الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحْدَثْت حَدَثًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ وَمَا لَك أَفَفْتَ بِي، قَالَ لَا وَلَكِنْ هَذَا فُلَانٌ بَعَثْتُهُ سَاعِيًا عَلَى بَنِي فُلَانٍ فَغَلَّ نَمِرَةً - أَيْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ: كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ مُخَطَّطٌ - فَدُرِّعَ مِثْلَهَا مِنْ النَّارِ» .
وَصَحَّ: «الْمُتَعَدِّي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا» أَيْ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ كَمَا عَلَى الْمَانِعِ إذَا مَنَعَ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ: وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: «إنِّي مُمْسِكٌ بِحُجَزِكُمْ: أَيْ جَمْعُ حُجْزَةٍ وَهِيَ مَعْقِدُ الْإِزَارِ، عَنْ النَّارِ: هَلُمَّ عَنْ النَّارِ هَلُمَّ عَنْ النَّارِ هَلُمَّ عَنْ النَّارِ وَتَغْلِبُونَنِي، تُقَاحِمُونَ تَقَاحُمَ الْفَرَاشِ أَوْ الْجَنَادِبَةِ فَأُوشِكُ أَنْ أُرْسِلَ بِحُجَزِكُمْ وَأَنَا فَرَطُكُمْ: أَيْ بِفَتَحَاتٍ هُوَ مَنْ يَتَقَدَّمُ الْقَوْمَ إلَى الْمَنْزِلِ لِيُهَيِّئَ مَصَالِحَهُمْ فِيهِ، عَلَى الْحَوْضِ فَتَرِدُونَ عَلَيَّ مَعًا وَأَشْتَاتًا فَأَعْرِفُكُمْ بِسِيمَاكُمْ وَأَسْمَائِكُمْ كَمَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ الْغَرِيبَةَ مِنْ الْإِبِلِ فِي إبِلِهِ وَيَذْهَبُ بِكُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَأُنَاشِدُ فِيكُمْ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَأَقُولُ أَيْ رَبِّ قَوْمِي أَيْ رَبِّ أُمَّتِي، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ إنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَك كَانُوا يَمْشُونَ بَعْدَك الْقَهْقَرَى عَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُ شَاةً لَهَا ثُغَاءٌ فَيُنَادِي يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُك، فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ فَيُنَادِي يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُك، فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُ فَرَسًا لَهَا حَمْحَمَةٌ: أَيْ بِمُهْمَلَتَيْنِ اسْمٌ لِصَوْتِهَا، فَيُنَادِي يَا مُحَمَّدُ يَا مِحْصَدُ، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُك، فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُ سِقَاءً مِنْ أَدَمٍ يُنَادِي يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُك» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي أَمَاكِنَ صَرِيحٌ فِيهِ، وَقَدْ عَدُّوا مُطْلَقَ الْخِيَانَةِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَهُوَ شَامِلٌ لِهَذِهِ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ جِبَايَةُ الْمُكُوسِ]
(جِبَايَةُ الْمُكُوسِ، وَالدُّخُولُ فِي شَيْءٍ مِنْ تَوَابِعِهَا كَالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا لَا بِقَصْدِ حِفْظِ حُقُوقِ النَّاسِ إلَى أَنْ تُرَدَّ إلَيْهِمْ إنْ تَيَسَّرَ) وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 42] . وَالْمِكَاسُ بِسَائِرِ
أَنْوَاعِهِ: مِنْ جَابِي الْمَكْسِ وَكَاتِبِهِ وَشَاهِدِهِ وَوَازِنِهِ وَكَائِلِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَكْبَرِ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ بَلْ هُمْ مِنْ الظَّلَمَةِ بِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ وَيَدْفَعُونَهُ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُ صَاحِبُ مَكْسٍ الْجَنَّةَ لِأَنَّ لَحْمَهُ يَنْبُتُ مِنْ حَرَامٍ كَمَا يَأْتِي.
وَأَيْضًا فَلِأَنَّهُمْ تَقَلَّدُوا بِمَظَالِمِ الْعِبَادِ، وَمِنْ أَيْنَ لِلْمَكَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُؤَدِّيَ النَّاسَ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ إنَّمَا يَأْخُذُونَ مِنْ حَسَنَاتِهِ إنْ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٌ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:«أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: إنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ وَقَدْ شَتَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا وَأَخَذَ مَالَ هَذَا فَيَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» .
أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كَانَ لِدَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَةٌ يُوقِظُ فِيهَا أَهْلَهُ يَقُولُ: يَا آلَ دَاوُد قُومُوا فَصَلُّوا فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ يَسْتَجِيبُ اللَّهُ فِيهَا الدُّعَاءَ إلَّا لِسَاحِرٍ أَوْ عَشَّارٍ» .
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَوْلُ الْحَاكِمِ إنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ مُسْلِمًا إنَّمَا أَخْرَجَ لِابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمُتَابَعَاتِ. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ» . قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يَعْنِي الْعَشَّارَ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يُرِيدُ بِصَاحِبِ الْمَكْسِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْ التُّجَّارِ إذَا مَرُّوا عَلَيْهِ مَكْسًا بِاسْمِ الْعُشْرِ أَيْ الزَّكَاةِ. قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: أَمَّا الْآنَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَكْسًا بِاسْمِ الْعُشْرِ وَمَكْسًا آخَرَ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ بَلْ شَيْءٌ يَأْخُذُونَهُ حَرَامًا وَسُحْتًا وَيَأْكُلُونَهُ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا، حُجَّتُهُمْ فِيهِ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ. وَسُئِلَ السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«فَإِنَّهُ تَابَ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ» الْحَدِيثَ هَلْ الْمَكَّاسُ الْمَعْلُومُ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ الَّذِي يَتَنَاوَلُ الْمُرَتَّبَ عَلَى الْبَضَائِعِ أَوْ غَيْرُهُ؟ فَأَجَابَ: الْمَكَّاسُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ الْمَكْسَ وَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ يَجْرِي عَلَى طَرِيقَتِهِ الرَّدِيئَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَكَّاسُ الَّذِي ذَنْبُهُ عَظِيمٌ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ أَيْضًا صَاحِبُ مَكْسٍ وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِلْجَارِي عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ
الَّذِي أَحْدَثَ الْمَكْسَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَأَنَّ الَّذِي اسْتَنَّ السَّيِّئَةَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إذَا لَمْ يَتُبْ فَإِذَا تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وِزْرُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا. انْتَهَى.
وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي تَوْثِيقِهِ، وَبَقِيَّةُ رُوَاتِهِ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: " مَرَّ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى كِلَابِ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مَجْلِسِ الْعَاشِرِ بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ مَا يُجْلِسُك هَا هُنَا؟ قَالَ اسْتَعْمَلَنِي عَلَى هَذَا الْمَكَانِ: يَعْنِي زِيَادًا، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَلَا أُحَدِّثُك حَدِيثًا سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ بَلَى، فَقَالَ عُثْمَانُ:«سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كَانَ لِدَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ سَاعَةٌ يُوقِظُ فِيهَا أَهْلَهُ يَقُولُ: يَا آلَ دَاوُد قُومُوا فَصَلُّوا فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ يَسْتَجِيبُ اللَّهُ فِيهَا الدُّعَاءَ إلَّا لِسَاحِرٍ أَوْ عَاشِرٍ» . فَرَكِبَ كِلَابُ بْنُ أُمَيَّةَ بِنَفْسِهِ فَأَتَى زِيَادًا فَاسْتَعْفَاهُ فَأَعْفَاهُ. وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ عُثْمَانَ؛ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَلَفْظُهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ فَيُنَادِي مُنَادٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى؟ هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجُ عَنْهُ؟ فَلَا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ عز وجل لَهُ إلَّا زَانِيَةً تَسْعَى بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارًا» . وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي الْكَبِيرِ أَيْضًا: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ اللَّهَ يَدْنُو مِنْ خَلْقِهِ أَيْ بِرَحْمَتِهِ وُجُودِهِ وَفَضْلِهِ فَيَغْفِرُ لِمَنْ اسْتَغْفَرَ إلَّا لِبَغِيَّةٍ بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارٍ» .
وَأَحْمَدُ بِسَنَدٍ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ: عَرَضَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ عَلَى رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنْ يُوَلِّيَهُ الْعُشُورَ، فَقَالَ: إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ صَاحِبَ الْمَكْسِ فِي النَّارِ» .
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِهِ وَزَادَ يَعْنِي الْعَاشِرَ.
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحْرَاءِ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْتَفَتَ فَلَمْ يَرَ أَحَدًا، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا ظَبْيَةٌ مُوثَقَةٌ، فَقَالَتْ اُدْنُ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَنَا مِنْهَا فَقَالَ مَا حَاجَتُك؟ فَقَالَتْ إنَّ لِي خِشْفَيْنِ فِي هَذَا الْجَبَلِ فَحُلَّنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُرْضِعَهُمَا ثُمَّ أَرْجِعَ إلَيْك، قَالَ وَتَفْعَلِينَ؟ قَالَتْ: عَذَّبَنِي اللَّهُ عَذَابَ الْعَشَّارِ إنْ لَمْ أَفْعَلْ، فَأَطْلَقَهَا فَذَهَبَتْ فَأَرْضَعَتْ خِشْفَيْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ
فَأَوْثَقَهَا وَانْتَبَهَ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ أَلَك حَاجَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ نَعَمْ تُطْلِقُ هَذِهِ؛ فَأَطْلَقَهَا فَخَرَجَتْ تَعْدُو وَهِيَ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَقَالَ بَعْضُ حُفَّاظِ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ هَذَا وَرَدَ فِي الْجُمْلَةِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ يَتَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَرَدَّهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْمُخْتَصَرِ انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ وَإِنْ ضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَكِنَّ طُرُقَهُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِذَلِكَ يُرَدُّ قَوْلُ الْحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ.
وَقَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ: هُوَ وَتَسْبِيحُ الْحَصَى وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرَا فَلَعَلَّهُمَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُمَا بِنَقْلِ غَيْرِهِمَا أَوْ لَعَلَّهُمَا تَوَاتَرَا إذْ ذَاكَ.
وَأَحْمَدُ مِنْ طُرُقٍ رُوَاةُ بَعْضِهَا ثِقَاتٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلْعُرَفَاءِ وَيْلٌ لِلْأُمَنَاءِ، لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ مُعَلَّقَةٌ بِالثُّرَيَّا يَتَدَلَّوْنَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَكُونُوا عَمِلُوا عَلَى شَيْءٍ» .
وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَصَحَّحَهُ: «وَيْلٌ لِلْأُمَرَاءِ وَيْلٌ لِلْعُرَفَاءِ، وَيْلٌ لِلْأُمَنَاءِ لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ مُعَلَّقَةٌ بِالثُّرَيَّا يُدْلَوْنَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَلُوا عَمَلًا» .
وَالْبَزَّارُ: «إنَّ فِي النَّارِ حَجَرًا يُقَالُ لَهُ وَيْلٌ يَصْعَدُ عَلَيْهِ الْعُرَفَاءُ وَيَنْزِلُونَ» .
وَأَبُو يَعْلَى قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَالَ طُوبَى لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَرِيفًا» .
وَأَبُو دَاوُد عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَفْلَحْتَ يَا قَدِيمُ إنْ مِتَّ وَلَمْ تَكُنْ أَمِيرًا وَلَا كَاتِبًا وَلَا عَرِيفًا» .
وَالطَّبَرَانِيُّ عَمَّنْ قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِيهِ إنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ: إنَّ جَدَّهُ «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ذَهَبَ بِمَالِي كُلِّهِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيكَهُ ثُمَّ قَالَ هَلْ لَك أَنْ تُعَرِّفَ عَلَى قَوْمِك أَوْ أَلَا أُعَرِّفُك عَلَى قَوْمِك؟ قُلْت لَا، قَالَ: أَمَا إنَّ الْعَرِيفَ يُدْفَعُ فِي النَّار دَفْعًا» .
وَأَبُو دَاوُد: «إنَّ قَوْمًا كَانُوا عَلَى مَنْهَلٍ مِنْ الْمَنَاهِلِ فَلَمَّا بَلَغَهُمْ الْإِسْلَامُ جَعَلَ صَاحِبُ الْمَاءِ لِقَوْمِهِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَأَسْلَمُوا وَقَسَمَ الْإِبِلَ بَيْنَهُمْ وَبَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَأَرْسَلَ ابْنَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ» وَفِي آخِرِهِ «ثُمَّ قَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَهُوَ عَرِيفُ الْمَاءِ وَإِنَّهُ يَسْأَلُك أَنْ تَجْعَلَ لِي هَذِهِ الْعِرَافَةَ بَعْدَهُ قَالَ: إنَّ الْعِرَافَةَ حَقٌّ وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ عِرَافَةٍ وَلَكِنَّ الْعُرَفَاءَ فِي النَّارِ» .
وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُقَرِّبُونَ شِرَارَ النَّاسِ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًّا وَلَا جَابِيًا وَلَا خَازِنًا» .
وَصَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» وَالْمَكْسُ مِنْ أَقْبَحِ السُّحْتِ وَأَفْحَشِهِ.
وَذَكَرَ الْوَاحِدِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المائدة: 100] عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ تِجَارَتِي وَإِنِّي جَمَعْت مِنْ بَيْعِهَا مَالًا فَهَلْ يَنْفَعُنِي ذَلِكَ الْمَالُ إنْ عَمِلْت فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ عز وجل؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنْ أَنْفَقْتَهُ فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَمْ يَعْدِلْ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إلَّا الطَّيِّبَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المائدة: 100] » . قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ: هُوَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ. وَفِي حَدِيثِ الْمَرْأَةِ الَّتِي طَهَّرَتْ نَفْسَهَا بِالرَّجْمِ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ أَوْ لَقُبِلَتْ مِنْهُ» .
وَالدَّيْلَمِيُّ: «سِتَّةُ أَشْيَاءَ تُحْبِطُ الْعَمَلَ الِاشْتِغَالُ بِعُيُوبِ الْخَلْقِ، وَقَسْوَةُ الْقَلْبِ، وَحُبُّ الدُّنْيَا، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ، وَطُولُ الْأَمَلِ، وَظَالِمٌ لَا يَنْتَهِي» .
وَابْنُ حِبَّانَ مُرْسَلًا: «الْبِرُّ لَا يَبْلَى، وَالذَّنْبُ لَا يُنْسَى، وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ، اعْمَلْ مَا شِئْت كَمَا تَدِينُ تُدَانُ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ ظَاهِرٌ وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ، وَالْأَحَادِيثُ فِي وَعِيدِهِ
كَثِيرَةٌ، صَحِيحَةٌ لَا تُحْصَى وَسَيَأْتِي جُمْلَةٌ مِنْهَا فِي الظُّلْمِ، وَكُلُّهَا يَدْخُلُ الْمَكَّاسُونَ وَأَعْوَانُهُمْ فِي وَعِيدِهَا، وَمَا ذَكَرْته فِي كَاتِبِ الْمَكْسِ فِي التَّرْجَمَةِ هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْفَرْضَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ لِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَكْسِ بَلْ لِمُجَرَّدِ ضَبْطِ مَا يُؤْخَذُ وَيُعْطَى فَحَسْبُ، وَلَوْ جَعَلَ لَهُ السُّلْطَانُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْحُضُورِ فَحَضَرَ بِقَصْدِ الضَّبْطِ جَازَ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ بِنِيَّةِ رَدِّهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَكْسِ وَأَخْذِ الظَّلَمَةِ الْأَمْوَالَ، فَقَالَ إنْ قَصَدَ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ حِفْظَ الْمَالِ عَلَى أَرْبَابِهِ، وَالشَّهَادَةَ لَهُمْ لِيَرْجِعُوا بِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ عِنْدَ إمْكَانِهِ بِرُجُوعِ السُّلْطَانِ إلَى الْعَدْلِ أَوْ تَوْلِيَةِ عَدْلٍ جَازَ، وَإِنْ قَصَدُوا إعَانَةَ الظَّلَمَةِ لَمْ يَجُزْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذُوا الْأُجْرَةَ بِنِيَّةِ رَدِّهَا عَلَى أَرْبَابِهَا إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يَقْتَدِي بِهِمْ النَّاسُ لِأَنَّهُمْ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ فَسَقَةِ التُّجَّارِ يَظُنُّ أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَكْسِ يُحْسَبُ عَنْهُ إذَا نَوَى بِهِ الزَّكَاةَ وَهَذَا ظَنٌّ بَاطِلٌ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُنَصِّبْ الْمَكَّاسِينَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا نَصَّبَهُمْ لِأَخْذِ عُشُورِ أَيِّ مَالٍ وَجَدُوهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةٌ أَوْ لَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِأَخْذِ ذَلِكَ لِيَصْرِفَهُ عَلَى الْجُنْدِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُفِيدُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. لِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ بِشَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ. وَاضْطُرَّ الْإِمَامُ إلَى الْأَخْذِ مِنْ مَالِ الْأَغْنِيَاءِ لَكَانَ أَخْذُهُ غَيْرَ مُسْقِطٍ لِلزَّكَاةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِاسْمِهَا. وَذَكَرَ لِي بَعْضُ التُّجَّارِ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْمَكَّاسَ نَوَى بِهِ أَنَّهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَيَكُونُ الْمَكَّاسُ قَدْ مَلَكَهُ زَكَاةً، وَأَنَّهُ ضَيَّعَهُ هُوَ بِإِعْطَائِهِ لِلْغَيْرِ وَهَذَا لَا يُفِيدُ شَيْئًا لِأَنَّ الْمَكَسَةَ وَأَعْوَانَهُمْ عَزَّ أَنْ تَجِدَ فِيهِمْ مُسْتَحِقًّا لِلزَّكَاةِ، لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى صَنْعَةٍ وَكَسْبٍ، وَلَهُمْ قُوَّةٌ وَتَجَبُّرٌ لَوْ صَرَفُوهُ فِي تَحْصِيلِ مُؤْنَتِهِمْ مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ لَاسْتَغْنَوْا بِهِ عَنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْقَبِيحَةِ.
وَمَنْ هَذِهِ حَالَتُهُ كَيْفَ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، لَكِنَّ مَحَبَّةَ التُّجَّارِ لِأَمْوَالِهِمْ أَعْمَتْهُمْ عَنْ أَنْ يُبْصِرُوا الْحَقَّ وَأَصَمَّتْهُمْ عَنْ أَنْ يَسْمَعُوا مَا يَنْفَعُهُمْ فِي دِينِهِمْ اتِّبَاعًا لِلشَّيْطَانِ وَتَسْوِيلِهِ لَهُمْ أَنَّ هَذَا الْمَالَ مَأْخُوذٌ مِنْهُمْ قَهْرًا وَظُلْمًا، فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يُخْرِجُونَ الزَّكَاةَ، وَمَا دَرَوْا أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ فَلَا يَبْرَءُونَ مِنْهَا إلَّا بِدَفْعِهَا عَلَى وَجْهٍ سَائِغٍ جَائِزٍ، وَأَمَّا مَا ظُلِمُوا بِهِ فَكَيْفَ يُكْتَبُ لَهُمْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَيُرْفَعُ لَهُمْ بِهِ دَرَجَاتٌ، وَقَدْ جَعَلَ الْعُلَمَاءُ الْمَكَّاسِينَ مِنْ جُمْلَةِ اللُّصُوصِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ بَلْ أَشَرُّ وَأَقْبَحُ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْك قُطَّاعُ الطَّرِيقِ مَالًا فَنَوَيْت بِهِ