الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الربا والصرف وغير ذلك
927 -
(الربا)، مقصورٌ، وأَصْلُه: الزيادة، قال الجوهري:"رَبَا الشيءُ يَرْبُو رَبْواً: إذا (1) زاد"(2).
والربا في البيع هذا لَفْظُه، قال صاحب "المطلع":"ولم يقل: "وهو كذا"، لكونه معلوماً"(3). قال الله عز وجل: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} (4)، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (5)، وقال:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} (6)، وقال:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (7).
وُيثَنَّى: رِبَوَان، ورَبِيَان، وقَدْ أَرْبَا الرجل: إذا عامل بالربا، وهو مكْتُوبٌ في المصحف بـ "الواو".
(1) في الصحاح: أي.
(2)
انظر: (الصحاح: 6/ 2349 مادة ربا.
(3)
انظر: (المطلع: ص 239).
(4)
سورة البقرة: 276.
(5)
سورة البقرة: 278.
(6)
سورة البقرة: 275.
(7)
سورة الروم: 39.
وقال الفراء: "إِنَّما كَتَبُوه (1) كذلك، لأنَ أهْل الحجاز تعلموا الكتابة من أهل الحيرة (2) ولغتهم "الرِبَو" فعفَموهم صورةَ الحَرْف على لُغَتِهم، وإِنْ شِئْتَ كتبته بـ "الياء"، أو على ما في المصحف، أو بـ "الألف" حكى ذلك الثعلبي"(3).
928 -
قوله: (والصَّرفُ)، عطفٌ على الربا - ويقال له: الرَبْيَة مخفَّفة -: وهو بيع الذهب بالفضَّة، والفِضَّة بالذهب.
قال صاحب "المطلع": "وفي تسميته صرفاً [قَوْلَان](4): -
أحدهما: لصَرْفِه عن مقتضى البياعات من عدم جواز التفرق قبل القبض، والبيع نساء.
[والثاني: مِن](5) صَرِيفهما، وهو ما يُتْرَك (6) منهما في الميزان" (7).
ويحتمل أن يكون سُمِّي صرفاً، لأنَّ كلّ واحدٍ يأخذ العِوَض، وينصرف
(1) أي: في المصحف بالرسم العثماني.
(2)
الحيرة: بكسبر "الحاء" ثم السكون، قال ياقوت:"مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال لَهُ "النْجف" (معجم البلدان: 2/ 328).
قال في (اللسان: 4/ 225 مادة حير): "والنسبة إليها حِيرِيٌّ وحَارِيٌّ على غير قياس".
(3)
انظر: (الكشف والبيان في التفسير له: 1/ 324 أ).
أما الثعلبي، فهو الحافظ العلّامة أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، أبو إسحاق الثعلبي شيخ التفسير، قال الذهبي:"كان أحد أوعية العلم"، صنف "التفسير الكبير"، وكتاب "العرائس" في قصص الأنبياء، توفي 427 هـ على الراجح، أخباره في:(سير الذهبي: 17/ 435، معجم الأدباء: 5/ 36، إنباه الرواة: 1/ 119، اللباب: 1/ 238، وفيات الأعيان: 1/ 79، تذكرة الحفاظ: 3/ 1090).
(4)
زيادة يقتضيها السياق.
(5)
زيادة من المطلع.
(6)
في المطلع: تصويهما.
(7)
انظر: (المطلع: ص 239).
سريعاً، بخلاف غيرهما من الَمبِيع، فإِنَّه ربَّما كان ثقيلاً يحتاج إِلى نَقْل، فلا يَحْصُل الانصراف فيه عَقِبَ العَقْد.
929 -
قوله: (وغير ذلك)، مجْرورٌ بالعَطْف.
930 -
قوله: (وكلُّ ما كِيلَ)، والكَيْلُ: معروفٌ، [وهو] ما يُقَال به، وقد كَالَ يَكِيلُ كَيْلاً، والَمكايِيلُ مختلفة، وإِنَّما يُراد منها مِكْيَال النبي صلى الله عليه وسلم وَمُدُّهُ، وهو رِطْلٌ وثُلُث بالعراقي، وثلَاثُ أَواقٍ وثلاثة أسْبَاع أُوقِية بالدمشقي (1).
والعِبْرَة بالَمكِيل في رمَن النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك، البُرُّ، والشعير، والتَمْر ونحوها ممَّا لَمْ يكُن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كيل فبِعُرف بَلَدِه.
931 -
قوله: (أوْ وَزْنٍ)، الوزْنُ: معروفٌ، والَميزانُ: ما يُوزَن به، قال الله عز وجل {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} (2)، وقال:{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (3).
قال البخاري: "كَالُوا لَهُم، أوْ وَزَنُوا لَهُم"(4)، وفي الحديث:"وَزْناً بوَزْنِ"(5)
(1) سبق الحديث حول الكيل والمد والأوقية فيما مضى تأمل ذلك في: ص 108، 109.
(2)
سورة الرحمن: 9.
(3)
سورة المطففين: 3.
(4)
انظر: (صحيح البخاري مع فتح الباري: 4/ 343).
(5)
جزء من حديث أخرجه مسلم في المساقاة: 3/ 1212، باب الصرف وبيع الذهب بالوَرق نقداً، حديث (84)، وأبو داود في البيوع: 3/ 249، باب في حلية السيف تباع بالدراهم، حديث (3353)، والنسائي في البيوع: 7/ 244، باب بيع الدرهم بالدرهم، ومالك في البيوع: 2/ 634، باب بيع الذهب بالفضة تبراً وعيناً، حديث (33)، وأحمد في المسند: 2/ 262.
932 -
قوله: (التَفاضل)، هو زيادة أحَدِهما على الآخر، وقد فَضَلَ يَفْضُل تفَاضُلاً، فهو فاضِلٌ: إِذا زَادَ عليه.
933 -
قوله: (جِنْساً)، الجِنْسُ: ما لَة اسْمٌ خاصٌ يشْتَمِل أنْوَاعاً كـ "البُرِّ" و"التَّمْر" و" اللَّحْم " ونحوها. وجمْعُه: أجْنَاس (1).
934 -
قوله: (نَسيئَةً)، النَسِيئةُ، والنَساءُ باَلمدِّ، قال الله عز وجل:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (2)، والنَّسِيئَة: التَّأْخِيرُ، نَسَأْتُ الشَّيْءَ وأَنْسَأْتُهُ: أَخَّرْتة، وحيث جاء النّساءُ في الكتاب، فهو باَلمدِّ، لا يجوز قَصْرُه.
935 -
قوله (3): (والرَّطِبْ)، الرَّطْبُ: ما فيه الرّطُوبَة من جميع الثمار من نَخْلٍ أو غيره ولذلك سُمِّيَ الرُّطَب رُطَباً، فَرُطَب النَخْلُ يقال لَة: رُطَب، بضم "الراء" وفتحها (4)، وكذلك غيره كـ "العِنَب" و"التِّين" و"التُّوتُ" ونحو ذلك من سائر الثمار، وهو في الأصل ضد اليَابِس. قال الشاعر (5):
كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْر رَطْباً ويَابِساً
…
لَدَى وَكْرِهَا العُنَّابُ والحشَفُ البَالِي
936 -
قوله: (بِيَابسٍ)، اليَابِسُ: ما فيه اليُبُوسَة، وقد يَبِسَ يَيْبَسُ يَبْساً وُيبُوسَةً، فهو يابسٌ: إِذا ذَهَبَتْ الرطُوبةُ منه.
(1) وفي التعريفات للجرجاني: ص 78: "اسْمٌ دَالٌ على كثيرين مُخْتَلِفين بأنْواعٍ".
(2)
سورة التوبة: 37.
(3)
المثبت في المختصر: ص 82: مِنْ.
(4)
وذلك إِذا أُدْرِكَ ونَضِج قبْل أنْ يتَتَمْر، والرُّطَب نوعان: أحدهما لا يتَتَمَّر، وإِذا تأخر أكله تسارع إليه الفساد.
والثاني: يَتَتَمَّر ويصير عجوة، وتمراً يابساً، انظر:(المصباح: 1/ 246).
(5)
هو امرؤ القيس. انظر: (ديوانه: ص 38).
والحَشفُ: التمر الرديء قاله الجوهري في (الصحاح: 4/ 1344 مادة خشف).
937 -
(إِلَّا العَرَايا)، العَرايا: جمع عَرِيَّة فعيلةٌ بمعنى مفْعُولَة، وهي في اللُّغة: كلُّ شَيْءٍ أُفْرِدَ من جُمْلَة.
قال أبو عبيد: "مِنْ عَراهُ تَعْرِيةً، إذا قَصَدَهُ"(1).
قال صاحب "المطلع": "ويُحْتَمل أنْ تكون فعيلة بمعنى فَاعِلة، من عَرِيَ يَعْرَى، إِذا خلع ثِيَابَه، كأَنَّها عَرِيَتْ من جُمْلَة التحريم: أي خَرجت"(2).
قلتُ: وهي في اللّغة أيضاً: ما يُعْرَى من النخل.
قال الشاعر (3):
ليْسَت بِسَنْهَاءَ ولا رَجْبِيَّةٍ
…
ولكن عَرايَا في السِّنين الخَوَالِفُ
قال جماعة من أصحابنا منهم الشيخ: "العرايا: بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر خرصا لمن به حاجة إلى أكل الرطب ولا ثمن معه"(4).
وقال ابن عقيل: "بيْعُ رطَب في رؤوس نخله بتمر كَيْلاً"(5)، وهذا على الصحيح في المذهب، مِنْ أنَّ العَرِيَّة مختصة بالرُّطَب بالتمر دون سائر الثِمار (6).
(1) حكاه عنه صاحبي "المطلع: ص 241"، و"النهاية في غريب الحديث: 3/ 1225.
(2)
انظر: (المطلع: ص 241)، وكذلك:(النهاية لابن الأفي: 3/ 225).
(3)
هو سويد بن الصامت الأنصاري، كما في:(اللسان: 49/ 15 مادة عرا)، وفيه: في السنين الجوائح.
(4)
انظر: (المقنع: 3/ 70، 71) وكذلك: (المذهب الأحمد: ص 85، الإنصاف: 5/ 29، حاشية الروض: 4/ 509).
(5)
انظر: (التذكرة في فقه لابن عقيل ق 157).
(6)
وقد جوز شيخ الإسلام ابن تيمية العرايا في الزرع، وخرج على ذلك جواز بيع الخبز الطري باليابس في برية الحجاز ونحوها. حكاه عنه صاحب (الإنصاف: 5/ 33).
وفي صحيح البخاري أظن عن ابن عمر أنه سئل عن معنى العَرِيَّة قال: "هي نَخْلَاتٌ كانت توهَب للفقراء ثم يتَضَرَّر أهل النخل بدُخُولِهم عَلَيْهم، فرخَّص لهم أنْ يَبْتَاعُوا ذلك منهم بِخَرصِة من التَّمر"(1).
938 -
قوله: (والتُّمور)، جمع تَمْرٍ، على وزن نُمُور ونَمْرٍ.
939 -
قوله: (اللَّحمَان)، جمع لَحْمٍ، على وزن سَهْمَانِ وسَهْم.
940 -
قوله: (ليس بِدَخِيلٍ)، الدخيل والدَخْل: ما دخَل على الشَّيْء من غيره وقد دخَلَ يَدْخل، فهو دَخِيلٌ، ودَخْلٌ، ودَاخِلٌ، قال الله عز وجل:{دَخَلًا بَيْنَكُمْ} (2).
941 -
قوله: (كالوضُوح في الذهب)، الوُضُوح: البياضُ، وقد وضَحَ: صَارَ به وَضَحٌ، وفي حديث أُوَيس:"كان به وضَحٌ فتَرى منه الأقْدَارَ الدِّرْهَم"(3) أي بياضٌ. قال الجوهري: "الوضَحُ: الدِّرْهَم الصحيح
…
والوضَحُ: الضوء والبَيَاض. قال: وقد [يُكَنَّى عن البَرَص بالوَضَح](4)، قال:
(1) أخرجه البخاري في البيوع: 4/ 390 في الترجمة بلفظ قريب منه، باب تفسير العرايا كما أن هناك أحاديث كثيرة في هذه المسألة، منها ما أخرجه مسلم في البيوع: 3/ 1169، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، حديث (61)، (62)، (63) عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص. في العَرِيّة يأخذها أهل البيت بِخَرْصِها تمراً يأكلونها رطباً"، وفي رواية قال:"والعريّة: النخلة تجعل للقوم فيبيعونها بخَرصها تمراً"، وفي أخرى:"العريَّة: "أنْ يَشْتَري الرجل تَمر النخلات لطعَامِ أهْلِه رُطباً بخَرصها تمراً".
(2)
سورة النحل: 92.
(3)
سبق تخريج الحديث: في ص: 390.
(4)
في الصحاح: وقد يكنى به عن البرص.
والوضَّاحُ [أيضاً](1): الرجل [الأبْيَض بِحُسْنِه](2)(3).
942 -
قوله: (والسَّوَادِ في الفِضَّة)، السَّوَادُ: معروفٌ، وهو عَيْبٌ في الفِضةِ، كما أنَّ البَيَاض في الذهب عَيْبٌ.
943 -
قوله: (حتى يَتْمَر)، أي حتى يصيرَ رُطَبُها تَمْراً.
(1) زيادة من الصحاح.
(2)
في الصحاح: الأبيض اللون لحسنه.
(3)
انظر: (الصحاح: 1/ 416 مادة وضح).