الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصِّرَاطُ قَالَ لَهُ مَالُهُ وَيْلَك أَلَا أَدَّيْتَ حَقَّ اللَّهِ فِي، فَمَا يَزَالُ ذَلِكَ حَتَّى يَدْعُوَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ» .
وَأَرْسَلَ عُمَرُ إلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ رضي الله عنهما بِعَطَائِهَا فَقَسَمَتْهُ كُلَّهُ لِوَقْتِهِ فِي أَرْحَامِهَا وَأَيْتَامِهَا وَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُنِي عَطَاءُ عُمَرَ بَعْدَ عَامِي هَذَا فَكَانَتْ أَوَّلَ نِسَائِهِ صلى الله عليه وسلم لُحُوقًا بِهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَاَللَّهِ مَا أَعَزَّ الدَّرَاهِمَ أَحَدٌ إلَّا أَذَلَّهُ اللَّهُ - تَعَالَى -، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَا ضُرِبَتْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ رَفَعَهُمَا إبْلِيسُ إلَى جَبْهَتِهِ وَقَبَّلَهُمَا وَقَالَ مَنْ أَحَبَّكُمَا فَهُوَ عَبْدِي حَقًّا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُمَا أَزِمَّةُ الْمُنَافِقِينَ يُقَادُونَ بِهَا إلَى النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: الدِّرْهَمُ عَقْرَبٌ فَإِنْ أَخَذْتَهُ بِغَيْرِ رُقْيَةٍ قَتَلَك بِسُمِّهِ، قِيلَ مَا رُقْيَتُهُ؟ قَالَ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْ حِلِّهِ وَتَضَعَهُ فِي حَقِّهِ.
وَلَمَّا قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمَرَضِهِ تَرَكْتَ أَوْلَادَك الثَّلَاثَةَ عَشَرَ فُقَرَاءَ لَا دِينَارَ لَهُمْ وَلَا دِرْهَمَ، قَالَ لَمْ أَمْنَعْهُمْ حَقًّا لَهُمْ وَلَمْ أُعْطِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا وَلَدِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ إمَّا مُطِيعٌ لِلَّهِ فَاَللَّهُ يَكْفِيهِ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَإِمَّا عَاصٍ لِلَّهِ فَلَا أُبَالِي عَلَامَ وَقَعَ. وَقِيلَ لِمَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ الْكَثِيرَ: لَوْ ادَّخَرْته لِوَلَدِك؟ فَقَالَ بَلْ أَدَّخِرُهُ لِنَفْسِي عِنْدَ رَبِّي وَأَدَّخِرُ رَبِّي لِوَلَدِي. وَقَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: مُصِيبَتَانِ لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِمِثْلِهِمَا تُصِيبَانِ الْعَبْدَ عِنْدَ مَوْتِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَالُهُ كُلُّهُ وَيُسْأَلُ عَنْهُ كُلِّهِ.
[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ شُحُّ الدَّائِنِ عَلَى مَدِينِهِ الْمُعْسِرِ]
(شُحُّ الدَّائِنِ عَلَى مَدِينِهِ الْمُعْسِرِ مَعَ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ بِالْمُلَازَمَةِ أَوْ الْحَبْسِ) أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَقُولُ هَكَذَا وَأَوْمَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ: أَيْ حَطَّ عَنْهُ دَيْنَهُ أَوْ بَعْضَهُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ، وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» .
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْهُ قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَقِيَهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا يَسُرُّهُ أَنْ يَقِيَهُ اللَّهُ عز وجل، قَالَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ وَقَاهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» . أَوْ فِي حَدِيثٍ حَسَنٍ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ غَرِيمِهِ أَوْ مَحَا عَنْهُ كَانَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وَجَاءَ فِي تَظْلِيلِهِ بِظِلِّ الْعَرْشِ إذَا أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. مِنْهَا: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» . «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ» . «إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يَسْتَظِلُّ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ أَنْظَرَ مُعْسِرًا حَتَّى يَجِدَ شَيْئًا، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا يَطْلُبُهُ يَقُولُ مَالِي عَلَيْك صَدَقَةٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَيَخْرِقُ صَحِيفَتَهُ» أَيْ كِتَابَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ.
الْأَوَّلَانِ صَحِيحَانِ وَالثَّالِثُ حَسَنٌ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ: «مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً جَعَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُعْبَتَيْنِ مِنْ نُورٍ عَلَى الصِّرَاطِ يَسْتَضِيءُ بِضَوْئِهِمَا عَالَمٌ لَا يُحْصِيهِمْ إلَّا رَبُّ الْعِزَّةِ» .
وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: «مَنْ أَرَادَ أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ وَأَنْ تُكْشَفَ كُرْبَتُهُ فَلْيُفَرِّجْ عَنْ مُعْسِرٍ» .
وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ فِي الدُّنْيَا يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي الدُّنْيَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» .
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» .
وَالشَّيْخَانِ: «إنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، قَالَ هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ اُنْظُرْ، قَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْت أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنْ الْمُعْسِرِ فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: «كُنْت أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُوسِرَ وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ الْمُعْسِرِ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - تَجَاوَزُوا عَنْهُ» .
وَفِي أُخْرَى لِمُسْلِمٍ: «أُتِيَ اللَّهَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَقَالَ لَهُ مَاذَا عَمِلْتَ