الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْكَبَائِرِ الظَّاهِرَةِ] [
الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ الْأَكْلُ أَوْ الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ]
ِ وَقَدْ عَزَمْت أَنْ أُرَتِّبَهَا عَلَى تَرْتِيبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لِيَسْهُلَ الْكَشْفُ عَنْهَا كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْآنِيَةِ (الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ: الْأَكْلُ أَوْ الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ) أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ - أَيْ يُصَوِّتُ - فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: «إلَّا أَنْ يَتُوبَ» . وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ. «نُهِيَ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي إنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» . وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي إنَاءِ الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَشْرَبُ فِي إنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ» .
تَنْبِيهَاتٌ: مِنْهَا: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، فَإِنَّ تَصْوِيتَ النَّارِ فِي جَوْفِهِ الْمُتَوَعَّدَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ عَذَابٌ شَدِيدٌ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ صَلَاحَ الدِّينِ الْعَلَائِيَّ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْته مِنْ تَوْجِيهِ كَوْنِ ذَلِكَ كَبِيرَةً وَزَادَ نَقْلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: قَالَ الشَّيْخُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيُّ: وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الشُّرْبَ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَبِيرَةٌ وَهُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا تُوُعِّدَ عَلَيْهِ بِالنَّارِ كَبِيرَةٌ انْتَهَى. وَنَقَلَ ذَلِكَ الدَّمِيرِيُّ فِي مَنْظُومَتِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ أَيْضًا فَقَالَ:
وَعَدَّ مِنْهُنَّ ذَوُو الْأَعْمَالِ
…
آنِيَةَ النَّقْدَيْنِ فِي اسْتِعْمَالِ
لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلُوهُ عَنْ الْجُمْهُورِ: أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ.
وَمِنْهَا: ذِكْرُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الْحَدِيثِ مِثَالٌ وَلِذَا أَلْحَقُوا بِهِمَا سَائِرَ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ وَأَلْحَقُوا بِالِاسْتِعْمَالِ الِاقْتِنَاءَ أَيْضًا فَيَحْرُمُ لِأَنَّ اقْتِنَاءَ ذَلِكَ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ كَاقْتِنَاءِ آلَةِ اللَّهْوِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِنَاءِ كُلُّ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي أَمْرٍ وُضِعَ لَهُ عُرْفًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمِرْوَدُ وَالْمُكْحُلَةُ وَالْخِلَالُ وَمَا يُخْرَجُ بِهِ وَسَخُ الْأُذُنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ أَذًى، وَقَالَ لَهُ طَبِيبٌ عَدْلٌ: إنَّ الِاكْتِحَالَ بِمِرْوَدِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ يَنْفَعُ ذَلِكَ حَلَّ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَمَحَّضُ الْإِنَاءِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ، بَلْ لَوْ غُشِّيَ إنَاءٌ نَحْوُ نُحَاسٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِحَيْثُ سَتَرَ عَيْنَهُ وَكَانَ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ لَوْ عُرِضَ عَلَى النَّارِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ إنَاءِ النَّقْدَيْنِ، وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِهِ الْعَيْنُ وَالْخُيَلَاءُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غُشِّيَ إنَاءُ النَّقْدِ بِنَحْوِ نُحَاسٍ حَتَّى عَمَّهُ جَمِيعَهُ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ كَمَا لَوْ صَدِئَ إنَاءُ الذَّهَبِ وَعَمَّهُ الصَّدَأُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِفَوَاتِ أَحَدِ جُزْأَيْ الْعِلَّةِ وَهُوَ الْخُيَلَاءُ، وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي النَّفِيسَةِ الْمُثَمَّنَةِ كَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ لِانْتِفَاءِ الْعَيْنِ وَلَا نَظَرَ لِوُجُودِ الْخُيَلَاءِ فِيهَا لِأَنَّهُ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي، عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إلَّا الْخَوَاصُّ فَلَا تَنْكَسِرُ بِاسْتِعْمَالِهِ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُمْ لَوْ رَأَوْهُ لَمْ يَعْرِفْهُ غَالِبُهُمْ بِخِلَافِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَلَوْ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ لَأَدَّى إلَى كَسْرِ قُلُوبِهِمْ.
وَمِنْهَا: لَا فَرْقَ فِي تَحْرِيمِ مَا مَرَّ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُكَلَّفِينَ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْقِيَ طِفْلَهَا فِي مِسْعَطِ فِضَّةٍ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ مَا مَرَّ الضَّبَّةُ الصَّغِيرَةُ عُرْفًا لِلزِّينَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ فَإِنَّهَا تَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لِأَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِهِ ضَبَّةٌ، وَأَصْلُ الضَّبَّةِ مَا يُصْلَحُ بِهِ خَلَلُ الْإِنَاءِ كَشَرِيطٍ يُشَدُّ بِهِ كَسْرُهُ أَوْ خَدْشُهُ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى مَا هُوَ لِلزِّينَةِ تَوَسُّعًا، وَكَذَا تَحِلُّ ضَبَّةٌ لِحَاجَةٍ لَكِنْ تُكْرَهُ إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً؛ وَلَيْسَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ مَا يُتَلَقَّى بِالْفَمِ أَوْ الْيَدِ مِنْ مَاءِ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ النَّازِلِ مِنْهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا عُرْفًا، وَلَا الْجُلُوسُ تَحْتَ سَقْفٍ مُمَوَّهٍ بِمَا لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. وَالْحِيلَةُ فِي حِلِّ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ النَّقْدِ أَنْ يُصَبَّ مِمَّا فِيهِ فِي الْيَدِ الْيَسَارِ أَوْ فِي إنَاءٍ