الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - باب: ما جاء فى بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
307 -
حدثنا سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، قال:
«أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلّى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء» .
ــ
(باب ما جاء فى بكاء) هو بالقصر خروج الدمع مع الحزن وبالمد خروجه مع رفع الصوت. (رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بكاءه صلى الله عليه وسلم كان من جنس ما مر فى ضحكه، إذ لم يكن بشهيق، ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن تدمع عينه حتى تهملان، ويسمع لصدره أزيز يبكى رحمة على ميت، وخوفا على أمته، وشفقته من خشية الله، وعند سماع القرآن وأحيانا فى صلاة الليل، كما سيعلم ذلك كله مما يأتى.
307 -
(مطرف) بضم أوله وفتح ثانيه المهمل، وكسر الراء مع تشديدها. (الشخير) بمعجمة فمعجمة فراء صحابى من مسلمة الفتح. (ولجوفه) فيه دليل على أن الصوت الذى لم يشتمل على الحروف لا يضر فى الصلاة. (أزيز) بمعجمتين صوت الرعد والقدر. (المرجل) بكسر فسكون ففتح القدر من الحجارة والنحاس، وقيل: كل قدر.
(من البكاء) أى من أجله فصوته الناشئ عن عظيم الرهبة والخوف والإجلال لله سبحانه، هو ذلك الحنين المسموع من الجوف ويحبسه حتى يغلى به الجوف كغليان القدر، وهذا دليل على كمال خوفه وخضوعه لربه، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم:«إنى لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية» (1) وروى مسلم: «والذى نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار» (2) فجمع له بين علم اليقين وعين اليقين مع الخشية القلبية واستحضار العظمة الإلهية ما
307 - إسناده صحيح: رواه أبو داود فى الصلاة (904)، والنسائى فى السهو (3/ 13)، وفى السنن الكبرى (544)، (1135)، وأحمد فى المسند (4/ 25)، والبيهقى فى الدلائل (7/ 33)، أربعتهم من طريق ثابت به فذكره نحوه.
(1)
رواه البخارى فى صحيحه (10/ 529)، ورواه الإمام أحمد فى مسنده (6/ 45).
(2)
رواه الإمام مسلم فى صحيحه (1/ 320) ح (112)، ورواه الإمام أحمد فى مسنده (3/ 126، 217).
308 -
حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان، عن
ــ
لم يجمع لغيره، ومن ثم صح عنه أنه قال: «وأنا أتقاكم وأعلمكم بالدارين (1) إن فائدة الخوف والوجل (2) والرهبة متقاربة، والأول توقع العقوبة على مجارى الأنفاس أو اضطراب القلب من ذكر الخوف والخشية أخص منه، إذ هى خوف مقرون بمعرفة ومن ثم قال تعالى: إِنَّمايَخْشَى اَللهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ (3) وقيل: الخوف: حركة، والخشية:
سكون ألا ترى أن من يرى عدوا له حالة تحرك للهرب منه وهى الخوف حركة، وحالة استقرار فى محل لا يصل إليه، وهو الخشية، والرهبة: الإمعان فى الهرب من المكروه، والوجل: خفقان القلب عند ذكر من يخاف سطوته، والهيبة تقترن بتعظيم وإجلال، وأكثر ما يكون مع المحبة والمعرفة والإبكاء مقترن بالحب، والخوف للعامة، والخشية للعلماء العارفين، والهيبة للمحبين، والإجلال للمقربين، وعلى قدر العلم والمعرفة يكون العمل والخشية، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم:«أنا أتقاكم لله وأشدكم له خشية» (4).
308 -
(عبيدة) بفتح فكسر. (اقرأ. . .) إلخ، تعجب من طلبه صلى الله عليه وسلم قراءته يسمعها،
308 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى التفسير (3025)، بسنده ومتنه سواء، ورواه البخارى فى التفسير (4582)، وفى فضائل القرآن (5050)، وكذلك مسلم فى صلاة المسافرين (800)، وأبو داود فى العلم (2668)، وأحمد فى المسند (1/ 380)، وابن أبى شيبة فى المصنف (10/ 563)، (13/ 254)، (14/ 10)، وكذلك فى المسند (213)، بتحقيقنا، ورواه البغوى فى شرح السنة (220)، (4/ 491)، والطبرانى فى الكبير (846)، (8461)، (8462)، وفى الصغير (196)، وفى الأوسط (1587)، وأبو يعلى فى مسنده (5069)، (5228)، والبيهقى فى السنن (10/ 231)، والبغوى فى التفسير (1/ 341)، وأبو نعيم فى مسنده (1819)، (1820)، كلهم من طرق عن إبراهيم، عن عبيدة به فذكره نحوه. ورواه ابن أبى شيبة فى المصنف (10/ 564)، وفى المسند (341)، والحميدى فى مسنده (101) والطبرانى فى الكبير (4859)، (8463)، (8464)، (8465)، (8467)، وأبو يعلى فى مسنده (5020)، (5150)، والحاكم فى المستدرك (3/ 319)، وابن أبى حاتم فى التفسير (5343)، وأبو نعيم فى الحلية، كلهم من طرق عن عبد الله بن مسعود به فذكره نحو.
(1)
فى (ش): [بالله].
(2)
فى (ش): [الوجد].
(3)
سورة فاطر: آية رقم (28).
(4)
سبق تخريجه.
الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال:
309 -
حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله
ــ
ويتلذذ بها مع أنه أنزل عليه، فلا لذة تعادل لذته به، إذا قرأه أو من كونه صلى الله عليه وسلم طلب قراءته عليه كمختبر صحة قراءته مع ملازمته له صلى الله عليه وسلم وكونه من أفاضل الصحابة وقرائهم، لا سيما وله مصحف معروف يرجع إليه فيه، ومن لازم ذلك صحة قراءته وإتقانها، أو من كونه طلبها لاعتقاده منه كما لا يحمل على استماع القرآن. (تهملان) بفتح فسكون فضم، أو كسر أى: تسيل دموعهما فيه كما فى ذلك تواضع الكبير حتى مع أتباعه وندب استماع القراءة، والإصغاء لها، وتدبرها، والبكاء عندها، وطلبها من الغير ليستمع منه، لأن ذلك أبلغ فى التفهم، والتدبر من قراءة الإنسان بنفسه، لأنه يشتغل بضبط الألفاظ، وإعطاء الحروف حقها، وفى رواية الصحيحين:«أنه صلى الله عليه وسلم حين قال له ذلك كان على المنبر» وأخذ منها حل استماع العالى لقراءة السافل، واستحباب القراءة فى مجلس الواعظ، وأنه لما بلغ شَهِيداً قال له: حسبك الآن» وأخذ منه حل أمر الغير بقطع قراءته لمصلحة، قيل: وفيه بحث، لأنه لا يدل إلا على جواز الأمر بقطع القراءة لمن يقرأ بالتماس الأمر بالقطع انتهى، وليس فى محله، لأن القطع إذا كان لمصلحة الأمر به لمن أمر بالقراءة، ولمن لم يرو خصوص أمره بها لا يمنع غيره إذا ظهرت المصلحة فى قطعها أن لا يأمر به، ومن قواعد الأصوليين التى لم يستحضرها هذا الباحث أنه يستنبط من النص معنى يعجبه، وهذا كذلك فإن المعنى، وأن إناطة الأمر بالقطع بالمصلحة اقتضى أنه لا فرق بين الأمر بالقراءة وغيره.
309 -
(انكسفت الشمس) أى ذهب نور كلها، أو بعضها يوم مات إبراهيم ولد
309 - إسناده صحيح: عطاء بن السائب، ثقة قبل الاختلاط، وقد رواه جرير وابن فضيل عنه بعد الاختلاط، وتابعهما سفيان وحماد قبل الاختلاط. رواه أبو داود فى الصلاة (1194)، والنسائى فى الكسوف، (3/ 149)، وفى الكبرى =
ابن عمرو، قال:
«انكسفت الشّمس يوما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّى حتّى لم يكد يركع، ثمّ ركع فلم يكد يرفع رأسه، ثمّ رفع رأسه فلم يكد أن يسجد، ثمّ سجد فلم يكد أن يرفع رأسه، ثمّ رفع رأسه فلم يكد أن يسجد، ثمّ سجد فلم يكد أن يرفع رأسه فجعل ينفخ ويبكى ويقول: ربّ ألم تعدنى ألاّ تعذّبهم وأنا فيهم. ربّ ألم تعدنى ألاّ تعذّبهم وهم يستغفرون. ونحن نستغفرك.
ــ
النبى صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى بلفظ: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموها فصلوا وادعوا الله» (1) وجمهور أهل السير: أنه مات فى السنة العاشرة، قيل: فى ربيع الأول، وقيل: فى رمضان، وقيل: فى ذى الحجة، والأكثر: أنه كان فى يوم عاشر الشهر، وقيل: أربعة، وقيل: رابع عشرة، ولا يصح منها شىء على الأخير، لأنه صلى الله عليه وسلم إذ ذاك كان بمكة فى حجة الوداع، وقد شهد وفاته بالمدينة اتفاقا، نعم يصح ذلك على القول بأنه مات سنة تسع وجزم النووى: بأنها كانت سنة الحديبية، وصرح بعضهم بتعد الكسوف، فإنه جمع بين الروايات المتعارضة فى عدد الركعات فى كل ركعة، ففى رواية:«فى كل ركعة ركعتان» وفى أخرى: «ثلاث» وأخرى: «أربع» وأخرى «خمس» بأن الكسوف وقع مرارا فيكون كل من هذه الأوجه جائز كما عليه جمع من الشافعية، وقواه النووى فى شرح مسلم وأجاب القائلون بامتناع زيادة على الركوعين كما هو الأصح من مذهبنا: بأن كلا من الروايات الثلاث وما فوقها، لا يخلو واحدا منها عن علة، ونقل ابن القيم عن الشافعى وأحمد والبخارى: أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين غلطا من بعض الرواة، وأن أكثر طرق الحديث يمكن ردّ بعضها إلى بعض،
= (1883)، وأحمد فى المسند (3/ 159،163،188،198)، وابن خزيمة فى صحيحه (1393)، وابن حبان فى صحيحه (2838)، والحاكم فى المستدرك (1/ 329)، كلهم من طرق عن عطاء بن السائب به فذكره.
(1)
رواه البخارى فى الكسوف (1060)، وفى الأدب (6199)، ومسلم فى الكسوف (915)، وابن حبان فى صحيحه (2838،2827،2832،2853،2833،2835)، والطبرانى فى الكبير (1014،1015،1016).
فلمّا صلّى، انجلت الشّمس. فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ الشّمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإن انكسفا فافزعوا إلى ذكر الله تعالى».
ــ
ويجمعها: أن ذلك كان يوم موت إبراهيم، وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح، وبهذا اندفعت دعوى تعدد الواقعة، ثم استعمال الكسوف فيها والخسوف فى القمر، وهو الأشهر، وقد ينعكس، وكل منهما يستعمل فى إزالة الضوء كله، أو بعضه وقال جمع: الأول للبعض والثانى للجميع، وقيل: الأول للتغير والثانى ذهاب اللون، وكسوف الشمس حقيقى بخلاف القمر، فإنه مستمد منها فكسوفه حيلولة خط التقاطع بينهما، وليس جرمه مضيئا لذاته، وإنما هو كالمرآة يحكى ما قابله منها، ولذا ظهر بعض السواد فى أطرف جرمه بحسب انحرافه عنها، قال جمع: ولم يصلّ صلى الله عليه وسلم فى كسوف القمر، وليس كما زعموا فقد روى ابن حبان:«أنه صلى فى كسوف الشمس والقمر ركعتان مثل صلاتكم» (1) وأخرجه الدار قطنى أيضا، وتأويل صلى بأمر باطل، إذ لا دليل عليه، وقول ابن القيم: لم ينقل أنه صلى فيه جماعة، يرده قول ابن حبان فى سيرته:
أنه خسف فى السنة الخامسة، فصلى صلى الله عليه وسلم وأصحابه صلاة الكسوف فكانت أول صلاة كسوف فى الإسلام وجزم به مغلطاى والزين العراقى. (يصلى حتى. . .) إلخ، جاء فيها كيفيات مختلفة فى مسلم وغيره والمعتمد عندنا أن لها كيفيات ثلاث أدناها أن تصلى ركعتين كسنة الظهر ويليها أن تصلى ركعتين كل ركعة فيها قيامان وركوعان مع الاقتصار على الفاتحة وسورة قصيرة وأعلاها أن يقرأ فى القيامان الأربع بما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قدر البقرة فى الأولى ونحو مائتى آية فى الثانية ومائة وخمسين فى الثالثة ومائة فى الرابعة، وإنكار تعدد القيام فى كل ركعة منابذ للسنة الصحيحة، فلا يعول عليه، وحديث الباب لا يدل على أن فى كل ركعة قياما واحدا، خلافا لمن زعمه وعلى التنزل فهو معارض بما هو أصح وأشهر، على أنا نقول بموجبه كما علمت، فإنا نجوز قياما وقيامين، فلم يخالف السنة بخلاف من أنكر تعدد القيام، فإنه خالف السنة الصريحة بلا مستند اللهم، إلا أن يقال لم يبلغه ذلك ويسبح فى كل من الركوع والسجود الأول قدر مائة، والثانى بقدر ثمانين، والثالث قدر سبعين والرابع قدر خمسين، ولا تجوز زيادة ركوع على
(1) رواه ابن حبان (7/ 78،79).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأربع عندنا، والحديث الظاهر فى جواز ذلك من الجواب عنه، وأجمعوا على ندبها، واختلفوا فى فعلها جماعة والصحيح عندنا ندب الجماعة فيها. (ينفخ ويبكى) من غير أن يظهر من فمه حرفان، فإن ظهر من أنفه أن يتصور فهل يبطلان؟ فيه تردد، والأقرب: البطلان. (ألم تعدنى. . .) إلخ أى: بقولك: وَماكانَ اَللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ. . . (1)
الآية. وذكر ذلك، لأن الكسوف ربما دل على وقوع عذاب، فخشى صلى الله عليه وسلم من وقوعه أو عمومه، ومن ثمة روى البخارى «فقام فربما يخشى أن تكون الساعة» (2) وفيه: تعليم الأئمة ذكر وعد الله للمؤمنين فى مقام طلب دفع البلاء، وكان فائدة الدعاء بعدم تعذيبهم مع الوعد الذى لا يخلف: تجويز أن ذلك الوعد منوط بشرط، أو قيد اختل، ولبعضهم هنا من الأجوبة ما لا يفهم، أو يمجه السمع فاحذرهما. (فقام. . .) إلخ فيه دليل ندب الخطبة فى الكسوف، وهو مذهبنا خلافا لكثيرين للأحاديث الصحيحة المصرحة بالخطبة فى الكسوف وحكاية شرائطها من الحمد والثناء والموعظة، والأصل مشروعية الاتباع إلا لدليل، وزعم أنه إنما قام ليرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس يبطله أنه لو كان كذلك لاقتصر على الإعلام بسبب الكسوف. (يحمد الله) فيه دليل لمذهبنا من تعين لفظ ح م د فى الخطبة لموت أحد ولا لحياته رد به على من قال:«كسفت الشمس لموت إبراهيم» (3) وعلى من يزعم أن أحدهما لا يخسف، إلا لموت عظيم، وعلى من زعم ألوهيتهما، أو ألوهية أحدهما، إذ فيه بيان أنهما مخلوقان من جملة المخلوقات يطرأ عليهما النقص والتغير والغنى والعجز، وغير ذلك مما لا يليق منه شىء بالإله، وإبطال ما كانت الجاهلية تعتقده من تأثير الكواكب، وأن الكسوف يوجب حدوث تغير فى الأرض من موت أو ضرر، فأعلم صلى الله عليه وسلم أنهما خلقان مسخران، لا قدرة لهما على الدفع عن أنفسهما فضلا عن غيرهما. (فافزعوا) أى فالجئوا. (إلى ذكر الله) أى الصلاة كما فى رواية أخرى، وسميت ذكرا:«لاشتمالها عليه وفى رواية لأبى داود والنسائى «إنما هذه الآيات يخوف الله بها عباده فإذا رأيتموها فصلوا» (4) وبذكر الخوف رد زعم أهل الهيئة أن الكسوف أمره أدى لا يتقدم ولا يتأخر، إذ لو كان
(1) سورة الأنفال: آية رقم (33).
(2)
رواه البخارى (2/ 634).
(3)
رواه أبو داود (1/ 306)، ورواه ابن حبان (7/ 87).
(4)
رواه أبو داود (1/ 306)، ورواه النسائى (1/ 315).
310 -
حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان-الثورى-
ــ
بالحساب لم يقع فزع ولا أمرنا بنحو العتق والصلاة كما فى خبر البخارى «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا وكبروا وصلوا وتصدقوا» (1) إذ قضية أن ذلك يدفع به ما يخشى من أمر الخسوف الموجب للفزع، ومما يبطل به ما قالوه أيضا ما صحّ من خبر:«الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله وأن الله إذا تجلى لشىء من خلقه خشع له» (2) إذ ظاهره أن سبب الكسوف وخشوعهما له تعالى، وسره: أن النور والإضاءة من عالم الجمال الحيى، فإذا تجلت صفة الجلال انطمست الأنوار لهيبته، ومن ثم قال طاوس لما نظر للشمس وهى كاسفة فبكى حتى كاد يموت: هى أخوف لله منا، وبما تقرر من صحة الحديث، وظهور معناه اندفع قول الغزالى: أنه لم يثبت، فيجب تكذيب ناقله، ولو صح كان تأويله أسهل من مكابرة أمور قطعية لا تصادم أصلا من أصول الشريعة انتهى، لكن قال ابن دقيق العيد: لا تنافى بين ما قالوه والحديث، لأن لله أفعالا على حسب العادة وأفعالا خارجة عنها، وقدرة حاكمة على كل سبب يقطع ما شاء الله من الأسباب والمسببات بعضها من بعض، وح فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم فى عموم قدرته على خرق العادات، وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شىء غريب حدث عندهم الفزع والخوف لقوة ذلك الاعتقاد، وذلك لا يمنع أن ثمة أسبابا تجرى عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها، وحاصله أن ما ذكروه، وإن كان حقا فى نفس الأمر، لا ينافى أن يكون ذلك تخويفا لعباد الله.
310 -
(تقضى) أصله قضى ما فاستعماله هنا للإشراف على الموت مجازة.
310 - إسناده صحيح: رواه النسائى فى الجنائز (4/ 12)، وفى الكبرى (1970)، وأحمد فى المسند (1/ 268،273، 297)، وعبد بن حميد فى المنتخب (593)، كلهم من طرق عن عطاء بن السائب به فذكره. وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (3/ 18)، وقال: رواه البزار وفيه عطاء بن السائب لاختلاطه. قلت: بل رواه سفيان الثورى، وكذلك حماد بن زيد كلاهما رواه عن عطاء قبل الاختلاط.
(1)
سبق تخريجه ورواه البخارى فى الكسوف.
(2)
رواه مسلم فى الكسوف (904)، وأبو داود (1178،1179)، والنسائى (3/ 136)، وأحمد فى مسنده (3/ 217،218،374،382)، وابن حبان فى صحيحه (2843،2844)، وابن خزيمة فى صحيحه (1380،1381)، والبيهقى فى السنن (3/ 324)، وأبو عوانة فى مسنده (2/ 372،373)، والطيالسى فى مسنده (1754).
عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
311 -
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدثنا سفيان-
ــ
(احتضنها) وضعها فى حضنه بكسر أوله، وهو ما دون الإبط إلى الكشح والصدر والعضدان وما بينهما، قاله فى القاموس ثم قال: وحضن الصبى حضنا وحضانا وحضانة بكسرهما. (أم أيمن) هى حاضنته صلى الله عليه وسلم ومولاته زوجها لزيد مولاة فولدت له أسامة وتوفيت بعد عمر بعشرين يوما. (أتبكين؟) أى بكاء ممتنعا لاقترانه بالصياح مثلا، ولذا لم يقل: أتصيحين لإبهامه أن الممتنع الصياح وحده وليس كذلك بل كلما كان كالصياح فى إشعاره بالجزع حرام. (عند رسول الله) عدل إليه عن عندى لأنه أبلغ فى الزجر والصياح وهو رفع الصوت بالبكاء حرام، لكنها لما رأت دمع عينيه ظنت جواز البكاء وإن اقترن بالصياح، أو غيره ولهذا لما نهيت قالت:(ألست أرك تبكى؟) فبين لها بقوله: (لست أبكى) أى بكاء ممتنعا كبكائك، وزعم أن المراد: لست أبكى عن قصد، يفيد أن البكاء الجائز هو كبكائه، وهو ما كان فيه تدمع العين فقط، لأنه ليس فيه جزع وإنما هى رحمة بخلاف المقترن بنوح، وصياح، أو ضرب خدّ أو شق جيب أو نحو ذلك من أفعال الجاهلية التى تشعر بالجزع والهلع وأنّث المبتدأ نظرا لخبره أو لكون المراد به قطرات الدمع. (إن المؤمن) أى الكامل. (بكل) الباء للملابسة. (خير على كل حال) لأنه يشهد المحنة عين المنتقين حمده عليها كما قال صلى الله عليه وسلم. (إن نفسه تنزع من بين جنبيه وهو) أى والحال أنه. (يحمد الله).
311 -
(قبّل عثمان بن مظعون) القرشى من المهاجرين الأولين، وهو أول من مات
311 - إسناده صحيح: رواه الترمذى فى الجنائز (989)، بسنده ومتنه سواء، ورواه أبو داود فى الجنائز (3163)، وابن ماجه (1456)، وأحمد فى المسند (6/ 43،55،206)، وعبد بن حميد فى المنتخب (1526)، كلهم من طرق عن سفيان الثورى به فذكره.
الثورى-عن عاصم بن عبيد الله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة:
«أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّل عثمان بن مظعون وهو ميّت، وهو يبكى-أو قال:
وعيناه تهراقان».
312 -
حدثنا إسحاق بن منصور، أنبأنا أبو عامر، حدثنا فليح-وهو ابن سليمان، عن هلال بن على، عن أنس بن مالك، قال:
«شهدنا ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان. فقال: أفيكم رجل لم يقارف اللّيلة؟ قال أبو طلحة: أنا. قال: انزل.
فنزل فى قبرها».
ــ
منهم وفيه ندب تقبيل الميت الصالح. (وهو) أى والحال أنه صلى الله عليه وسلم. (يبكى-أو) شك.
(تهرقان) بفتح الهاء ويجوز إسكانها يصبان دموعهما وجاء فى رواية الجزم بالياء فى أولها: «سالت على وجه عثمان» ولا ينافى هذا ونحوه قول عائشة: «ما بكى صلى الله عليه وسلم على ميت قط حزنا وإنما غاية أن يمسك لحيته» ، لأن مرادها ما بكى على ميت أسفا عليه، بل رحمة له كما مر فى «لست أبكى» إنما هى رحمة وخرج قولها بكى بكاء الخوف والتضرع، فإنها لم تنفه لوقوعه منه كثيرا.
312 -
(ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هى أم كلثوم رضى الله عنها ومن روى نحو ذلك فى رقية رضى الله عنها فقد وهم، فإنها توفيت ودفنت وهو صلى الله عليه وسلم فى غزوة بدر. (لم يقارف) بقاف ثم فاء قال ابن المبارك: أراه يعنى الذنب، ورد بأنه لا وجه ح لتخصيصه بالليلة، وصوب الطحاوى: أنه تصحيف وأنه لم يقارف أى: ينازع غيره فى الكلام، لأنهم كانوا يكرهون الكلام بعد العشاء وقيل: لم يجامع، لأن المقارفة من كنايات الجماع، إذ أصلها الدنو واللصوق، وعثمان زوجها إنما منع من النزول معها، لأنه باشر تلك الليلة أمة له، فلم يعجب ذلك النبى صلى الله عليه وسلم لاشتغاله بها عن زوجته المريضة المحتضرة، فأراد أن لا ينزل فى قبرها معاتبة عليه، وكنى عن هذا السبب فى المنع بقوله
312 - إسناده صحيح: رواه البخارى فى الجنائز (1285)، (1342)، وأحمد فى المسند (3/ 126،228)، كلاهما من طريق فليح بن سليمان به فذكره نحوه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يقارف وهو ظاهر إن صح ذلك، وإلا فالحكمة فى امتناع المجامع ضعفه عن إلحادها، والمطلوب فى الملحّد أن يكون قويا، أو قرب عهده بالنساء، فربما يتذكرهن بمخالطة بعضهن فيذهل عما يطلب من ملحّد الميت. (أبو طلحة) هو زيد بن سهل الأنصارى الخزرجى النجارى، شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فى حقه:
«لصوت أبى طلحة فى الجيش خير من مائة رجل» ، وقتل يوم حنين عشرين رجلا وأخذ سلبهم. (قال: أنزل) فيه جواز نزول الأجنبى الصالح قبر المرأة بإذن وليها وح فلا إشكال فيه، ولا يحتاج لجواب الخطابى: بأنها بنت له صغيرة غير رقية وأم كلثوم ولا لجواب غيره: بأنه لم ينزل ليقبرها، بل ليعين غيره، بل لكل من هذين غير صحيح، إذ لم يثبت له صلى الله عليه وسلم ابنة طفلة كذلك، والذين أعانهم ليسوا من محارمها فيأتى فيهم ذلك الإشكال أيضا، ورواية المصنف هذه رواه البخارى أيضا فى رواية:«أن الذى نزل فى قبرها على، والفضل، وأسامة رضى الله عنهم» فإن صحت، فلا مانع من نزول الأربعة، وغسلتها: أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطلب، وحضرت أم عطية غسلها، وروت قوله صلى الله عليه وسلم:«اغسلنها ثلاثا أو خمسا» (1) الحديث وفيه: «أنه ألقى إليهن حقوه» (2) أى: إزاره وأمرهن أن يجعلنه شعارها الذى يلى جسدها، وهذه كرقية رضى الله عنهما. «كانتا تحت ابنى أبى لهب فأمرهما بفراقهما قبل أن يدخلا بهما ففعلا» ، زاد عتبة أحدهما شق قميص النبى صلى الله عليه وسلم وهو خارج تاجرا للشام، فدعى الله أن يسلط عليه كلبا فخرج فى نفر من قريش، فلما كانوا بالزرقاء طاف بهم الأسد ليلا فخرج عتبة
(1) رواه أحمد فى مسنده (3/ 111،112)، والبغدادى فى تاريخ بغداد (13/ 224)، وأبو نعيم فى الحلية (7/ 309).
(2)
رواه البخارى فى الجنائز (1258،1259،1253،1256،1260،1262،1263، 1254،1257،1255)، ومسلم فى الجنائز (939)، وأبو داود فى الجنائز (3146،3142، 3143،3144،3145)، والترمذى فى الجنائز (990)، والنسائى فى الجنائز (4/ 31،28، 32،30)، وابن ماجه فى الجنائز (1458،1459)، ومالك فى الجنائز (1/ 222)، وأحمد فى مسنده (5/ 84)، (6/ 407)، والبيهقى فى السنن (3/ 389)، والبغوى (1472،1473)، وابن حبان فى صحيحه (3032)، والطبرانى فى الكبير (25،83،90،94،95،96، 14،155،156،157،158،159،160،161،165،166)، وابن الجارود فى المسند (519،520).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يقول: يا ويل أمى، والله كلبى كما دعى علىّ محمد، فعدى عليه الأسد من بين القوم، وأخذ برأسه فولى» وفى رواية:«فجعل يتشمم وجوههم، ثم لفّ ذنبه فضربه ضربة واحدة فخدشه فقتله فمات (1)» ، وفى رواية عند الدولابى:«أنه أقبل يتخطاهم حتى أخذ برأسه» ، وتزوج عثمان رقية بمكة قبل الإسلام، وقيل: بعده وهاجر بها الهجرتين وكانت ذا جمال بارع رضى الله عنها وأخرج الدولابى: «أنه صلى الله عليه وسلم لما عزى بها قال: الحمد لله ومن للبنات من المكرمات، ثم زوج صلى الله عليه وسلم عثمان أم كلثوم، وقال له:
والذى نفسى بيده لو أن عندى مائة بنت من واحدة بعد واحدة لزوجتك واحدة بعد أخرى، هذا جبريل أخبرنى أن الله يأمرنى أن أزوجكها» (2) رواه الفضائلى، وبقى من بناته صلى الله عليه وسلم زينب وهى أكبرهن بلا خلاف، ماتت سنة ثمان تحت ابن خالتها أبى العاص ابن الربيع بن عبد العزى، هاجرت قبله، فلما هاجر ردها له صلى الله عليه وسلم بالنكاح الأول بعد سنتين، ولدت له عليا مات وقد ناهز الحلم، وكان رديف النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وأمامة: وهى التى حملها صلى الله عليه وسلم فى صلاة الصبح على عاتقه وكان إذا ركع وضعها، وإذا رفع رأسه من السجود أعادها، وتزوجها على رضى الله عنه بعد فاطمة رضى الله عنهما، وفاطمة الزهراء البتول رضى الله عنها وهى أصغرهن، فإنها ولدت بعد النبوة، وقيل: قبلها بخمس سنين، وتزوجها علىّ بوحى فى السنة الثانية، وقيل: بعد أحد، وبنى بها بعد تزوجها بتسعة أشهر ونصف، وكان سنها نحو خمسة عشر سنة، وسنه نحو إحدى وعشرين، وقيل غير ذلك، وأخرج أبو حاتم وأحمد فى المناقب قصة تزوجها وحاصلها: «أن أبا بكر ثم عمر خطباها فسكت صلى الله عليه وسلم فذهبا لعلى ونبهاه لخطبتها فجاء وقال له: تزوجنى فاطمة؟ قال: وعندك شىء؟ قلت: فرسى وبزتى، قال: أما فرسك فلا بد لك منها وأما بزتك فبعها بأربعمائة وثمانين فجاء بها فوضعها فى حجره ثم قبض منها قبضة، وقال لبلال: اجمع لنا طيبا وأمرهم أن يجهزوها فجعل لها سريرا مشرطا ووسادة من أدم حشوها ليف وقال لعلى: إذا أتتك فلا تحدث شيئا حتى آتيك فجاءت مع أم أيمن حتى قعدت بجانب البيت وهو بجانب وجاء صلى الله عليه وسلم فقال هنا أخى ودخل فقال لفاطمة ائتينى بماء فقامت إلى قعب فى البيت فأتت فيه بماء فأخذه ومجّ فيه ثم قال لها:
(1) فى النسخة (ش) فقال: «قتلنى فمات» .
(2)
ذكره الهندى فى كنز العمال (36206)، وعزاه لابن عساكر فى تاريخ دمشق وقال كذا قال المحفوظ إن الأولى رقية (13،44).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تقدمى فتقدمت فنضح بين ثدييها وعلى رأسها، وقال: اللهم إنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ثم قال لها: أدبرى، فأدبرت فصّب بين كتفيها ثم فعل مثل ذلك بعلى ثم قال له:«ادخل بأهلك بسم الله والبركة» (1) وفى رواية عند القزوينى والحاكم «أن عليا لما خطبها» بعد الشيخين قال صلى الله عليه وسلم قد أمرنى ربى بذلك وأمر أنسا بأن يدعو له أبا بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن وعدّة من الأنصار فلما اجتمعوا وعلى غائب قال صلى الله عليه وسلم:
«الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته المطاع بسلطانه المرهوب من عذابه وسطوته المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره فى سمائه وأرضه الذى خلق بقدرته ودبرهم بحكمته وأمرهم بأحكامه فيما غرهم بدينهم وأكرمهم نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة سببا لاحقا وأمرا مفترضا وشج به الأرحام-أى:
بالتشديد من الوشج وهو اشتباك القبائل الواشجة الرحم المشبكة وقد وشجت بكذا فرأيته يشيج، ووشجها شبكها (2) -وإزالة الآثام وأكرم الأنام فقال عز من قائل: وَهُوَ اَلَّذِي خَلَقَ مِنَ اَلْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (3) فأمر الله يجرى إلى فضائه وقضاؤه يجرى إلى قدره ولكل قضاء قدر ولكل قدر أجل ولكل أجل كتاب يَمْحُوا اَللهُ مايَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتابِ (4) ثم إن الله عز وجل أمرنى أن أزوج فاطمة من على بن أبى طالب فاشهدوا أنى قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة إن رضىّ بذلك علىّ ثم دعى صلى الله عليه وسلم بطبق فيه سرّ ثم أمرهم بالنهبة ودخل علىّ فتبسم فى وجهه ثم قال: «إن الله عز وجل أمرنى أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت» قال: قد رضيت بذلك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: «جمع الله شملكما وأعزّ جدكما وبارك عليكما، وأخرج منكما كثيرا طيبا» (5) قال أنس: فو الله لقد أخرج الله منهما الكثير
(1) رواه ابن حبان فى صحيحه (6944)، والطبرانى فى الكبير (22/ 1021)، وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (9/ 205،206) وقال: رواه الطبرانى وفيه يحيى بن يعلى الأسلمى وهو ضعيف (207)، وفيه محمد بن ثابت بن أسلم وهو ضعيف. ورواه البزار فى مسنده (1409).
(2)
انظر: لسان العرب (6/ 4841)[وشج]. وقال: ومنه حديث علىّ: ووشج بينها وبين أزواجها، أى: خلط وألف، يقال: وشج الله بينهم توشيجا، ورحم واشجة، ووشيجة: مشتبكة متصلة اه.
(3)
سورة الفرقان: آية (25).
(4)
سورة الرعد: آية (13).
(5)
رواه ابن الجوزى فى الموضوعات (1/ 416)، وأورده السيوطى فى اللآلئ المصنوعة (1/ 398) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطيّب، والعقد له بغيبته إما بحضور وكيله، أو قصد به مجرد الإعلام ثم عقد معه بعد أن حضر وقال: رضيت، والحاصل أنها واقعة حال محتملة، وأخرج الإمام أحمد:
«كان جهاز فاطمة خميلة وقربة ووسادة أدم حشوها ليف وسميت فاطمة لأن الله فطمها وذريتها من النار، أخرجه الحافظ الدمشقى مرفوعا، ورواية النسائى ومجيبها وبتولا لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسنا، قال ابن عبد البر: هى وأم كلثوم أفضل بناته صلى الله عليه وسلم لكنّ فاطمة أحبّ أهله إليه ولم يكن له عقب إلا منها من جهة الحسن والحسين رضى الله عنهما، وأما بنتها أم كلثوم فتزوجت بعمر فولدت له رقية وزيدا ولم يعقبا ثم بعون ثم بمحمد ثم بعبد الله بنى جعفر ثم ماتت عند عبد الله من غير عقب فتزوج أختها زينب بنت فاطمة فولدت له عدة منهم: علىّ وأم كلثوم، وهى تزوجها ابن عمه القاسم بن محمد بن جعفر، فولدت له عدة منهم: فاطمة تزوجها حمزة بن عبد الله ابن الزبير بن العوام، وله منها عقب والحاصل: أن عقب عبد الله بن جعفر انتشر من على رضى الله عنه وأم كلثوم بنت زينب بنته الزهراء رضى الله عنها ولا ريب أن لهم شرفا لكنه دون شرف المنسوبين للحسن والحسين وفوق شرف أولاد عبد الله من غير زينب ويوصف العباسيون بالشّرف أيضا لشرف بنى هاشم، وأما أولاده صلى الله عليه وسلم الذّكور ففى عدتهم خلاف طويل والمتحصل من جميع الأقوال ثمانية ذكور: اثنان متفق عليهما:
القاسم وإبراهيم، وستة مختلف فيهم: عبد مناف وعبد الله والطيب والمطيب والطاهر والمطهر والأصح: أن الذكور ثلاثة، وكلهم ذكورا وإناثا من خديجة، إلا إبراهيم فمن مارية القبطية، أهداها له المقوقس القبطى صاحب مصر والإسكندرية، ولدت إبراهيم فى ذى الحجة سنة ثمان، ومات وله سبعون يوما على خلاف فيه، وورد من طرق ثلاثة عن ثلاثة من الصحابة:«لو عاش إبراهيم لكان نبيا» (1) وتأويله: أن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع، ولا يظن بالصحابة الهجوم على مثل هذا الظن، وأما إنكار النووى كابن عبد البر لذلك، فلعدم ظهور هذا التأويل وهو ظاهر.
= وعزاه لأبى نعيم، وهو فى المعرفة بتحقيقنا يسّر الله طبعه.
(1)
رواه ابن ماجه فى الجنائز (1511)، وفى البداية والنهاية لابن كثير (5/ 310)، وذكره العجلونى فى كشف الخفاء (2101)، وقال: ورد عن ثلاثة من الصحابة لكن قال النووى فى تهذيبه فى ترجمة إبراهيم وأما ما روى عن بعض المتقدمين لو عاش إبراهيم لكان نبيا فباطل وجسارة على الكلام على المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيم (2/ 156).