الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما يُوجبُ الغُسْل
قال الجَوْهري: "غَسَلْتُ الشَّيْءَ غَسْلًا بـ "الفتح"، والاسم: الغُسْلُ بـ "الضم"، ويقال: غُسْلٌ، [وغُسُلٌ (1)](2)(3)، كعُسْرٍ، وعُسُر.
وقال ابن مالك في "مُثلَّثه": "والغُسْلُ بـ "الضم": الاغْتِسَال، والماءُ الذي يُغْتَسَلُ به"(4).
وقال القاضي عياض: (5)"الغَسْلُ بـ "الفتح": الماءُ، وبـ "الضم": الفِعْلُ"(6).
(1) زيادة يقتضيها السياق من الصحاح.
(2)
انظر: (الصحاح: 5/ 1781 مادة غسل).
(3)
زيادة أضافها الصنف من الطلع: ص 26.
(4)
انظر: (اكمال الاعلام: 2/ 467).
(5)
هو العلّامة أبو الفضل عياض بن موسى اليَحْصُبِي السَّبْتي المالكي، القاضي، امام وقته في الحديث وعلومه. صاحب التصانيف منها:"اكمال المعلم في شرح مسلم" و"مشارق الأنوار" في الغريب وهو مفيد، و"التنبيهات في الفقه المالكي" و"الشفا" وغيرها، توفي 544 هـ، ترجمته في:(الصلة: 2/ 453، وفيات الأعيان: 3/ 481، بغية الملتمس: ص 437، تذكرة الحفاظ: 4/ 1304، الديباج: 2/ 46، الشذرات: 4/ 138، وقد جمع المقري سيرته في كتاب "أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض").
(6)
انظر: (المشارق: 2/ 138)، وفيه:"هو بـ "الفتح": اسم الفعل، وبـ "الضم": اسم الماء".
قال الجوهري: "والغِسْل بـ "الكسر: ما يُغْسَلُ به الرأس من خِطْميّ وغَيره" (1).
قلْتُ: الأَفْصَح في الفِعْل: "الضَّمُ"، اغْتَسَل يَغْتَسِل غسْلًا، ويَجُوز فيه "الفتح". والأفصحُ في الماء "الفتح"، ويجوز فيه "الضم"، مثل: طَهورٌ، وطُهُورٌ، ووَضوءٌ، وَوُضوءٌ.
138 -
قوله: (المُوجِبُ)، يقال: أوْجَبَ يُوجِبُ، فهو مُوجِبٌ (2)، و"الألف" و"اللام" في المُوجِب: للاسْتِغْرَاق، قاله "الشيخُ" في "المغني"(3).
139 -
قوله: (خروجَ المنيِّ)، قال الجوهري وغيره:"بتَشْدِيد الياء"(4).
قال الله عز وجل: {مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} (5)، وفي الحديث عن عائشة: "كنتُ
أغِسْل المَنِيَّ" (6).
(1) انظر: (الصحاح: 5/ 1781 مادة غسل).
والغسل في الشرع: هو استعمال ماء طهور في جميع بدنه على وجه مخصوص. انظر: (منتهى الإرادات: 1/ 27).
(2)
قال في المصباح: 2/ 322: "فاُلموجِبُ بـ "الكسر": السبب، والموجَب بـ "الفتح": المسبب".
(3)
انظر: (ابن قدامة في المغني: 1/ 197).
وموجبات الغسل "ستة" كذا في (المغني: 1/ 197، والمحرر: 1/ 17)، وفي:(المبدع: 1/ 177، والمنتهي: 1/ 27، والشرح الكبير: 1/ 197)"سبعة".
(4)
انظر: (الصحاح: 6/ 2497 مادة منا)، وفيه:"وهو مشدَّد"، وهو قول الأزهري وابن منذور. انظر:(الزاهر: ص 49، اللسان: 15/ 293 مادة مني).
(5)
سورة القيامة: 37.
(6)
أخرجه البخاري في الوضوء: 1/ 334 بلفظ: (كنت أغسله من ثوب رسول الله" باب غسل الجنابة، أو غيرها فلم يذهب أثره، حديث (231)، والترمذي في الطهارة: 1/ 201 بلفظ: "أنها غسلتْ منيًا من ثوب رسول الله" باب غسل المني من الثوب، حديث (117)، كما أخرجه أحمد في المسند بلفظ:"كنت أَفرك المني": 6/ 263.
وحكى المُطرز (1) في "ياقوتته" عن ابن الأعرابي: "تخفيف الياء بذلك (2) لأنَّه يُمْنَى: أي يُصَبُّ"، وسَمِّيت "مِنىً" مِنَى: لما يُرَاق بها مِن دَمِ الهَدْي.
ومَنِيُّ الرجلِ في حال صحته: ماءٌ أبيضً غليظٌ يخرج عند اشْتِدَادِ الشهوة يَتَلذَّذُ بِخُرُوجه وَيعْقب خروجَه فتورٌ، وله رائحةٌ كرائِحَةِ الطلْع، تَقْرُبُ منَ رائِحَة العَجِينِ (3).
ومن المرأةِ: ماءٌ رقيقٌ أَصْفَر (4).
و"الألف" و"اللام" في قوله: "المِنَيَّ".
قيل: للاستغراق، فيجب الغُسل عنده لِكُلِّ مَنِيٍّ، سواءٌ خَرج بِلَذَّةٍ، أو بغير لَذةٍ (5).
(1) هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر الزاهد، المعروف بغلام ثعلب، اللقب بالطرز، شح الحديث واللغة، لازم ثعلب في العربية، صنف "الياقوتة" و"فائت الفصيح" و"شرح الفصيح" وغيرها توفي 345 هـ. أخباره في:(إِنباه الرواة: 3/ 171، سير أعلام النبلاء: 15/ 508، تاريخ بغداد: 2/ 356، طبقات الحنابلة: 2/ 67، المنتظم: 6/ 380، معجم الأدباء: 18/ 226، وفيات الأعيان: 4/ 329، مرآة الجنان: 2/ 337).
(2)
حكاه كذلك ابن جني، والفيومي، انظر:(اللسان: 15/ 293 مادة مني، المصباح: 2/ 249). وأنكره الأزهري في (الزاهر: ص 49).
(3)
انظر تعريف المني شرعًا في: (لغات التنبيه: ص 6، الزاهر: ص 49، طلبة الطلبة: ص 7، المغني: 1/ 197، المطلع: ص 27).
(4)
لقد أخرج مسلم حديثًا عن أم سليم رضي الله عنها في وصف مني الرجل والمرأة، قال عليه الصلاة والسلام فيه:
…
ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر .. كتاب الحيض: 1/ 250، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها حديث (30).
(5)
القول بوجوب الغسل لخروج المني، ولو بغير شهوة، مذهب الشافعي، وظاهر كلام الخرقي، انظر:(الأم: 1/ 37، المغني: 1/ 198).
وقيل: هي للعَهْد، فلا يجب إِلًا بخروج المنيِّ الَمعْهُودِ، وهو الخارجُ دَفْقًا بِلَذةٍ (1)
140 -
قوله: (والْتَقاء الخِتَانَيْن)، الخِتَانَان: تثنية خِتَان: وهو مَوْضع الخَتْن، فهو في الرَّجل: في قُبُل الحَشَفَة (2)، ومن الَمرْأةِ: مَقْطَعَ نواتِها، ومَعْنَى التقائهما: أي تَحاذِيها، وتَقَابُلِهِمَا، ومنه الْتِقَاء الفَارِسَين: إِذا تَقَابَلا.
وفسّر صاحب "المغني" وغيره ذلك: "بتَغْيِيِب الحَشَفة في الفَرْج"(3)، لأن ما يُقْطَع مِن فَرْج المرأة في أعلَاهُ، ولَيْس في مسْلَك الذَكَر، فإِذا غابتْ حَشفَتهُ في فَرْجها تَقابَل مَوْضع خِتَانِه ومَوضِع خِتَانِها (4)، وصار كلُّ واحِد مِنْهما مُقَابل الآخر، وتَلَاقَيا (5).
141 -
قوله: (الكَافِر)، الكافِر: المُتَلَبِّسُ بالكُفْر (6)، والكُفْر تارةً يُرادُ
(1) هذا قول عامة الفقهاء، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، والصحيح من مذهب أحمد، انظر:(البناية على الهداية: 1/ 65، الشرح الصغير: 1/ 67، المغني: 1/ 197، المبدع: 1/ 177).
(2)
وهو الموضع الذي تُقْطَع منه جِلْدَة القُلْفَة. انظر: (الزاهر: ص 50).
(3)
انظر: (المغني: 1/ 202، حاشية الروض للنجدي: 1/ 274، المطلع: ص 28، الزاهر: ص 50، المغرب: 1/ 204، المبدع: 1/ 182، المذهب الأحمد: ص 8، التنقيح: ص 30، منتهى الإرادات: ص 28).
(4)
قال في المطلع: ص 28: "الختان مخصوص بالذكر، والخفض بالإناث، والإعذار مشترك بينهما"، وفي النهاية لابن الأثير: 2/ 10: "ويقال لقطعهما: الإعذار وأْفضُ"، لكن قول "الختانين" من باب التغليب والله أعلم.
(5)
أجمع الفقهاء على وجُوب الغُسْل بعد تَغْييب الحَشَفة، إِلَّا ما رُوِي عن داود أنه قال: لا يجب إِلَّا إذا أَنْزَل. انظر تفصيل المسألة في: (المغني: 1/ 202 - 203، البناية على الهداية: 1/ 273، المدونة: 1/ 29، الزاهر: ص 50).
(6)
قال الأزهري في "الزاهر: ص 379": "وأما الكُفْر فلَهُ وجوهٌ، وأصله مأخوذ من: كفَرتُ الشَيْءَ، إذا غَطَيْتَه ومنه قيل للَّيْل: كافر، لأنه يستر الأشياء بظلمته، وقيل للذي لَبِس درعًا، =
به: كفْر الرُبُوبية (1)، وتارةً يُرَادُ به: كُفْر النِعْمَة (2)، وتارة يُرَادُ به: كُفْر العَشِير (3).
142 -
قوله: (والُمشْرِكُ)، منْ حصل منه الشِرْكُ: وهو أن يُشْرِكَ مع الله في العبادة (4) غَيْرهُ.
143 -
قوله: (غَمَسُوا أَيْدِيَهُم في الماء)، الغَمْسُ، والانْغِمَاسُ: تَغْييبُ الشَّيْءِ في غَيْرِه (5).
= ولبس فوقه ثَوْبًا، كافر، لأنه غطى دِرْعه بالذي لَبسَهُ فوقها، فُلَانٌ كَفَر نِعْمَة الله: إِذا سترها فلم يشكرها".
(1)
وهو أنْ يُجْعَلَ مع الله خالقًا آخر، وأن للعالم صانعين متكافئين في الصفات والأفعال وذلك كالمجوس وغيرهم من النصارى والقدرية. انظر:(الدين الخالص: 1/ 71، شرح العقيدة الطحاوية: ص 14، 15)، ولقد سماه الأزهري:"كفر دَهْرِيًا وَمُلْحدًا". (الزاهر: ص 381).
(2)
وذلك لقوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ، حيث حكم الله لشاكر النعمة بالزيادة، ولكافر النعمة بالعذاب الأليم.
(3)
أخرج البخاري في الحيض: 1/ 405، باب ترك الحائض الصوم، حديث (304) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حق النساء: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ
…
".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: 1/ 406: "وتكْفُرن العَشير: أي تجْحَدْن حق الخليط وهو الزوج، أَوْ أعم من ذلك".
(4)
قال ابن الجوزي: "وذكر أهل التفسير أنَّ الشِرْك في القرآن على ثلاثة أوجه: - أحدها: أن يَعْدِل بالله غَيْرهُ، ومنه قوله تعالى في سورة النساء: 36: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} .
والثاني: إدخال شريك في طاعته دون عِبَادَتِه، ومنه قوله تعالى في سورة الأعراف: 190 {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} .
والثالث: الرياء في الأعمال، ومنه قوله تعالى في سورة الكهف: 110 {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} .
انظر: (نزهة الأعين النواظر: ص 372).
(5)
انظر: (الزاهر: ص 394، المغرب: 2/ 113).
144 -
قوله: (إِذا خَلتْ)، الخَلْوَة (1): لغة كل مَنْ لَم يحْضُر معه على الشيء غَيْره واصطلاحا هنا قيل: أن لا يشاركها فيه (2).
وقيل: أنْ لَايَراها (3).
وقيل: مطلق [خَلْوَة](4).
وقيل: مَنْ تَزُول به خَلْوَة النِّكَاح (5)
(1) جاء في المصباح: 1/ 194: "خلَا الرجل بَنَفْسِه، وَأخْلَى بـ "الألف" لغة، وخَلَا بزيدٍ خَلْوةً: انْفَرَد به".
(2)
وهي رواية بعض الأصحاب من الحنابلة، قاله في (المغني: 1/ 215).
(3)
وهو قول القاضي (المصدر السابق).
(4)
زيادة يقتضيها السياق.
(5)
نسب هذا القول ابن قدامة في المغني: 1/ 215 إلى الشريف أبي جعفر، وهو أحد فقهاء الحنابلة.