الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِيمَا يَخْتَصِصْنَ بِهِ عُرْفًا]
غَالِبًا مِنْ لِبَاسٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ حَرَكَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَكْسِهِ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» .
وَالْبُخَارِيُّ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ» : وَالْأَوَّلُ جَمْعُ مُخَنَّثٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ مَنْ فِيهِ انْخِنَاثٌ، وَهُوَ التَّكَسُّرُ وَالتَّثَنِّي كَمَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْفَاحِشَةَ الْكُبْرَى، وَالثَّانِي الْمُتَشَبِّهَاتُ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ.
وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ - وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ -: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يَلْبَسُ لُبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لُبْسَ الرَّجُلِ» .
وَأَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثِي الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ، وَرَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ: «أَرْبَعَةٌ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَمَّنَتْ الْمَلَائِكَةُ: رَجُلٌ جَعَلَهُ اللَّهُ ذَكَرًا فَأَنَّثَ نَفْسَهُ وَتَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ، وَامْرَأَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ أُنْثَى فَتَذَكَّرَتْ وَتَشَبَّهَتْ بِالرِّجَالِ، وَاَلَّذِي يُضِلُّ الْأَعْمَى، وَرَجُلٌ حَصُورٌ وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ حَصُورًا إلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا» .
وَأَبُو دَاوُد: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إلَى النَّقِيعِ» ، أَيْ بِالنُّونِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْمَدِينَةِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: فِي مَتْنِهِ نَكَارَةٌ وَلَيْسَ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. وَصَحَّ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالدَّيُّوثُ، وَرَجُلَةُ النِّسَاءِ» . وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ لَا أَعْلَمُ فِي رُوَاتِهَا مَجْرُوحًا: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ وَرَجُلَةُ النِّسَاءِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا مُدْمِنُ
الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي بِمَنْ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ، قُلْنَا: فَمَا الرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ؟ قَالَ الَّتِي تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَاضِحٌ لِمَا عَرَفْت مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَاَلَّذِي رَأَيْته لِأَئِمَّتِنَا أَنَّ ذَلِكَ التَّشَبُّهَ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَرَامٌ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ بَلْ صَوَّبَهُ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ. وَالصَّحِيحُ بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ الْحُرْمَةِ بَلْ مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْكَبَائِرِ عَدَّهُ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ مِنْ خَبَرِ الْمُخَنَّثِ الْمَخْضُوبِ الَّذِي نَفَاهُ صلى الله عليه وسلم لِأَجْلِ تَشَبُّهِهِ بِالنِّسَاءِ بِخَضْبِهِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أَنَّ خَضْبَ الرَّجُلِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ حَرَامٌ، بَلْ كَبِيرَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا مِنْ الْيَمَنِ فَاخْتَلَفَ فِيهَا عُلَمَاؤُهَا وَصَنَّفُوا فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ ثُمَّ أَرْسَلُوا إلَيَّ بِمَكَّةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ ثَلَاثَ مُصَنَّفَاتٍ، اثْنَيْنِ فِي حِلِّهِ مُطْلَقًا، وَوَاحِدًا فِي حُرْمَتِهِ، وَطَلَبُوا مِنِّي إبَانَةَ الْحَقِّ فِي الْمَسْأَلَةِ فَأَلَّفْت فِيهَا كِتَابًا حَافِلًا سَمَّيْته شَنُّ الْغَارَةِ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مَعَرَّةَ تَقَوُّلِهِ فِي الْحِنَّاءِ، وَعَوَارَهُ وَإِنَّمَا سَمَّيْته بِذَلِكَ لِيُطَابِقَ اسْمُهُ مُسَمَّاهُ، فَإِنَّ بَعْضَ الْقَائِلِينَ بِالْحِلِّ تَعَدَّى طَوْرَهُ إلَى أَنْ ادَّعَى فِيهِ الِاجْتِهَادَ، وَزَعَمَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْحُرْمَةِ - أَيْ وَهُمْ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً بَلْ وَالشَّافِعِيُّ كَمَا بَيَّنْته ثَمَّ - اسْتَرْوَحُوا وَلَمْ يَتَأَمَّلُوهُ فَغَلَّطُوا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ أَكْثَرُوا فِي الْكَلَامِ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْخُرَافَاتِ وَالْمُجَازَفَاتِ، وَسَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ أَنَّهُ أَبْرَزَ أَدِلَّةً خَفِيَتْ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ تَقْلِيدَهُ أَوْ تَقْلِيدَ شَيْخِهِ التَّابِعِ لَهُ فِي الْحِلِّ أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِهِمْ، فَلِعَظِيمِ ضَرَرِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ وَسُوءِ صَنِيعِ وَطَوِيَّةِ هَذَا الْمُجَازِفِ جَرَّدْت صَارِمَ الْعَزْمِ وَبَاتِرَ التَّنْقِيبِ وَالْفَحْصِ وَالْفَهْمِ، وَأَوْرَيْت زَنْدَ الْفِكْرِ حَمِيَّةً لِأَئِمَّتِنَا غُيُوثِ الْهُدَى وَمَصَابِيحِ الدُّجَى، وَانْتِصَارًا لِإِيضَاحِ الْحَقِّ الصُّرَاحِ، وَإِدْحَاضِ ذَلِكَ الْبَاطِلِ الْبَرَاحِ، فَلِذَلِكَ اتَّسَعَ مَجَالُ ذَلِكَ الْكِتَابِ، وَتَعَيَّنَ فِيهِ إيثَارُ جَادَّةِ الْإِطْنَابِ، وَظَهَرَتْ بِهِ سُبُلُ الصَّوَابِ بِحَمْدِ رَبِّنَا لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ مَتَابٌ.
خَاتِمَةٌ: يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ مِمَّا تَقَعُ فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ فِي مِشْيَةٍ أَوْ لُبْسَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ اللَّعْنَةِ بَلْ وَعَلَيْهِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّهَا أَصَابَهُ مَا أَصَابَهَا وَامْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] أَيْ