الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، إذْ غَايَةُ الْإِخَافَةِ قَطْعُ الْوَصْلَةِ وَتَحَقُّقُ الْعَدَاوَةِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَخَاوِفِ وَالْخِزْيِ وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ. وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ:«اللَّهُمَّ مَنْ ظَلَمَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَأَخَافَهُمْ فَأَخِفْهُ وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ أَيْ فَرْضٌ أَوْ تَطَوُّعٌ أَوْ تَوْبَةٌ أَوْ اكْتِسَابٌ أَوْ وَزْنُ أَقْوَالٍ، وَلَا عَدْلٌ أَيْ فَرْضٌ أَوْ تَطَوُّعٌ أَوْ فِدْيَةٌ أَوْ كَيْلٌ» أَقْوَالٍ. وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ: «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» . وَصَرَّحَ ابْنُ الْقَيِّمِ: بِأَنَّ اسْتِحْلَالَ حَرَمِ الْمَدِينَةِ كَبِيرَةٌ. قَالَ غَيْرُهُ أَيْ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: " أَنَّ أَنَسًا قِيلَ لَهُ أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ؟ فَقَالَ: بَلَى حَرَامٌ لَا يُخْتَلَى أَيْ يُقْطَعُ خَلَاهَا أَيْ كَلَؤُهَا الرَّطْبُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ".
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذِهِ السِّتَّةِ هُوَ صَرِيحُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ عَدَّ الْأَوَّلَيْنِ مَعَ ظُهُورِهِمَا ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ صَرَّحَ بِهِمَا لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَاسْتِحْلَالُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالْإِحْدَاثُ فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ مَا ذَكَرْته لِمَا عَلِمْتَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِهِ. فَإِنْ قُلْت: لَا خُصُوصِيَّةَ بِالْأَوَّلَيْنِ لَهُمْ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا كَبِيرَتَيْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ أَيْضًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ الْآتِي فِي الْإِيذَاءِ وَالظُّلْمِ. قُلْت: يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْخُصُوصِيَّةِ عَلَى أَنَّ إرَادَتَهُمْ بِأَيِّ سُوءٍ وَإِخَافَتَهُمْ بِأَيِّ نَوْعٍ كَبِيرَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّ شَرْطَ كَوْنِ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ كَبِيرَةً أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَهُ وَقْعُ وَبَالٍ فِي الْعَادَةِ.
[خَاتِمَةٌ فِي سَرْدِ أَحَادِيثَ أَكْثَرُهَا صَحِيحٌ وَبَقِيَّتُهَا حَسَنٌ فِي فَضْل الْمَدِينَة]
خَاتِمَةٌ: فِي سَرْدِ أَحَادِيثَ أَكْثَرُهَا صَحِيحٌ وَبَقِيَّتُهَا حَسَنٌ فِي فَضْلِهَا «لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَدِينَةِ وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ شَهِيدًا إذَا كَانَ مُسْلِمًا» . «إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَيْ حَرَّتَيْهَا وَطَرَفَيْهَا أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا أَيْ
شَجَرُهَا أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا. الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ لَا يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إلَّا أَبْدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ» . «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ زَمَانٌ يَنْطَلِقُ النَّاسُ مِنْهَا إلَى الْأَرْيَافِ يَلْتَمِسُونَ الرَّخَاءَ فَيَجِدُونَ رَخَاءً ثُمَّ يَأْتُونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلَيْهِمْ إلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» . «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا فَمَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ كُنْت لَهُ شَفِيعًا وَشَهِيدًا. الْوَبَاءُ وَالدَّجَّالُ لَا يَدْخُلَانِهَا» . «اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمَ خَلِيلَك وَعَبْدَك وَنَبِيَّك دَعَاك لِأَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُك وَرَسُولُك أَدْعُوك لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مِثْلَ مَا دَعَاك إبْرَاهِيمُ لِمَكَّةَ نَدْعُوك أَنْ تُبَارِكَ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ وَثِمَارِهِمْ» . «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَبْت إلَيْنَا مَكَّةَ وَاجْعَلْ مَا بِهَا مِنْ وَبَاءٍ بِخُمٍّ» أَيْ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ فَتَشْدِيدٍ، غَيْضَةٌ قَرِيبٌ مِنْ الْجُحْفَةِ فَلَا يَمُرُّ عَلَيْهَا طَائِرٌ إلَّا حُمَّ. «اللَّهُمَّ إنِّي حَرَّمْت مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَيْ أَنْشَأْت تَحْرِيمَهُ إذْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا قَبْلُ كَمَا حَرَّمْتَ عَلَى لِسَانِ إبْرَاهِيمَ الْحَرَمَ» أَيْ أَظْهَرْت حُرْمَتَهُ بَعْدَ انْدِثَارِهَا وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ مِنْ يَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَمَا صَحَّ. «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا» أَيْ مَا يُكَالُ بِهِمَا مِنْ الْأَطْعِمَةِ.