الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - باب: ما جاء فى خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــ
قال رحمه الله:
(باب ما جاء فى الأحاديث الواردة) وبه علم، ذكر ما جاء هنا، وفى بقية الأبواب، إذ هى إنما وضعت لذلك لا لذات الخلق مثلا (فى خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالفتح:
التقدير والإيجاد، وقيل: هو فى الإيجاد فجاز، وإن استعمل فيه كثيرا والمراد هنا اسم المفعول، الذى هو هيئة الإنسان الظاهرة فالإضافة للبيان، وبقولنا الذى. . . إلى آخره اندفع ما يقال: إضافة البيان لا تصح هنا! لأنها التى بمعنى «من» وشرطها: أن يكون الأول بعض الثانى، وأن يصح الإخبار به عنه، وقدم الكلام فيه عليه فى الخلق- بضمتين، أو ضم فسكون-وإن كان أولى بالتقديم من حيث أن الكلام فيه أظهر وأتم، إذ هو الطبع والسجية وحقيقة الصورة الباطنة من النفس وأوصافها ومعانيها المختصة بها، ومن ثم سمى هذا الكتاب بالشمائل: جمع شمال، وهو بالكسر: الطبع، فقلب نظرا إلى شرفه، لا بالفتح والهمزة، لأنه مرادف للمكسور الذى هو الريح غير المناسب لما نحن فيه، وذلك لسبق الأول طبعا، فقدم وضعا، رعاية لترتيب الوجود، لأنه كالدليل على الثانى، فاعلم أن من تمام الإيمان به صلى الله عليه وسلم: اعتقاد أنه لم يجتمع فى بدن آدمى من المحاسن الظاهرة، ما اجتمع فى بدنه صلى الله عليه وسلم، وسر ذلك أن المحاسن الظاهرة آيات على المحاسن الباطنة، والأخلاق الزكية، ولا أكمل منه، بل ولا مساو له فى هذا المدلول، فكذلك فى الدّال، ومن ثمّ نقل القرطبى عن بعضهم: أنه لم يظهر تمام حسنه صلى الله عليه وسلم، وإلا لما طاقت الصحابة النظر إليه.
واعلم أن الكلام على خلقه صلى الله عليه وسلم يستدعى الكلام على ابتداء وجوده، فاحتيج إلى ذكره، وإن أغفله المصنف-رحمه الله-وملخصه:
أنه صح فى مسلم (1)[أنه قال](2): إن الله قد كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء، ومن جملة ما كتب فى الذّكر وهو أمّ الكتاب أن محمدا خاتم النبيين. وصحّ أيضا «إنى عبد الله فى أمّ الكتاب
(1) رواه مسلم فى القدر (2643)، باب كيفية الخلق الآدمى فى بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته (4/ 2036،2042).
(2)
الزيادة من النسخة (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل فى طينته» (1) أى: طريحا ملقى قبل نفخ الروح [فيه](2)، وصح أيضا: يا رسول الله متى كنت نبيا؟ فقال: «وآدم بين الروح والجسد» ويروى:
«كتبت» : من الكتابة، وخبر «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» (3).
(1) رواه أحمد فى «المسند» (4/ 127،128)، وابن أبى عاصم فى «المسند» (1/ 179)، وابن سعد فى «الطبقات الكبرى» (1/ 96)، والطبرانى فى «الكبير» (18/ 252)، (629،630)، والحاكم فى «المستدرك» (2/ 418)، والبيهقى فى «الدلائل» (1/ 80،81)، وأبو نعيم فى «الدلائل» (ص 22،23)، وفى حلية الأولياء (6/ 89). قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى. وقال الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (8/ 223): رواه أحمد بأسانيد، وأحد رجالها رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان، قلت: ولم يجرحه أحد من علماء الجرح والتعديل.
(2)
الزيادة من النسخة (ش).
(3)
ذكره السيوطى فى «الدرر» (126)، والكنانى فى «التنزيه» (2/ 341)، والعجلونى فى «كشف الخفاء» (2/ 129) وقال: قال الحافظ ابن حجر فى بعض أجوبته عن الزيادة: أنها ضعيفة والذى قبلها أقوى، وقال الزركشى: لا أصل له بهذا اللفظ، وقال السيوطى: وزاد العوام: ولا آدم ولا ماء ولا طين، لا أصل له أيضا. وقال القارئ: فى تذكرة الموضوعات (ص 86): يعنى بحسب مبناه وإلا فهو صحيح باعتبار معناه. فائدة: قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية قدس الله روحه: وأما ما يرويه هؤلاء الجهال: كابن عربى فى الفصوص وغيره من جهال العامة «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» ، «كنت نبيا ولا آدم لا ماء ولا طين» . فهذا لا أصل له ولم يروه أحد من أهل العلم الصادقين، ولا هو فى شىء من كتب العلم المعتمدة بهذا اللفظ بل هو باطل! فإن آدم لم يكن بين الماء والطين قط، فإن الله خلقه من تراب، وخلط التراب بالماء حتى صار طينا، وأيبس الطين حتى صار صلصالا كالفخار، فلم يكن له حال بين الماء والطين مركب من الماء والطين، ولو قيل: بين الماء والتراب لكان أبعد عن المحال، مع أن هذه الحال لا اختصاص لها، وإنما قال:«بين الروح والجسد» وقال: «وإن آدم لمنجدل فى طينته» لأن جسد آدم بقى أربعين سنة قبل نفخ الروح فيه كما قال الله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى اَلْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ اَلدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً الآية. . . وقال أيضا: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ الآيتين. وقال تعالى: اَلَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ اَلْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ الآيتين، وقال تعالى: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. الآية، والأحاديث فى خلق آدم ونفخ الروح فيه مشهورة فى كتب الحديث والتفسير وغيرهما. وانظر بقية كلامه فيما يتعلق بالمسألة: مجموع الفتاوى (2/ 147،148).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال بعض الحفاظ: لم نقف عليه بهذا اللفظ، وحسّن المصنف خبر: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد» (1) ومعنى وجوب النبوة وكتابتها ثبوتها وظهورها فى الخارج نحو: كَتَبَ اَللهُ لَأَغْلِبَنَّ (2)، كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيامُ (3) والمراد: ظهورها للملائكة أى: ظهور النبوة، وروحه صلى الله عليه وسلم مبتدأ، فى عالم الأرواح خبره، والجملة قال: إعلاما لعظم شرفه وتميزه على بقية الأنبياء كما يأتى، وخصّ الإظهار بحالة كون آدم بين الروح والجسد لأنه أوان دخول الأرواح إلى عالم الأجساد والتمايز حينئذ أتم وأظهر فاختص النبى صلى الله عليه وسلم بزيادة إظهار شرفه بتميزه على غيره تمييزا أعظم وأتم.
وأجاب الغزالى عن وصف نفسه بالنبوة قبل وجود ذاته عند (4) خبر «أنا أول الأنبياء خلقا وآخرهم بعثا» بأن المراد بالخلق هنا التقدير لا الإيجاد فإنه قبل أن تحمل به أمه لم يكن مخلوقا موجودا، ولكن الغايات والكمالات سابقة فى التقدير لاحقة فى الوجود فقوله:«كنت نبيا» أى فى التقدير قبل تمام خلقة آدم، إذ لم ينشأ إلا لينتزع من ذريته محمد صلى الله عليه وسلم وتحقيقه: أن للدار فى ذهن المهندسين وجودا ذهنيا سببا للوجود الخارجى وسابقا عليه، فالله يقدر ثم يوجد على وفق التقدير ثانيا انتهى ملخصا، وذهب السبكى إلى ما هو أحسن وأبين، وهو أنه جاء: أن الأرواح خلقت قبل الأجساد فالإشارة «بكنت نبيا» إلى روحه الشريفة، أو حقيقة من حقائقه ولا يعلمها إلا الله، ومن حباه بالاطلاع عليها ثم إنه تعالى يؤتى كل حقيقة منها ما شاء فى أى وقت شاء، فحقيقته صلى الله عليه وسلم قد تكون من حين خلق آدم أتاها الله ذلك الوصف بأن خلقها متهيئة له وأفاضه عليها من ذلك الوقت فصار نبيا، وكتب اسمه على العرش لتعلم ملائكته وغيرهم كرامته عنده (5) فحقيقته موجودة فى ذلك الوقت، وإن تأخر جسده الشريف المتصف
(1) رواه أبو بكر بن أبى شيبة فى «المصنف» ، (14/ 292)، وابن سعد فى «الطبقات» (1/ 118)، والبخارى فى «التاريخ الكبير» (7/ 374)، والحاكم فى «المستدرك» (2/ 209).
(2)
سورة المجادلة: آية (21).
(3)
سورة البقرة: آية (183).
(4)
فى (ش): [وعن].
(5)
فى الأصل: (أ)[هذه] وما أثبت من (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بها، فحينئذ إتيانه النبوة والحكمة وسائر أوصاف حقيقته وكمالاتها كلها معجل لا تأخّر فيه، وإنما المتأخر تكوّنه وتنقّله فى الأصلاب والأرحام الطاهرة إلى أن ظهر صلى الله عليه وسلم.
ومن فسر ذلك بعلم الله بأنه سيصير نبيا لم يصل لهذا المعنى لأن علمه تعالى محيط بجميع الأشياء، فالوصف بالنبوة فى ذلك الوقت ينبغى أن يفهم منه أنه أمر ثابت له فيه، وإلا لم يختص بأنه نبى حينئذ، إذ الأنبياء كلّهم كذلك بالنسبة لعلمه تعالى، وأخرج ابن سعد، عن الشّعبى: متى استنبئت يا رسول الله؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد، حين أخذ منى الميثاق» (1) وهو يدل على أن آدم لما صور طينا، استخرج منه محمدا صلى الله عليه وسلم، ونبئ وأخذ منه الميثاق، ثم أعيد إلى ظهره ليخرج أوان وجوده فهو أولهم خلقا، وخلق آدم السابق كان مواتا لا روح فيه، وهو صلى الله عليه وسلم كان حيا حين استخرج ونبئ وأخذ منه الميثاق، ولا ينافى هذا أن استخراج ذرية آدم، إنما كان بعد نفخ الروح فيه، لأنه صلى الله عليه وسلم خصّ من بين بنى آدم بذلك الاستخراج الأول، وفى تفسير العماد ابن كثير عن على وابن عباس رضى الله عنهم فى قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اَللهُ مِيثاقَ اَلنَّبِيِّينَ. . . (2)
الآية، أن الله لم يبعث نبيا إلا أخذ عليه العهد فى محمد صلى الله عليه وسلم: لئن بعث وهو حى ليؤمنن به ولينصرنه، ويأخذ العهد بذلك على قومه، وأخذ السبكى من الآية أنه على تقدير مجيئه فى زمانهم مرسل إليهم فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من آدم، إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته فقوله:«وبعثت إلى الناس كافّة» (3) يتناول من قبل زمانه أيضا وبه يتبين معنى «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد» (4) وحكمة كون الأنبياء فى الآخرة تحت لوائه، وصلاته بهم ليلة الإسراء (5).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
سورة آل عمران: آية (81). وانظر: تفسير الحافظ ابن كثير (1/ 378).
(3)
رواه أحمد فى «المسند» (3/ 304)، والطبرانى فى «الكبير» (12/ 413)، وابن سعد فى «الطبقات» (1/ 284)، وأبو عوانة فى «المسند» (1/ 396)، والبيهقى فى «السنن» (2/ 433).
(4)
رواه أبو بكر بن أبى شيبة فى «المصنف» (14/ 292)، وابن سعد فى «الطبقات» (1/ 95)، (7/ 41)، والبخارى فى «التاريخ الكبير» (7/ 374)، والحاكم فى «المستدرك» (2/ 609)، وصححه ووافقه الذهبى.
(5)
انظر فى ذلك: سبل الهدى والرشاد فى سيرة خير العباد لمحمد بن يوسف الصالحى (1/ 108، 109) وقد ذكر قول الإمام السبكى ومما أفاد به على ما نقله المصنف من كلام السبكى قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وروى عبد الرزاق فى مسنده (1) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق نور محمد قبل الأشياء من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن فى ذلك الوقت لوح ولا قلم. .» الحديث بطوله.
واختلفوا فى أول المخلوقات بعد النور المحمدى، فقيل: العرش لما صحّ من قوله صلى الله عليه وسلم: «قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة،
= ولو اتفق مجيئه فى زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به صلى الله عليه وسلم ونصرته. وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم. فنبوته صلى الله عليه وسلم ورسالته إليهم معنى حاصل له، وإنما الأمر يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر الأمر راجع إلى وجودهم لا إلى عدم اتصافه بما يقتضيه. وفرق بين توقف الفعل على قبول المحلّ وتوقّف أهلية الفاعل، فهنا لا توقف من جهة الفاعل ولا من جهة ذات النبى صلى الله عليه وسلم الشريفة، وإنما هو من جهة وجود العصر المشتمل عليه، فلو وجد فى عصرهم لزمهم اتباعه بلا شك، ولهذا يأتى عيسى عليه السلام فى آخر الزمان على شريعته صلى الله عليه وسلم وهو نبى كريم، لا كما يظنّ بعض الناس أنه يأتى واحدا من هذه الأمة، نعم هو واحد من هذه الأمة لما قلنا من اتباعه للنبى صلى الله عليه وسلم، وإنما يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة، فكل ما فيهما من أمر ونهى فهو متعلق به كما يتعلق بسائر هذه الأمة، وهو نبى كريم على حاله لم ينقص منه شىء، ولذلك لو بعث النبى صلى الله عليه وسلم فى زمانه أو زمان موسى وإبراهيم ونوح وآدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم. والنبى صلى الله عليه وسلم نبى الله ورسوله إلى جميعهم، فنبوته ورسالته أعم وأشمل وأعظم، ويتفق مع شرائعهم فى الأصول لأنها لا تختلف وتقدم شريعته فيما عساه يقع الاختلاف فيه من الفروع إما على سبيل التخصيص وإما على سبيل النسخ أو لا نسخ ولا تخصيص بل تكون شريعة النبى فى تلك الأوقات بالنسبة إلى تلك الأمم مما جاءت به أنبياؤهم، وفى هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة الشريفة، والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات. انتهى كلامه رحمه الله-أى: السبكى. (1/ 109،110) قلت: وقد أورد الصالحى حديثا عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «ما بعث الله تعالى نبيا قط إلا أخذ عليه العهد: لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو حىّ ليؤمننّ به ولينصرنّه، أمره بأخذ الميثاق على أمته إن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمننّ به ولينصرنه» وقال: رواه البخارى فى صحيحه كما نقله الزركشى فى شرح البردة، والحافظ ابن كثير فى تاريخه، وأول كتابه جامع المسانيد، والحافظ فى الفتح فى باب حديث الخضر مع موسى ولم أظفر به فيه، ورواه ابن عساكر بنحوه. اه، وانظر:«سبل الهدى والرشاد» (1/ 108،109، 110).
(1)
الحديث غير موجود بالمصنف لعبد الرزاق، ومسنده مفقود فيما أعلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكان عرشه على الماء» (1) وصح «أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شىء» (2) لكن صحّ فى حديث مرفوع: «أن الماء خلق قبل العرش» فعلم أن أول الأشياء على الإطلاق النور المحمدى، ثم الماء، ثم العرش، ثم القلم لما علمت من حديث «أول ما خلق الله القلم» (3) مع ما قبله (4) الدالين على أن التقدير وقع عند خلق القلم (5)، فذكر الأولية فيه بالنسبة لما بعده، وورد «لما خلق الله آدم، جعل ذلك النور فى ظهره فكان يلمع فى جبينه، ولما توفى كان ولده شيث وصيّه، فوصّى ولده بما أوصاه به أبوه، أن لا يوضع هذا النور إلا فى المطهرات من النساء» ولم يزل العمل بهذه الوصية إلى أن وصل ذلك النور إلى عبد الله مطهرا من سفاح الجاهلية، كما أخبر صلى الله عليه وسلم عن ذلك فى عدة أحاديث، ثم زوّج عبد المطلب ابنه عبد الله بآمنة بنت وهب وهى يومئذ أفضل امرأة فى قريش نسبا وموضعا، فدخل بها، وحملت بمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم ظهر فى حمله ومولده عجائب تدل لما يؤول إليه أمر ظهوره ورسالته، وقد أكثر الناس من الأخبار والآثار الموضوعة، والشديدة الضعف، فيما يتعلق بحمله ومولده ورضاعه وغيرها، ولم يصح فى ذلك إلا أخبار قليلة كقوله صلى الله عليه وسلم من جملة حديث، وأن أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاء لها قصور الشام (6)، وخصت بذلك لأنها خيرة الله من أرضه. كما فى حديث صحيح «فهى أفضل الأرض» (7) أى بعد الحرمين وأول إقليم ظهر فيه ملكه صلى الله عليه وسلم، وكولادته مختونا، فإن
(1) رواه مسلم فى «القدر» (2653)، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص (4/ 2044).
(2)
رواه أبو داود فى السنة (4700)، ورواه أيضا الترمذى (2155،3319)، والإمام أحمد فى «المسند» ، (5/ 317) من حديث عبادة بن الصامت رضى الله عنه.
(3)
رواه ابن أبى عاصم فى السنة (1/ 48،49)، البخارى فى التاريخ (1809) عبادة (6،92) والحاكم فى المستدرك (454)، (2/ 492) وأبو نعيم فى الحلية (7/ 318) بلفظ العقل. والبغدادى فى تاريخ بغداد (13،40) والطبرى فى التاريخ (1/ 33).
(4)
فى (ش) ما بعده.
(5)
فى (ش)[وقع بعد العرش].
(6)
رواه أحمد فى «المسند» (4/ 127)، وابن سعد فى «الطبقات» (1/ 96) من حديث العرباض بن سارية.
(7)
روى الطبرانى فى «المعجم الكبير» (7718)، (8/ 201)، والحاكم فى «المستدرك» (4/ 509) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضياء فى «مختاره» صححه، وقال الحاكم: تواترت [به](1) الأخبار لكن تعقبه الذهبى، فقال: لا أعلم صحة ذلك، فكيف يكون متواترا؟ ويؤيده إقرار الزّين العراقى تضعيف خيرة (2) أحاديث ولادته مختونا.
واختلف فى عام ولادته، فالأكثرون: أنه عام الفيل، وحكى الاتفاق عليه، والمشهور: أنه بعده بخمسين يوما وقيل: بأربعين، وقيل: بعشر سنين، وقيل: غير ذلك ثم الجمهور على أنه ولد فى شهر ربيع الأول، فقيل: ثانيه، وقيل: ثالثه، وانتصر له كثيرون قيل: وهو اختيار [أكثر](3) المحدثين، وقيل: عاشره، وقيل: ثانى عاشره، وهو المشهور، وقيل: غير ذلك، ولم يكن بالأشهر الحرم، ولا بيوم الجمعة، إشارة إلى أنه لا يتشرف بالزمان، بل الزمان هو الذى يتشرف به، فلو ولد فى ذلك لتوهم أنه صلى الله عليه وسلم يتشرف بذلك الزمان الفاضل، ثم الأصح بل الصواب، لصحة حديثه فى مسلم (4) أنه ولد فى يوم الإثنين، وهو صريح فى أنّه ولد نهارا أى عقيب الفجر، كما فى رواية ضعيفة (5)، ومن ثمة قال البدر الزركشى: الصحيح أنه ولد نهارا، وتضعيف ابن دحية
= بسنده عن أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الشام صفوة الله من بلاده يسوق إليها صفوة عباده من خرج من الشام إلى غيرها فبسخطه ومن دخل من غيرها فبرحمته» وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. وردّ عليه الذهبى: كلاّ، وعفير هالك. وقال الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (1/ 59): وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف. ورواه الطبرانى أيضا عن أبى أمامة الباهلى (7796)، (8/ 229) بلفظ:«صفوة الله من أرضه الشام، وفيها صفوته من خلقه وعباده وليدخلن الجنة من أمتى ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب» مرفوعا، وقال الهيثمى فى «الزوائد» (10/ 59): وفيه عبد الله بن عبيد الله الحمصى وهو ضعيف، قلت: وقد ذكر الحافظ المنذرى فى «الترغيب والترهيب» (4/ 59،63) أحاديث فى فضل الشام.
(1)
ما بين [] ليس فى (أ).
(2)
فى (ش)[عدة].
(3)
الزيادة من (ش).
(4)
رواه مسلم فى «الصيام» (197)، وأبو داود (2426)، والإمام أحمد فى «مسنده» (2/ 200، 230) عن أبى قتادة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن يوم الإثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه» ، أو قال:«أنزل علىّ فيه» .
(5)
ذكرها الصالحى فى «سبل الهدى والرشاد» (1/ 401) قال: وروى الزبير بن بكار، وابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رواية سقوط النجوم عند مولده بذلك غير صحيح، لأن سقوطها خارق للعادة، فلا فرق فيه بين الليل والنهار أى على أنه بعد الفجر، وللنجوم سلطان كما فى الليل فلا ينافى سقوطها، ثم هل مدة حمله تسعة أشهر، أو عشرة أو ثمانية، أو سبعة، أو ستة؟ أقوال، قيل وولد صلى الله عليه وسلم بعسفان، والصحيح بل الصواب: بمكة بمولده المشهور الآن، وهو الأصح، وقيل: بالشعب، وقيل: بالردم (1)، ثم أرضعته حليمة، والمشهور: موت أبيه بعد حمله بشهرين، ودفن بالمدينة عند أخواله بنى النجار، وقيل: وهو فى المهد، وماتت أمه ودفنت بالأبواء، وقيل: بالحجون، ويدل عليه خبر إحيائها له حتى آمنت به وإن كان فيه ضعف، لا وضع، خلافا لمن زعمه على أن بعض متأخرى الحفاظ صححه، وهل ماتت بعد أربع سنين، أو خمس، أو ست، أو سبع، أو تسع، أو اثنى عشر شهرا، أو عشرة أيام؟ أقوال، ومات جدّه كافله عبد المطلب، وله ثمان سنين، أو تسع أو عشر، أو ست، أقوال، ثم كفله عمه شقيق أبيه: أبو طالب، ثم بعد ثنتى عشرة سنة خرج به إلى الشام، فرآه ببصرى بحيرا الراهب فأخذ بيده، وقال: هذا سيد العالمين، وهذا يبعثه الله رحمة للعالمين.
واستدل بأنهم لما أشرفوا به من العقبة، لم يبق شجر، ولا حجر إلا خرّ ساجدا، ولا يسجد إلا لنبى، وبأن بين كتفيه خاتم النبوة، وأمر عمه برده خوفا عليه من اليهود، رواه ابن أبى شيبة (2)، وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم أقبل وعليه غمامة تظلّه، ثم خرج ومعه ميسرة غلام خديجة، وعمره خمس وعشرون سنة إلى بصرى تاجرا لها، ثم تزوجها بعد ذلك بنحو
= عساكر عن معروف بن خربوذ رحمه الله قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين حين طلع الفجر. وقال الحافظ أبو الفضل العراقى فى المورد: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم ولد فى النهار، وهو الذى ذكره أهل السير وحديث أبى قتادة مصرح به.
(1)
انظر: «سبل الهدى والرشاد» (1/ 408) ذكر الأقوال الأربعة فى مكان ولادته صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة.
(2)
رواه أبو بكر بن أبى شيبة فى «المصنف» (8/ 435) ط دار الفكر، من حديث طويل عن أبى بكر بن أبى موسى عن أبيه قال: خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب. . . فذكر القصة.
قال الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذى:
1 -
أخبرنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن، عن أنس بن مالك، أنه سمعه يقول:
ــ
ثلاثة أشهر وعمرها أربعون سنة، [وهدمت قريش الكعبة، وعمره خمس وثلاثون سنة](1) وكان ينقل معهم الحجارة، ثم لّما بلغ أربعين سنة، أو أربعين يوما، أو شهرين بعثه الله رحمة للعالمين يوم الإثنين لخبر مسلم فى رمضان، وقيل: فى ربيع فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين كما سيأتى.
1 -
(أخبرنا) هو كأنبأنا وحدثنا بمعنى واحد، عند مالك والبخارى ومعظم الحجازيين، والكوفيين، ومذهب الشافعى-رضى الله عنه-، وجمهور المشارقة مثله، وأكثر المحدثين، واختار مسلم أن حدثنا: لما سمع من الشيخ خاصة، وهو الأعلى وأخبرنا: لما قرئ عليه وأما أنبأنا فيكون فى الإجازة، فهو أدنى مما قبله، ومما اعتيد غالبا فى الرسم: ثنا: لحدثنا، ونا: لأخبرنا وأنبأ: لأنبأنا. واعلم أن أخبر: لازم يتعدى للمخبر عنه، وللمخبر به بالهاء، وكثيرا ما يتضمن معنى الإعلام، فيستعمل استعماله، والمخبر به هنا بسماع ربيعة لقول أنس رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . إلخ» وعند مالك وأنس، والمجرور بعن يتعلق بناقلا، دل عليه السياق حال من قتيبة، والمعنى أخبرنا قتيبة بسماع ربيعة المذكور حال كون قتيبة ناقلا لذلك السماع عن مالك بلا
1 - إسناده صحيح: رواه البخارى فى «المناقب» (3548)، وفى «اللباس» (5900)، ومسلم فى «الفضائل» (2347)، ومالك فى «الموطأ» (2/ 701)، وعنه محمد بن الحسن فى «موطئه» (947)، وأحمد فى «المسند» (3/ 240)، والبيهقى فى «دلائل النبوة» (7/ 236)، كلهم من طريق ربيعة بن أبى عبد الرحمن به فذكره.
(1)
ما بين [] سقط من (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واسطة، وعن ربيعة بواسطة مالك، ووقع هنا لبعضهم خبط وزلل، فاحذره، [وأنه إلى آخره، هذا من مفعولى حدث لاقتضائه ثلاث مفاعيل](1)، سمعه أى: ربيعة أنسا، و (يقول) بدل أو حال كما سيأتى مبسوطا فى باب خاتم النبوة (كان) لا تفيد التكرار، كما نقله فى شرح مسلم عن المحدثين (2) أو الأكثرين من الأصوليين، وقال ابن الحاجب:
تفيده، وكذا ابن دقيق العيد، لكن قال: عرفا، وهو واضح، وليس المراد أنها تفيد مطلقا، بل فى مقام يقبل ذلك، وتكلفّ بعضهم لإفادتها له [هنا](3) بما يمجه السامع.
(ليس) رجح ابن الحاجب: أنها [هنا](3) لنفى مضمون الجملة فى الماضى فعليه تكون لحكاية حال ماضية قصد بها دوام نفيها (4)، ورجح غيره: أنها لنفى مضمونها حالا، وهو المناسب هنا. (بالطويل البائن) بالهمز ووهم من جعله بالياء أى المفرط طولا مع اضطراب القامة. (ولا بالقصير) بل كان إلى الطول أقرب، كما رواه البيهقى، ويوافقه خبر البراء. «كان ربعة وهو إلى الطول أقرب» (5)، وخبر عبد الله ابن الإمام أحمد «ليس بالذاهب طولا وفوق الربعة» (6) ولا ينافى ذلك وصفه بالربعة فى الخبر الآتى لأنها أمر نسبىّ، بدليل خبر البيهقى وغيره، عن عائشة، وكان ينسب إلى الربعة أى لأن من وصفه بالربعة أراد الأمر التقريبى، ولم يرد التحديد ومن ثم قال ابن أبى هالة:«كان أطول من المربوع وأقصر من المشذّب» (7) بمعجمتين مفتوحتين ثانيهما مشددة، وهو البائن الطول فى نحافة، وهو موافق للخبر الآتى «لم يكن بالطويل الممغط» (8) ولا ينافى ذلك
(1) ما بين [] ليس فى (ش).
(2)
فى (ش): [المحققين].
(3)
الزيادة من (ش).
(4)
انظر: شرح الكافية الشافية لابن مالك الطائى (1/ 421).
(5)
رواه البيهقى فى «الدلائل» (1/ 250) من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه. وقال: رواه البخارى فى الصحيح عن ابن بكير، عن الليث قلت: هو جزء من حديث طويل. فى المناقب (3547).
(6)
مسند أحمد (2/ 424)، من حديث على رضى الله عنه وذكره الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (8/ 272) وقال: رواه عبد الله بإسنادين فى أحدهما رجل لم يسم، والآخر من رواية يوسف ابن مازن عن على وأظنه لم يدرك عليا والله أعلم.
(7)
حديث هند بن أبى هالة رواه المصنف فى شمائله هنا حديث رقم (7).
(8)
رواه الترمذى فى المناقب (3638)(5/ 599)، والبيهقى فى دلائل النبوة (1/ 270) وسيرد فى المصنف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كله وصفه بالمتردد فى الخبر الآتى خلافا لمن وهم فيه، لأن الربعة قد يسمى قصيرا مترددا بالنسبة للطول. وورد عند البيهقى، وابن عساكر:«لم يكن يماشيه أحد من الناس، إلا طاله صلى الله عليه وسلم، ولربما اكتتفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسب صلى الله عليه وسلم إلى الربعة» وفى خصائص ابن سبع: «كان إذا جلس يكون كتفه أعلى من الجالس» .
(ولا بالأبيض الأمهق) أى الشديد البياض الخالى عن الحمرة والنور كالجص، بل بياضه مشرب بحمرة كما فى روايات أخر يأتى بعضها، وهذا هو المراد بما عند مسلم عن أنس:
«كان أزهر اللون» (1)، وبما عنده أيضا:«كان أبيض مليح الوجه» (2) وبما عند المصنف كما يأتى: «كان أبيض مليحا» ورواية: «أمهق ليس بأبيض» مقلوبة، أو وهم كما قاله القاضى عياض، أو موجهة على تقدير ثبوتها، بأن المهق قد يطلق على الخضرة، وأريد بها هنا السمرة فى الرواية الآتية، وبما قررته علم أن النفى فى (ولا بالأبيض الأمهق) إنما هو المقيد فقط (ولا بالآدم) أصله آدم أفعل صفة مهموز الفاء، أبدلت ألفا أى ليس بالشديد الأدمة: أى السمرة، وإنما يخالط بياضه الحمرة، والعرب قد تطلق على كل من كان كذلك أسمر ومن ثم صح عن أنس:«أنه كان أسمر» وسيأتى قريبا، ومما يؤيد الجمع رواية البيهقى عن أنس أيضا:«كان أبيض بياضه إلى السمرة» (3) وعن ابن عباس:
«كان جسمه ولحمه أحمر إلى البياض» فثبت بمجموع الروايات أن المراد بالسمرة حمرة تخالط البياض، وبالبياض المثبت فى روايات معظم الصحابة، ما يخالطه الحمرة، وإن وصف فى رواية:«بأنه شديد الوضح» وفى أخرى سندها قوى: «بأنه شديد البياض» لإمكان حمل شدته على الأمر النسبى، فلا ينافى كونه مشربا بها وبالمنفى ما لا تخالطه هى، وهذا الذى تكرهه العرب وتسميه أمهق، وأن توهم القاضى رواية:«ليس بالأبيض ولا بالآدم» غير صواب بل معناهما صحيح ظاهر كما تقرر، وأما الجمع بأن المشرب منه بحمرة، وإلى السمرة ما برز للشمس كالوجه والعنق، والأزهر الأبيض ما تحت الثياب، فمردود بأن أنسا لملازمته له وقربه منه، لا يخفى عليه أمره حتى يصفه
(1) رواه مسلم فى الفضائل (2347)(4/ 1825).
(2)
رواه مسلم فى الفضائل (2340)(4/ 1820).
(3)
رواه البيهقى فى «دلائل النبوة» (1/ 204) من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه فى صفة النبى صلى الله عليه وسلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بغير صفته الأصلية الملازمة له، فتعين حمل السمرة فى روايته على الحمرة التى تخالط البياض كما مر على أنه سيأتى فى وصف عنقه الشريف أنه أبيض لكأنما صيغ من فضة مع أن العنق بارز، وورد ذلك أيضا أن تأثير الشمس فيه ينافى ما ورد أنه كان يظله سحابة، وهو غفلة إذ ذاك كان إرهاصا متقدما على النبوة، وأما بعدها فلم يحفظ ذلك، كيف وأبو بكر رضى الله عنه قد ظلل عليه بثوبه لما وصل المدينة؟ وصح «أنه ظلل بثوب وهو يرمى الجمرات فى حجة الوداع» (1).
تنبيه: قال أئمتنا: يكفر من قال كان النبى صلى الله عليه وسلم أسود أو غير قرشى أو توفى أسودا (2) لأن وصفه بغير صفته نفى له وتكذيب به، ومنه يؤخذ أن كل صفة علم ثبوتها له بالتواتر كان نفيها كفرا للعلة المذكورة، وقول بعضهم: لا بد فى الكفر من أن يصفه بصفة تشعر بنقصه كالأسود هنا، فإن لون السواد لون منقوص، فيه نظر، لأن العلة [كما علمت](3) ليست هى النقص، بل ما ذكر فالوجه أنه لا فرق، فإن قلت: لونه صلى الله عليه وسلم أشرف الألوان، ولون أهل الجنة كذلك، فلم لم تكن ألوانهن البياض المشرب بالحمرة؟ بل بالصفرة كما قاله جمهور المفسرين فى قوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (4) يشبههن ببيض النّعام المكنون فى عشه، ولونها بياض به صفرة حسنة (5)، قلت: اللون واحد وإنما اختلف ما شبه به، وحكمته والله أعلم أن المشرب بالحمرة ينشأ عن الدم وصفائه، واعتدال جريانه فى البدن وعروقه، وهو من الفضلات الجيدة التى تنشأ عن أغذية هذه الدار فناسب المشوب فيها، وأما المشوب بالصفرة التى تورث البياض صفاء وصقالة (6)،
(1) رواه ابن سعد فى «الطبقات الكبرى» (2/ 135)، من حديث أبى أمامة عن من أبصر النبى صلى الله عليه وسلم «سائرا إلى منى، وبلال إلى جانبه، وبيد بلال عود عليه ثوب وشىء يظله من الشمس» .
(2)
فى (ش): [أمردا].
(3)
الزيادة من (ش).
(4)
سورة الصافات: آية (49).
(5)
روى ابن أبى حاتم فى «التفسير» عن زيد بن أسلم رضى الله عنه قال: البيض الذى يكنه الريش، مثل بيض النعام الذى أكنه الريش من الريح، فهو أبيض إلى الصفرة فكانت تترقرق، فذلك المكنون (10/ 3212)، (18188) وذكر ذلك التفسير أبو القاسم البغوى فى «معالم التنزيل» (4/ 23) وعزاه للحسن رضى الله عنه.
(6)
أى جلاء، وصيانة (اللسان: صقل).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلا ينشأ عادة عن غذاء من أغذية هذه الدار فناسب أن يختص المشرب به فى تلك الدار، فظهر أن المشرب فى كل من الدارين بما يناسبها، فإن قلت: من عادة العرب مدح النساء بالبياض المشوب بصفرة كما وقع فى لامية امرئ القيس، وهذا يدل على أنه فاضل فى ألوان الدنيا أيضا، قلت: لا نزاع فى أنه فاضل، وإنما النزاع فى أنه أفضل الألوان فى هذا الدار، وليس كذلك بل الأفضل المشرب بحمرة، كما تقرر أن لونه صلى الله عليه وسلم أفضل الألوان، ولا ينافى ذلك قول جمع من أصحابنا: الأولى للمرأة أن لا تلبس البياض ولا الفضة، لما فيه من التشبه بالرجال، وأن تغيره بما أمكن من زعفران ونحوه لأن البياض لم يؤمر بتركه من حيث ذاته، بل لما فيه من التشبه بالرجال، فصبغه بالزعفران لم تؤمر به، إلا لتحاكى الذهب اللائق بها (ولا بالجعد القطط) بفتح الطاء الأولى وكسرها (ولا بالسبط) بسكون الباء وكسرها أى شعره ليس نهاية فى الجعودة، وهى: تكسّره الشديد، ولا فى السبوطة، وهى: عدم انكساره أصلا، بل كان وسط بينهما، فكان فيه بعض جعودة، كما صحّ عن أنس من طرق منها:«أنه كان شعره بين شعرين لا رجل سبط، ولا جعد قطط» (1) ولا ينافى ذلك رواية: «كان رجلا» (2) أى:
بفتح فكسر، ليس بالسبط، ولا الجعد لأن الجعودة (3) أمر نسبى فحيث أثبتت أريد بها الأمر الوسط بين السبوطة والجعودة، وحيث نفيت أريد بها السبوطة، ثم رأيت بعضهم فسر الرّجل بالمتكسر قليلا وهو الموافق لما ذكرته (بعثه) -خبر ثان لكان-الله رحمة للعالمين، وكافة للخلق أجمعين يوم الإثنين لخبر مسلم «وأنزل علىّ فيه» (على) جعلتها بمعنى فى أولى من إبقائها على ظاهرها (رأس أربعين سنة) أى: أول سنة أربعين من مولده إذ رأس الشىء أعلاه ولكن رواية أحمد الآتية، وحكاية الأقوال المذكورة بعد، ظاهرتان فى أن المراد بالرأس هنا، آخر سنة أربعين، ولا بعد فيه، إذ الرأس كما يطلق على الأول، يطلق على الآخر، قيل: وأربعين يوما، وقيل: وشهرين، وقيل: وعشرة أيام، وقيل: لسبع عشرة خلت من رمضان، وقيل: لسبع، وقيل: لأربع وعشرين.
(1) رواه البخارى، ومسلم ومالك وقد تقدم تخريجه.
(2)
رواه مسلم فى «الفضائل» (2338)، (4/ 1819)، والنسائى فى «الزينة» (8/ 131)، وابن ماجه فى «اللباس» (3634).
(3)
فى (ش): [الرجولة] وما أثبت هو الموافق للسياق. .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال ابن عبد البر: لثامن عشرة من ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين من الفيل، وقيل:
أول ربيع، وقيل: فى رجب، فجاءه جبريل وهو بغار حراء، فقال له: «اقرأ، فقال:
ما أنا بقارئ، فغطه [حتى بلغ منه الجهد ثم قال له:«اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، فغطه] (1) كذلك ثم عاد، وأعاد فقال: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ حتى بلغ مالَمْ يَعْلَمْ (2) وما نافية [فى الكل] (1) والأولى للامتناع، والثانية نافية، والثالثة استفهامية، وكرر اللفظ ثلاثا، ليستفرغ تمام قوته فيتم [تمام] (3) توجهه له، ليظهر له الشدة، والاجتهاد فى هذا الأمر، فيتنبه إلى ثقل ما سيلقى إليه، وابتدئ قبل ذلك بالرؤيا الصادقة «فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح» (4) كيلا يفاجأه الملك، ويأتيه صريح النبوة بغتة فلا تقبلها قوى البشرية، فبدئ بأول خصال النبوة وتباشير الكرامة، ثم فتر الوحى ثلاث سنين، فيما جزم به ابن إسحاق، ليذهب عنه ما وجد من الروع، وليزيد تشوقه إلى العود، ثم نزل عليه ياأَيُّهَا اَلْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ (5) والقول بأنها أول ما نزل، قال النووى: باطل، وفى تاريخ أحمد وغيره عن الشعبى: أنزلت عليه النبوة، وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشىء ولم ينزل عليه القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين، قرنت بنبوته جبريل، فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة، وكذا رواه ابن سعد والبيهقى، ومنه يؤخذ أن اجتماع إسرافيل به، كان فى مدة فترة الوحى، ليؤنسه ويقويه على تحمل أعباء ما سينزل عليه، وبان بما تقرر أن نبوته كانت متقدمة على رسالته، وبه صرح أبو عمر وغيره، وعليه يحمل قول
(1) الزيادة من (ش).
(2)
رواه البخارى فى التفسير (4953)(8/ 585)، وفى التعبير (6982)، (12/ 368)، ومسلم فى الإيمان (160)، (1/ 140)، والبغوى فى شرح السنة (3735) والبيهقى فى السنن الكبرى (7،51)(9/ 6). وفى دلائل النبوة (2/ 135) وعبد الرزاق فى مصنفه (9719)، وأبو عوانة فى مسنده (1/ 110).
(3)
الزيادة ليست فى (ش).
(4)
رواه البخارى فى بدء الوحى (3)(1/ 30) وفى التفسير (4953)(8،585) وفى التعبير (6982)(12/ 368)، ومسلم فى الإيمان (160)(1/ 140)، والحاكم فى المستدرك (183)(30،202)، وأبو عوانة فى مسنده (1/ 110)، وابن عبد البر فى التمهيد (1/ 235).
(5)
سورة المدثر آية رقم (1).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صاحب (1) الأصول الصحيح عند أهل العلم بالأثر أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة. انتهى. فكان فى «اقرأ» نبوته وفى «المدثر» رسالته بالنذارة والبشارة والتشريع، لأن هذا قطعا متأخر عن الأول، وحكمته تضمن تلك الآيات، من أقراء أطوار الآدمى من الخلق والتعليم والإفهام، فناسب تقديمه رعاية للترتيب الطبيعى، بذكر ما أسدى إليه صلى الله عليه وسلم من العلم والفهم والحكمة والنبوة، فى معرض تعريف عباده بما أسدى إليهم من نعمة البيان الفهمى، والنطقى، والخطّى، ثم أمره تعالى بأن يقوم ويكشف عن ساق الجدّ والاجتهاد فى تبليغ عباده ما حباه به من وحيه وشرعه. (فأقام بمكة عشر سنين) رسولا، وثلاث عشرة سنة نبيا ورسولا، كما تقرر على رواية أن عمره خمس وستين سنة، يكون أقام بها خمس عشرة سنة وأول ما وجب الإنذار والدعاء إلى التوحيد، ثم فرض الله من قيام الليل ما ذكره أول سورة المزمل، ثم نسخه بما فى آخرها، ثم نسخه بإيجاب الصلوات الخمس ليلة الإسراء بروحه وجسده، يقظة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به منه إلى فوق سبع سموات، ثم رأى ربه بعين رأسه على الأصح (2)، ثم أوحى إليه ما أوحى [فسمع كلامه](3) وإنما اختص موسى بالكليم (4)، لأنه سمعه وهو فى الأرض، وكان مما أوحاه الله إلى نبيه أن فرض عليه الصلوات ثم انصرف من ليلته إلى مكة، فأخبر بذلك، فصدقه أبو بكر وسائر المؤمنين، فكان ذلك بعد المبعث بخمس سنين، كما رجحه النووى، واحتج له بما يرده أن خديجة ماتت قبل فرض الخمس، فيلزم موتها قبل الإسراء، وموتها قبل الهجرة بثلاث سنين، فلزم أنه بعد المبعث بأكثر من سبع سنين، وعليه فكان قبل الهجرة بسنة، وادعى ابن حزم فيه الإجماع، وقيل: لسنة وخمسة أشهر، وقيل: لسنة وثلاثة أشهر، ولما أراد الله إظهار دينه، وإعزاز نبيه، وإنجاز موعده له، خرج صلى الله عليه وسلم إلى منى، فلقى ستة من الأنصار فآمنوا به عند عقبتها، فقال لهم:«تمنعون ظهرى حتى أبلغ رسالة ربى» فواعدوه الموسم القابل، فجاء منهم اثنى عشر، فأسلموا وبايعوه، ثم انصرفوا إلى المدينة، فأظهر الله
(1) انظر: معارج القبول لحافظ حكمى (2/ 898)، وكتاب التوحيد لابن خزيمة (ص 197،213) وتفسير ابن جرير الطبرى (11/ 509).
(2)
فى (ش): [جامع].
(3)
الزيادة من (ش).
(4)
فى الأصل (أ): [بالتكلم].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإسلام بها، ثم قدم عليه منهم العام القابل سبعون، أو خمسة، أو وثلاثة وامرأتان، فأسلموا وبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعوا منه نساءهم، وعلى حرب الأحمر والأسود، وبعث عليهم اثنى عشر نقيبا، ثم أمر صلى الله عليه وسلم من معه بالهجرة إليهم، وأقام ينتظر الإذن فى الهجرة، فأذن له عقب العقبة الثالثة بهلال شهر ربيع الأول فيما قال ابن إسحاق، فخرج من مكة يوم الخميس، ومن الغار ليلة الإثنين ومعه أبو بكر، فقدماها يوم الإثنين لاثنى عشرة خلت من شهر ربيع الأول كما فى الروضة، وفيه اختلاف طويل، وأمر صلى الله عليه وسلم بالتاريخ، فكتب من حين الهجرة، وقيل: إن عمر أول من أرّخ، وجعله من المحرم وأقام صلى الله عليه وسلم بقباء أربعا وعشرين ليلة وأسس مسجدها، وخرج منها ضحى الجمعة، فأدركته فى الطريق فصلاها فى المسجد المشهور، ثم توجه على راحلته بعدها للمدينة، وأرخى زمامها، فناداها أهل كل دار إليهم للقوة والمنعة، وهو يقول:«خلوا سبيلها، فإنها مأمورة» (1) فسارت تنظر يمينا وشمالا إلى أن بركت بمحل باب المسجد، ثم سارت وهو صلى الله عليه وسلم عليها، إلى أن بركت بباب أبى أيوب ثم ثارت وبركت مبركها الأول، وألقت عنقها بالأرض، وصوتت من غير أن تفتح فاها فنزل عنها وقال:«هذا المنزل إن شاء الله» (2) واحتمل أبو أيوب رحله وأدخله بيته فأقام عنده سبعة (3) أشهر، ثم اشترى محل مسجده من بنى النجار أخوال جده عبد المطلب بعشرة دنانير، أداها أبو بكر من ماله، ثم بناه وسقفه بالجريد [وجعلت عمده خشب النخل وكان صلى الله عليه وسلم ينقل اللّبن معهم فى بنائه](4) وجعلت قبلته للمقدس، وطوله مائة ذراع، وعرضه نحو ذلك، وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن، ثم تحول إليها من دار أبى أيوب، ثم أذن له فى القتال بقوله عز وجل:
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا بعد أن نهاه عنه فى نيف وسبعين آية فبعث صلى الله عليه وسلم من شوال على رأس ثمانية أشهر البعوث والسرايا واستمر صلى الله عليه وسلم على مجاهدة الأعداء وتبليغ الأحكام والأنباء (وبالمدينة عشر سنين) حتى دخل الناس فى دين الله أفواجا وأكمل الله له العزّ ولأمته دينهم، وأتم عليه وعليهم نعمته [فتوفاه الله](5) بعد أن أعلمه باقتراب
(1) رواه ابن سعد فى الطبقات الكبرى (1،183)، وابن كثير فى البداية والنهاية (3،198).
(2)
رواه عبد الرزاق فى مصنفه (9743).
(3)
فى (ش): [تسعة].
(4)
ما بين [] ليس فى (أ) الأصل.
(5)
فى (ش) زاد لفظ [إليه] وما أثبت موافق لرواية المصنف وغيره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أجله بسورة إِذاجاءَ نَصْرُ اَللهِ وَاَلْفَتْحُ (1) إذ هى آخر سورة نزلت بمنى يوم النّحر فى حجة الوداع وقيل: قبل وفاته بثلاثة أيام، وكان ابتداء مرضه أواخر صفر، فكانت مدته ثلاثة عشر يوما، وأشار فيه إشارة ظاهرة بخلافة أبى بكر، بثنائه عليه على المنبر بما فهم دون بقية الصحابة من قوله:«إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده فاختار ما عنده» (2) إنه يعنى نفسه، فبكى وقال: فديناك يا رسول الله، بآبائنا، وأمهاتنا، فقابله بقوله:«إن من أمنّ الناس علىّ فى صحبته، وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام» (3) ثم قال: «لا يبقى فى المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبى بكر» (4) ثم أكد هذا بأمره صريحا أن يصلى بالناس فرجع وهو يقول: «مروه فليصلّ» (5) وأذن له نساؤه أن يمرض ببيت عائشة لما رأين من حرصه على ذلك فدخل بيتها يوم الإثنين (وتوفّاه الله) حين اشتد الضحى يوم الإثنين كالوقت الذى دخل فيه إلى المدينة فى هجرته ورأسه الشريف بين سحرها ونحرها، أى فيما بين حنكها وصدرها، وروايات: ورأسه فى حجر علىّ فيها ضعف.
واختلف [الناس](6) فى عمره صلى الله عليه وسلم، ففى رواية أنس هذه أنه توفى (على رأس ستين سنة) وفى أخرى:«خمس وستين» وفى أخرى: «ثلاث وستين» وهى أصحها وأشهرها
(1) سورة النصر آية رقم (1).
(2)
رواه البخارى فى مناقب الأنصار (3904)، ومسلم فى فضائل الصحابة (2382)، والترمذى فى المناقب (3660)، والنسائى فى فضائل الصحابة (2)، والبغوى (3821)، وابن حبان فى صحيحه (6594،6861).
(3)
رواه البخارى فى الصلاة (466،467) وفى فضائل الصحابة (3656،3657،3654)، وفى الفرائض (6738)، وفى مناقب الأنصار (3904)، ومسلم فى فضائل الصحابة (2382)، والترمذى فى المناقب (3660)، وأحمد فى مسنده (1/ 270)(3،18)، والبغوى (3821)، والطبرانى (11938)، وابن أبى عاصم فى السنة (1227،1228)، وابن سعد فى الطبقات الكبرى (2/ 227)، وابن حبان فى صحيحه (6594،6860،6861).
(4)
رواه البخارى فى مناقب الأنصار (3904)، ومسلم فى فضائل الصحابة (2382)، والترمذى فى المناقب (3660)، والبغوى (3821)، وابن حبان فى صحيحه (6861).
(5)
سيرد تخريجه.
(6)
الزيادة من (ش).
2 -
حدثنا حميد بن مسعدة البصرى، حدثنا عبد الوهاب الثقفى، عن حميد، عن أنس بن مالك قال:
ــ
عند العلماء، وردّوا الأولى إليها بأن راويها اقتصر على العقود، وألغى الكسر، ولا ينافيه التعبير برأس، لأنه رأس باعتبار العقود، وهذا أولى من الجواب، بأن لفظة: رأس مقحمة، والثانى: بأن راويها حسب سنتى المولد والوفاة، وسيأتى لكل من المولد والوفاة والسنّ مزيد فى بابه. وتوفاه الله (وليس) جملة حالية من مفعول توفّاه الله وجعله معطوفا يفسر المعنى، خلافا لمن وهم فيه، فتأمله! (فى رأسه ولحيته) بكسر اللام، ويجوز فتحها (عشرون شعرة بيضاء) وسيأتى فى باب شيب رسول الله ذكر الروايات المختلفة فى ذلك مع الجمع بينها، ونفى الشيب فى رواية، المراد به نفى كثرته، لا أصله، وسبب قلة شيبه، أن النساء يكرهنه غالبا ومن كره من النبى صلى الله عليه وسلم شيئا كفر، ومن ثم صح عن أنس:«ولم يشنه الله بالشيب» وأما خبر: «إن الشيب وقار ونور» فيجاب عنه بأنه وإن كان كذلك لكنّه يشين عند النساء غالبا كما تقرر، وبأن المراد بالشين المنفى فيما مر عن أنس الشين عند من يكرهنه، لا مطلقا لتجتمع الروايتان، وأما أمره صلى الله عليه وسلم لهم لما رأى أبا قحافة ورأسه ولحيته كالثغامة [بيضاء] (1) هى بالفتح: نبت بالجبل يبقى إذا يبس بياضا، بتغييره وكرهه، ولذلك قال:«غيّروا الشيب» فلا يدل على أنه شين مطلقا، بل بالنسبة لما مرّ، وفى تغييره مصلحة ما بالنسبة للجهاد وإرهاب الكفّار، وبالنسبة لوقوع الألفة بين الزوجين، والجمع بين الأحاديث ما أمكن، أسهل من دعوى النسخ، وإن أيدها منع الأكثرين للتغيير، لأن الصحيح من مذهبنا أنه بنحو الحناء سنة إذ خبره فى الصحيحين، ولا يمكن تأويله كما سيأتى.
2 -
(البصرى) بتثليث الباء. (ربعة) بفتح فسكون، وقد تحرك وتأنيثه باعتبار النفس،
2 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى «اللباس» (1754) بسنده ومتنه سواء، ورواه البخارى فى «المناقب» (3547)، ومسلم فى «الفضائل» (2338)، وأحمد فى «المسند» (3/ 240)، والبيهقى فى «الدلائل» (7/ 204) أربعتهم من طرق عن حميد الأعرج به فذكره نحوه.
(1)
الزيادة من (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولذلك استوى فيه المذكر والمؤنث، إذ يقال فى جمع كل منهما ربعات: بالسكون، والتحريك شاذ. (ليس بالطويل) أى البائن. (ولا بالقصير) أى المتردد كما يأتى، وهذا بدل من ربعة، أو عطف بيان له. (حسن الجسم) هو بمعنى رواية:«بادن متماسك» (1) أى: معتدل الخلق، متناسب الأعضاء والتركيب، كأن أعضاءه يمسك بعضها بعضا.
(وكان شعره ليس بجعد ولا سبط) جعد وسبط هنا وصفا للشعر وفيما مرّ وصفا لذاته، لبيان أن كلا منهما يوصف بذلك (أسمر اللون) مرّ ما فيه فراجعه فإنه مهم! والمعنى:
لونه أسمر، فالإضافة هنا من إضافة الصفة للموصوف، فاندفع ما قيل إسناد:«أسمر اللون» غير ظاهر، إذ لا يثبت للون لون. (إذا مشى يتكفأ) بالهمز وتركه تخفيفا: أى تكفأ كأنما ينحط من صبب وسيأتى، وصححه البيهقى، والتكفؤ بالهمز: الميل إلى سنن الشىء أى إلى قدام كالسفينة فى جريانها. وعند البزّار: «إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها» (2) وسيأتى عند المصنف «وما رأيت أحدا أسرع فى مشيه. . .» الحديث، وعند ابن سعد:
«كان إذا مشى مشى مجتمعا» (3) أى قوى الأعضاء غير مسترخ فى المشى، وفى رواية:
«كان إذا مشى تقلع» (4) أى رفع قدمه عن الأرض ارتفاعة واحدة، كأنها تتقلع منها وهى نفى الاختيال فى المشى، وفى أخرى:«إذا زال زال تقلعا، ويمشى هونا ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب» (5) وفى أخرى: «إذا زال زال قلعا» أى: قالعا رجليه من الأرض، والانحدار من الصبب، والتقلع من الأرض متقاربان أى: كان يستعمل
(1) رواه البيهقى فى «الدلائل» (1/ 270) وعزاه لأبى القاسم بن سلام، وهو فى «غريب الحديث» لأبى عبيد (1/ 388،389).
(2)
رواه أبو داود فى الطهارة (385،386)، والبغوى (300)، وابن حبان فى صحيحه (1403، 1404)، وابن خزيمة فى صحيحه (292)، والبيهقى فى السنن (2/ 430)، والحاكم فى المستدرك (1/ 166).
(3)
رواه ابن سعد فى «الطبقات» (1/ 320)، وذكره الهيثمى فى «المجمع» (8/ 281) وعزاه لأحمد والبزار. وقال: رجال أحمد رجال الصحيح: إلا أن التابعى غير مسمى وقد سماه البزار وهو من رجال الصحيح أيضا اه.
(4)
رواه البيهقى فى «الدلائل» (1/ 252).
(5)
ذكره الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (8/ 273). وعزاه للطبرانى فى الكبير، وقال: فيه من لم يسم.
3 -
حدثنا محمد بن بشار (يعنى العبدى)، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبى إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب، يقول:
ــ
التثبت، ولا يظهر منه استعجال ومبادرة، «وذريع المشية» معناه: واسع الخطوة، فالتقلع: الارتفاع من الأرض بجملته، كحال المنحط فى الصبب، وهى مشية أولى العزم والهمة، والشجاعة، وهى أعدل المشيات، وأروحها للأعضاء، فكثير يمشى قطعة واحدة، فكأنه خشبة محمولة فهى مذمومة، كالمشية بانزعاج كالجمل الأهوج، إذ هى علامة خفة عقل صاحبها، لا سيما إن أكثر الالتفات حال مشيته يمينا وشمالا، قيل:
وروى يتكفأ بقلب همزته ألفا ولا وجه له.
3 -
(بعيد) بفتح فكسر، وقيل: بالتصغير، وهو غريب، وفى صحته نظر. (ما بين المنكبين) أى عريض أعلى الظهر وهو مستلزم لعرض أعلى الصدر ومن ثمة وقع عند ابن سعد: رحيب الصدر، والمنكب: مجمع عظم العضد والكتف. (عظيم الجمّة) وهو بضم الجيم وتشديد الميم، ما سقط من شعر الرأس على المنكبين، واللّمة بكسر اللام هى على الأصح: ما جاوز شحمة الأذن ووصلت المنكبين لم لا ودونهما الوفرة إذ هى ما نزل من شحمة الأذن (إلى شحمة أذنيه) متعلق بعظيم لبيان أن عظم جمته وكثرتها وتكاثفها ينتهى إلى شحمة أذنيه وفى رواية: «كان شعره بين أذنيه وعاتقه» (1) وفى أخرى فى الصحيحين: «إلى أنصاف أذنيه» (2) وفى أخرى عند المصنف وغيره: «فوق الجمّة ودون الوفرة» (3) وفى رواية: «إن انفرقت عقيصته فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة
3 - إسناده صحيح رواه البخارى فى «المناقب» (3551)، ومسلم فى «الفضائل» (2337)، وأبو داود فى «اللباس» (4072)، وابن ماجه فى «اللباس» (3599)، وأحمد فى «المسند» (4/ 481)، كلهم من طريق شعبة به فذكره نحوه.
(1)
رواه مسلم فى «الفضائل» (2338)، (4/ 1819).
(2)
رواه مسلم فى «الفضائل» (2338)، (4/ 1819)، وأبو داود (4186)، والنسائى (8/ 133)، والبيهقى فى «الدلائل» (1/ 221).
(3)
هو جزء من حديث هند بن أبى هالة وقد تقدم.
4 -
حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبى إسحاق، عن البراء بن عازب قال:
ــ
أذنيه إذ هو وفرة» (1) وفى أخرى: «كان إلى أذنيه» ، وفى أخرى:«يضرب منكبيه» (2) وفى أخرى: «إلى كتفيه، أو منكبيه» (3) وجمع بينها بأن ما يلى الأذن هو الذى يبلغ شحمتها، وما خلفها هو الذى يضرب منكبيه أو بأن ذلك لاختلاف الأوقات، فكان إذا ترك تقصيرها بلغت المنكب، وإذا قصرها كانت إلى الأذن أو شحمتها أو نصفها، فكانت تطول وتقصر بحسب ذلك (عليه حلة) هى بضم الحاء إزار ورداء بردا وغيره، ولا تكون إلا من ثوبين، ولو ظهارة وبطانة، وإن كانا من جنسين، خلافا لمن اشترط اتحاد جنسيهما (حمراء) أفرده رعاية للفظ، وإشارة إلى أن الثوبين بمنزلة ثوب واحد، للاحتياج إليهما معا، والحديث صحيح، وبه استدل إمامنا الشافعى على حل لبس الأحمر، وإن كان قانيا، وحمله على ذى الخطوط، سيأتى رده مع بسط الكلام على ذلك فى لباسه صلى الله عليه وسلم (ما رأيت شيئا قط أحسن منه) يعنى: مثل حسنه إذ أفعل قد يراد به أصل الفعل إثباتا ونفيا، وإن قرن بمن، خلافا لما يوهمه كلام غير واحد، ومن ذلك قولهم: العسل أحلى من الخلّ، والصيف أحرّ من الشتاء.
4 -
(ابن غيلان) بفتح الغين المعجمة. (سفيان) أى الثورى. (البراء) بتخفيف الراء وبالمد، وقيل: بالقصر. (ما رأيت من ذى لمّة) إلى آخره، مرّ شرحه جميعا! و (من) زائدة لتأكيد المنفى، وللتنصيص على استغراقه لجميع الأفراد (أحسن) صفة لذى لمة، أو حال منه، إن كانت رأى بصرية وهو الظاهر، وإن كانت علمية كان مفعولا ثانيا لها.
4 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى «اللباس» : (1724)، بسنده ومتنه سواء، ورواه مسلم فى «الفضائل» (2337)، وأبو داود فى «الترجل» (4183)، والنسائى فى «الزينة» (8/ 183)، وفى «السنن الكبرى» (9325)، (5/ 412)، كلهم من طريق وكيع به فذكره نحوه.؟؟؟
(1)
من حديث هند بن أبى هالة المتقدم.
(2)
رواه البخارى فى «اللباس» (5904)، ورواه البيهقى فى «الدلائل» (1/ 221).
(3)
رواه مسلم فى «الفضائل» (2337)، (4/ 1819)، وأحمد فى «المسند» (4/ 163).
5 -
حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو نعيم، حدثنا المسعودى، عن عثمان ابن مسلم بن هرمز، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن على بن أبى طالب قال:
ــ
5 -
(أبو نعيم) أى بضم ففتح، وهو الفضل بن دكين بضم الدال المهملة. (ابن جبير) بالتصغير. (مطعم) كمسلم. (شثن) بالنصب خبر لكان محذوفة، أو بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، وهو بالثاء المثلثة. (الكفين والقدمين) أى غليظهما فى خشونة على ما قاله الأصمعى، ولا ينافيه خبر الطبرانى:«فأخذت بيده، فإذا هى ألين من مس الحرير» (1) وفى البخارى عن أنس «ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم» (2) وفى رواية: «سبط الكفين» بتقديم السين أى: لينهما، وفى أخرى:«أردفنى خلفه فى سفر فما مسست شيئا قط ألين من جلده صلى الله عليه وسلم» ؛ لأن المراد: اللين فى الجلد والغلظ فى العظام، فاجتمع له نعومة البدن وقوته، وقيل: الخشونة باعتبار عمله فى
5 - إسناده حسن: المسعودى هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود. قال الحافظ فيه: صدوق اختلط قبل موته. وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط [التقريب (3919)]. قلت: رواه المصنف (3637)، والإمام أحمد فى «المسند» (1/ 96) حدثنا وكيع حدثنا المسعودى قلت: ووكيع بن الجراح سمع من المسعودى قبل الاختلاط، ورواه الترمذى فى «المناقب»:(3637)، بسنده ومتنه سواء، ورواه الحاكم فى «المستدرك» (2/ 606)، من طريق أبى نعيم به فذكره وصححه، ووافقه الشيخ الذهبى، وفيه: ابن هرمز، وهو لين الحديث، ولكن للحديث طرقا أخرى تقوى بها إلى مرتبة الحسن منها ما روى أحمد فى «المسند» (1/ 90،115، 117) والبيهقى فى «الدلائل» (1/ 268،269).؟؟؟
(1)
ذكره الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (8/ 282)، وعزاه للطبرانى والبرار، وقال: فيه الحسن بن أبى جعفر، وقد وثق على ضعفه.
(2)
رواه البخارى فى «المناقب» (3561)، (6/ 654 فتح)، ومسلم فى الفضائل (2330)، والترمذى فى البر والصلة (2015)، والدارمى (1/ 31)، وأحمد فى مسنده (3/ 222،227، 265،267)، وابن حبان فى صحيحه (6303)، والبيهقى فى دلائل النبوة (1/ 254)، وابن سعد فى الطبقات (1/ 413).
5 م-حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا أبى عن المسعودى، بهذا الإسناد نحوه بمعناه.
ــ
الجهاد، ومهنته أهله، واللين باعتبار أصل خلقته، على أن التحقيق تفسير الشثن بالغلظ من غير قصر، ولا خشونة، ولما فسره الأصمعى بما مرّ، قيل له: إنه ورد فى صفته صلى الله عليه وسلم: «أنه لين الكفّ» فآلى على نفسه أن لا يفسر شيئا فى الحديث، وتفسير أبى عبيدة له بالغلظ مع القصر مردود بما صح «أنه كان سائل الأطراف» (1)، وفى رواية:«أنه كان عبل الذراعين» (1) أى ضخم الذراعين «رحب الكفين» (1) وورد من طرق: «أنه صلى الله عليه وسلم مسح بيده الشريفة وجهه، أو وجه وصدر غير واحد من أصحابه، فصار محل يده غرة سائلة كغرة الفرس، وكان لا يمسح بها شيئا إلا برئ ومسح رأسا، فكان ما مرت يده عليه أسود وشاب ما سواه» ، وصح أنه مسح رأس ولحية أبى زيد الأنصارى ثم قال:
«اللهم جمّله» (2) فبلغ بضعا ومائة سنة، وما فى لحيته بياض ولا فى وجهه تغير (ضخم الرأس) وفى رواية:«عظيم الهامة» (3) وصفه بذلك ورد عن غير على رضى الله عنه من طرق صحيحة وهو دال على كمال القوة الدماغية من الحواس الباطنة، وبكمالها يتميز الإنسان على غيره (ضخم الكراديس) أى: رءوس العظام، وهو بمعنى جليل المشاش الآتى (طويل المسربة) وهى بفتح فسكون فضم خط الشعر بين الصدر والسرة وفى رواية:«ذو مسربة» وفى أخرى عند البيهقى: «له شعرات من سرته تجرى كالقضيب ليس على صدره، ولا على بطنه غيره» وعند الطيالسى والطبرانى: «ما رأيت بطنه إلا ذكرت القراطيس المثنى بعضها على بعض» (4) وفى رواية: «مغاضن البطن» أى: واسعة وقيل مستوية مع الصدر (إذا مشى) مرّ تفسيره. (لم) إما استئناف أو خبر بعد خبر.
(نحوه بمعناه) تأكيد، وإلا فنحوه لا يقال، إلا لما وافق المعنى فقط، وأما الموافق معنى ولفظا فيقال مثله.
(1) هو جزء من حديث هند بن أبى هالة المتقدم.
(2)
رواه الترمذى فى «المناقب» باب فى طول سن أبى زيد عمرو بن أخطب، وقلة شيبه ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم، ورواه أحمد فى «المسند» (5/ 77)، وابن أبى شيبة فى «المصنف» (11/ 493)، (11807)، وابن أبى عاصم فى «الآحاد» (2181)، وأبو نعيم فى «الدلائل» (392،393).
(3)
هو جزء من حديث هند بن أبى هالة المتقدم تخريجه.
(4)
أورده الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (8/ 280) وقال: رواه الطبرانى وفيه جابر الجعفى وهو ضعيف.
6 -
حدثنا أحمد بن عبدة الضبّى البصرى، وعلى بن حجر، وأبو جعفر محمد ابن الحسين، وهو ابن أبى حليمة، والمعنى واحد. قالوا: حدثنا عيسى بن يونس، عن عمر بن عبد الله مولى غفرة، قال: حدثنى إبراهيم بن محمد من ولد على بن أبى طالب-رضى الله عنه-قال: كان علىّ إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ــ
6 -
(عبدة) بفتح فسكون. (الضبى) نسبة لبنى ضبة بالمعجمة كحبة قبيلة من عرب البصرة. (حجر) بمهملة مضمومة فجيم ساكنة. (والمعنى واحد) جملة حالية من الفاعل، أو المفعول أى حال كون المعنى فى أحاديثهم واحد، أو الأحاديث حال كونها بحسب المعنى الواحد، وفى نسخ بحذف الواو صفة لمفعول حدثنا أى الأحاديث المعنى فيها واحد. (غفرة) بضم الغين المعجمة، وسكون الفاء والراء. (محمد) ابن الحنفية أمة لعلى حصلت له من سبى بنى حنيفة، قيل: من سخافة عقول طائفة من الرافضة أنهم يعتقدون فى محمد هذا الألوهية، مع أن أبا بكر رضى الله عنه هو المعطى عليا رضى الله عنه أمة فلولا إعطاؤه له لخيفة كونه الإمام الأعظم، لكان آلههم دعيا (من
6 - إسناده ضعيف: رواه الترمذى فى المناقب (3638)، بسنده ومتنه سواء، ورواه ابن سعد فى الطبقات (1/ 315)، والبيهقى فى الدلائل (1/ 269،270)، كلاهما من طريق عمر بن عبد الله مولى غفرة به فذكره نحوه. قلت: فيه عمر بن عبد الله مولى غفرة: ضعيف الحديث.
قال أبو عيسى: سمعت أبا جعفر محمد بن الحسين يقول: سمعت الأصمعى يقول فى تفسير صفة النبى صلى الله عليه وسلم: الممغط: الذاهب طولا-وقال: سمعت أعرابيا يقول فى كلامه: ممغط فى نشابته أى: مدها مدا شديدا-والمتردد: الداخل بعضه فى بعض قصرا-وأما القطط: فالشديد الجعودة-والرجل: الذى فى شعره حجونة، أى تثن قليل-وأما المطهم: فالبادن الكثير اللحم-والمكلثم: المدور الوجه-والمشرب: الذى فى بياضه حمرة-والأدعج: الشديد سواد العين- والأهدب: الطويل الأشفار. والكتد: مجتمع الكتفين وهو الكاهل، والمسربة: هو الشعر الدقيق الذى كأنه قضيب من الصدر إلى السرة، والشثن: الغليظ الأصابع
ــ
ولد) بفتحتين اسم جنس، أو بضم فسكون جمع ولد، ومن تبعيضية أو بيانية، والأولى أولى، لأن البيانية تشعر بالحصر، وولد علىّ لم يحصر فى محمد، ويصح أن يكون لإبراهيم، إذ الولد يشمل ولد الولد حقيقة، كما عليه الأكثرون ومجازا كما عليه الباقون. (الممغط) هو بتشديد الميم الثانية، قيل: والمحدثون يشددون الغين، المتناهى فى الطول، فهى بمعنى «المشذب» فى رواية، «والبائن» فى أخرى، وأمغط النهار إذا امتد، ومغطت الحبل إذا مددته، وأصله منمغط قلبت نونه الدالة على المطاوعة ميما، وأدغمت فى الميم، ويقال بالعين المهملة بمعناه. (المتردد) الذى يتردد بعض خلقه على بعض فهو كالقصير مجتمع. (رجلا) بفتح فكسر أى: يتكسر شعره قليلا. (ولم يكن بالمطّهم) هو المنتفخ الوجه، وقيل: الفاحش السمن، وقيل: النحيف الجسم، وهو من الأضداد، وفسره المصنف بما يأتى (ولا بالمكلثم وكان فى وجهه تدوير) أى: لم يكن شديد تدوير الوجه بل كان فى وجهه تدوير [أى لم يكن شديد تدوير الوجه تدوير](1) مع السهولة وهو أحلى عند العرب، وفى رواية:«كان أسيل الخدين» (2) أى: مستطيلهما مع عدم ارتفاع الوجنة وهذا هو الحامل لمن سأل أكان وجهه مثل السيف؟ كما سيأتى الكلام عليه. (أبيض مشرب) بتخفيف الراء وتشديدها، ومر الكلام على ذلك مستوفى (أدعج العينين) أى: شديد سواد حدقتهما، كما فى رواية علىّ أيضا:«كان أسود الحدقة» (3)
(1) ما بين [] طمس فى الأصل.
(2)
ذكره الزبيدى فى إتحاف السادة المتقين (7/ 151)، وقال: رواه الترمذى فى الشمائل والبيهقى والطبرانى من حديث هند بن أبى هالة، ورواه البزار والبيهقى.
(3)
ذكره الزبيدى فى إتحاف السادة (7/ 150)، والهندى فى كنز العمال (18564)، وعزاه لابن جرير وابن عساكر
من الكفين والقدمين، والتقلع: أن يمشى بقوة، والصبب: الحدور، تقول:
انحدرنا فى صبوب وصبب، جليل المشاش: يريد رءوس المناكب، والعشيرة:
الصحبة، والعشير: الصاحب، والبديهة: المفاجأة، يقال: بدهته بأمر أى: فجأته.
ــ
(أهدب الأشفار) أى طويلها كثيرها، وهى جمع شفر بضم أوله وقد تفتح شعر العين، أو منابت الشعر المحيط بها، ففيه حذف مضاف أى شعر الأشفار (جليل المشاش) أى رءوس العظام، كالمرفقين، والركبتين والمنكبين. (والكتد) وهو بفتحتين، أو فتح فكسر مجتمع الكتفين أى: عظم ذلك كله، وهو دال على غاية القوة والشجاعة (أجرد) أى غير أشعر وهو من عم الشعر جميع بدنه، فالأجرد: من لم يعمه الشعر، فيصدق بمن فى بعض بدنه شعر، كالمسربة، والساعدين، والساقين، وقد كان له صلى الله عليه وسلم فى ذلك شعر، وقيل: أجرد أى: ليس فيه غل ولا غش، فهو على أصل الفطرة، فنور الإيمان يزداد فيه (ذو مسربة) مرّ الكلام فيه. (فى صبب) أى من صبب كما فى الرواية الآتية. (وإذا التفت التفت معا) فلا يسارق النظر وقيل: لا يلوى عنقه يمنة ولا يسرة، إذا نظر إلى الشىء، وإنما يفعل ذلك الطائش الخفيف ولكن كان يقبل جميعا ويدبر جميعا (بين كتفيه خاتم النبوة) سيأتى الكلام عليه. (خاتم النبيين) بكسر التاء بمعنى أنه ختمهم أى جاء آخرهم فلا نبى بعده، أى: لا يتنبأ أحد بعده، ونزول عيسى آخر الزمان، إنما هو بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، حكما مقسطا، عاملا بها، مصليا إلى قبلته، مستمدا من القرآن والسنة وبفتحها، بمعنى أنهم ختموا به، فهو الطابع والخاتم لهم. (أجود الناس صدرا) أى قلبا تسمية للشىء باسم محله، أو مجاوره، أى جوده بالسجيّة والطبع، لا بالتكلف والسمعة، وقيل: من الجوّدة، أى أحسنهم قلبا لسلامته من كل غش ودنس، كيف؟ وقد صحّ:«أن جبريل شقّه، واستخرج منه علقة، وقال: هذا حظّ الشيطان منك، ثم غسله فى طست من ذهب بماء زمزم» (1) وصح أيضا: «ثم استخرجا قلبى، فشقاه، فأخرجا منه علقتين سوداوين، ثم غسلا جوفى بماء وثلج، ثم قلبه، ثم ذرأ السكينة فيه، ثم ختم أحدهما عليه بخاتم النبوة» (2)، وفى رواية عند البيهقى:«جاءانى فى صورة كوكبين، معهما ثلج، وبرد، وماء بارد، فشق أحدهما من صدره، ومج الآخر بمنقار فيه» (3)، وفى أخرى عند عبد الله بن أحمد من رواية المسند، وسندها صحيح، كما قاله بعض المحققين من المحدثين: «جاءاه بصحراء، وهو ابن عشر حجج،
(1) الإمام أحمد فى مسنده (3/ 288) والبيهقى فى الدلائل (2/ 5) وأبو نعيم فى الدلائل (151).
(2)
و (3) البيهقى فى «الدلائل» (2/ 7)، وأبو نعيم فى الدلائل (147).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأضجعاه لقفاه ثم شقا بطنه، وأحدهما يأتى بالماء فى طست ذهب، والآخر يغسل جوفه، ثم صدره، ثم قلبه، فقال له الآخر: أخرج الغلّ والحسد منه، فأخرج شبه العلقة فنبذ به، ثم قال: أدخل الرأفة والرحمة عليه، فأدخل شيئا كهيئة الفضة، ثم أخرج ذرورا فذر عليه، ثم نقر إبهامى، ثم قال: اغد، فرجعت علام أغد به من رحمتى للصغير، ورقتى على الكبير» (1) وفى رواية لأبى نعيم:«فاستخرج حشوة جوفى فغسلها، ثم ذر عليها ذرورا، ثم قال: قلب وكيع-أى داع-فيه عينان تبصران، وأذنان تسمعان، وأنت محمد رسول الله المقفى، الحاشر، قلبك سليم ولسانك صادق، ونفسك مطمئنة، وخلقك قيم، وأنت قيم» (2) وإنما خلقت تلك العلقة فيه تكملة لخلقه الإنسانى، إذ هى من جملة أجزائه، ثم استخرجت منه بأمر ربانى طرا بعد الدلالة على مزيد الاعتناء به، والمبالغة فى تطهيره من الرذائل والنقائص. وإنما اختلفت تلك الروايات لوقوع الشق مرارا أربعة: عند حليمة، ثم وهو ابن عشر، ثم عند مناجات جبريل له بغار حراء، ثم عند الإسراء، ورواية خامسة لا تثبت، والواقعة فى طفولته من الإرهاص لا المعجزة، لاشتراط مقارنتها للنبوة على الأصح، وحكمة النص فى الآية على شرح الصدر دون القلب: أن الصدر محل الوسوسة، كما فى سورة الناس فإزالتها وإبدالها بدواعى الخير هى الشرح، فهو راجع للمعرفة والطاعة، لأنه لما بعث للأحمر والأسود، من إنسى وجنى، أخرج تعالى من قلبه جميع الهموم، فاتسع لجميع المهمات من غير قلق ولا ضجر. (وأصدق الناس لهجة) بفتحتين أو بفتح فسكون، أى لسانا، أى: كان لسانه أصدق الألسنة، فيتكلم بمخارج الحروف على ما هى عليه، بما لا يقدر عليه أحد، إذ هو أفصح الخلق، وأعذبهم كلاما وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، كأن كلامه يأخذ بمجامع القلوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«أنا أفصح العرب، وإن أهل الجنة يتكلموا بلغة محمد صلى الله عليه وسلم» (3) وقال له مرة: يا رسول الله: ما لك أفصحنا، ولم تخرج إلا من بين
(1) رواه أحمد فى «المسند» (4/ 184)، والحاكم فى المستدرك (2/ 616)، وأبو نعيم فى الدلائل (150).
(2)
لم أقف عليه فى الدلائل بهذا اللفظ (145. . وما بعدها».
(3)
ذكره القاضى عياض فى «الشفاء» (1/ 80) وقال: لا أصل له. وكذلك أورده العجلونى فى «كشف الخفاء» (1/ 201) وقال: أورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من أخرجه ولا إسناده. اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أظهرنا؟ قال: «كانت لغة إسماعيل، قد درست، فجاءنى بها جبريل فحفظتها» (1) رواه أبو نعيم، وحديث:«أنا أفصح من نطق بالضاد» (2) لا أصل له، لكن معناه صحيح وفى حديث ضعيف عن على أنه قال للنبى صلى الله عليه وسلم، وقد رآه يكلم العرب بلسان ما تفهم أكثره؟ فقال:«إن الله عز وجل أدبنى فأحسن تأديبى ونشأت فى بنى سعد بن بكر» (3).
(وألينهم عريكة) أى طبيعة فهو مع الناس على غاية من السلامة والمطاوعة وقلة الخلاف والنفور. (وأكرمهم عشرة) فى صحبة ومخالطة، وفى نسخة:«عشيرة» أى قوما من جهة أبيه وأمه، وعند الطبرانى وغيره:«خرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح من لدن آدم، إلى أن ولد فى أبى وأمى، ولم يصبنى من سفاح الجاهلية شىء» (4) وعند أبى نعيم: «لم يلتق أبواى قط على سفاح، ولم يزل الله ينقلنى من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان، إلا كنت فى خيرتها» (5). وعند ابن مردويه: أنه صلى الله عليه وسلم قرأ: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ بفتح الفاء، وقال:«أنا أنفسكم نسبا وصهرا» (6) أى حسبا «ليس فى آبائى من لدن آدم سفاح بل نكاح» ، وعند
(1) ذكره الهندى فى «الكنز» (35462)، وعزاه للغطريفى فى «جزئه» .
(2)
ذكره العجلونى فى «كشف الخفاء» (1/ 201) وقال: قال فى اللآلئ: معناه صحيح، ولكن لا أصل له كما قال ابن كثير وغيره من الحفاظ، وأورده أصحاب الغريب، ولا يعرف له إسناد، ورواه ابن سعد عن يحيى بن يزيد السعدى مرسلا بلفظ: أنا أعربكم أنا من قريش. ولسانى لسان سعد بن بكر، ورواه الطبرانى عن أبى سعيد الخدرى بلفظ: أنا أعرب العرب، ولدت فى بنى سعد، فأنّى يأتينى اللحن. كذا نقله فى «مناهل الصفا» بتخريج أحاديث الشفا للسيوطى، ثم قال فيه: والعجب من حيث ذكره فى «شرح جمع الجوامع» من غير بيان حاله، وكذا من شيخ الإسلام زكريا (الأنصارى) حيث ذكره فى شرح الجزرية اه، وأورده الشوكانى أيضا فى «الفوائد» (ص 327).
(3)
ذكره الهندى فى الكنز (18673)(7/ 214) وعزاه لابن الجوزى فى الواهيات وقال: لا يصح.
(4)
رواه ابن سعد فى «الطبقات» (1/ 51)، والرامهرمزى فى «الفاصل بين الراوى والواعى» (ص 136)، والطبرانى فى «الأوسط» (4728)، والبيهقى فى «السنن» (7/ 190)، والجرجانى فى «التاريخ» (ص 361)، وأبو نعيم فى «الدلائل» (ص 29). قلت: والحديث من رواية عائشة وابن عباس وعلى رضى الله عنهم، وصححه الذهبى فى «تاريخ الإسلام» (1/ 29).
(5)
رواه أبو نعيم فى الدلائل (ص 29)، وإسناده ضعيف. فيه من لم يعرف من دون عكرمة.
(6)
أورده السيوطى فى «الدر المنثور» (4/ 327)، وعزاه لابن مردويه عن أنس رضى الله عنه وفيه «نسبا وصهرا وحسبا ليس فىّ ولا فى آبائى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبى نعيم، والطبرانى عن عائشة عنه صلى الله عليه وسلم عن جبريل قال:«قلبت مشارق الأرض ومغاربها، فلم أر رجلا أفضل من محمد، ولم أر بنى أب أفضل من بنى هاشم» (1).
قال بعض الحفاظ: لوائح الصحة ظاهرة على صفحات هذا المتن، وعند الطبرانى «إن الله تعالى اختار خلقه، فاختار منهم بنى آدم، فاختار منهم العرب، فلم أزل خيار من خيار الأرض، من أحب العرب، فبحبى أحبهم، ومن أبغض العرب، فببغضى أبغضهم» . (من رآه بديهة) أى مفاجأة. (هابه) أى خافه، لما كان يظهر عليه من عظيم الجلالة والمهابة والوقار. (ومن خالطه معرفة) أى لأجل حصول معرفته، فحصلت له.
(أحبه) لكمال حسن معاشرته وما هو عظيم تألفه. (ناعته) واصفه. (لم أر قبله ولا بعده مثله) للزوم هذا الوصف له وظهوره عند من له أدنى بصيرة فلما لم يخف، كان كل واصف ملزوما بأن هذا القول يصدر عنه، وإن لم يصدر عنه التصريح به غفلة وذهولا، فأرى هنا علمية أى لم أعلم مماثلا له فى وصف من أوصاف الكمال، كيف وهو سيد النبيين وأشرف المرسلين وخيرة الله من خلقه أجمعين؟ واعلم أنها سواء كانت علمية، أو بصرية مشكلة بما يأتى عن على نفسه، وبقول أبى بكر رضى الله عنه وقد حمل الحسن، وهو يقول: بأبى شبيه النبى ليس شبيها بعلى، وعلى رضى الله عنه يضحك، ويقول أنس: كان-يعنى الحسين رضى الله عنه-أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن، وقوله أيضا: لم يكن أحد أشبه بالنبى من الحسن، -روى هذه الثلاثة البخارى (2)، نعم إن حمل النفى فى كلام علىّ على عموم الشبه، والإثبات فى كلام أبى بكر وأنس على نوع منه، زال الإشكال، ثم ما ذكره أنس فى الحسن والحسين رضى الله عنهما فيه تناف، إلا أن يحمل ما قاله فى الحسن على أن أحدا غيره لم يشبه النبى صلى الله عليه وسلم لأنه كان أشد شبها به من الحسين، وما قاله فى الحسين على ما بعد موت الحسن، أو
(1) ذكره الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (8/ 217)، وعزاه للطبرانى فى «الأوسط» وقال: فيه موسى ابن عبيدة الربذى (وهو ضعيف).
(2)
روى البخارى فى «المناقب» (3748)، من حديث أنس. فقال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوبا بالوسمة» وروى أيضا فى «المناقب» (3750) من حديث عقبة بن الحارث قال:«رأيت أبا بكر رضى الله عنه وحمل الحسن وهو يقول: بأبى شبيه بالنبى. ليس شبيه بعلى. وعلى يضحك. وروى البخارى أيضا (3752) من حديث أنس رضى الله عنه قال: «لم يكن أحد أشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم من الحسن بن على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إن كان كلا أشد شبها به فى البعض، لرواية المصنف، وابن حبان عن على رضى الله عنه قال: الحسن أشبه ما بين الرأس إلى الصدر، والحسين أشبه ما كان أسفل من ذلك. وقد عدّوا ممن شبهه غيرهما: فاطمة، وإبراهيم ولديه صلى الله عليه وسلم وإبراهيم بن الحسن ابن الحسين بن على، ويحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين، وكان يقال له الشبيه، قالت النسابة: وكان ليحيى هذا موضع خاتم النبوة شامة قدر بيضة الحمام، شبه خاتم النبوة، وكان إذا دخل الحمام، ورآه الناس حملوا على النبى، وازدحموا عليه يقبّلون ظهره تبركا، وكذا وصف بالشبه: جعفر بن أبى طالب، لما صح عند المصنف أنه صلى الله عليه وسلم قال:«أشبهت خلقى وخلقى» (1) وابنه عبد الله، وقثم بن العباس وأبو سفيان بن الحارث ومسلم بن عقيل بن أبى طالب، والقاسم بن عبد الله بن محمد بن عقيل وهؤلاء من بنى هاشم، والسائب بن يزيد المطلبى جد إمامنا الشافعى، وعبد الله بن عامر بن كرز بضم ففتح، وابن ربيعة بصرى، وجّه إليه معاوية، وقبل بين عينيه وأقطعه قطيعة، وكان أنس إذا رآه يبكى، وعلى بن على بن عبادان بن رفاعة الرفاعى بصرى من أتباع التابعين، والمراد به التشبيه فى جميع هؤلاء الشبه فى البعض، وإلا فجملة محاسنه منزهة عن الشريك، كما أفاده الإمام صاحب البردة. وسمعت الأصمعى إلى آخره، مر جميعه قال: الظاهر أنه راجع الأصمعى، واحتمال رجوعه للمصنف، أو شيخه محمد بعيد جدا. (فى كلامه) أى فى أثنائه. (ممغط) ليس هذا من المادة التى الكلام فيها، وهى الممغط فذكره لبيان أن المادتين، تقاربتا لفظا ومعنى. (فى نشابته) أى سهمه. (الرجل) بفتح فسكون، أو كسر وصف صاحب الشعر به مجاز والحقيقة وصف نفس الشعر المذكور به. (حجونة) بمهملة فجيم أصله الاعوجاج.
(مجتمع) بضم الميم الأولى وفتح الثانية. (الكاهل) فسره غيره بأنه مقدم الظهر من العنق، والمعنى واحد، النشابة: السهم، والقضيب: السيف، وقيل: العود والحدور ضد الصعود، يتعدى ولا يتعدى، والعشير: يطلق أيضا على الزوج كما فى حديث «ويكفرن العشير» .
(1) رواه البخارى فى جزاء الصيد (1844) وفى الصلح (2699)، وفى المغازى (4251)، والترمذى فى الصلح (3765)، والدارمى (2/ 237،238)، وأحمد فى مسنده (1،98،99، 108،115)(4/ 298)، وابن حبان فى صحيحه (7046،4873)، وابن أبى شيبة فى مصنفه (1/ 105)، والحاكم فى المستدرك (3/ 12)، وابن سعد فى الطبقات الكبرى (4/ 36).
7 -
حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا جميع بن عمير بن عبد الرحمن العجلى إملاء علينا من كتابه قال: أخبرنى رجل من بنى تميم من ولد أبى هالة زوج خديجة، يكنى أبا عبد الله، عن ابن لأبى هالة، عن الحسن بن على رضى الله عنهما قال: سألت خالى هند بن أبى هالة-وكان وصّافا-عن حلية النبى صلى الله عليه وسلم، وأنا أشتهى أن يصف لى شيئا منها أتعلق به، فقال:
ــ
7 -
(جميع بن عمير) بالتصغير (1) وثقه ابن حبان (2) وضعفه غيره، وفى نسخ: عمر وهو تحريف، وما فى الأحاديث الطوال للحافظ أبى موسى المدينى صريح فى أن المحرف جميع بن عمير، لا جميع بن عمر، قال: وهذا الطريق عزيز لأجل رواية الأخ الأكبر الحسن بن على، عن الأصغر الحسين بن على أنه منهم يعرف بجميع، وهو ابن عمر بن عبد الرحمن يكنى: أبا بكر، ويقال: أبو جعفر، كوفى يعرف بهذا الحديث، وبحديث آخر له، وسمى فى التابعين، اسمه جميع بن عمير أكثر حديثا من هذا وأشهر، وقد قيل فى هذا الحديث: عن جميع، عن يزيد بن عمرو عن أبيه، عن الحسن، والأشهر، عن جميع عن يزيد بن عمر بضم العين، عن ابن أبى هالة. انتهى.
وفى ترتيب ثقات العجلى لشيخ الإسلام تقى الدين السبكى ما نصه: جميع بن عمر
7 - إسناده ضعيف جدا: رواه ابن سعد فى «الطبقات» (1/ 316)، ورواه البغوى فى شرح السنة (13/ 270)، والبيهقى فى «دلائل النبوة» (1/ 286)، وابن عدى فى «الكامل» (7/ 134)، والمزى فى تهذيب الكمال (1/ 213،214)، كلهم من طريق جميع بن عمير به فذكره. قلت: فى إسناده جميع بن عمير، قال الحافظ فيه:«ضعيف» (968)، وكذلك: أبو عبد الله التميمى: «مجهول» ، [التقريب (8206)].
(1)
قال المناوى: ابن عمر مكبرا، كذا فى نسخ الشمائل وفى بعض الروايات عمير مصغرا، واختاره الحافظ ابن حجر وهو ما أورده الحافظ المزى فى «تهذيب الكمال» (5/ 122)، وتبعه فى الميزان-أى الذهبى- (1/ 421)، لكن اختار الحافظ ابن حجر تصغيرهما. وذكر مثله القارئ.
(2)
انظر: الثقات له (8/ 166)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ونقل على القارئ كلام المصنف، وكذلك قول الحافظ فى التقريب:«ضعيف رافضى» . . . وقال: واختلف فى قبول رواية المبتدع، والأصح أنه إن كانت بدعته ليست بكفر وهو غير داع إلى بدعته، فيقبل إن كان متصفا بالضبط والورع. اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العجلى، كوفى لا بأس به يكتب حديثه، وليس بالقوى انتهى. (إملاء) أى إلقاء، وهو مصدر حدثنا من غير لفظه، أو تمييز أو حال أى ممليا (علينا من كتابه) أى لنكتبه، وإيثاره للكتاب لزيادة الاحتياط أو لنسيان بعض المروى (خديجة) أم المؤمنين رضى الله عنها كانت تدعى فى الجاهلية الطاهرة وكانت تحت أبى هالة بن زرارة التيمى فولدت له ذكرين هندا وهالة، ثم تزوجها عتيق بن خالد المخزومى، فولدت له أنثى تسمى هند، ثم تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم، وله خمس وعشرون سنة ولها أربعون، ولم ينكح قبلها، ولا عليها حتى ماتت، وهى أول من آمن، قيل: مطلقا وقيل: من النساء، وجميع أولاده منها، إلا إبراهيم، فمن مارية (يكنى: أبا عبد الله) أى ويسمى بيزيد بن عمر، وهذا صفة لرجل، لا لزوج، وهو مجهول، فالحديث فيه علل، (عن الحسن)(1) أبى محمد سبط رسول الله، ولد فى رمضان سنة ثلاث من الهجرة ومات سنة تسع وأربعين، ولما قتل أبوه بالكوفة بايعه بعد الموت أربعون ألفا، ثم سلم الأمر إلى معاوية، تحقيقا لما أخبره به صلى الله عليه وسلم عنه بقوله:«إن ابنى هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (2). (وكان) حال من [مفعول](3) سأل. (عن حلية) تنازعه سأل ووصافا لتضمنه معنى مخبرا، والحلية: الهيئة والشكل. (وأنا) حال من فاعل سأل (شيئا) تنويه
(1) هو سيدنا الحسن بن على بن أبى طالب القرشى الهاشمى، أبو محمد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن ابنته فاطمة، سيدة نساء أهل الجنة، وقيل: العالمين وهو سيدهم هو وأخوه الحسين، ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذى سماهما حين ولدا. ولم يسبقا إلى هذين الاسمين، وحنكهما، وبارك عليهما، وعقّ عنهما وكانا يشبهانه، فالحسن رضى الله عنه يشبه ما بعد ذلك. وكان الحسن أعجبهما إليه، وكان يجلسه معه على المنبر ويقول:«إن ابنى هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين» ، جامع المسانيد والسنن للحافظ ابن كثير (3/ 470، 471)، وقد وردت أحاديث كثيرة فى فضله ومناقبه رضى الله عنه وأرضاه. وانظر فى ترجمته: مسند أحمد (1/ 199)، والفضائل له (25)، والتاريخ الكبير (2/ 2491)، وحلية الأولياء (2/ 35)، سير أعلام النبلاء (3/ 245،279)، تهذيب التهذيب (2/ 295، 301)، وغيرها كثير.
(2)
رواه البخارى (2704)، و (3629)، (3746)، (7109)، وأبو داود (4662)، والترمذى (3773)، والنسائى (3/ 107)، وفى فضائل الصحابة (63)، وفى عمل اليوم والليلة (251)، وأحمد فى المسند (5/ 37،38،44)، والطبرانى فى الكبير (2580).
(3)
الزيادة من (ش).
ــ
للتعظيم، أو للتنكير، أو للتعليل، وهو الأنسب بالسياق. (أتعلق به) أى أعيه وأحفظه.
(فخما مفخما) أى عظيما فى نفسه معظّما فى الصدور والعيون عند كل من رآه (يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر) لأنه كان أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا كما فى الصحيحين عن البراء، وعند المصنف، وغيره عن أبى هريرة. «ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجرى فى وجهه» (1) شبه جريانها فى فلكها بجريان الحسن فى وجهه، أو جعل وجهه مقرا، وكأن الشمس يبالغ فى تناهى التشبيه، وفى النهاية «كان إذا سر، فكأن وجهه المرآة، وكأن البدر يرى بشخصه فى وجهه لشدة نوره
(1) رواه الترمذى فى المناقب (3648)، وأحمد فى المسند (2/ 350)، والبغوى فى شرح السنة (3649)، وابن حبان فى صحيحه (6309).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصفائه» وأثر ابن هالة ذكر القمر لأنه يتمكن من النظر إليه، ويؤنس من شاهده من غير أذى يتولد عنه، بخلاف الشمس، لأنها تغشى البصر، وتؤذى، وليلة البدر، لأن القمر فيها فى نهاية إضاءته وكماله، ثم تشبيه بعض صفاته بنحو القمر، والشمس إنما جرى على عادة الشعراء والعرب، أو على سبيل التقريب والتمثيل، وإلا فشىء يعادل شيئا من أوصافه إذ هى أعلى وأجل من كل مخلوق. (أطول من المربوع) أى الحقيقى ومر تسمية ربعة مع الجواب عنه (وأقصر من المشذب) بفتح معجمتيه مع تشديد ثانيهما، وهو البائن طولا فى نحافة، فعلم أنه كان بينهما وهو بمعنى ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير المتردد. (عظيم الهامة) أى الرأس والجمع هامات (إن انفرقت عقيقته) بقافين شعر رأسه الشريف وروى عقيصته أى شعره المعقوص، أى انشقت بنفسها من المفرق، فصارت فرقتين. (فرقها) أى أبقاها على انفراقها، وإلا إن لم تنفرق بنفسها، فلا يفرقها بل يتركها معقوصة، وحينئذ فقد تجاوز (شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره) أى جمعه ويصح أن يكون تجاوز من مدخول النفى أى إن انفرق شعره بعدما عقصه فرق أى ترك كل شىء فى منبته، وإلا ينفرق، بل استمر معقوصا، كأن موضعه الذى يجمع فيه حذاء أذنيه:(فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره) وسيأتى للمصنف، وفى مسلم نحوه «أنه صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رءوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رءوسهم، وكان يحب موافقة أهل الكتاب، فيما لم يؤمر فيه بشىء، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسدل الشعر: إرساله، والمراد هنا: إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة، وأما فرقه فهو فرق بعضه من بعض ويجوز الفرق والسدل لكن الفرق أفضل لأنه الذى رجع إليه صلى الله عليه وسلم (أزهر اللون) أى أبيضه بياضا نيرا لأنه مشرب بحمرة وليس بأمهق كما مرّ (واسع الجبين) أى واضحه وهى بمعنى «صلت الجبين» فى رواية، «عظيم الجبهة» فى أخرى، (أزج الحواجب) أى الحاجبين أى مقوسهما، مع كثرة شعرهما وطوله فى ظرف، وامتدادهما ودقتهما مع طول. (سوابغ) أى كاملات. (فى غير قرن) بالتحريك أى اتصال أسنهما، وهذا مخالف لما فى خبر أم معبد وغيرها من:«أنه أزج أقرن» أى:
مقرون الحاجبين، قال ابن الأثير: والأول أصح انتهى. وكان بين حاجبيه فرجة دقيقة لا تبين، إلا لمتأمل، فهو غير أقرن فى الواقع، وإن كان أقرن حسب الظاهر عند من لم يتأمله، لأنهما سبغا حتى كاد يلتقيان. (بينهما عرق يدره الغضب) أى يمتلئ الضرع لبنا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا در، أو يحركه الغضب ويظهره (أقنى العرنين) هو أول الأنف حيث يكون فيه شمم، وأوله هو ما تحته، مجتمع الحاجبين، والقنى فى الأنف طوله ودقة أرنبته، مع جدب فى وسطه، وفى رواية:«أقنى الأنف» (1) أى: سائل مرتفع وسطه له أى:
العرنين، إذ هو الأقرب والأنسب بالسياق، أو للنبى صلى الله عليه وسلم، لأنه الأصل. (ويعلوه نور يحسبه من) ينظر إليه. (لم يتأمله أشم) أى مرتفع قصبة الأنف، مع استواء أعلاها، لعلو نور العينين، وهو فى الحقيقة غير أشم، وإنما موجب ظن كونه أشم، عدم التأمل.
(كث اللحية) بفتح الكاف أى غير دقيقها ولا طويلها. (سهل الخدين) أى سائلهما من غير ارتفاع فى وجنتيه، وذلك أحلى عند العرب كما مر، وروى البزار والبيهقى:«كان أسيل الخدين» (2)، وهو بمعنى ما تقرر. (ضليع الفم) رواه مسلم عن جابر أيضا أى:
واسعه، ولسعته كان يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، والعرب تمتدح به، وتذم بصغر الفم، وقال شمر: عظيم الأسنان وقيل: شدتها وتمامها، وقال الجوهرى: الضلع والضلاعة: القوة، وذلك دليل على الفصاحة. (مفلج الأسنان) أشنب، وشنبها:
رونقها وماؤها، وقيل: رقتها، وتحريزها، وفلجها: تفريقها، وقيل: تفريق الثنايا.
والرباعيات، وفى رواية لابن سعد:«مبلج الثنايا بالموحدة» ، وفى أخرى لابن عساكر:
«براق الثنايا» ، وسيأتى «كان أفلج الثنيتين، إذا تكلم رؤى كالنور يخرج من بين ثناياه» .
أخرج أحمد وغيره: «أنه صلى الله عليه وسلم شرب من دلو فصب فى بئر ففاح منه مثل رائحة المسك» (3)، وأبو نعيم «أنه بزق فى بئر بدار أنس فلم يكن بالمدينة بئر أعذب منها» ، وللبيهقى:«أنه كان يوم عاشوراء يتفل فى أفواه رضعائه» ورضعائه: ابنته فاطمة، ويقول:«لا ترضعوهم إلى الليل، فكان ريقه يجزئهم» (4)، والطبرانى: «أن نسوة مضعن
(1) ذكره الزبيدى فى «إتحاف السادة المتقين» (7/ 151)، وعزاه للبزار والبيهقى.
(2)
انظر: لسان العرب (4/ 4599).
(3)
رواه أحمد فى المسند (4/ 416)، وابن ماجه (659)، (1/ 216)، والحميدى فى مسنده (2/ 393)، (886)، وقال البوصيرى فى «الزوائد» (1/ 237): هذا إسناد منقطع عبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئا، قاله ابن معين. قلت: ذكر الحافظ المزى فى «تهذيب الكمال» (16/ 394) قول عباس الدورى عن يحيى بن معين: «ثبت ولم يسمع من أبيه شيئا» .
(4)
رواه البيهقى فى «دلائل النبوة» (6/ 226)، والطبرانى فى «الأوسط» (2568)، وذكره الحافظ فى «المطالب» (1/ 294)، (1008)، وعزاه للحارث وأبى يعلى فى «مسنديهما» .
وكذلك أورده الهيثمى فى «مجمع الزوائد» (3/ 186)، وعزاه للطبرانى فى «الكبير والأوسط» ولأبى يعلى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قديدة مضغها فصمن، فلم يوجد لأفواههن خلوف، وأنه مسح بيده، وبها ريقه ظهر عتبة وبطنه، فلم يشم أطيب منه رائحة»، وابن عساكر:«أن الحسن اشتد ظماؤه، فأعطى لسانه فمصه حتى روى، وبصق يوم حنين بعينى على، وهما رمد فبرئ» (دقيق المسربة) بضم الراء، وصفها بالدقة للمبالغة، إذ هى الشعر الدقيق، وأما بفتحها، فواحدة المسارب وهى المراعى (كأن عنقه جيد دمية) أى صورة مصورة من عاج وقوة فشبه العنق بجيدها من حيث الهيئة والشكل، إذا مصورها يبالغ فى تحسينها ما أمكنه، ولما كان هذا التشبيه يوهم أنه تشبيه لبياضها أيضا، دفع ذلك بقوله:(فى صفاء الفضة) فعنقه صلى الله عليه وسلم بلغ الغاية القصوى من حيث الهيئة والشكل ومن حيث اللون، إذ غاية ما يشار لتلك الأنوار الساطعة من لونه بصفاء الفضة (معتدل الخلق) فى جميع أوصافها لأن الله معه حماه خلقا وشريعة، وأحدّ من غائلتى الإفراط والتفريط، وقد مرّ نحو ذلك فى نحو لونه وقدمه وشعره، ما يوضح ذلك. (بادن) ضخم البدن لا مطلقا، بل بالنسبة لما مرّ من كونه:«شثن الكفين، والذراعين، جليل المشاش، والكتد» ، ولما كان إطلاق البادن يوهم الإفراط فى السمن المستدعى لرخاوة البدن، وعدم استمساكه، وهو مذموم اتفاقا، استدرك، ونفى ذلك بقوله:(متماسك) أى يمسك بعضه بعضا، لما اشتمل عليه من الاعتدال للقام، وبلوغ الغاية فى تناسب الأعضاء والتركيب صلى الله عليه وسلم.
(سواء البطن والصدر) كناية عن أنه خميص الحشى، أى ضامر البطن وهى أعنى الكناية عند البيانيين، الانتقال من الملزوم إلى اللازم مع جواز إرادة الملزوم، وبهذا الأخير، فارقت المجاز، إذ فيه لا يجوز إرادة الحقيقة معه، إلا عند الفقهاء كالشافعى، ومن تبعه (أنور المتجرّد) بفتح الراء ما زال عنه الثياب إذ الأنور المشرق، والمتجرد الذى نزع ما كان عليه، تقول العرب: فلان حسن المجردة والمجرد، والمتجرد، والعرية، والعرى، والكل بمعنى واحد. (اللبة) النقرة التى فوق الصدر. (والسرة بشعر) متعلق بموصول. (مما سوى ذلك) الخط أى ليس فى ثدييه وبطنه شعر، وما تحت إبطيه لا شعر فيه أيضا، على ما زعمه القرطبى، وقد ردّه شيخ الإسلام: أبو زرعة بأن ذلك لم يثبت بوجه من الوجوه، والخصائص لا تثبت بالاحتمال، ولا يلزم من ذكر أنس وغيره:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بياض إبطيه أن لا يكون له شعر، فإنه إذا نتفت بقى المكان أبيض، وإن بقى فيه أثر، وحسن الترمذى خبر:«كنت أنظر إلى عفرة إبطيه إذا سجد» والعفرة بياض ليس بالناصع، لما قال الهروى وغيره (1)، ولكن كلون عفرة الأرض وهو وجهها، فأثر الشعر هو الذى جعل المكان أعفرا فلو خلى عنه جملة لم يكن أعفرا، نعم الذى نعتقده، أنه لم يكن لإبطه رائحة كريهة، بل كان نظيفا طيب الرائحة، كما ثبت فى الصحيح.
(بشعر الذراعين والمنكبين) وأعلى: أى أن شعر هذه الثلاثة غزير وكثير. (طويل الزندين) أى عظيم الذراعين إذ الزند موصل عظم الذراع فى الكف، وهما زندان الكوع والكرسوع. (رحب الراحة) واسع الكف حسا ومعنى. (سائل الأطراف) بالمهملة ممتدها وهى الأصابع امتدادا معتدلا بين الإفراط والتفريط. (أو) للشك. (شائل الأطراف) أى مرتفعها، وهو يؤل لما قبله من شالت الميزان إذا ارتفعت إحدى كفتيه.
(خمصان الأخمصين) قال ابن الأثير: الأخمص من القدم الموضع الذى لا يلتصق بالأرض منها عند الوطئ، والخمصان: البالغ منه أى أن ذلك الموضع من أسفل قدميه شديد التجافى عن الأرض وقال ابن الأعرابى: إذا كان خمص الأخمص بقدر لم يرتفع جدا، ولم يستو أسفل القدم جدا، فهو أحسن ما يكون، وإذا استوى، أو ارتفع جدا فهو مذموم، والمعنى على هذا الأنسب بأوصافه، إذ هى فى غاية الاعتدال أن أخمصه معتدل الخمص، بخلاف الأول، ووقع فى حديث أبى هريرة:«إذا وطئ بقدمه، وطئ بكلها، ليس له أخمص» (2) أى: غير معتدل لا ينافى الأنسب المذكور. (مسيح القدمين) أى أملسهما لينهما، فليس فيهما تكسر، ولا تشقق، فمن ثم كان (ينبو عنهما الماء) أى يرتفع ويسيل سريعا لملاسهما ولينهما، ومر «أنه كان غليظ أصابعهما» ، وروى أحمد وغيره:«أن سبابتهما كانتا أطول من بقية أصابعهما» ، وللبيهقى:«كانت خنصره من رجله متظاهرة» قال بعض الحفاظ: وما اشتهر من إطلاق أن سبابته كانت أطول من وسطاه غلط، وإنما ذلك خاص بأصابع رجليه. (قلعا) بالفتح مصدر بمعنى الفاعل أى:
قالعا لرجله من الأرض، وبالضم إما مصدر أو اسم بمعنى الفتح، أو بفتح فكسر، وهو
(1) الغريبين لأبى عبيد أحمد بن محمد الهروى صاحب الأزهرى (2/ 231)، أتم الله لنا تحقيقه. وانظر: النهاية لابن الأثير (3/ 261).
(2)
انظر: النهاية (2/ 80)، وكذلك اللسان (2/ 1266).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بمعنى رواية: «كأنما ينحط من صبب» إذ الانحدار من الصبب، والتقلع من الأرض متقاربان، والمعنى أنه كان يستعمل التثبت، ولا يتبين منه حينئذ استعجال، أو مبادرة شديدة. (يخطو تكفيا) بالياء والهمزة، أى: مائلا إلى سنن المشى. (ويمشى هونا) نعت لمصدر محذوف أى: مشيا هونا، أو حال أى: هينا فى تؤدة وسكينة، وحسن سمت ووقار وحلم، لا يضرب بقدمه، ولا يخفق بنعله، أشرا وبطرا، ومن ثم قال ابن عباس فى قوله: وَعِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً (1) بالطاعة والعفاف والتواضع (2)، وقال الحسن: إن يجهل عليهم لم يجهلوا (3). قال بعض المفسرين:
وذهبت طائفة: إلى أن هونا، مرتبط بقوله تعالى: عَلَى اَلْأَرْضِ بمعنى أن المشى هو الهون، يشبه أن يتناول هذا على أن يكون أخلاق ذلك الماشى هونا مناسبة لمشيه فيرجع الأمر إلى نحو ما مر، فالثناء عليهم ليس من حيث صفة المشى فقط إذ ربّ ماش هونا رويدا وهو ذئب أطلس (4)، وقال الزهرى: سرعة المشى تذهب بهاء الوجه، يريد الإسراع الخفيفة، لأنه أقل بالوقار، والخير فى الأمر الوسط، وسرعة مشيه صلى الله عليه وسلم كما فى قوله هنا (ذريع المشية) أى واسع الخطوة وكانت برفق وتثبت دون عجلة وهوج، وإسراع عمر رضى الله عنه جبلة لا تكلف وقوله:(وإذا التفت. . .) إلخ، أراد أنه لا يسارق النظر، وقيل: لا يلوى عنقه يمنة ولا يسرة، إذا نظر إلى الشىء، وإنما يفعل ذلك الطائش الخفيف ولكن كان يقبل جميعا، ويدبر جميعا، لما أن ذلك أليق بجلالته ومهابته، وخفض طرفيه، لكثرة تناقله، وتفكره فى صالح أمته، وفى أمور الآخرة والرسالة وكثرة نظره إلى الأرض لكثرة حيائه وتأدبه مع ربه. (جل نظره) أى أكثره. (5)
(الملاحظة) مفاعلة من اللحظ، وهو النظر بشق العين الذى يلى الصدغ وأما الذى ينظر فى جملة الأنف، فالموق والماق. (يسوق أصحابه) أى يمشون بين يديه، وهو خلفهم، ويقول:«خلوا ظهرى للملائكة» . (ويبدر) أى يبادر، وفى نسخة:«ويبدأ» . (من لقى)
(1) سورة الفرقان: آية (63).
(2)
رواه ابن أبى حاتم فى تفسيره (15334،15336،15341) عن ابن عباس رضى الله عنهما.
(3)
رواه ابن أبى حاتم فى «التفسير» (15343)، (15345).
(4)
انظر: تفسير البحر المحيط (8/ 126)، وفتح القدير (4/ 125)، ونظم الدرر (13/ 420).
(5)
رواه أحمد فى مسنده (3/ 398)، وأبو نعيم فى الحلية (7/ 117)، وذكره الألبانى فى السلسلة الصحيحة للأحاديث (4/ 79).
8 -
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنّى، وحدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سمّاك بن حرب، قال: سمعت جابر بن سمرة يقول:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكل العين، منهوس العقب» .
قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم. قلت: ما أشكل العينين؟ قال: طويل شق العين. قلت: ما منهوس العقب؟ قال: قليل لحم العقب.
ــ
من أمته. (بالسلام) لمزيد كرم أخلاقه، وعلى تواضعه، وفى أفعاله هذه من تعليم الأمة، وحملهم على محاسن الأخلاق، ومن كيفية المشى، والالتفات والنظر إلى الناس، وخفض الطرف، وسوق الأصحاب، والمبادرة بالسلام، ما لا يخفى على الموفقين لفهم أسرار أحواله العادية وغيرها، نسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه.
8 -
(قلت: ما أشكل العينين؟ قال: طويل شق العين) اعترضه القاضى عياض وغيره:
بأن هذا وهم، وغلط ظاهر، بل الصواب أن الشكلة: الحمرة تكون فى بياض العين، وهذا محمود محبوب، وللبيهقى عن على رضى الله عنه:«كان صلى الله عليه وسلم عظيم العينين، أهدب الأشفار، مشرب العين بحمرة» (1)، وأما الشهلة: فإنها حمرة فى سوادها، لا طول شق العين خلافا لمن وهم فيه.
تنبيه: روى البخارى والبيهقى: «أنه صلى الله عليه وسلم كان يرى بالليل فى الظلمة، كما يرى بالنهار فى الضوء» (2)، وروى الشيخان:«ما يخفى علىّ ركوعكم وسجودكم، إنى لأراكم من وراء ظهرى» (3) وهذا من جملة خوارق العادات له، إذ الرؤية فى حق المخلوقات تتوقف
8 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى «المناقب» (3647)، ورواه مسلم فى «الفضائل» (2339)، والطيالسى فى مسنده (765)، والإمام أحمد فى «مسنده» (5/ 86،97،103)، والترمذى (3646)، والبغوى فى «شرح السنة» (3537)، كلهم من طريق محمد بن جعفر (غندر) به فذكره.
(1)
رواه أحمد فى مسنده (1،89،101،151)، (2/ 328،448).
(2)
رواه البيهقى فى دلائل النبوة (6،75) ذكره الهندى فى كنز العمال (18519)، وعزاه للبيهقى فى الدلائل عن ابن عباس، ابن عدى عن عائشة (7/ 160).
(3)
رواه البخارى فى الأذان (741)، ومسلم فى الصلاة (424)، والحميدى فى مسنده (961).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[اتفاقا](1) على حاسة ومقابلة وشعاع، ولكن خالق البصر فى العين، قادر على خلقه فى غيرها، وكما أنه أطلق باطنا على ما بين يديه وما خلفه من علوم الأولين والآخرين، التى بين مدركات القلوب، كذلك خلق الله ظاهرا على ما أمامه وما خلفه من مدركات العيون، وقيل: كان له بين كتفيه عينان كسم الخياط يبصر بهما ولا يحجبهما الثياب، وقيل: كانت صورهم تنطبع فى قبلته، فكانت له كالمرآة بواسطة ما يقع عليها فى نور وجهه الشريف، وردّ: بأنه لم يصح فى ذلك شىء، ولا مجال للرأى فيه، فالأولى حمله على الإدراك من غير آلة معجزة له صلى الله عليه وسلم وقيل: المراد بالرؤية: العلم بوحى وإلهام، ورد: بنحو ما تقدم، ولا ينافى ذلك خبر:«إنى لا أعلم ما وراء جدارى» إن قلنا: إن له أصلا، وهو ما أشعر به كلام شيخ الإسلام فى تخريج أحاديث العراقى، لكنه صرح فى غيره أنه لا أصل له، أى وإن ذكره ابن الجوزى، لأنه لم يذكر له سندا، وذلك لأنه فى غير الصلاة وما مر فيهما على أنهما لم يتواردا على محل واحد، بناء على ما مرّ من أنه يدرك ما وراء ظهره ببصره معجزة له، لأن نفى العلم هنا عن المغيبات، وذلك مشاهدة ولا ينافى إخباره بكثير من المغيبات، ووقعت كما أخبر لأن نفى العلم هنا ورد على أصل الوضع، وهو أن علم الغيب مختص بالله، وما وقع فيه للنبى فبوحى، أو إلهام، ولما ضلت ناقته، طعن بعض المنافقين فى نبوته، فقال:«إنى لا أعلم، إلا ما علمنى ربى، وقد دلنى ربى عليها، وهى فى موضع كذا، حبستها شجرة بخطامها» فوجدت كما أخبر، فاتضح أنه لا يعلم ما وراء جداره، ولا غيره إلا بوحى، أو إلهام، وعند السهيلى:«أنه كان يرى فى الثريا اثنى عشر نجما» وفى الشفاء:
«أحد عشر نجما» ، وكما أن بصره جاوز العادة ظاهرا وباطنا كما تقرر، كذلك سمعه، فقد روى المصنف:«إنى أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط» ، وفى رواية: هى نعيم تسمعون ما أسمع؟» قالوا: ما نسمع من شىء، قال:
«إنى لأسمع أطيط السماء» . (منهوس العقب) بالمهملة عند الجمهور ويروى بالمعجمة وهو بمعنى ما ذكره سماك.
(1) الزيادة من (ش).
9 -
حدثنا هناد بن السّرىّ، حدثنا عبثر بن القاسم، عن أشعث-يعنى: ابن سوار-عن أبى إسحاق، عن جابر بن سمرة، قال:
10 -
حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرّؤاسىّ، زهير، عن أبى إسحاق، قال: سأل رجل البراء بن عازب:
«أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السّيف؟ قال: لا، بل مثل القمر» .
ــ
9 -
(ابن سوار) بوزن غفار روى له مسلم وغيره (عن جابر) الحديث الصحيح عنه، وعن البراء كما قاله البخارى، وبه يرد قول النسائى إسناده لجابر خطأ. (ليلة إضحيان) بكسر الهمزة، وبالضاد المعجمة والألف والنون زائدتان، وهو صفة لليلة، وتركت التاء منه، لأنه من خواص أوصاف المؤنث، فكان كحائض، يجوز فيه تركها، وكذا إثباتها، لكن على قلة شك، ولا تجوز فيه الإضافة، لأنه صفة للقمر، أى ليلة قمر ضاح، وعلى كل فالمراد: ليلة ضاحية مضيئة لا غيم فيها ولا ظلمة، لأنها مقمرة من أولها إلى آخرها، (وعليه حلة حمراء) بيان لما وجب التأمل فيه لظهور مزيد حسنه صلى الله عليه وسلم. (عندى) لبيان الواقع لا للتخصيص والاحتراز عن غيره فإن ذلك عند كل أحد قبله كذلك.
10 -
(الرؤاسى) بضم وبالهمزة والسين المهملة، نسبة إلى جده. (لا بل مثل القمر)
9 - صحيح: أخرجه: الإمام الترمذى فى الأدب (2811)، والدارمى فى المقدمة (1/ 57)، والطبرانى فى المعجم الكبير (2/ 1842)، وأبو الشيخ فى «أخلاق النبى» (ص 111)، والحاكم فى المستدرك (4/ 186)، جميعا من طريق الأشعث بن سوار به فذكره. قال أبو عيسى: حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث الأشعث، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبى. قلت: وفى إسناده الأشعث. اختلف عليه: فضعفه أحمد والنسائى، ووثقه الدورقى، وصحح البخارى حديثه، انظر: تهذيب الكمال (3/ 264)، وقال الحافظ فى التقريب (524): ضعيف وصححه الشيخ الألبانى فى مختصر الشمائل.
10 -
إسناده صحيح: أخرجه: الترمذى فى المناقب (3636) بسنده ومتنه سواء، وأخرجه البخارى فى المناقب (3552)، والدارمى فى المقدمة (1/ 64)، والإمام أحمد فى المسند (4/ 281)، وأبو داود الطيالسى فى مسنده (2411)، كلهم من طريق زهير بن معاوية به فذكره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زاد مسلم: «لا بل مثل الشمس والقمر، وكان مستديرا» وأفاد بهذا الأخير أنه جمع الصفتين الاثنتين، لأن قول السائل:«مثل السيف» حتى أنه أراد به الطول واللمعان، فرده المسئول ردا بليغا وجمع الكوكبين، لأن الأول يراد به غالبا التشبيه فى الإشراق والإضاءة، والثانى يراد به التشبيه فى الملاحة والحسن، فبين أن وجهه صلى الله عليه وسلم جمع هذين المضيئين مع ما فيه من نوع استدارة وطول كما مر تقريره، مع بيان الحامل على السؤال.
وأخرج البخارى عن كعب بن مالك «كان صلى الله عليه وسلم إذا سر، استنار وجهه، كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف منه» (1) أى الموضع الذى يتبين فيه السرور، وهو جبينه، وقالت عائشة:«إذا كان مسرورا تبرق أسارير وجهه» (2) ولذلك قال: «قطعة قمر» ، وللطبرانى:
«التفت إلينا رسول صلى الله عليه وسلم بوجهه مثل شقة القمر» (3)، وهذا محمول على صفته عند الالتفات. وبما تقرر يعلم أن وجه اقتصار كعب فى الرواية الأولى على:«قطعة قمر» مع كونه من شعراء الصحابة وحكمائهم؛ أنه إنما أراد تشبيه قطعة من وجهه، وهى جبينه إذا سرّ حينئذ لا يسعه أن يشبه هذه القطعة بالقمر جميعه، لأن فى رواية عنه شبه الوجه جميعه «بدارة القمر» فلزمه تشبيه بعضه ببعضه، وهذا الذى ذكرته ظاهر يندفع به ما قيل سبب الاقتصار على القطعة؛ الاحتراز عما فى القمر من السواد، لأن وجه التشبيه بالقمر من الإضاءة والملاحة لا يخفى على أحد، ولا يتوهم من التشبه به خلافه، ولا يحتاج للاحتراز عنه.
(1) رواه البخارى فى المناقب (3556)، ومسلم فى التوبة (2769)، والإمام أحمد فى المسند (3/ 459)، (6/ 390)، والحاكم فى المسند (2/ 605)، والبيهقى فى الدلائل (1/ 197)، من حديث كعب بن مالك رضى الله عنه.
(2)
رواه البخارى فى المناقب (3555)، (3731)، (6770)، (6771)، ومسلم فى الرضاع (1459)، وأبو داود فى الطلاق (2267)، (2268)، والترمذى فى الولاء والهبة (2129)، والنسائى فى الطلاق (6/ 184)، وأحمد فى المسند (6/ 82،226).
(3)
ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (8/ 280)، وعزاه للطبرانى وقال: فيه من لم أعرفهم.
11 -
حدثنا أبو داود المصاحفى: سليمان بن سلم، حدثنا النضر بن شميل، عن صالح بن أبى الأخضر، عن ابن شهاب، عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض، كأنّما صيغ من فضّة، رجل الشّعر» .
12 -
حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: أخبرنى الليث بن سعد، عن أبى الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ــ
11 -
(المصافحى) بفتح الميم. (سلم) بفتح فسكون. (شميل) بضم المعجمة ففتح.
(كأنما صيغ من فضة) باعتبار ما كان يعلو بياضه من النور والإضاءة فلا ينافى قوله:
«كان مشربا بالحمرة» المعبر عنه فى رواية «بالسمرة» .
تنبيه: سيأتى فى باب قراءة النبى: «ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا» وهو صريح فى أنه كان أحسن وجها من يوسف، وسيأتى لذلك مزيد.
12 -
ثم (عرض علىّ الأنبياء) أى فى النوم، أو فى ليلة المعراج، لأنه رآهم ليلته، واجتمع بهم حقيقة، قيل على الأول: لا إشكال فى رؤيتهم بهذه الصورة، وعلى
11 - إسناده ضعيف وهو صحيح بشواهده: وعلّته: صالح بن أبى الأخضر، قال عنه الحافظ فى التقريب (2844): ضعيف يعتبر به. قلت: الحديث تفرد المصنف به. وله شواهد كثيرة، مفرقة الألفاظ عن جمع من الصحابة منهم: أنس، البراء، على رضى الله عنهم وغيرهم. وانظر: الأحاديث المتقدمة برقم (2،3، 6،7).
12 -
صحيح: رواه المصنف فى المناقب (3649) بسنده ومتنه سواء. أخرجه: مسلم فى الإيمان (167)، والإمام أحمد فى مسنده (3/ 334) كلاهما من طريق الليث بن سعد به فذكره. وقال أبو عيسى: حسن غريب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثانى: يجوز أنهم مثلوا بهيئاتهم التى كانوا عليها فى حياتهم وأن تكون هذه الرؤية من المعجزات، وهم متمثلون فى السماوات بهذه الصورة انتهى، ولا وجه لهذه الرؤية، بل الصواب أن رؤيتهم إن كانت نوما، فقد مثل له صورهم فى حال حياتهم، أو يقظة، فقد رآهم على صورهم الحقيقية التى كانوا عليها فى حياتهم، ويأتى بما يوضح ذلك.
(فإذا موسى) قيل: معطوف على عرض بحسب المعنى لما فيه من معنى المفاجأة.
(ضرب) بفتح فسكون. (من الرجال) أى خفيف اللحم. (من رجال شنوءة) فقوله:
«وهم المتوسطون بين الخفة والسمن» وشبهه بفرد من متعددين دون فرد معين بخلاف من بعده، إشارة إلى تميزه عليهما-يعنى: عيسى وإبراهيم-بكثرة أمته وأتباعه، ومنهم عيسى بناء على أن شرعه مخصص لشرع موسى، لا ناسخ له، أخذا من قوله تعالى حكاية عنه: وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ اَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ (1): أى فى التوراة، والجواب:
بأنه إنما شبهه بغير معين لعدم تشخصه وتعينه فى المرة غير صحيح، لأن المفترض أنه عرض عليه يقظة، أو مناما، ورؤيا الأنبياء وحى فكيف مع ذلك؟ ومع كونه وصفه بأنه ضرب يتوهم من له أدنى ذوق أنه لم يتشخص فى خاطره، وعلى أن الذى فى البخارى عن أبى هريرة:«ليلة أسرى بى رأيت موسى، فإذا رجل ضرب كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى، فإذا هو رجل ربعة أحمر، كأنما خرج من ديماس حمام، وأنا أشبه ولد إبراهيم به» (2). . الحديث وفيه عن ابن عباس: «لا ينبغى لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى» (3) ونسبته إلى أبيه، وذكر النبى صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به، فقال:«موسى آدم طوال كأنه من رجال شنوءة وقال: عيسى جعد مربوع» (4)، وفى رواية له أيضا: «أرانى الليلة عند الكعبة فى المنام، فإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من الرجال تضرب لمته بين
(1) سورة آل عمران: آية (50).
(2)
رواه البخارى فى «الأنبياء» (3394)، (3437)، (4709)، (5576)، (5603).
(3)
رواه البخارى (3395)، (3413)، (3630)، (7539)، ومسلم (2377)، وأبو داود (4669)، وأحمد فى المسند (1/ 242،254،342)، وابن أبى شيبة فى المصنف (11/ 541)، والطيالسى فى مسنده (2650)، والطبرانى فى الكبير (12753)، والبيهقى فى الدلائل (5/ 495)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (4/ 416)، وفى المشكل (1011)، وابن منده فى الإيمان (720).
(4)
تقدم تخريجه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منكبيه رجل الشعر يقطر رأسه ماء واضعا يديه على منكبى رجلين، وهو يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا المسيح ابن مريم» (1) وفى رواية له أيضا عن ابن عمر، قالوا: وصوابه عن ابن عباس: «رأيت عيسى، وموسى وإبراهيم، فأما عيسى: فأحمر جعد عريض الصدر مضطرب، وأما موسى: فآدم جسيم سبط، كأنه من رجال الزّطّ» (2) أى وهم جنس من السودان طوال الأجساد فى نحافة، والمضطرب: الطويل غير الشديد، وقيل: النحيف الجسم، وفسر عياض الجسيم بالزيادة فى الطول، ليوافق قوله فى الرواية الأخرى:«ضرب» أى نحيف، والآدم: الجعد الأسمر، كما مر، واستشكل برواية «أحمر» وأجيب: بأن السمرة لونه الأصلى، والحمرة لعارض تعب ونحوه (3)(شبها) تمييز النسبة المبهمة (فإذا أقرب) وما أضيف إليه أو حال. (عروة)(4) خبر وهذا أليق من عكسه، وزعم أن هذا أخو عبد الله بن مسعود غلط، لأن هذا هذلى، وذلك ثقفى، وكان إسلامه سنة تسع قتله ثقفى آخر وهو يصلى. (ورأيت جبريل) من باب عطف قصة على قصة، وما قيل: أن الأصح أنه من باب التغليب والمجانسة، فغير صحيح، لأن هذا عامل مستقل غير رأيت الأول، فلا توافق، وإنما غايته أنه ذكره فى سياق الأنبياء مع أنه غير نبى، لاختصاص النبوة والرسالة بالبشر، لأنه صاحب سر الوحى الذى تنشأ عنه النبوة، والجواب بأن. (ورأيت) عطف على عرض علىّ، تكلف يأباه سياق الكلام، بأن المراد من الأنبياء الرسل غير صحيح، لما تقرر أن الرسول حيث أطلق، إنما يختص ببشر من بنى آدم، أوحى إليه بالتبليغ يعنى نفسه الظاهر من السياق،
(1) رواه البخارى فى «أحاديث عيسى عليه السلام» (3440)، (3441)، (5902)، (6999)، (7026)، (7128).
(2)
رواه البخارى فى الأنبياء (3438)، ورواه أحمد فى المسند (1/ 296)، والطبرانى فى الكبير (11/ 64).
(3)
انظر: كلام الحافظ فى فتح البارى (6/ 559).
(4)
هو عروة بن مسعود الثقفى أحد مشاهير الصديقين أسلم وحسن إسلامه. وكان سيدا فى قومه بالطائف، وهو المعنى بقوله: رَجُلٍ مِنَ اَلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف:31]، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:«إن مثله كمثل صاحب يس» ، انظر: تفسير ابن أبى حاتم (10/ 3282)، ومعجم الطبرانى الكبير (17/ 147)، والدر المنثور (7/ 371،373). وانظر فى ترجمته: الثقات (3/ 313)، جامع المسانيد والسنن (9/ 121)، أسد الغابة (4/ 31)، الإصابة (2/ 477)، الاستيعاب (1823).
13 -
حدثنا سفيان بن وكيع، ومحمد بن بشار-المعنى واحد-قالا: أخبر يزيد ابن هارون، عن سعيد الجريرى، قال: سمعت أبا الطّفيل، يقول:
«رأيت النّبىّ صلى الله عليه وسلم وما بقى على وجه الأرض أحد رآه غيرى. قلت: صفه قال:
كان أبيض، مليحا مقصّدا».
ــ
والمعنى أنه من قول جابر، ويجوز كونه كلام من بعده تكلف غير محتاج إليه. (دحية)(1) بفتح الدال وكسرها، الكلبى الصحابى المشهور الذى كان جبريل يأتى النبى صلى الله عليه وسلم فى أكثر الأوقات على صفته؛ لأنه كان على غاية من الجمال، بحيث إنه كان إذا دخل بلدا يبرز لرؤيته حتى العواتق من خدورهن، وعلم من الحديث: جواز تشبيه الأنبياء والملائكة بغيرهم، ووجه متابعته للترجمة: دلالة على أن نبينا كان أشبه الناس بأبيه إبراهيم، ومن ثمة أمر باتباعه فى أَنِ اِتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (2) أى لتقدمه ظهورا فى هذا الوجود ولدعائه بوجود محمد صلى الله عليه وسلم وإلا فهو أفضل وأجل من إبراهيم وسائر الأنبياء والمرسلين، لما أن أخذ الله الميثاق عليهم بالإيمان به ونصرته كما أخبر عن ذلك بقوله: وَإِذْ أَخَذَ اَللهُ مِيثاقَ اَلنَّبِيِّينَ لَماآتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ. . (3) الآية، قيل: موسى مشبه صورة، والثلاثة بعده مشبهون معنى. انتهى. وفيه تطويل الوجه أن الكلّ مشبهون صورة.
13 -
(الجريرى) بالجيم والراء المكررة. (أبا الطفيل)(4) عامر بن واثلة الليثى أدرك من
13 - صحيح: رواه الإمام مسلم فى الفضائل (1820)، وأبو داود (4864)، وأحمد فى مسنده (5/ 454)، وابن سعد فى الطبقات الكبرى (1/ 418)، والبغوى فى شرح السنة (7/ 3542)، والبيهقى فى الدلائل (6/ 501)، كلهم من طرق عن سعيد الجريرى به فذكره.
(1)
قال الحافظ ابن كثير: هو دحية بن خليفة بن فروة الكلبى القضاعى، جامع المسانيد (4/ 137)، أسد الغابة (2/ 158)، طبقات ابن سعد (4/ 249)، الإصابة (1/ 473)، الاستيعاب (700)، تاريخ الإسلام (1/ 48).
(2)
سورة النحل: آية (123).
(3)
سورة آل عمران: آية (81).
(4)
قيل: اسمه عمرو بن واثلة وعامر أصح ورحج الإمام مسلم رحمه الله أنه آخر الصحابة وفاة مات سنة مائة، وقيل: سنة عشر ومائة، وقد صحب الإمام علىّ كرم الله وجهه وشهد معه مشاهده كلها، وكان شاعرا فصيحا مفوها. وانظر فى ترجمته: الطبقات لابن سعد (5/ 457) الاستيعاب (1344)، جامع المسانيد (14/ 201)، أسد الغابة (6/ 179)، الإصابة (4/ 113)، شذرات الذهب (1/ 118).
14 -
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامى، ثنا عبد العزيز بن [أبى](1) ثابت الزهرى، حدثنى إسماعيل بن إبراهيم ابن أخى موسى ابن عقبة، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثّنيّتين، إذا تكلّم رئى كالنّور، يخرج من بين ثناياه» .
ــ
حياته صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، وتأخر وفاته إلى سنة مائة واثنين، ولم يبق على وجه الأرض صحابى غيره وزعم أن معمر المغربى وزين الهندى صحابيان عاشا بعده إلى قرب القرن السابع ليس بصحيح خلافا لمن انتصر له وأطال بما لا يجدى (وما بقى) عطف على رأيت لا حال لفساد المعنى كما هو ظاهر. (غيرى) أى فهو الآتى بأن يقال لانحصار الأثر فيه.
(أبيض مليحا) كما مرّ: «أنه كان أزهر اللون مشربا بحمرة» ، وهذا غاية فى الملاحة والحسن. (مقصدا) بفتح الصاد المشددة أى: أن جميع صفاته الجليلة، كانت على غاية من الأمر الوسط، كما مر ذلك فى لون شعره وخدّه وغيرهما، كما أن شريعته وسط بين الشرائع، وأمته وسط بين الأمم، فحفظ صلى الله عليه وسلم فى ذلك كله من محذورى الإفراط والتفريط.
14 -
(الحزامى) بالحاء المهملة المكسورة وبالزاى. (ابن أخى) قيل: نعت لإسماعيل بدليل كتابته بالألف. (أفلج الثنيتين) من الفلج بالتحريك وهو فرجة ما بين الثنايا والرباعيات، والفرق: فرجة بين الثنايا فأريد بالفلج هنا الفرق بقرينة بنسبته إلى الثنايا والرباعيات فقط ذكره فى النهاية «إذا» هى وما دخلت عليه خبر ثان لكان. (رئى كالنور) الكاف اسم بمعنى مثل ويحتمل أنها زائدة للتفخيم، نحو مثلك لما يبخل، وأنه
14 - إسناده ضعيف جدا: فيه عبد العزيز بن أبى ثابت: وهو ضعيف، ضعفه الترمذى والدار قطنى، وقال النسائى: متروك. انظر: تهذيب الكمال (18/ 181)، ورواه الدارمى فى المقدمة (1/ 58)، والبغوى فى شرح السنة (7/ 538)، والطبرانى فى الأوسط كما فى المجمع (8/ 279)، كلهم من طرق عن عبد العزيز بن أبى ثابت به فذكره. قال الهيثمى: فيه عبد العزيز بن أبى ثابت وهو ضعيف.
(1)
هكذا وقع فى (الأصل)، و (ب) وغيرهما من النسخ، وقال القارئ (1/ 66): قال ميرك: كذا وقع فى أصل سماعنا، وكثير من النسخ، والصواب: ابن أبى ثابت كما حققه المحققون من علماء أسماء الرجال. اه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان يرد منه نور يخرج. (من بين ثناياه) إذا تكلم لما مرّ أنه كان براق الثنايا فزيادة ذلك البرق المدلول عليه بصيغة المبالغة هى ذلك النور، كأن يرى عند كلامه ويحتمل أن يراد بذلك حقيقته من مشاهدة نور [حسى](1) يخرج من فيه إذا تكلم معجزة له ثم هذا الحديث، وإن كان فى سنده الذى ذكره المصنف هنا مقال، إلا أن غيره خرجه كالدارمى والطبرانى.
…
(1) الزيادة من (ب).