الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: التيمم
التيمم لغةً: القصد - قال الجوهري: "وأصلهُ: التَّعَمدُ والتَّوَخِي (1)، وقال ابن السكَيت: "قوله تعالى: {فتَيَمَّمُواْ صَعِيْدًا طَيِّبًا} (2)، أي اقْصِدُوا الصعيدَ الطيب" (3). يقال: تَيَمم الشيءَ ويممه: أي قَصَدَه (4). وقال تعالى: {وَلَا تَيمَّمُواْ الْخَبِيْثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (5).
قال الشاعر: (6)
وما أدْرِي إِذا يَمَّمْتُ أرضًا
…
أُرِيدُ الخَيْرَ أَيُّهما تَلِينِي
أَأَلْخَيْرُ الذي أنا أبْتَغِيه أم
…
الشَرِّ الذي هو يَبْتَغِينِي
وقال امرؤ القيس: (7)
تَيَمَّمت العَين التي عند ضَارِجٍ
…
يَفيءُ عليها الظِل عَرْمضُها طَامِي
(1) ليست في الصحاح.
(2)
سورة المائدة: 6.
(3)
انظر: (الصحاح: 5/ 2064 مادة يمم)، وفيه:"اقصدوا لصَعِيد طَيِّب".
(4)
قال الفيومي: "ثم كثر استعمال هذه الكلمة، حتى صار التيمم في عرف الشرع: عبارة عن استعمال التراب في الونجه واليدين على هيئة مخصوصة (المصباح: 2/ 358).
(5)
سورة البقرة: 267.
(6)
هو المثقب العَبْدي. انظر: (ديوانه: ص 212 - 213) وفيه: ما أَدْرِي إذا يمَمتُ وجهًا.
(7)
انظر (شرح ديوانه: ص 182)، قال الشارح: قوله: ضارج: موضع في بلاد بني عبس، والعرمض: الطحلب، وطامي: مرتفع.
ثم نقل إلى عرف الفقهاء: "بمسح (1) الوجه واليدين بشيء من الصعيد"، وكذلك معناه في السنة.
155 -
قوله: (قَصِير السَفَر)، القصير: ضِد الطويل، وهو في السَفر ما دُونَ مسافة القَصْر التي هي:"ستة عشر فرسخا"(2)، وهما:"أربعة بُرُد"، (3) مسيرة يَوْمَيْن، قاصِدَين مَسِيَر الإبل.
و(السفر)، مصدر: سافَر يُسَافِر، سفَرًا (4)، فهو مُسَافِر، والاثنان: مسافرانِ والجمع: مُسافِرُون، وسُفَرى، وسَفْرٌ. قال الله عز وجل:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (5) وفي الحديث: "إِذا كُنَّا مسافرين"(6)، وفيه: سَفْرًا" (7) أيضًا.
(1) لعلها: "في عرف الفقهاء إلى مسح الوجه
…
" كذا في المغني: 1/ 233.
(2)
قال في المصباح: 2/ 122: "والفرسخة: السعة، ومنها اشتق الفرسخ وهو فارسي معرب. قاله الجوهري في (الصحاح: 1/ 428، وأبو منصور في المعرب: ص 298).
والفرسح: ثلاثة أميال بالهاشمي، سمي بذلك، لأن صاحبه إذا مشى قعد واستراح من ذلك. وللفرسخ معانٍ كثيرة انظرها في:(تهذب اللغة 7/ 665 وما بعدها مادة فرسخ). قال الشيخ في المغني: 2/ 97: "فمذهب أي عبد الله أن القصر لا يجوز في أقل من ستة عشر فرسخًا، والفرسخ ثلاثة أميال، فيكون: ثمانية وأربعين ميلا، قال القاضي: والميل: اثنا عشر ألف قدم
…
وقد قدره ابن عباس فقال: من عسفان إلى مكة، ومن الطائف إلى مكة، ومن جدة إلى مكة
…
".
(3)
البُرُد: جمع بريد، وأصل البريد: الرسول، ومنه قول بعض العربـ "الحُمَّى بَرِيدُ الموت": أي رسوله ثم استعمل في المسافة التي يقطعها، وهي اثنا عشر ميلا: أي أربعة فراسخ، ثمانية وأربعون ميلا.
انظر: (المصباح: 1/ 49، الزاهر: ص 111، مشارق الأنوار: 1/ 83).
(4)
قال الجوهري: "السَفَر: قطع المسافة، والسَفَرة: الكَتِيبَة، والسِفْر - بالكسر - الكتاب". (الصحاح: 2/ 685 مادة سفر).
(5)
سورة النساء: 43.
(6)
و (7) بعض حديث أخرجه النسائي في الطهارة: 1/ 71 باب التوقيت في المسح على الخفين =
وسمي السَفَر سفرًا، لأنَّه يُسْفِر عن أَخْلَاق الرجال، وُيظْهر أَحْوَالَهم، كما يقال: أسْفَر الفَجْرُ: إِذا ظَهر، وأسْفَرت المرأةُ عن وَجْهِها: إِذا كَشَفَتْهُ.
قال الشاعر:
وكنت إِذا ما جِئْت ليلى تبرقَعَت
…
فقدَ رَابَنِي فيها الغَداةَ سُفُورُها
وهو قيل لى"تَوبة"(1) صاحب "ليلى الأخَيلِية"(2).
وقيل: لـ"مجنون بني عامر"(3) صاحب "ليلى العَامِرية"(4)
156 -
قوله: (وطويلُهُ)، الطويلُ: ضِدُّ القَصِير، يقال: طال، يطول
= للمسافر، وهو عند أحمد في المسند: 4/ 240 بلفظ: "إذا كنا سفرًا أو مسافرين" كما أخرجه الشافعي في المسند: ص 18.
كما أخرجه الترمذي في الطهارة: 1/ 159، باب المسح على الخفين للمسافر والقيم حديث (96) بلفظ "إذا كنا سَفْرًا" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، قال الحافظ في التلخيص: 1/ 157: "قال الترمذي عن البخاري، حديث حسن وصححه الخطابي".
(1)
انظر: (الأغاني: 11/ 205).
- أما توبة، فهو الشاعر المعروف، توبة بن الحُمَيِّر بن حزم بن كعب بن عقيل، أحد عشاق العرب المشهورين بذلك، عاش زمن الدولة الأموية، مات مقتولا على عهد مروان بن الحكم - أخباره في:(الأغاني: 11/ 204، الشعر والشعراء: 445، المؤتلف للآمدي: ص 68، وفوات الوفيات: 2/ 175).
(2)
هي ليلى بنت الأَخْيَل بن عقيل، وهي من أشعار النساء، لا يقدم عليها غير الخنساء، أخبارها في (الأغاني: 11/ 204، الشعر والشعراء: 1/ 448، المؤتلف: ص 93).
(3)
انفر: (ديوانه: ص 2 تحقيق: شوقيه أنا لجق).
أما المجنون، فهو قيس بن معاذ، ويقال: قيس بن الملوح، أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة، ولقب بـ "المجنون" لذهاب عقله بشدة عشقه، وهو من أشعر الناس، كانت له علاقة مع ليلى فأنشد الشعر لها، أخباره في:(الشعر والشعراء: 2/ 563، الأغاني: 1/ 2 وما بعدها، المؤتلف: ص 188، المرزباني: ص 476، وما بعدها).
(4)
هي أم مالك بنت مهدي بن سعد بن مهدي بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، كانت ترعى مع قيس البَهْمَ لأهلهما وهما صَبِيَان، فتعلق كل واحد منهما بصاحبه حتى كَبُرَا فصارت معشوقته، أخبارها في:(الأغاني: 2/ 10، وما بعدها، الشعر والشعراء: 2/ 564).
طولًا (1) فهو طويلٌ.
قال ابن مالك في: "مُثَلَّثِه": "الطَّوَلُ - بفتح "الطاء" و"الواو" -: مَصْدَر الأطْوَل: وهو البعير الطويلُ الِمشْفَر. والطِّوَل - يعني بكسر "الطاء" وفتح "الواو" -: الحَبْل الطويلُ جدًّا، والطُّوَلُ - بضم "الطاء" -: جمع طُوْلَى، مؤنث الأطْوَل. والطِّوَل -بالضم والكسر - المُدَّة. الطَّوَال - بالفتح -: المُدَّة. - وبالكسر -: جمع طويل، وبالضم: مبالغة فيه (2) الطَّوْلُ - بالفتح وسكون "الواو" -: الفَضْلُ، ومصدر طال الشيء: فاقه في الطول، والطِّيلُ: المُدَّة، يقال: طال طِوَلُكَ وطِيَلُكَ، وَطِيْلُكَ (3)، وطوَلُكَ، وطَوَالُكَ: أي مُدَّتُكَ.
قال: "والطُّوْل - بضم "الطاء"، وسكون "الواو" -: نقيض القِصَر، وجمع بغيرٍ أطول"(4).
وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان ليس بالطَوِيل، ولا بالقصير"(5) وفي الحديث: "لا أكَادُ أرَى رأسه طُولًا"(6).
(1) قال في المصباح: 2/ 29: "والطول خلاف العرض، وجمعه: أطوال، مثل: قُفْلٌ وأقفال". وطِوَال: بكسر الطاء لا غير: جمع طويل، وطُوَال بضم الطاء: الرجل الطويل، وطَوَال بفتحها: المدة". انظر: (المطلع: ص 74).
(2)
في المثلث: "والطَوَالُ: جمع طَويل، والطُّوَال: مبالغةٌ فيه".
(3)
زيادة من المثلث.
(4)
انظر: (اكمال الاعلام: 397/ 2، 398).
(5)
هذا بعض حديث أخرجه البخاري في اللباس: 10/ 356، باب الجعد، حديث (5900)، ومسلم في الفضائل: 4/ 1818، باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان أحسن الناس وجهًا، حديث (92) والترمذي في المناقب: 5/ 598، باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث (3635)، ومالك في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: 2/ 919، باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم حديث (1).
(6)
أخرج هذا الحديث البخاري في الأنبياء: 6/ 387، باب قوله تعالى:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} حديث (3354).
قال الشاعر: (1)
ألا أَيُّها الليل الطويلُ ألَا انْجَلِى
…
بِصُبْحٍ وما الإصباح فيك بأمثلِ
وهو لامرئ القيس بن حُجْر الكندي (2).
وقال مجنون بني عامر: (3).
ولَيْلٍ كَظِلِّ الرُمْح قصرتُ طولَهُ
…
بَليْلَى فلهاني وما كنت لَاهيا
وطال الشَّيءُ يطولُ طولًا، وتَطاول يتَطاولُ بمعنى: طَال (4).
وقالت امرأة على عهد عمر:
تطاول هذا الليل واخضل جانِبهُ
…
وأرَقنِي أَلَّا خليلٌ ألَاعِبه (5)
وقال حُندج بن حُندج المُرِّي: (6)
في لَيْلٍ صولٍ تَنَاهي العَرْضُ والطُّولُ
…
كأَنَّما ليْلهُ باللَّيْل موصُولُ (7)
(1) انظر: (ديوان امرئ القيس: ص 18 تحقيق: أبو الفضل إبراهيم).
(2)
هو شاعر الطبقة الأُولى امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي من أهل نجد، قال لبيد بن ربيعة: "أشعر الناس ذو القروح، يعني: امرأ القيس، أخباره في:(الأغاني: 9/ 77، المؤتلف: 9، شعر والشعراء: 1/ 105، طبقات فحول الشعراء: للجمحي: 1/ 51).
(3)
انظر: (ديوانه: ص 292، جمع وتحقيق: عبد الستار أحمد فراج)، وفيه: ويوم كظل الرمح قمرت ظله
…
(4)
انظر: (الصحاح: 5/ 1755 مادة طول).
(5)
انظر: (المغني: 8/ 507) وفيه:
تطاول هذا الليل وازور جانبه
…
وليس إلى جَنْبي خليلُ ألاعِبه
وبعده:
فوالله لولا الله لا شيء غيره
…
لَزُعْزع من هذا السَرِير جَوَانِبه
مخافة رَبِّي والحياءُ يَكُفُّنِي
…
وأكرم بعْلِي أنْ تُنَال مَراكِبُه
(6)
لم أقف له على ترجمة. والله أعلم.
(7)
انظر: (شرح ديوان الحماسة للمرزوقي: 4/ 1828، معجم البلدان: 3/ 435، أساس البلاغة للجرجاني: ص 107).
فتارةً يُطلق الطولُ، ويراد به ضِد القِصَر، وتارةً يُطلق، ويُرادُ به ضد العَرْض.
157 -
قوله: (وطَلَب)، المرادُ به: طَلَب الماءَ قَبْل التَيمم (1)، وهو أنْ يَفَتِّش على الماء يُمْنَةً وُيسْرةً، وأمامَهُ ووراءَهُ، وينْظُر في رَحْلِه وما قَربُ منه (2)، ويسأل عنه رِفَاقَهُ.
158 -
قوله: (فَأَعْوَزَهُ)، أعْوَزَ الشَيْءُ: قَلَّ، أَوْ لَمْ يُوجَد بالكُلِيَّة (3). وفي الحديث:"إن أهل المدينة أعْوَزُوا التَمر"(4).
159 -
قوله: (تَأخر)، التَأْخِيرُ: هو الإِرْجَاءُ إلى وقتٍ آخر (5).
160 -
قوله: (أَصَاب)(6)، بمعنى: الوقُوع على الشَّيْء، ويكون من
(1) وهو شرط لصحة التيمم إذا لم يجد الماء، وهذا المشهور عن أحمد رحمه الله، وهو مذهب الشافعي، والرواية الثانية: لا يشترط الطلب لذلك، وهو مذهب أبي حنيفة. انظر:(الروايتين والوجهين: 1/ 91، المغني: 1/ 36، الأم: 1/ 46، البناية: 1/ 529، المبدع: 1/ 215).
(2)
قال في حاشية الروض للنجدى: 1/ 311: "إذا كانت أرضًا جاهلًا بها، فإن كان ذا خبرة بها، ولم يعلم أن فيها ماء لم يلزمه، ومثل ذلك ما جرت العادة بالسعي إليه مما هو عادة القوافل ونحوهم".
وقال في المبدع: 1/ 215: "في رحله: أي مسكنه، وما يستصحبه من الأثاث، وما قرب منه عرفا، لأن ذلك هو الموضع الذي يطلب فيه الماء عادة، وقيل: قدر ميل، أو فرسخ في ظاهر كلامه
…
".
(3)
في الزاهر: ص 57: "ورجل مُعْوَزٌ: لا شَيْء عنده، والعَوَزُ: القِلَّة. والِمعْوَزُ: الثوبُ الخَلِق، وجمعه مَعَاوِز".
(4)
هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في الزكاة بلفظ "فأعوز أهل المدينة من التمر" 3/ 375، باب صدقة الفطر على الحر والمملوك، حديث (1511)، وهو عند أبي داود في الزكاة: 2/ 113، باب كم يؤدي في صدقة الفطر، حديث (1615).
(5)
ظاهر كلام الخرقي أن تأخير التيمم أولى بكل حال، وهو المنصوص عن أحمد قاله في (المغني: 1/ 243).
(6)
في المصباح: 1/ 375: "وفيه لغتان أخريان، إحداهما: صَابَهُ صَوْبًا، من باب قال، والثانية:
الإصَابَة، يُصِيبُ فِيهِما فهو مُصِيبٌ.
161 -
قوله: (ضربة)، الضَرْبَةُ: المرَّة من الضَرْب.
162 -
قوله: (صعيدًا)، لما يُصَاعَد منه من الغُبَار (1)، والصُّعُود: العُلُو (2).
قال الله عز وجل: {سَأُرْهِقُهُ صَعُوُدًا} (3)، وفي الحديث:"فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا"(4)، ومنه قيل لَمِن أخَذ في عُلُوٍ: أَصْعَد.
163 -
قوله: (الطَيِّب)، الطَيِّبُ، قيل: الطَاهِرُ (5).
وقيل: غيرُ الخَبِيث (6)، وسُمِّيَ الطيِّبُ طيِّبًا: لما يحصل فيه من
= يُصِيبُه صَيْبًا، من باب: باعَ
…
ومنه قولهم: أَصَابَ الصَّوَاب فأخطأ الجَوابَ: أي أراد الصواب. والاسم: الصواب، وهو ضِدُّ الخطأ".
(1)
والصعيد في كلام العرب على وجوه: فالتراب الذي على وجه الأرض يُسَمَّى صعيدًا، ووجه الأرض يُسَمَّي صعيدًا، والطريق يُسَمَّي صعيدًا، انظر:(الزاهر: ص 52، النظم المستعذب: 1/ 32، طلبة الطلبة: ص 9، المصباح: 1/ 364).
أما المقصود بـ"الصعيد" في قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيْدًا طِيِّبًا} : التراب الطاهر وُجِدَ على وجه الأرض أَوْ أُخْرِجَ من بَطْنِها.
قال الأزهري: "هو مذهب أكثر الفقهاء"(الزاهر: ص 53).
(2)
في تهذب اللغة: 2/ 9 مادة صعد: "الصُعُود: ضد الهُبُوط، وهي بمنزلة العقبة الكَئُود، وجمعها: الأصْعِدَة، وهي بمعنى المشقة، ومنه اشتق: تَصَعَّدَنِي ذلك الأمر: أي شَقَّ عَلَيَّ".
(3)
سورة المدثر: 17.
(4)
هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في التعبير: 12/ 439، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، حديث (7048).
(5)
قاله ابن بري والزجاج من اللغويين، وابن بطال والمطرزي من الفقهاء. انظر:(اللسان: 1/ 563 مادة طيب، المغرب: 2/ 30، النظم المستعذب: 1/ 32).
(6)
قاله الجوهري، وابن الجوزي. انظر:(الصحاح: 1/ 173، نزهة الأعين لابن الجوزي: ص 417)، والصحيح أن المعنى يحتمل الوجهين. انظر ذلك في:(غريب الحديث للخطاب: 1/ 110، النهاية لابن الأثير: 1/ 148، مشارق الأنوار: 1/ 326).
الطِيَبة، وهي اللَذَّة وقال جَزْءُ بن ضِرَارا (1):
إِذا رَنَّقَتْ أَخْلَاقَ قَوْمٍ مُصِيبَةٌ
…
تُصَفَّى بها أَخْلاقهُم وتَطِيبُ (2)
وقال عبد الله بن الدمينة (3):
وحكاه بعضهم لمجنون بني عامر (4)، والأول أصح.
ألَا لا أرَى وادي المياه يُثِيبُ
…
ولا النَّفْس عن وَادِي الِميَاه تَطِيبُ
وقال آخر (5):
ومَنْ لَم يَطبْ في طيبةٍ عندَ طيِّبٍ
…
به طَيْبَةٌ طابَتْ فأَيْن يَطِيبُ
164 -
قوله: (وهو التراب)، قال الجوهري:(فيه لُغاتٌ، تُرابٌ، وتَوْرابٌ، وتَوْرَبٌ، وتَيْرَبٌ، وتُرْبٌ، وتُرْبةٌ، وتَرْبَاءُ" (6)، وجمعه: أتْرِبَةٌ، وتِرْبَانٌ.
(1) هو جزء بن ضرار بن سنان بن أمية من بني ذبيان، أخو الشماخ بن ضرار، ومُزَرِّد، أحد الشعراء المخضرمين الذين عاشوا الجاهلية والإصلام له شعر في رثاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أخباره في:(الأغاني: 9/ 159، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي: 1/ 343، الإصابة لابن حجر: 1/ 273، المؤتلف والمختلف: ص 98).
(2)
انظر: (ديوان الحماسة لأبي تمام: 1/ 202)، وفيه: تصفى لهم أخلاقهم وتطيب.
(3)
انظر: (ديوانه: ص 116)، وفيه:
…
ولا النفس عما لا تنال تطيب.
أما ابن الدمينة، فهو عبد الله بن عبيد الله، أحد بني عامر بن تيم الله، والدمينة: اسم أمه، وهي بنت حذيفة السلولية، ويكني ابن الدمينة أبا السري. انظر أخباره في:(الأغاني: 17/ 93، الشعر والشعراء: 1/ 731، ومقدمة ديوانه ص 9 وما بعدها تحقيق: أحمد راتب النفاخ).
(4)
انظر: (ديوانه: ص 8)، وفيه: وادي المياه يثبت أحبتي
…
(5)
أنشده الأبشيهي في (المستطرف له 2/ 32) ولم ينسبه، وهو بلفظ المتكلم.
(6)
انظر: (الصحاح: 1/ 90 مادة ترب).
وبالأُولى ورد القرآن في قوله: {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} (1). وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنّة: "تُرَابُها الِمسْك"(2)، وفي حديث آخر:"ما تُرْبَة الجنَّة"(3).
165 -
قوله: (قَرْح)، القَرْحُ والقَرْحةُ (4): الجُرْحُ ونحوه، قال الله عز وجل:{مِنْ بَعَدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحِ} (5).
قال البخاري: "القَرحُ: الجِراحُ"(6).
وقال ابن مالك في "مثلثه": "قَرَح فلانٌ فلانًا: جَرحَهُ، وبالحَقِّ استقبله به، والشَيْء: اختارَهُ. والنَّاقَةَ: استبانَ تَمامُ حَمْلِهَا. والفرسُ: سَقطتْ رَبَاعِيَتهُ، ونبَتَ نابُه، وذلك بدخُوله في السنة السَادِسَة.
وقَرِحَ الرَّجلُ قَرْحًا: أصابته قُروجٌ. والقلبُ: حَزِنَ. والروضةُ: صارتْ قَرْحَاء: أي ذاتَ نُورٍ أبيضَ في وَسَطها. والفَرس: صار أَقْرَح: أي ذا بياضٍ في جبهته قدر الدرهم أو أقل. وقَرُحَ الشيء: خَلَص.
ثم قال: القَرْحَةُ: الجُرح. والقِرْحة - يعني بالكسر -: الهيئةُ من قَرَحَ
(1) سورة غافر: 67.
(2)
جزء من حديث أخرجه البخاري في الصلاة: 1/ 459، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء، حديث (349) كما أخرجه أحمد في المسند: 5/ 144.
(3)
جزء من حديث أخرجه مسلم في الفتن: 4/ 2243، باب ذكر ابن صياد حديث (93)، وأحمد في المسند: 3/ 25.
(4)
قال الجوهري: "القَرْح والفرْح: لغتان، مثل: الضَعْفُ، والضعْفُ عن الأخفش"، (الصحاح: 1/ 395 مادة قرح).
ونقل الأزهري عن الفراء: "القَرح بـ "الفتح": الجراح، والقُرح بـ "الضم": ألم الجراح" انظر: (تهذب اللغة: 4/ 37 مادة قرح).
(5)
سورة آل عمران: 172.
(6)
انظر: (صحيح البخاري مع فح الباري: 8/ 228).
والقُرحة - يعني بالضم -: أوَّلُ الشيء (1)، ومصدر الأَقْرَحِ والقَرْحَاءِ.
ثم قال: القَراحُ: الماء الخالص، والأرض البارزة التي لم يختلط بها شيء.
والقِراح: الجِراح - يعني بكسر "القاف" -، وقُراحٌ - يعني بالضم - قرية "بشاطئ (2) البحر"(3).
166 -
قوله: (أو مرضٌ مَخُوفٌ)، المرضُ: مصدر مَرِضَ يَمْرَضَ مرضًا، فهو مريضٌ، وجمعه: مِرَاضٌ، من حصل له المرض (4). قال الله عز وجل:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللهُ مَرضًا} (5).
و(الَمخُوفُ)، من حصل منه الخَوْفُ.
قال الشاعر: وهو عروة بن الورد: (6)
(1) قال في (تهذيب اللغة: 4/ 43 مادة قرح): "قُرْحةُ الربيع: أوله، وقرحة الشتاء: أوله".
(2)
قيل هي: "سيف القطيف"، وقيل:"موضع بساحل البحرين"، وقيل:"مدينة وادي القرى". انظر: (معجم البلدان: 4/ 315، معجم ما استعجم للبكري: 2/ 1056). والقطيف: مدينة في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، فلعل المقصود بـ "البحر" عند ابن مالك ما يسمى بـ"الخليج العربي"، وخصوصًا وقد قيل:"هي موضع بساحل البحرين كما مر سابقًا" والله أعلم.
(3)
انظر: (اكمال الاعلام: 2/ 503 وما بعدها).
(4)
قال ابن فارس: "المرض: كل شيء خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة، أو نفاق، أو تقصيري أمر". (معجم مقاييس اللغة: 5/ 311 مادة مرض) وبمثله قال ابن الجوزي. انظر: (الوجوه والنظائر: ص 545). وقال الفيومي في المصباح: (2/ 232): "المرض: حالة خارجة عن الطبع ضارة بالفعل".
(5)
سورة البقرة: 10.
(6)
الشاعر الجاهلي، عروة بن الورد بن يزيد، وقيل ابن عمرو بن عبد الله العبسي، أحد الفرسان الجاهليين، وصعلوك من الصعاليك المعدودين، وكان يلقب عروة الصعاليك، وكان يعرف =
أرى أُمَّ حَسَّان الغَدَاةَ تَلُومُنِي
…
تخَوِّفُنِي الأعداءَ والنَّفْسُ أخْوفُ (1)
وفي هذا الخوف قولَان:
قيل: خَوُ التَّلَف (2).
وقيل: خَوفُ الضَّرَر (3).
* تنبيه:
في الغالب: إنما يقال: مَرِض، لمن حصل لَهُ مَرضٌ عام، ولا يقال لمن وَجِعَ في عَيْنهِ، أو سِنِّه، أو عُضْوٍ: مَرِضَ.
وفي الصحيح عن أنس (4) أو غيره أنه قال: "امْسَحُوا على رِجْلِي فَإِنَّها مَرِيضَةٌ"(5).
رُبَّما قُرِن المَرضُ غالبًا بالعِيَادَةِ.
= بالجود، أخباره في:(الشعر والشعراء: 2/ 675، الأغاني: 3/ 73، الحماسة لأبي تمام: 1/ 237، الاشتقاق: 279).
(1)
انظر: (الأغاني: 3/ 82).
(2)
قاله أحمد في رواية، وهو أحد قولي الشافعي. انظر:(المغني: 1/ 262، المبدع: 1/ 208، الأم: 1/ 42).
(3)
هذا ظاهر المذهب عند الحنابلة، وهو المشهور عن أحمد رحمه الله، ومذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهما.
قال صاحب المغني: "وهو الصحيح لعموم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} . انظر: (المغني: 1/ 262، الشرح الصغير: 1/ 75، البناية للعيني: 1/ 488).
(4)
هو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم من بني النجار، الصحابي الجليل، أبو حمزة الأنصاري، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم محدث الأمة وراوية الإسلام. فضائله كثيرة توفي 93 هـ على الصحيح. أخباره في:(سير أعلام النبلاء: 3/ 395، طبقات ابن سعد: 7/ 17، التاريخ الكبير: 2/ 27، أسد الغابة: 1/ 151، تذكرة الحفاظ: 1/ 42، العبر: 1/ 107، مرآة الجنان: 1/ 182).
(5)
أخرجه البخاري في الوضوء: 1/ 354، عن أبي العالية الرياحي رضي الله عنه، باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه، حديث (243).
قال الشاعر: (1)
مالي مَرِضْتُ فلم يَعُدْنِي عَائِدٌ
…
مِنْكُم وَيمْرَضُ عَبْدُكُم فأعُودُ
وأشَدُّ مِن مَرضيَ عليَّ صُدُودكُم
…
وصُدُودُ منْ أهْوَى عليَّ شَدِيدُ
وقال آخر (2):
مَرضتُ فعادني عُوَّادُ قوْمِي
…
فما لَكِ لَمْ تُرَيْ فِيمَن يَعُودُ
وقال الشافعي (3):
مرض الحَبِيبُ فَعُدْتُه
…
فَمَرِضْتُ من نَظَرِي إِلَيْهِ
فأَتَى الحَبِيبُ يَعُودُنِي
…
فَشَفَيْتُ مِن نَظَرِي إِلَيْهِ
* فائدة: ربما قيل: عيونٌ مِراضٌ، ولا يُراد به الَمرض المُؤْلم، وإِنَّمْا يُرَاد به أنها فَوَاتِرُ (4) ذُبْلٌ فَسَمَّها كذلك لما فيه من الَمرضَ.
167 -
قوله: (فَخَشِيَ)، خَشِيَ الشَّيْءَ يخْشَاهُ: إذا خَافَهُ (5).
قال ابن مالك في "مثلثه". (الخَشَّاءُ: - يعني بالفتح -: أرضٌ ذَاتُ حَصْبَاء. والخِشَّاءُ -: يعني بالكسر -: التَخْوِيفُ، والخُشَّاءُ، [والخُشْشَاءُ] (6): العظْمُ النَاتِئُ خَلْف الأُذُن" (7).
(1) هو عبد الله بن مصعب الزبيري، المعروف بعائد الكلاب. انظر:(الأغاني: 24/ 241). وفيه:
…
ويمرض كلبكم فأعود،
…
وصدود عبدكم علي شديد.
(2)
أحد عشاق العرب زمن الخليفة يزيد بن عبد الملك. انظر: (عيون الأخبار: 4/ 128). وفيه: مرضت فعادني قومي جميعًا ....
(3)
انظر: (مناقب الشافعي للبيهقي: 2/ 93)، وفيه
…
فمرضت من حذري عليه. فشفيت من نظري إليه.
(4)
انظر: (الصحاح: 3/ 1106 مادة مرض - تاج العروس: 5/ 80).
(5)
وفي المصباح: 1/ 183: "وربما قيل: خَشَيْتُ بمعنى عَلِمْتُ".
(6)
زيادة من المثلث.
(7)
انظر: (اكمال الاعلام: 1/ 184).
168 -
قوله: (الصحيحُ)، الصحيحُ: ما كان فيه الصِحَّةُ التي هي ضِدُّ السَقَم، وصَحَّ الشَّيءُ يَصِحُّ صِحَّةً.
169 -
قوله: (فوائتُ)، جمع فائِتَة، وفائِتٌ، وهو الشيء إِذا فات عن وَقته، يقال: فات يفوت فَوْتًا، فهو فَائِت (1). والمراد بالفَوائِتِ هنا: ما عليه من الفرائض اللاتي خَرج وقتهن (2).
170 -
قوله: (والتَّطَوعُ)، التَّطَوعُ: تَفَعُّلٌ من طَاعَ يَطوعُ: إِذا انْقَادَ (3)، والمراد بها: الصلاة النَافِلة: التي ليست بَواجِبَة.
171 -
قوله: (العطش)، مصدر عَطِشَ يَعْطَشُ، فهو عَطْشان (4)، وجمعه عِطَاش، وبه ورد الحديث (5).
172 -
قوله: (حبس الماء)، الحبس:(6) مصدر حَبسَة يحبسه حبسًا، فهو محبوس، وجمعه: محابيس، ومحبوسون.
قال ابن مالك في "مثلثه": "الحبس: السجن، ومصدر حبس الشيء.
(1) ومنه: "فاتت الصلاة": إذا خرج وقتها، ولم تفعل فيه (المصباح: 2/ 138).
(2)
كما يجوز للمتيمم أن يجمع بين الصلاتين بتيمم واحد. قال في المقنع: 1/ 73: "وإن نوى فرضا فله فعله والجمع بين، الصلاتين وقضاء الفوائت والتنفل إلى آخر الوقت".
(3)
انظر: (المطلع: ص 91)، وتطَوَّع: تكلَّف الاستطاعة، وتطَوَّع بالشيءِ: تَبَرَّع به. قاله الجوهري في (الصحاح: 3/ 1255. مادة طوع).
(4)
وامرأة عطشة وعطشى، ومكان عطش: ليس به ماء، وقيل: قليل الماء. انظر: (المصباح المنير: 2/ 66).
(5)
الحديث طويل أخرجه البخاري في المغازي: 7/ 460، باب غزوة ذي قرد، حديث (4194)، ومسلم في الجهاد والسير: 3/ 1438، باب غزوة ذي قرد وغيرها، حديث (132) عن إياس بن سلمة عن أبيه من حديث طويل جاء فيه: "
…
ليشربوا منه وهم عطاش
…
".
(6)
وفي المصباح المنير: 1/ 128: "والحبس: المنع".
والحبس - بالفتح والكسر -: الجبل الأسود. وبالكسر وحده: حجارة يحبس بها ماء النهر. والحبس - يعني بالضم - جمع أحبس: لغة في الأحمس: وهو الشجاع والحبس أيضًا: المحبس في سبيل الله عز وجل.
ثُمَّ قال: والحَبْسَةُ: المرَّةُ مِنْ حَبسَ الشَّيْءَ. والحِبْسَةُ: الهَيْئَةُ منه. والحُبسَةُ: تَعذُّر الكلامِ عند إرَادَتهِ" (1).
173 -
قوله: (إِعادَةً)، الإعادَةُ: مَا فُعِل مرَّةً بعد مرَّةٍ (2).
وقيل: لِخَلَلٍ في الأول (3).
وقيل: في الوقْتِ.
174 -
قوله: (نَسيَ)، نَسِيَ الشَّيْءَ ينْسَاهُ نِسْيَانًا (4)، فهو ناسٍ. وفي الحديث "أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرت الصَّلاة يا رسول الله؟ قال: لَمْ أَنْسَ ولمْ تَقْصُر" (5)،
(1) انظر: (اكمال الأعلام: 1/ 131 وما بعدها).
(2)
أي: مُطلقًا، سواءٌ كانت الإعادةُ لخَلل في الفِعْل الأوَّل، أو في الوقت أو غير ذلك. قال الفتوحي في حشرح الكوكب: 1/ 368: "فيدخل في ذلك: لو صلَّى الصلاة في وقتها صحيحةً، ثمّ أقيمت الصلاة وهو في المسجد وصلَّى، فإن هذه الصلاة تُسمَّى معادةً عند الأصحاب من غير حُصول خلل ولا عُذْرٍ". وانظر تعريف الإعادة في: (الروضة: ص 31، المستصفى: 1/ 95، فواتح الرحموت: 1/ 85، شرح تنقيح الفصول: ص 76، تيسير التحرير: 1/ 199، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص 395).
(3)
وهذا قَيْدُ الحنفية للإعادة. انظر: (فواتح الرحموت: 1/ 85، مناهج العقول للبدخشي: 1/ 83، تيسير التحرير: 2/ 199، شرح العضد: 1/ 233، حاشية البناني على جمع الجوامع للسبكي: 1/ 118).
(4)
قال في المصباح: 2/ 273: "وهو مُشْتركٌ بيْن مَعْنَيَيْن: أحدُهما: تَرْكُ الشَّيْءِ على ذُهولٍ وغَفْلةٍ، وذلك خِلاف الذكر لَهُ. والثاني: التركُ على تَعمُّدٍ، وعليه: {وَلَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ}: أي لا تقْصِدُوا التَرْك والإهمال".
(5)
أخرجه البخاري في السهو: 3/ 99، باب من يُكبِّر في سجْدَتي السهو، حديث (1229)، =
وقال الله عز وجل: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} (1)، قيل: نَتْرُكها.
175 -
قوله: (خَرج منها)، المُراد: تركَها ولَمْ يُقِمْهَا.
176 -
قوله: (واسْتَقبل الصَّلاةَ)، يَعْني: مِن أوَّلها، ولم يَبْنِ على ما مضَى منها، والاسْتِقْبالُ: يُطلقُ على ابْتِداء الشَّيْء كهذَا، وعلى المُقَابلة، والمُوَاجَهَةِ (2)، ومنه اسْتِقْبال القِبْلَةِ.
177 -
قوله: (شَدَّ)، شَدَّ الشَّيْءَ يَشُدُهُ شدًّا، فَهُو مشْدُودٌ: إِذا أُحْكِمَ رَبْطُهُ (3).
178 -
قوله: (الكَسِير)، هو مَن حَصَل لَهُ الكَسْرُ في عِظَامِه (4)، مثل: جَرِيحٍ مَنْ حَصل لَهُ جُرْحٌ، وعَليلٍ، مَنْ حَصل لَهُ عِلَّةٌ. والكَسْرُ: مصدر كسَر الشَّيْء يكْسِرُهُ كَسْرًا.
قال ابن مالك في "مُثلَّثِه": "الكَسْرُ: مصدر كَسَر الشَّيْءَ، والرَّجُلَ عن مُرَادِه: صَرفَهُ. والقَوْمَ: هزَمَهُم، والهَواءُ البَارِدُ: فَتَرَ بَرْدُهُ، والطَائِرُ جنَاحَيْهِ: أمَالَهُمَا للانْقِضَاضِ، والكَسْرُ - أيضًا بالفتح -: ما لَيْسَ سَهْمًا تامًا. والكِسْرُ - بالكَسْرِ -: الجَانِبُ مِنْ كلِّ شَيءٍ، وأسْفَلُ الشُّقًة التي تَلي (5) الأرض مِن
= والنسائي في السهو: 3/ 17، باب ما يفعل من قام من اثنتين ناسيًا ولم يتشهَّد، وابن ماجة في الإقامة: 1/ 383، باب فِيمَنْ سلم مِنْ ثَنْتَيْن، أو ثلاثٍ ساهيًا، حديث (1214)، والدارمي في الصلاة: 2/ 351، باب سجدة السهو من الزيادة، وأحمد في المسند: 2/ 235.
(1)
سورة البقرة: 106.
(2)
انظر: (الصحاح: 5/ 1797 مادة قبل).
(3)
ومنه قوله تعالى في سورة محمد: {فَشُدُّواْ الوَثَاقَ} ، وقوله تعالى في سورة طه: 31: {أُشْدُدْ بِهِ أَزْرِيْ} .
(4)
قال الفيومي: "ومنه شاةٌ كَسِيرٌ، فعِيلٌ بمعنى مفْعُولٌ: إِذا كُسِرَتْ إحْدَى قَوَائِمُها} (المصباح: 2/ 193).
(5)
في المثلث: الذي يلي.
الخِبَاءِ، وأَحدُ كُسُورِ الأَعْضَاءِ: وهي عِظَامها. والكَسْر - يعني بالضَّم -: جَمْع كَسُور: وهو فَعُولٌ مِنْ كَسَر الرَّجُلَ والقَوْمَ" (1).
179 -
قوله: (الجبَائر)، جَمْع جَبِيرةٍ (2)، قال بعْضُهم: وهو كلُّ عصَبٍ على كَسْرٍ أَوْ جُرْحٍ.
وقال صاحب "المطلع" من أصْحابنا: "وهي أخْشابٌ أو نَحْوها، تُرْبَط على الكَسْر ونحوه"(3).
180 -
قوله: (ولَمْ يُعَدَّ)، يَعْني: يُجاوِزِ بِهَا مَوْضِع الكَسْر: أي قَدْر الحَاجَة.
181 -
قوله: (يَحُلَّها)، حَلَّ الشَّيْء يَحُلُه حلًّا (4). وفي الحديث:"يَعْقِدُ الشَّيُطانُ على قَافِية أَحَدِكُم إِذا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ على كلِّ عُقْدَةٍ مكَانها عَلَيْك ليْلٌ طويلٌ فارقد فإنْ استَيْقَظَ فذَكر الله انْحَلَّتْ عُقْدةٌ، فإِن توضَّأ، انْحَلَّتْ عُقْدة، فإِنْ صَلَّى، انْحلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّها"(5).
(1) انظر: (إكمال الاعلام: 2/ 544).
(2)
وأجاز المسح على الجَبائر مالكُ رحمه الله، وأبو ثور، وأصحاب الرأى، والإمام أحمد، والشافعي في أحد قوليه. انظر:(المغني: 1/ 280، المدونة: 1/ 23، الأم: 1/ 43 - 44، البناية على الهداية: 1/ 603).
(3)
انظر: (المطلع: ص 22)، وانظر تعريف الجبيرة كذلك في:(لغات التنبيه: ص 8، الزاهر: ص 58، المصباح: 1/ 97، غريب المدونة: ص 17، المغني: 1/ 280).
(4)
ومنه اسْم الفاعل "حلَّالٌ"، وحَلَّلْتُ اليَمِينَ: إذا فَعَلتُ ما يُخْرِج عن الحَنِث. (المصباح: 1/ 160).
(5)
أخرجه البخاري في التهجد: 3/ 24، باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يُصَلِّ بالليل، حديث (1142)، ومسلم في صلاة المسافرين: 1/ 538، باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح، حديث (776)، وأبو داود في الصلاة: 2/ 32، باب قيام الليل، حديث (1306)، وابن ماجة في الإقامة: 1/ 421، باب ما جاء في قيام الليل، حديث (1323).
قال ابن مَالك في "مُثَلَّثه": "الحلُّ: الشِّيرَجُ، ومصدرُ حلَّ: ضِدُّ عقَد، والحقُّ: وجَبَ، والمسافِرُ نَزل. والحِلُّ: الحَلَال، وما خَرجَ عن أرْضِ الحَرَم.
والحُلُّ - يعَني بالضَّم -: جمْع أحَلَّ: وهو الرَّخْوُ القَوائِم مِنْ الخَيْل والإِبل، ويُوصَفُ الذِئْبُ بِذلك، لأنَّه يخْمَعُ إذا عَدَا.
ثم قال: الحَلَّةُ: المرَّةُ مِن حلَّ، والجهَةُ المقْصُودَةُ من الشَّيْء، ومَوْضعٌ ذوُ صُخُورٍ.
قال: وفي هَذَيْن، الكَسْرُ أيضاً. والحِلَّةُ: بُيوتٌّ مُجْتمعةٌ.
قلت: وقريةٌ معروفةٌ من قُرى بغْداد (1).
قال: والحُلَّةُ - يعني بالضم -: إزَارٌ، ورِدَاءٌ، أوْ ثَوْبٌ مُبَطَّنٌ، أوْ سِلَاحٌ، أو ثَوْبٌ جَيِّدٌ مَا لَمْ يُلْبَس، فإذا لُبِسَ لَمْ يقَع عليه حُلَّة إلَّا مع غَيْره" (2). وفي حديث أبي ذَرٍّ:"لَوْ لَبِسْتَ هَذا لَكانَتْ حُلَّةٌ"(3).
(1) وهي حِلَّة بنَي مَزيد، مدينةٌ كبيرةٌ بيْن الكُوفة وبَغْداد، كانت تُسَمَّى "الجَامِعَيْن"، انظر:(معجم البلدان: 2/ 294، مراصد الاطلاع: 1/ 419).
(2)
انظر: (إكمال الاعلام: 1/ 159).
(3)
لم أقف لَهُ على تخريج. والله أعلم.