الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يُصَلِّيَ إلَى سَاتِرٍ، وَهُوَ عِنْدَنَا جِدَارٌ أَوْ عَمُودٌ أَوْ نَحْوُ عَصًا يَغْرِزُهَا، أَوْ مَتَاعٍ يَجْمَعُهُ، فَإِنْ عَجَزَ بَسَطَ مُصَلًّى، فَإِنْ عَجَزَ خَطَّ خَطًّا طُولًا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، وَيُشْتَرَطُ قُرْبُهُ مِنْهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ عَقِبِهِ وَبَيْنَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَأَنْ يَكُونَ طُولُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ، وَأَنْ لَا يَقِفَ بِطَرِيقٍ كَالْمَطَافِ وَقْتَ طَوَافِ أَحَدٍ بِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةٌ فِي صَفٍّ وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَلْ يُكْرَهُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ فِي مَحَلِّ سُجُودِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا.
[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّمَانُونَ إطْبَاقُ أَهْلِ قَرْيَةِ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ]
(الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّمَانُونَ: إطْبَاقُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْبَلَدِ أَوْ نَحْوِهِمَا عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضٍ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ وَقَدْ وُجِدَتْ فِيهِمْ شُرُوطُ وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ) أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ: «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ» .
وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا قَدْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ، أَيْ غَلَبَ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنْ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ» زَادَ رَزِينٌ: «وَإِنَّ ذِئْبَ الْإِنْسَانِ الشَّيْطَانُ إذَا خَلَا بِهِ أَكَلَهُ» .
وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ: «ثَلَاثَةٌ لَعَنَهُمْ اللَّهُ: مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ تُحَذِّفُ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَرَجُلٌ سَمِعَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَلَمْ يُجِبْ» .
وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا - يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ - فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى - وَإِنَّهُنَّ - مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ. وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدَ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ
خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ بِهَا عَنْهُ سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ "، وَفِي رِوَايَةٍ: " لَقَدْ رَأَيْتنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْ الصَّلَاةِ إلَّا مُنَافِقٌ قَدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ أَوْ مَرِيضٌ، إنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ " وَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُؤَذَّنُ فِيهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بَدَلُ قَوْلِهِ -: " وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ " - وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَكَفَرْتُمْ ".
وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ: «الْجَفَاءُ كُلُّ الْجَفَاءِ، وَالْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ مَنْ سَمِعَ مُنَادِيَ اللَّهِ يُنَادِي إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يُجِيبُهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: «بِحَسْبِ الْمُؤْمِنِ مِنْ الشَّقَاءِ وَالْخَيْبَةِ أَنْ يَسْمَعَ الْمُؤَذِّنَ يُثَوِّبُ بِالصَّلَاةِ فَلَا يُجِيبُهُ» وَالتَّثْوِيبُ هُنَا اسْمٌ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ.
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَيَجْمَعُوا إلَيَّ حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ» فَقِيلَ لِيَزِيدَ - هُوَ ابْنُ الْأَصَمِّ -: الْجُمُعَةَ عَنَى أَوْ غَيْرَهَا؟ قَالَ: صُمَّتَا أُذُنَايَ إنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرْ جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا.
وَابْنُ مَاجَهْ: «لَيَنْتَهِيَنَّ رِجَالٌ عَنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَأُحَرِّقَنَّ بُيُوتَهُمْ» وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ خَبَرَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَارِغًا صَحِيحًا فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» ، لَكِنْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ الصَّحِيحُ وَقْفُهُ. وَأَبُو دَاوُد:«مَنْ يَسْمَعُ الْمُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ قِيلَ وَمَا الْعُذْرُ؟ قَالَ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّى» يَعْنِي فِي بَيْتِهِ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42]{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] إنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ يَغْشَاهُمْ فِيهِ ذُلُّ النَّدَامَةِ لِأَجْلِ كَوْنِهِمْ كَانُوا يُدْعَوْنَ فِي الدُّنْيَا إلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ فَلَمْ يُجِيبُوا، وَقَالَ أَيْضًا: يُدْعَوْنَ إلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: كَانُوا يَسْمَعُونَ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " فَلَا يُجِيبُونَ وَهُمْ أَصِحَّاءُ سَالِمُونَ. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: وَاَللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إلَّا فِي الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ الْجَمَاعَاتِ فَأَيُّ وَعِيدٍ أَبْلَغُ وَأَشَدُّ مِنْ هَذَا لِمَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَمَّنْ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ وَلَا يُصَلِّي فِي الْجَمَاعَةِ وَلَا يُجَمِّعُ؟ فَقَالَ: إنْ مَاتَ هَذَا فَهُوَ فِي النَّارِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَأَنْ يَمْتَلِئَ أُذُنُ ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا مُذَابًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ وَلَا يُجِيبَ. وَقَالَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ، قِيلَ: وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: مَنْ يَسْمَعُ الْأَذَانَ، وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَهُمَا جَاءَ حَدِيثًا: وَقَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ: فَاتَتْنِي مَرَّةً صَلَاةٌ فَعَزَّانِي أَبُو إِسْحَاقَ الْبُخَارِيُّ وَحْدَهُ وَلَوْ مَاتَ لِي وَلَدٌ لَعَزَّانِي أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ نَفْسٍ لِأَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ عِنْدَ النَّاسِ أَهْوَنُ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا.
وَحَكَى ابْنُ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إلَى بُسْتَانٍ لَهُ فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى النَّاسُ الْعَصْرَ، فَقَالَ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَاتَتْنِي صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي الْجَمَاعَةِ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ حَائِطِي عَلَى الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ لِتَكُونَ كَفَّارَةً لِمَا صُنِعَ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: كُنَّا إذَا فَقَدْنَا الْإِنْسَانَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي الْجَمَاعَةِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَافَقَ أَيْ لِحَدِيثِ: «إنَّهُمَا أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» .