المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب: السواك وسنة الوضوء* - الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي - جـ ٢

[ابن المبرد]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارة)

- ‌ بابُ ما تكون به الطهارة

- ‌باب: الآنية

- ‌ باب: السِّوَاك وسنَّةُ الوضوء*

- ‌باب: فرض الطهارة

- ‌باب: ما ينقض الطهارة

- ‌باب: ما يُوجبُ الغُسْل

- ‌باب: الغسل من الجنابة

- ‌باب: التيمم

- ‌باب: المَسْحُ على الخُفَّيْن

- ‌باب: الحَيْض

- ‌كتاب: الصَّلَاة

- ‌باب: المَوَاقيت

- ‌باب: الأَذَان

- ‌باب: اسْتِقْبَال القِبْلَة

- ‌باب: صفة الصلاة

- ‌باب: سَجْدَتَي السهْو

- ‌باب: الصلاة بالنجاسة وغير ذلك

- ‌باب: السَّاعات التي نُهِيَ عن الصَّلاة فيها

- ‌باب: الإِمَامَة

- ‌ باب: صلاة المُسَافِر *

- ‌بابُ: صَلَاة العِيدَيْن

- ‌كتاب: صلاة الاسْتِسْقَاءِ

- ‌باب: الحُكْم فِيمَن تَرك الصَّلَاة

- ‌كتاب: الجَنَائِز

- ‌كتاب: الزكاة

- ‌باب: صَدَقةُ البَقَر

- ‌باب: صَدَقة الغنم

- ‌باب: زكاة الزُّروع والثِّمار

- ‌باب: زكاة الذهب والفضة

- ‌باب: زكاة التجارة

- ‌باب: زكاة الدين والصدقة

- ‌باب: زكاة الفطر

- ‌كتاب: الصيام

- ‌كتاب: الحَجِّ

- ‌باب: ذِكْر المواقيت

- ‌باب: الإِحْرَام

- ‌باب: ذكْر الحَجِّ ودخول مكة

- ‌باب: ذِكْر الحج

- ‌باب: الفِدْيَة وجزاءُ الصيد

- ‌كتاب: البيوع، وخِيَارُ المتبايعين

- ‌باب: الربا والصرف وغير ذلك

- ‌باب: بيع الأصول والثمار

- ‌باب: المصراة وغير ذلك

- ‌باب: السّلم

- ‌كتاب: الرهن

- ‌كتاب: المُفْلِس

الفصل: ‌ باب: السواك وسنة الوضوء*

*‌

‌ باب: السِّوَاك وسنَّةُ الوضوء*

(السِّوَاكُ): بكسر "السين": اسم للعُود الذي يُسْتَاكُ، وكذلك: الِمسْوَاك، بكسر "الميم". (1)

قال ابن فارس: (2)"وسُمِّي بذلك، لكون الرَّجُل يُردِّدُه في فمه ويُحَرِّكُه، يقال: جاءت الإبل هُزْلَى تُسْاوكُ: إِذا كانت أعناقُها تضطرب مِنَ الهُزَال". (3)

فكأَنه مأخوذٌ مِنْ تَردُّد أَعْنَاق الإِبل، لُمِشَابَهَته، لاضْطِرَاب أَعْنَاقِها، لأنه يَضْطَرِب في الفم. والتَّسَاوكُ: الاضْطِرَاب.

وذكر صاحب "المحكم" أنَّ السِّوَاك يُذَكَّر وُيؤَنَّث، وجَمْعُه: سُوكٌ،

(1) انظر: (المطلع: ص 14).

قال الفيومي: "السِواك: عود الأَراك، والجمع: سَوْكٌ بالسكون، والسواك أيضاً: المصدر". (المصباح: 1/ 317 مادة سوك).

(2)

هو أبو الحسين، أحمد بن زكريا بن فارس القزويني، . المعروف بـ"الرازي" المالكي المذهب، عالم اللغة والأدب والشعر، صنف "المُجْمَل" و"مقاييس اللغة" وغيرها، توفي 395 هـ. ترجمته في:(سير أعلام النبلاء: 17/ 103، يتيمة الدهر: 3/ 397، ترتيب المدارك: 4/ 610، المنتظم: 7/ 107، مفتاح السعادة: 1/ 109، هدية العارفين: 1/ 68).

(3)

انظر: (مقاييس اللغة: 3/ 117 مادة سوك).

ص: 66

كَكِتَابٌ، وكُتُب. وذَكَر أَنَّه يقال في جَمْعِه: سُؤُكٌ بالهمز. (1)

و(السُنَّة)، ما أَثِيب على فِعْلِها، ولم يُعَاقَب على تَرْكِها، وهي المستحب والمندوب ألفاظٌ مترادفةٌ بمعنىً واحدٍ. (2)

و(الوُضُوءِ)، بضم "الواو" الفِعْلُ، (3) وبفتحها: الماء الُمتَوَضأ به على المشْهُور، ولهذا ورد في الحديث:"تُدْعَوْنَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ من آثار الوضوء"(4) بالضم، وَورَد:"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دَعا بِوَضُوءٍ"(5) بالفتح: وهو الماء.

(1) انظر: (اللسان: 10/ 446 مادة سوك نقلاً عن صاحب "المحكم").

أما التَّسوُك في الشرع: "استعمال عودٍ أو نحوه في الأسنان، لإذهاب التغيير ونحوه"(المبدع: 1/ 98) قال في المغني: 1/ 78: "أكثر أهل العلم يرون السواك سنة غير واجب، ولا نعلم أحداً قال بوجوبه إِلَّا إسحاق وداود، لأنه مأمور به والأمر يقتضي الوجوب".

(2)

انظر: (إرشاد الفحول: ص 31، شرح الكوكب المنير: 2/ 160، تهذيب الأسماء واللغات: 1 ق 2/ 156، السنة قبل التدوين: ص 18).

كما أن للسنة إطلاقات كثيرة انظرها في: (الإحكام للآمدي: 1/ 169، أصول السرخسي: 1/ 113، الحدود للباجي: ص 56، فواتح الرحموت: 2/ 97، شرح الكوكب المنير: 2/ 160، أصول مذهب أحمد: ص 199، المدخل لابن بدران: ص 89).

(3)

أنكر الأزهري، الوضوء - بضم الواو - وقال لا يُعْرَف ولا يُسْتَعمل في باب التَّوَضُّؤ بالماء. (الزاهر ص 36) كما أنكر ذلك، أبو عبيد وأبو حاتم، وأبو عمرو بن العلاء. قاله صاحب (المغرب: 2/ 358).

(4)

أخرجه البخاري في الوضوء: 1/ 235، باب فضل الوضوء، حديث (136)، ومسلم في الطهارة 1/ 216، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، حديث (35)، والنسائي في الطهارة: 1/ 79، باب حلية الوضوء، وابن ماجه في الطهارة 1/ 104، باب ثواب الطهور، حديث (284)، وأحمد في المسند: 1/ 282.

(5)

بعض حديث أخرجه البخاري في الوضوء: 1/ 266، باب المضمضة في الوضوء، حديث (164)، وأبو داود في الطهارة: 1/ 29، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، حديث (117)، والنسائي في الطهارة: 1/ 56، باب باي اليَدَيْن يتمضمض. وابن ماجه في الطهارة كذلك: 1/ 150، باب ما جاء في مسح الرأس، حديث (434)، والدارمي في المناسك: 2/ 57، باب الجمع بين الصلاتين.

ص: 67

وحُكِيَ الفتح في الفِعْل، والضم في الماء. (1)

والوُضُوء لغة: النظافة والحُسن، ومنه:"وَجْهٌ وَضِيءٌ"، "وجَارِيةٌ وَضِيئَةٌ"، مُشتقٌ مِنْ الضَّوْءِ ضد الظَّلام، ومنه في حديث أم معْبَد:(2)"ظَاهِر الوَضّاءة"، (3) سُمِّيَ بذلك لتَحْسِينِه فاعله في الدنيا والآخرة.

ففي الدنيا بإِزالة الأَوْسَاخ والأَقْذَار، وفي الآخرة بالنُّور الذي يَحْصل منه، كالغُرَّةِ والتحجيل وغير ذلك.

وفي الشرع: "عبارة عن الأفعال المعروفة من النية، وغَسْل الأَعضاءِ الأربعة بالطهور". (4)

54 -

قوله: (السِّواك سُنَّةٌ يُسْتَحب)، أَوْرَدَ عليه بأن السُنَّة هو

(1) انظر: (المطلع: ص 19)، قال النووي في "لغات التنبيه ص 4"، وقيل بفتحهما، وحُكِيَ ضَمُّهُما وهو شاذ".

(2)

هي عاتكة بنت خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعية، أم معبد كنيت بابنها معبد، وزوجها أكثم ابن أبي الجون الخزاعي، وهي التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، وحديثه معها مشهور. أخبارها في:(الإصابة: 8/ 281، أسد الغابة: 7/ 182 - 396، طبقات ابن سعد: 1/ 230، شرح الطوال الغرائب لابن الأثير: ص 175).

(3)

هذا جزء من حديث طويل ومشهور، أخرجه طائفة من العلماء في كتبهم. انظر:(دلائل النبوة لأبي نعيم: 2/ 117، ودلائل النبوة للبيهقي: 1/ 228، طبقات ابن سعد: 1/ 230، المستدرك: 3/ 9، مجمع الزوائد: 6/ 55، والاكتفاء للكلاعي: 1/ 446، والروض الأنف: 2/ 7 - 9، السيرة النبوية لابن غير: 2/ 257، شرح الطوال الغرائب لابن الأثير: ص 171).

(4)

زاد في المنتهى: 1/ 17: "على صِفَةٍ مخْصُوصةٍ، ويجب بحَدَثٍ، ويَحل جميع البدن كجنابة". قال البهوتي في كشاف القناع: 1/ 82: "بأن يأتي بها مُرتبةً متواليةً مع باقي الفروض، والشروط وما يجب اعتباره".

والمقصود بالأعضاء الأربعة: الوجه، واليدان، والرأس، والرجلان.

ص: 68

المُسْتَحب، فَلِأي شَيْءٍ قال:"سُنَّةً يُسْتَحب".

قيل: أراد بالثاني: تأكد الاسْتِحْبَاب، وقيل أَراد بالأَوَّل، وهو قوله:(سُنَّة): الاصطلاحية التي هي أَحَد أقسام "أصول الفقه"، التي هي "الكتاب والسُنَّة".

وهي ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قَولاً، أَوْ فعلاً، أوْ إِقراراً، (1) وهي أَعَمُّ من أنْ يكون الحكم فيها واجباً، أو مستحباً، فلهذا قال: يُستحب. والله أعلم.

55 -

قوله: (عِنْد)، هي لَفْظَةٌ تَلْزَمُها الإِضافة، كـ"قبل"، و "بعد".

56 -

قوله: (كُلّ)، لفظةٌ من ألفاظ العموم تلْزَمها الإِضافة أيضاً.

57 -

قوله: (فَيُمْسِك)، الإِمساك: الكَفُّ عن الشَّيءِ، ومن ثم قيل للصوم: إِمسَاك، لأَنَّه كَفٌّ عن الطعام، والشراب وغيره.

58 -

قوله: (صلاةَ الظهر)، لغة: الوقت بعد الزوال.

قال الجوهري: "الظُهر بالضم: بعد الزوال، ومنه صلاة الظهر". (2)

آخر كلامه.

قال صاحب "المطلع": "والظُهْرُ شرعاً: اسم للصلاة، وهي من تسمية الشيء باسم وَقْتِه".

(1) وهذا تعريف للسنة في اصطلاح الأصوليين. انظره في: (المختصر لابن اللحام: ص 74، شرح الكوكب المنير: 2/ 160، إرشاد الفحول: ص 36، أصول السرخسي: 1/ 113، الإحكام للآمدي: 1/ 169).

(2)

انظر: (الصحاح: 2/ 731 مادة ظهر).

ص: 69

وقولنا: "صلاة الظهر": (1) أي صلاة هذا الوقت.

وقال ابن مالك في (2)"مثلثه": "الظَّهْرُ: خِلافُ البَطْنِ منْ كُلِّ شيءٍ، وما غَلُظَ من الأرض، والرِّكَاب التي تَحْمِل الأَثْقَال في السَفَر، ومصدر ظَهَرَ الُمتَعدِّي. والظِّهْر: لغة في الظَّهْرِ: وهو وجَع الظَّهْر. والظُّهْرُ: وقتُ الزوال"(3) آخر كلامه.

59 -

قوله: (تَغْربُ)، يقال: غَربتْ تَغْرُبُ غُرُوباً، ومَغْرِباً: أي غَابَت وسُمِّي الَمغْرِبُ مَغْرِباً، لأَنَّها تَغِيبُ فيه.

قال ابن مالك: "غَربَ الرَّجل: بَعُدَ، والنَّجْم، وغَيْرهُ: غابَ. وغَرِبَت العَيْنُ: وَرِمَ مأْقُها، والشاةُ: تَمعَّطَ خُرْطُومها، وسقَط شَعْر عَيْنَيْها. وغَرُبَت الكَلِمَة: غَمُضَ مَعْنَاها. والرَّجُل: صار غَرِيباً". (4)

(1) انظر: (المطلع: ص 55).

قال القاضي عياض: "الأُولَى، اسْمُها المعروف، سُمِّيت بذلك، لأنَها أَوَّل صلَاة صلَاّها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم " انظر: (المشارق: 1/ 51).

قال الشيخ في "المغني": 1/ 378: "وبدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم حين علَّم أصحَابَه مواقيت الصلاة في حديث بريدة وغيره، وبدأ بها الصحابة حين سُئِلُوا عن الأوقات

وتُسَمَّى الأُولَى، والهجيرة، والظهر".

وفي تهذيب الأسماء واللغات: 1/ ق 2 ص 196: "سُمِّيت ظهراً لظُهُورها وبروزها".

(2)

هو الإمام اللغوي محمد بن عبد الله بن مالك لطائي الجياني الأندلسي، أبو عبد الله، أحد الأعلام في علوم العربية، له مصنفات كثيرة أشهرها:"الألفية" و"تسهل الفوائد" و"الكافية الشافية" و"اكمال الاعلام بتثليث الكلام" وغيرها، توفي 672 هـ، له ترجمة في:(البداية والنهاية: 13/ 267، بغية الوعاة: 1/ 130، ذيل مرآة الزمان: 3/ 76، طبقات النحاة واللغويين: ص 133، طبقات ابن السبكي: 8/ 67، غاية النهاية لابن الجزري: 2/ 180).

(3)

انظر: (اكمال الاعلام: 2/ 402).

(4)

انظر: (اكمال الاعلام: 2/ 463).

ص: 70

60 -

قوله: (الشَّمس)، معروفةٌ: قال الله عز وجل: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} . (1)

والشَّمسُ في السماء الرابعة، والظَّاهر والله أعلم: أنَّ ضَوْء النَّهار من ضَوْئِها.

وفي الغَالِب: إنَّما يُمَثَّلُ في الحُسْنِ بِضَوْئِها.

وَوَرد عنه عليه السلام أَنَّه قال: "عليكم بالشَّمْس فإِنَّها حَمَّام العرب". (2) وفي الصحيح عنه عليه السلام: "الشمس والقَمَر مُكَوَّران يوم القيامة". (3) وفي غير الصحيح: "في نَارِ جَهَنَّم". (4)

قال بعضهم: لأَنَهما عُبِدَا من دُونِه.

وعندي، أَنَّ ذلك ليس على وجه التعذيب لهما، بل على وجه التعذيب بهما، فإِنَّهُما يزيدان حَرَّ جَهَنَّم. (5)

وفي الصحيحين عنه عليه السلام: "أَنَّ الشَّمس والقَمَر لا يَخْسِفان

(1) سورة يس: 40.

(2)

لم أقف له على تخريج فيما وقَع تحت يدي من مصادر، والله أعلم.

(3)

أخرجه البخاري في بدء الخلق: 6/ 297، باب صفة الشمس والقمر، حديث (3200).

(4)

هذه رواية البزار عن أبي هريرة، كما أخرج أبو يعلى معناه من حديث أنس وفيه:"لِيَراهُما من عَبَدَهُما"، كما أخرج ابن وهب في كتاب "الأهوال" عن عطاء بن يسار في قوله تعالى:{وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} قال: "يُجْمَعان يوم القيامة ثُم يُقْذَفَان في النار" ولابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه مرفوعاً. انظر: (فتح الباري: 6/ 299 - 300).

قال. ابن الأثير في النهاية: 4/ 208: "مُكَوَّران: أي يُلَفَّان ويُجْمَعَان ويُلْقَيان فيها": أي في نار جهنَّم.

(5)

قال الخطابي: "ليس المراد بكَوْنهما في النار تَعْذِيَبهُما بذلك، ولكنه تَبكيِتٌ لمن كان يَعْبُدهما في الدنيا ليعلموا أن عبادَتَهم لهما كانت باطلا"، وقيل:"إنهما خلقا من النار فأُعِيدا فيها". انظر: (فتح الباري: 6/ 300).

ص: 71

لمَوْتِ أَحَدٍ ولا لحِيَاتِه، ولكنهما آيَتان من آياتِ الله يُخَوَّفُ الله بهما عِبَاده، فإِذا رَأيْتُم ذلك فافْزَعُوا إِلى الصلاة والذِكْر". (1) وفيهما أَحَادِيث كثيرةٌ ليس هذا مَوْضِعُها.

61 -

قوله: (اليَدَيْن)، واحِدَتُهما: يَدٌ، وجَمعها: أَيْدِي، وحينَ أُطْلِقَت اليَدُ في الشرع، تَنَاولت إِلى الكُوع، ولا تَتَعَدَّاهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ. (2)

62 -

قوله: (نَوْم)، هو مُفَارَقة الرُّوح الروحَانِية للبَدَن، بسبب تَصاعُد الأَخيرة إِلى الدماغ (3) ومَبادِئه يكون نُعاساً وسِنَةً. قال الله عز وجل:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} . (4)

63 -

قوله: (اللَّيل)، معروفٌ، قال الله عز وجل:{وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} (5) وقال: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} . (6)

(1) أخرج هذا الحديث البخاري في بدء الخلق: 6/ 297، باب صفة الشمس والقمر، حديث (3203)، ومسلم في الكسوف: 2/ 619، باب صلاة الكسوف حديث (3)، وابن ماجه في الإقامة: 1/ 401، باب ما جاء في صلاة الكسوف حديث (1263)، والدارمي في الصلاة: 1/ 360، باب الصلاة عند الكسوف.

(2)

قال في المغني: 1/ 82: "وحَدُّ اليَدِ الَمأْمُور بِغُسلها من الكوع، لأَنَّ اليَدَ المطلقة في الشرع تتناول ذلك بدليل قوله تعالى من {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، وإنَّما تُقْطَع يد السارق مِنْ مَفْصَل الكوع، وكذلك في التيَمم يكون في اليدين الى الكوع، والدِيَة الواجبة في اليد تجبُ على مَنْ قَطَعها مِن مَفْصل الكوع".

(3)

قال في المغرب: 2/ 333: "ويقال للخَامِل الذكر الذي لَا يُؤبَه لَه نَوْمَة، وللمضْطَجِع نائم على الَمجَاز والسعة ويقال: نام فلانٌ عن حَاجَتي، إِذا غفل عنها ولم يهتم بها". كما يُطْلَق "النوم" على الموت كذلك، يقال: نامت الشاة وغيرها من الحيوان: إذا ماتَتْ. انظر: (المشارق للقاضي عياض: 2/ 32).

(4)

سورة البقرة: 255.

(5)

سورة يس: 40.

(6)

سورة البقرة: 187.

ص: 72

وأَوَّلُه: مِنْ مغِيب الشَّمس إلى طلوع الفَجْر الثاني، وُيضْرب به المثل في السَّوَاد فيقال: أَشَدُّ سَواداً من اللَّيْل. وجمْعه: لَيَالي، لأَنَّه يقال في وَاحِده: ليلةٌ ومنه اشْتُقَ اسم "لَيْلَى"، إِمَّا لسوادِ عَيْنَيْها وشَعْرِها، وإِمَّا لسَوادِ سائر (8/ أ) جَسَدِها.

64 -

قوله: (قَبْل)، لَفْظَةٌ تَلْزَمُها الإِضافة. "قَبْل" و"بَعْد".

65 -

قوله: (والتَّسْمِية)، هي قول:"بِسم الله" في ابتداء الوُضُوء. (1)

66 -

قوله: (والمبَالَغة)، المبالغةُ في الشَّيْء: استِقْصَاؤهُ بِجَميع ما فيه.

وهي في الاسْتِنْشَاق: اجْتِذَابُ الماء بالنَّفَس إِلى أَقَاصِي الأَنْفِ، ولا يجْعَلُه سَعُوطاً. (2)

وأَمَّا في الَمضْمَضَةِ: فهي إِدَارَة الماء في الفَمِ إِلى أَقَاصِيه، ولا يجعله وَجُوراً. (3)

(1) قال في المغني: 1/ 85: "لا يقوم غيرها مقامها، كالتَّسْمِية المشْرُوعَة على الذبيحة، وعند أكل الطعام وشُرْب الشَّرَاب، وموضِعُها بعْدَ "النية" قبل أَفْعَال الطهارة كلِّها، لأن التسمية قولٌ واجِبٌ في الطهارة، فيكون بعد النية لتشمل "النية" جميعَ واجِبَاتها، وقبل أفعال الطهارة، ليكون مُسمياً على جميعها، كما يسمي على الذبيحة وقت ذَبْحِها".

(2)

السَّعُوط: الدَّوَاء الذي يُصب في الأَنْف. انظر: (المغرب: 1/ 397، النهاية لابن الأثير: 2/ 368، المصباح المنير: 1/ 297).

(3)

الوَجُور، تقول: أَوْجَر المريضُ الدواءَ: إِذا صَبَّه في فيه، وأوْجَرْتُ المريض إيجاراً، فعلت به ذلك. (المصباح المنير: 2/ 323).

قال الشيخ في المغني: 1/ 86: "والمبالغةُ مستحبةٌ في سَائِر أَعضاء الوضوء، لقوله عليه السلام "أسْبغِ الوُضُوء"

والمبالغة في سائر الأعضاء بالتخليل ويتبع المواضع التي ينبو عنها الماء بالدَّلْك والعَرْك ومجاوزة موضع الوجوب بالغُسْل". والمبالغة في الاستنشاق والمضمضة قول عامة الققهاء المتأخرين من الحنابلة بالشبة للمُفْطِر، أما بالشبة للصائم فمكروه، صَرَّح به غير واحِدٍ، وحرَّمه الشيرازي في صوم الفرض. انظر:(المبدع: 1/ 109، المغني: 1/ 86، كشاف القناع: 1/ 94، المنتهى: 1/ 16).

ص: 73

67 -

قوله: (الاسْتِنْشَاق)، يقال: اسْتَنْشَق الشَّيْءَ، يَسْتَنْشِقهُ اسْتِنْشَاقاً فهو مسْتَنْشِقٌ، والمفعول به: مسْتَنْشَقٌ به. (1)

واسْتَنْشَق في الوُضُوء: غَسل أَنْفَه بالماء من دَاخِل (2).

68 -

قوله: (وتَخْلِيل اللِّحية)، اللِّحيةُ، بكسر "اللَاّم": شَعر الوَجْه المعْرُوف، وجمعها: لُحَي، بكسر "اللام"، وضمها، حكاه الجوهري (3).

وقال ابن مالك في "مثلثه": "اللَّحَا: مصدر لَحِيَ الرَّجل: طالتْ لحيتهُ، واللَّحَا: مقْصُور اللِّحاءِ: وهو قِشْر الشَجَرةِ وغيرها. واللُّحى - بالضم والكسر -: جمع لِحْيَةٍ"(4).

وتَخْلِيل اللِّحْية: "إدخال الأَصَابِع فيها عند غَسْلِها، ليَبْلُغ الماء إلى أصُول الشَعَر"(5).

69 -

قوله: (جَديدٍ)، الجديدُ: ضِدٌ القديم، والمرادُ به: أَنْ يأْخُذ ماءً غير ماءِ الرأس (6).

(1) قال في الزاهر: ص 35، "والنَّشُوق: وهو ما يُسْتَنْشَق به".

(2)

انظر: (المطلع: ص 17، طلبة الطلبة: ص 3، غريب المهذب: 1/ 15). قال الجبي في شرح غريب المدونة: ص 9: "الاستنشاق: قبضك الماء بريح أنفك إلى أنفك".

(3)

انظر: (الصحاح: 6/ 480 مادة لحي).

(4)

انظر: (اكمال الاعلام: 2/ 562).

(5)

هذا إذا كانت كثيفة، أما لو كانت خفيفة تصف البشرة، وجب غسل باطنها، وممن روي عنه أنه كان يخلل لحيته ابن عمرو وابن عباس والحسن وغيرهم، انظر:(المغني: 1/ 86، المبدع: 1/ 19، الإنصاف: 1/ 133)، قال في المطلع: ص 17: "وأصله من إدخال الشيء في خلال الشيء وهو وسطه".

(6)

وهو مذهب أحمد ومالك والشافعي. انظر: (المغني: 1/ 87، والذخيرة للقرافي 1/ 274، والمهذب: 1/ 25) قال في "المبدع: 1/ 110 ": "وهو المذهب، لما روى عبد الله بن زيد أنه =

ص: 74

70 -

قوله: (للأذُنَيْن)، واحِدَتُهما: أُذُن، وجَمْعُها: آذَانٌ. قال الله تعالى: {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} (1).

وهما: مِنْ الرأس، كما نَقَل عنه "الشيخ" في "الحجِّ" (2) في قوله:"والأُذُنَانِ من الرأس"(3).

وقيل: هما عُضْوَانِ مستَقِلان.

وقيل: هُمَا من الوجه.

وقيل: ما أَقْبَل منهما من الوجه، وما أَدْبَر من الرأس.

71 -

قوله: (ظَاهِرَهُما)، الظَاهِر: خِلافُ البَاطِن، سُمَّي بذلك لظُهُورِه غَالباً.

72 -

قوله: (وبَاطِنَهُما)، البَاطِن: خِلَاف الظَاهر، والبَطْن: جَوْف كُلِّ شَيْئٍ وداخِلهُ (4).

73 -

قوله: (وتخْلِيلُ ما بين الأَصَابع)، الَأصَابع: واحِدَتها أُصْبعُ، تُذَكَّر

= رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فأخذ لأذنيه ماء خلاف الذي لرأسه" أخرجه البيهقي في السنن: 1/ 85، وقال: إسناده صحيح، ولأن من فعل ذلك خرج من الخلاف".

(1)

سورة المائدة: 45.

(2)

انظر: (المغني: 3/ 302).

(3)

وهو بعض الحديث أخرجه أبو داود.

في الطهارة: 1/ 33، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم حديث (134)، والترمذي في الطهارة: 1/ 53، باب ما جاء أنَّ الأذنين من الرأس، حديث (37) قال أبو عيسى: حديث حسن، ليس إسناده بذاك القائم، كما أخرجه ابن ماجه في الطهارة: 1/ 152 باب الأذنان من الرأس حديث (443).

(4)

قال في المبدع: 1/ 110: "غُسْل ظَاهِرهما وَباطِنهما في رواية، وهي المذهب".

ص: 75

وتُؤنَّثُ، وفيها عَشْر لُغَاتٍ، فتح "الهمزة" مع تثليث "الباء" وكسرها مع تثليث "الباء" أيضاً وضَمُّها مع تَثْلِيثها أيضاً. والعاشِرَة:"أُصْبُوع" بضمها، وضم "الباء"، وبعدها "واو"(1).

وقوله (وتَخْلِيل ما بين الأَصَابِع): أي تَعَاهُدُ الفُرَج التي بَيْنَها (2).

وهو عامٌ في أَصَابِع "اليَدَيْن" و"الرِجْلَيْن"، وَخصَّ بعضُهم ذلك بـ"الرِجْلَيْن"(3)، لأن أصْابِع "اليَدَيْن" مُفْرَجةٌ، وكيفما خَلَّل أَجْزَأ.

وذكر جَماعةٌ من أصحابنا أَنَّ الأَفْضَل أنْ يُخَلل أَصَابِع يده اليُسْرَى من تحت، وأَنْ يَبْدَأ من الخَنْصَر إلى الإبْهَام (4).

74 -

قوله: (الميامِن)، جَمْع: أَيْمَن، وهو أنْ يَغْسِل الأَيْمَن قبل الأَيْسَرِ مِنْ يَدَيْه ورِجْلَيه، ومِنْخَرَيْه، ومسحُ أُذُنَيْه، ونحو ذلك.

و(الَمياسِر) جمع: أَيْسَر، وهو أنْ يُؤَخر العضْوَ الأَيْسَر حتى يَفْرغ من الأَيْمَن. والله أعلم.

(1) انظر: (المطلع: ص 15)، قال الفيومي في المصباح: 1/ 356: "والمشهور من لغاتها كسر الهمزة وفتح الباء وهي التي ارتضاها الفصحاء".

(2)

جاء في كتاب "المسائل لأبي داود، ص 8: "قلت لأحمد: إذا توضأ فأدخل رجله في الماء ثم أخرجها؟ قال: ينبغي لَهُ أنْ يمرَ يدَه على رِجْله ويخلل أصابِعَه، قلت: فَلَم يفعل يجزئه؟ قال: أرجو".

(3)

قاله شمس الدين في الشرح الكبير: 1/ 114، وصاحب المبدع: 1/ 110، استناداً للحديث الذي أخرجه أبو داود عن المستورد بن شداد قال:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دَلَّك أصابع رِجْلِه بخَنْصَره" وهي رواية عن احمد رحمه الله ذكره صاحب (المبدع: 1/ 110، والإنصاف: 1/ 134).

(4)

وهذا مُخَالف لسنَّة التَيَامن في كلَّ شَيْءٍ، قال في المغني: 1/ 89: "وفي اليسرى منْ إبهَامِهما إلى خَنْصَرِها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُحبُّ التيامُن في وضوئه، وفي هذا تيامنٌ".

ص: 76