الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّفَرُ وَكَانَ أَمْنًا وَلَوْ لِطَاعَةٍ كَنَفْلِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَلَوْ مَعَ النِّسَاءِ مِنْ التَّنْعِيمِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ عَدُّهُمْ ذَلِكَ مِنْ الصَّغَائِرِ.
[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ تَرْكُ السَّفَرِ وَالرُّجُوعُ مِنْهُ تَطَيُّرًا]
(الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ: تَرْكُ السَّفَرِ، وَالرُّجُوعُ مِنْهُ تَطَيُّرًا) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا إلَّا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي صَحِيحِهِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَصْفَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ: فِي الْحَدِيثِ إضْمَارٌ وَالتَّقْدِيرُ: مَا مِنَّا إلَّا وَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي قُلُوبَ أُمَّتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يُذْهِبُ ذَلِكَ عَنْ قَلْبِ كُلِّ مَنْ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ وَلَا يَثْبُتُ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى.
وَاعْتَرَضَهُ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ لِأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَا مِنَّا إلَخْ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُدْرَجٌ غَيْرُ مَرْفُوعٍ. وَنَقَلَ الْبُخَارِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ رَفْعَ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: كَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «الْعِيَافَةُ - أَيْ الْخَطُّ - وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ - أَيْ الزَّجْرُ - مِنْ الْجِبْتِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَالْبَيْهَقِيُّ: «لَنْ يَنَالَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا مَنْ تَكَهَّنَ أَوْ اسْتَقْسَمَ أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ تَطَيُّرًا» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُعْتَقِدًا حُدُوثَ تَأْثِيرٍ لِلتَّطَيُّرِ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي إسْلَامِ مِثْلِ هَذَا.
[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ تَرْكُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
(الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ: تَرْكُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ قَالَ إنَّهُ يُصَلِّيهَا ظُهْرًا وَحْدَهُ) .
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ: «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ» .
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَيْضًا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَالَا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَةَ - أَيْ بِفَتْحٍ
فَسُكُونٍ أَيْ تَرْكِهِمْ إيَّاهَا - أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» .
وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَهُوَ مُنَافِقٌ» . وَفِي أُخْرَى لِرَزِينٍ «فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ» .
وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» . زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: «وَجَعَلَ قَلْبَهُ قَلْبَ مُنَافِقٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا شَوَاهِدُ: «كُتِبَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ» . وَفِي أُخْرَى - سَنَدُهَا صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - مَوْقُوفَةٍ: «فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ لَا يَأْتُونَهَا أَوْ لَيَطْبَعَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَاضِحٌ مِمَّا ذَكَرْته فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْجَمَاعَةِ - عَلَى غَيْرِ ذَوِي الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفِقْهِ - فَرْضُ عَيْنٍ إجْمَاعًا، بَلْ هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، فَمَنْ اسْتَحَلَّهُ وَهُوَ مُخَالِطٌ الْمُسْلِمِينَ كَفَرَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ إنْسَانٌ: أُصَلِّي ظُهْرًا لَا جُمُعَةً قُتِلَ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَنَا لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَرْكِهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: إنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ لِغَيْرِهَا صَغِيرَةٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لِغَيْرِهَا: أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَقَصَدَ صَلَاةَ الظُّهْرِ بَدَلَهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ حِينَئِذٍ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ