تسلل من الخارج، وليس له أصل في المحيط الذي تسلل إليه، وإذا ما خلصنا إلى المعنى الاصطلاحي: هو الذي ليس له أصل صحيح في الدين، تسلل إلى رحاب التفسير على حين غِرة، وعلى حين غفلة من الزمن؛ بفعل مؤثرات مختلفة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولو تساءلنا: الذي أثر في إظهار هذا الدخيل أكثر وأكثر؟
نقول: جانبان:
الجانب الأول: جانب خارجي، وهذا يتمثل في أعداء الإسلام الحاقدين من اليهود والنصارى والشيوعيين، ومن الكافرين المشركين الذين كانوا حريصين على اللغو وعلى إظهار القرآن بأنه متناقض؛ ليشككوا فيه، لأن القرآن حمل على الشرك حملة شعواء، كما سيتضح الآن.