الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَيَأْتِي أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ أَوْ الزَّكَاةِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الصَّوْمِ كَبِيرَةٌ فَكَذَا هَذَا. وَيُحْمَلُ الثَّانِي عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ التَّصْرِيحِ بِهَذَا وَهُوَ مَا لَوْ بَايَعَ إمَامًا ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ مُوجِبٍ وَلَا تَأْوِيلٍ لِهَذَا فَهَذَا كَبِيرَةٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ - إلَى أَنْ قَالَ - وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ» .
وَمِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ: «رَجُلٌ أُعْطِيَ بِي ثُمَّ غَدَرَ» . وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» .
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَهُ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ» ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ، «إنَّ مَنْ أَمَّنَ حَرْبِيًّا ثُمَّ غَدَرَ بِهِ وَقَتَلَهُ كَانَ كَبِيرَةً» ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِنَكْثِ الصَّفْقَةِ، وَقَدْ مَرَّ فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ وَسَيَأْتِي.
[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ مَحَبَّةُ الظَّلَمَةِ أَوْ الْفَسَقَةِ]
(الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ: مَحَبَّةُ الظَّلَمَةِ أَوْ الْفَسَقَةِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ فِسْقُهُمْ، وَبُغْضُ الصَّالِحِينَ)
أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَفِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ هُنَّ حَقٌّ: لَا يَجْعَلُ اللَّهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَلَا يَتَوَلَّى اللَّهُ عَبْدًا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ، وَلَا يُحِبُّ الرَّجُلُ قَوْمًا إلَّا حُشِرَ مَعَهُمْ» . وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: «ثَلَاثٌ أَحْلِفُ عَلَيْهِنَّ: لَا يَجْعَلُ اللَّهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثٌ. الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَلَا يَتَوَلَّى اللَّهُ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُحِبُّ الرَّجُلُ قَوْمًا إلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ مَعَهُمْ» .
وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ: «الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَأَدْنَاهُ أَنْ يُحِبَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْجَوْرِ وَيُبْغِضَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْعَدْلِ وَهَلْ
الدِّينُ إلَّا الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ؟ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] » .
وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَيْنِ كَبِيرَةً هُوَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ الْمَاضِيَةُ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْآتِيَةُ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِعَمَلِهِمْ» وَلَهُ وَجْهٌ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَحَبَّ الْفَاسِقِينَ لِفِسْقِهِمْ وَبَغَضَ الصَّالِحِينَ لِصَلَاحِهِمْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَبَّةَ الْفِسْقِ كَبِيرَةٌ كَفِعْلِهِ وَكَذَا بُغْضُ الصَّالِحِينَ لِأَنَّ حُبَّ أُولَئِكَ الْفَاسِقِينَ وَبُغْضَ الصَّالِحِينَ يَدُلُّ عَلَى انْفِكَاكِ رِبْقَةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى بُغْضِهِ، وَبُغْضُ الْإِسْلَامِ كُفْرٌ فَمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً.
خَاتِمَةٌ فِي سَرْدِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ وَحَسَنَةٍ فِي ثَوَابِ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ - تَعَالَى -: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ:«وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءُ فِي اللَّهِ وَيُبْغِضَ فِي اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي، الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي» . «إنَّ مِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ رَجُلًا لَا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ أَعْطَاهُ فَذَلِكَ الْإِيمَانُ» . «مَا تَحَابَّ رَجُلَانِ فِي اللَّهِ إلَّا كَانَ أَحَبُّهُمَا إلَى اللَّهِ أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ» . «خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» «يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي، وَلِلْمُتَجَالِسَيْنِ فِي، وَلِلْمُتَزَاوِرَيْنِ فِي، وَلِلْمُتَبَاذِلَيْنِ فِي» . «الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» . «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَادَقُونَ مِنْ أَجْلِي» .
«الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ يَغْبِطُهُمْ لِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» . «إنَّ لِلَّهِ - تَعَالَى - جُلَسَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ - وَكِلْتَا يَدَيْ اللَّهِ يَمِينٌ - عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ وَلَا صِدِّيقِينَ، قِيلَ مَنْ هُمْ